بأداء رئيس الوزراء فايز الطراونة والفريق الوزاري اليمين الدستورية أمام جلالة الملك عبدالله الثاني يوم أمس يمكن القول باطمئنان وثقة واستناداً الى رد الحكومة الذي رفعه الرئيس الطراونة الى مقام جلالة الملك رداً على كتاب التكليف السامي ان عجلة العمل قد بدأت وأن المهمة التي تنتظر الحكومة الجديدة ليست سهلة الاّ ان ما انطوى عليه رد الحكومة من إشارات والتزام عميق بتوجيهات جلالته والمحاور العشرة التي جاءت فيه تزيد من القناعة بأن النية والارادة متوفرة لدى الفريق الوزاري ورئيسه وبخاصة في ما اشار اليه الرئيس من أن أهمية أية حكومة ليست في عمرها الزمني بل في المهمات التي تمارسها دون أن ينسى أن حكومته الانتقالية ولكن في لحظة مفعمة بالأمل بأن تكون حكومة الانجاز الاصلاحي التي تستكمل ما تم في المراحل السابقة وتجسد رؤية جلالة الملك الاصلاحية بما يكفل إجراء الانتخابات النيابية..
الحكومة الجديدة تدرك أهمية وطبيعة ودقة المرحلة التي يعبرها بلدنا بعد أن قطع شوطاً مهماً في عملية الاصلاح والتي تنهض في الأساس على احترام الدستور والاحتكام الى نصوصه ودائماً في الالتزام بمبدأ فصل السلطات وهو ما لفت اليه كتاب التكليف السامي وشدد عليه في لغة لا تقبل التأويل لأننا في دولة القانون والدستور وبالتالي يتوجب علينا العمل بمنهجية سليمة تحافظ فيها كل سلطة من السلطات الثلاث على صلاحياتها وتحترم أدوار السلطات الأخرى في تنسيق وتجانس وعمل بروح الفريق الواحد وليس بالتقول والاستقواء والتدخل في شؤون أي سلطة أخرى..
ولعل ما يلفت الانتباه في رد الحكومة على كتاب التكليف هو قناعتها الراسخة بأنها ستنجز وتبني ما تم من الحكومات الأخرى وتستكمل العمل مع المؤسسات الدستورية الأخرى وعلى رأسها السلطة التشريعية لانجاز التشريعات الاصلاحية وفي مقدمتها قوانين الاحزاب والانتخاب والمحكمة الدستورية وكل ما تتطلبه عملية الاصلاح..
الفهم العميق والدقيق لطبيعة المرحلة التي تعمل فيها حكومة الرئيس الطراونة الجديدة تمنحها المزيد من الثقة بالنفس والعمل بدأب ونشاط ومثابرة من أجل الالتزام بالتوجيهات الملكية التي وردت في كتاب التكليف سواء في الاطمئنان الى الدور الذي ستخصص به الهيئة المستقلة للانتخاب وبخاصة في ادارة العملية الانتخابية القادمة والاشراف عليها وأيضاً في اعتبارها إحدى الضمانات الحقيقية لنزاهة العمليات الانتخابية القادمة.. ومن الاشارات الدالة على سرعة استجابة الحكومة الجديدة لما ورد في كتاب التكليف اعلان الرئيس الطراونة انه سيقوم اليوم برفع التنسيبات بأسماء وأعضاء الهيئة المستقلة للاشراف على الانتخابات وادارتها حسبما ورد في قانونها متعهداً بدعم الحكومة لها لتمكينها من أداء عملها على أفضل وجه وباستقلالية كاملة..
نحن اذاً أمام رد حكومي على كتاب التكليف يتسم بالوضوح والفهم الدقيق للمهمة المنوطة بها ليس فقط كونها حكومة انتقالية ذات مهمات محددة تنتهي بانجازها وانما ولهذا السبب خصوصاً فان حكومة الرئيس الطراونة تجد نفسها أكثر راحة وقدرة على استثمار وتوظيف كل ما يتوفر لديها من وقت كي تنجز ما عهد اليها قائد الوطن من مهمات واضحة نصب عينها العمود الفقري للعملية الاصلاحية الا وهو قانون الانتخاب متعهدة بانجاز قانون يعبر عن توجهات ومطالب كل الاردنيين وقواهم الاجتماعية والسياسية وبما يضمن أوسع تمثيل في مجلس النواب القادم ويخدم جوهر الاصلاح ويبني أسس انتاج الحكومات البرلمانية التي دأب جلالته على القول بأنها ستكون نتيجة طبيعية لمسيرة الاصلاح الشاملة التي يقودها جلالته..
ولعل اشارة كتاب الرد على نية الحكومة التوجه الى الاردنيين بشتى مواقعهم السياسية والاجتماعية من خلال التواصل والعمل الميداني من أجل الوصول الى أكبر قدر ممكن من التوافق الوطني يزيد من الثقة بأن "الرسالة الملكية" قد وصلت وتم استيعابها من قبل الرئيس الطراونة والفريق الوزاري وهو ما تجسد في القول ان الديمقراطية الحقة هي رأي الاغلبية ولا احتكار للحقيقة لأحد وخصوصاً ان الأردنيين سجلوا نموذجاً ايجابياً في التعبير السلمي وكان حراكهم حضارياً ملتزماً بالمصالح الوطنية, في الوقت ذاته الذي تتعهد فيه الحكومة بالاستمرار في أداء واجبها في حماية حق التعبير وتعزيز الممارسة الأردنية الحضارية التي كانت سمة تعامل المواطن والحكومات على حد سواء..
توقف رد الحكومة اللافت أمام ملف الاعلام واعتباره أهم أدوات ادارة كل القضايا والملفات بما هو صوت الناس وصوت الدولة يؤكد أننا أمام قراءة حكومة جادة لتنقية الاعلام من الآثار السلبية وأي ممارسة مهما كانت محدودة تسيء الى صورة الوطن وانجازات أبنائه واغتيال شخصياتهم كما ورد في كتاب التكليف السامي الذي يعني ان على الحكومة الاستفادة من كل الاستراتيجيات والجهد الذي تم في مراحل سابقة لتطوير الاعلام بالتعاون مع الجسم الاعلامي ومؤسسات المجتمع المدني المعنية في العين ذاتها التي تقدر فيه الحكومة للاعلام الاردني انجازاته وحضوره المهني ودوره الوطني.
جملة القول أن رد الحكومة على كتاب التكليف السامي اتسم بالموضوعية والدقة والنية الصادقة للعمل بدأب ومثابرة من أجل تنفيذ ما أوكل اليها من مهمات وبخاصة على الصعيد الاقتصادي وضرورة تبني سياسات وبرامج اصلاح اقتصادية وتنموية من أجل زيادة النشاط الاقتصادي ومعالجة الاختناقات الاقتصادية والمالية التي تواجهها المالية العامة للدولة كذلك في ضرورة ترشيد الانفاق الحكومي وضبطه والعمل على زيادة الايرادات المحلية اضافة الى ضرورة دفع الحكومة بمشروع قانون حماية المستهلك الى مجلس الأمة والعمل على إيلاء اهتمام خاص بالمحافظات عن طريق صندوق تنمية المحافظات وبما يسهم في توزيع عوائد التنمية بعدالة وعلى نحو لا يكون فيه التركيز على أماكن محددة دون أخرى كذلك في أهمية وحيوية دعم القوات المسلحة والأجهزة الأمنية بما هي سياج الوطن ودرعه المنيع وقرة عين قائدها الأعلى. فعلى بركة الله فقد حان وقت العمل والانجاز.