بصدور الارادة الملكية تشكيل مجلس مفوضي الهيئة المستقلة للانتخابات رئيساً وأعضاء, يضع جلالة الملك عبدالله الثاني الأردنيين أمام مرحلة جديدة عنوانها العمل الدؤوب والمتواصل الذي لا يحتمل ترف التأجيل أو التسويف ويمكن للمتابع للخطوات والاجراءات التي اتخذت في هذا الشأن منذ تشكلت حكومة الدكتور فايز الطراونة مساء الاربعاء الماضي ثم رفع الحكومة في اليوم التالي الأسماء التي اقترحتها الحكومة بعد تنسيق مع السلطتين التشريعية والقضائية وتالياً - اذا ما اعتبرنا يومي الجمعة والسبت انهما عطلة رسمية - فاننا نكون أمام ارادة ملكية حازمة وواضحة بأن لا وقت لدينا لنضيّعه وأن انجاز ما تبقى من قوانين واجراءات لاستكمال مسيرة الاصلاح هي مسألة وقت وهذا الوقت ثمين لن يسمح لأحد باضاعته..
واذا كان تشكيل اللجنة بالأسماء والشخصيات التي أعلن عنها يوم أمس قد لاقت إرتياحاً شعبياً وحزبياً وسياسياً وفي أوساط هيئات المجتمع المدني نظراً لما تتمتع من رئيسها والاعضاء عن سمعة طيبة ووطنية ومهنية وخبرات وصفات شخصية حميدة كالنزاهة والحياد والوعي فان الرسالة التي وجهها جلالة الملك الى رئيس وأعضاء مجلس مفوضي الهيئة المستقلة للانتخابات قد حسمت كل جدل أو محاولات للتأويل أو الاجتهاد وبخاصة في ما انطوت عليه من توجيهات ملكية حازمة اخذت في الاعتبار أولاً المفاهيم والمضامين التي يعنيها تأسس هذه الهيئة المستقلة للانتخاب بما هي انجاز وطني متميز ينتظم في مسيرتنا الاصلاحية ويمثل خطوة أساسية استعداداً لاجراء الانتخابات النيابية في أعلى مستوى من النزاهة والشفافية والحيادية..
هنا, يتوجب على المشككين والمتنفذين أن يتوقفوا عن هواياتهم الضارة في بث الشائعات وتعطيل مسيرة الاصلاح فالانتخابات حاصلة قبل نهاية العام الجاري كما أكد على ذلك كتاب التكليف السامي الذي حصر مهمة الحكومة وديمومتها في ما تنجزه من قوانين وما تتخذه من إجراءات وخطوات على هذا الطريق.
ثم إن جلالة الملك في رسالته هذه رأى عن حق أن الهدف الأساس لقيام الهيئة هو تلبية متطلبات التحديث والتطوير والإصلاح الحقيقي الذي دأبنا عليه كهدف أساس في مسيرتنا التاريخية التي جمعت عناصر النهضة الوطنية والقومية وكان أساسها التدرج والتسامح والديمقراطية وتكريس روح الأسرة الواحدة.
نحن اذاً أمام مرحلة جديدة في التاريخ السياسي الأردني هكذا وصفها الملك وهكذا أراد لها أن تكون ما يعني وبالضرورة أن يكون عنوانها التوازن بين السلطات والتميز بالارتقاء المستمر في الأداء السياسي والحزبي بما هي مرحلة ستقودنا الى النهوض بالحياة السياسية والمضي قدماً في مسيرة البناء والإنجاز التي تلبي طموحات وتطلعات الأردنيين وتحقق الأفضل لأردننا الغالي..
في إطار الرؤية الملكية المتكاملة هذه والتي منحت تأسس الهيئة المستقلة للانتخاب الأهمية التي تستحقها وعولت عليها الكثير كي تمنح إضافة الى الخطوات المحورية الأخرى التي اتخذت والتي ستتخذ لاحقاً زخماً لمسيرة الإصلاح سواء في ما شكلته من استحقاق وترجمة للتعديلات الدستورية أم في تشكيلها البنية التشريعية الضرورية لعملية إصلاحية مؤسسية فإنها هنا تضع الأمور في سياقاتها الصحيحة وترنو نحو تحقيق الهدف المأمول وهو ضمان المشاركة الشعبية والحزبية والنيابية والحكومية بشكل يرتقي الى مستوى الطموح الوطني ويضع الجميع أمام مسؤولياتهم التي يجب ان يتحملوها بشجاعة كجزء رئيس من المشاركة في عملية صياغة القرار الوطني..
الحال أن الدور الذي تنهض به الهيئة المستقلة للانتخاب هو دور حيوي وأساسي ويشكل نقلة نوعية الى الامام في مسيرة التحول الديمقراطي وبخاصة أنها مولجة الاشراف على الانتخابات النيابية وادارتها في جميع مراحلها وأن يكون ذلك وفق أفضل المعايير والممارسات العالمية كما وجه جلالته رئيسها وأعضاءها في رسالته يوم أمس, احتراماً وحرصاً على الوعي والحرص الوطني الذي يتمتع به الأردنيون وما أبدوه على الدوام من حماسة في المشاركة ورغبة في أن تكون الانتخابات النيابية المقبلة علامة فارقة في مسيرتنا الإصلاحية الشاملة..
ربما يكون من المفيد اعادة التأكيد على مسألة مهمة يجب أن لا تغيب عن ذهن أحد وهي أن جلالة الملك مهتم شخصياً ويتابع بدأب ومثابرة الجدول الزمني لهذه العملية المتكاملة ولهذا كان جلالته حريصاً على لفت رئيس وأعضاء مجلس مفوضي الهيئة المستقلة للانتخاب الى ضرورة قيام هيئتهم المستقلة في عملها ببناء القدرات والأنظمة الفاعلة وإعداد الكوادر المطلوبة والمؤهلة وفق أفضل الممارسات وبما يضمن تمكين الجميع من ممارسة مهامهم وتحقيق أهدافهم على أحسن وأكمل وجه وبأسرع وقت ممكن..
اللغة التي صيغت بها الرسالة الملكية والمفردات والمصطلحات المحددة والمقصودة التي احتوتها تزيد من القناعة بأن الأمور تسير في الاتجاه الصحيح وأن ما يزيد الاطمئنان والثقة هو أن جلالة الملك شخصياً هو الممسك بالملف ولن يدع لأحد فرصة للتملص أو إضاعة الوقت أو ايجاد الذرائع والمبررات «فالرزنامة» يجب ان تنفذ بحذافيرها ووفق أوقات زمنية محددة.
فعلى بركة الله
رد مع اقتباس
المفضلات