عمان ـ عبد الرزاق ابو هزيم - شدد رئيس الوزراء عون الخصاونة على ان الحكومة ليس لديها خشية ان يصل الاسلاميون او غيرهم إلى الاكثرية في مجلس النواب ، وقال « نحن لا نستطيع ان نلعب لعبة الديمقراطية على ان تكون مشروطة بأن لا يصل حزب معين إلى الأكثرية في مجلس النواب وفي نفس الوقت فإن المجتمع منقسم حول هذه النقطة والحكومة من واجبها ان تأخذ بعين الاعتبار عدة وجهات نظر».

واضاف رئيس الوزراء في مؤتمر صحفي عقده في دار رئاسة الوزراء امس بحضور عدد من الوزراء ان الخارطة السياسية للمملكة لا يمكن ان تظهر بصورة جلية الا بعد ان يتم تحديد الدوائر الانتخابية ، مؤكدا ترحيب الحكومة بكل الانتقادات ولكن نرجو من المعلقين والمطلعين ان يتمهلوا قليلا حتى يروا الصورة بشكل كامل.
وبشان الانتقادات الموجهة للحكومة لتأخير مشروع قانون الانتخابات اشار رئيس الوزراء إلى ان التاخير كان لاسبوع فقط وهو ليس بالامر المهم خاصة وان قمة بغداد حالت دون تقديمه في الوقت المحدد فضلا عن ان الحكومة رغبت في مواصلة الحوار والتاكد من جودة وصياغة القانون .
وقال ان من انتقد نسي حقيقة مهمة هي ان القانون مرتبط باقرار قانون الهيئة المستقلة للاشراف على الانتخابات الذي صدرت الارادة الملكية السامية بالموافقة عليه اليوم (امس) ،لافتا إلى ان هذه الحزمة تشكل وحدة واحدة تقوم على اساس منطقي .
واشار رئيس الوزراء إلى ان الحكومة وبعد اقرارها لمشروع قانون الانتخاب وارساله إلى مجلس النواب تكون قد استكملت حزمة التشريعات الناظمة للحياة السياسية او ما يعرف بالقوانين الاصلاحية ، مؤكدا ان القانون اصبح الان ملكا لمجلس الامة ،مضيفا ان هذا لا يعفي الحكومة من واجب الدفاع عنه ودعمه وتاييده بالحجج والبراهين واستحضار السوابق القانونية التي تصب في مصلحة القانون واستكمال الحوار بشانه .
واشار الخصاونة إلى ايمان الحكومة بان اقرار القانون ليس نهاية الحوار بشان نصوصه بل هي مرحلة متقدمة من هذا الحوار . وقال « هذا مشروع قانون فقط وهناك ملاحظات قد تكون سلبية عليه ولكن في نفس الوقت فان امكانية تحسينه واردة « معربا عن ثقته بان مجلس النواب لن يقر مشروع القانون قبل اجراء حوارات مع مختلف اطياف المجتمع الاردني .
واوضح ان قانون الانتخاب مختلف عن نظام الانتخاب الذي ستعمل الحكومة على اقراره بعد ان يستكمل قانون الانتخاب المراحل الدستورية لاقراره ونشره بالجريدة الرسمية كما جرت على ذلك الاصول الدستورية .
واكد الخصاونة ان الحكومة لن تنتظر لحين اقرار القانون من قبل مجلس النواب في الدخول بحوار بشان النظام الانتخابي وقال « سنباشر بمحاورة ابناء الشعب في كافة المحافظات حول احسن الطرق لتقسيم دوائر المملكة انتخابيا اخذة بعين الاعتبار رغبات الناس والمصلحة العليا وتحقيق مبادىء العدالة .
واشار رئيس الوزراء إلى ان الحكومة اقرت مشروع قانون الانتخاب لسنة 2012 السبت الماضي وارسلته إلى رئيس مجلس النواب الاحد كما ارسلت نسخة منه إلى رئيس مجلس الاعيان كما تقتضي القواعد المرعية .
واكد ان الاصلاح السياسي لا يتحقق فقط من خلال التشريعات والقوانين بل ان الاهم هو عملية تطبيق هذه القوانين وتوفر الارادة وصفات الشجاعة والحكمة ويقظة الضمير من قبل القائمين على العملية الانتخابية ، مشددا على ان القوانين التي تصاغ بشكل جيد هي مقدمة وقاعدة جيدة لعملية الاصلاح معربا عن شكره لمن اسهم في صياغة القوانين الناظمة للحياة السياسية الذين قارنوا تشريعات الامم المختلفة واستخلصوا منها النتائج والعبر .
واشار إلى أن قانون الانتخاب حافظ على زيادة عدد مقاعد مجلس النواب وعددها 108 مع زيادة على عدد المقاعد المخصصة للنساء من 12 مقعدا إلى 15 مقعدا وتغيير في طريقة احتساب الكوتا من خلال الحصول على اعلى الاصوات وهو نظام اكثر عدالة من النظام النسبي السابق .
وقال ان القانون سعى لتوسيع الدوائر الانتخابية التي تعلي من نوعية النواب المنتخبين وتخفف من النائب الخدماتي وتحارب مسالة المال السياسي ، مبينا ان القانون احتوى على شيء جديد لم يكن مطبقا في السابق وهو ماخوذ من التجربة المعمول بها في المانيا وهو نظام التعويض.
ولفت الخصاونة إلى ان توسيع الدوائر قد يؤدي إلى عدم نجاح اي مرشح من لواء ما ولتعويض ذلك اللواء سيتم اعطاء من حصل على اعلى الاصوات فيه مقعدا وبذلك فان عدد مقاعد مجلس النواب قد تزيد من 6 إلى 7 مقاعد وفق التقديرات ،مؤكدا ان هذا لا يخلق حقوقا مكتسبة ويسري فقط لتلك الانتخابات.
وقال رئيس الوزراء ان الامر الاكثر جدلا في القانون ربما يكون القائمة الحزبية، مضيفا انه لم يكن في يوم من الأيام من المحبذين للقائمة النسبية والقائمة المختلطة ولكن صياغة القانون هي مثل السياسة من باب فن الممكن.
واشار إلى ان القائمة الحزبية جاءت بناء على رغبات وادعاء على الاقل لتطوير الحياة الحزبية في المملكة وان يكون لها تمثيل في مجلس النواب، لافتا إلى ان القانون أجاز للأحزاب ان تتقدم بقوائم على مستوى المملكة بحيث من حصلت قائمته على اكثر من 33 بالمائة يأخذ ثلث المقاعد وتقسم مقاعد الثلثين للأحزاب الاخرى.
وحول إن كان احد الاحزاب قد حصل على اكثر من 33 بالمائة ويأخذ فقط ثلث الاصوات وهل هناك ظلم في هذا قال الخصاونة «نعم فيه ظلم ولكنه ظلم محدود» اذ لو كانت القائمة الحزبية كبيرة لكان الظلم اكبر.
واضاف ان ما يخفف من الظلم ان القانون اجاز لمنتسبي هذا الحزب أو ذاك ان يترشحوا بصفتهم الشخصية. وقال «ان المسألة هي مفاضلة بين مفسدة ومنفعة والمنفعة هنا اعظم من المفسدة وتتمثل في وجود للأحزاب في مجلس النواب» ، مشيرا إلى ان القانون ترك الصوت الواحد والدوائر الوهمية وانتقل إلى موضوع الصوتين للدوائر المحلية وصوت للقائمة الحزبية المغلقة.
ولفت الخصاونة إلى انه لن يكون هناك دائرة اكثر من 5 مقاعد، مشيرا إلى ان الاهم في هذ الامر هو النسبة بين الصوتين والخمسة مقاعد ففي بعض الاحيان سيكون الصوتان لدائرة فيها مقعدان وبالتالي سيكون تماما كأنه نظام الـ 89 او مقعد واحد.
وبين ان الدوائر ستكون من مقعد واحد إلى خمسة مقاعد ونحن نامل ان تكون معظم الدوائر من 2 إلى 4، مؤكدا ان هذه الامور كلها ستكون مدار بحث. واكد رئيس الوزراء انه سيكون للهيئة المستقلة دور كبير في ضمان النزاهة، مشددا على ان الاردن لا يحتمل ان يكون هناك تزوير في الانتخابات في المستقبل.
وبشأن القائمة الحزبية التي حددت بـ 15 مقعدا ولم تكن قائمة نسبية بـ 50 بالمائة قال الخصاونة «اننا في مرحلة حرجة ودقيقة من تاريخنا ولا نستطيع ان نغامر بقفزة في الظلام في هذه المرحلة» مشيرا إلى انه يجب ان لا ننسى انه ليست نهاية المطاف ويمكن ان ترتفع النسبة إلى 20 او 30 بالمائة.
واضاف انه وبعد الانتخابات المقبلة يمكن إعادة النظر بالقانون اذا دعت الحاجة وقال «انا لا ادعو إلى سرعة تغيير القوانين وانا من المؤمنين بأن نهضة الامم لا تتحقق الا باستقرار القوانين وفي الوقت ذاته يجب ان لا نعتقد أن القانون منزل بل يمكن تطويره حسب مصلحة المجتمع».
وردا على سؤال اكد الخصاونة ان القانون جاء حلا وسطا بين مطالب متناقضة بين من يرى بأن قانون الصوت الواحد هو الافضل وبين من يعتقد ان قانون الـ 89 هو الأنسب، لافتا إلى ان انتقاد القانون من قبل اناس متناقضين هو دلالة على حيادية القانون.
واضاف «هناك نظرية تقول بأن الحزب الذي لديه مصادر مالية وتنظيم أقدر من غيره في ان يصل إلى الاكثرية وان نظام الـ 89 الذي اؤيده شخصيا هو نظام يهدر الاصوات ويعطي الاكثرية لحزب منظم ولكن الحكومة يجب ان تراعي وجهات النظر المتعددة وان تأخذ موقف الناس من قضايا هي في طبيعتها جدلية.
وردا على سؤال اوضح رئيس الوزراء ان موضوع المكون السكاني لم يبحث في قانون الانتخاب وسيكون مدار بحثه في النظام الانتخابي الذي سيتم بعد إقرار القانون، مبينا ان العامل الحاسم في هذا الامر هو الدوائر الانتخابية.
واكد انه ليس هناك محاباة لأحد في القانون واتخذنا قرارا بعدم زيادة المقاعد لصالح أي مكون من مكونات المجتمع، مشددا على ان قرار الحكومة الاستراتيجي بعدم زيادة المقاعد ليس موجها ضد فئة بعينها.
واشار إلى أن الحكومة معنية بأن تقوم بمشاورات مع السكان بغض النظر عن أصولهم حول الدوائر الانتخابية التي تناسبهم.
وفيما يتعلق بالتجنيس اكد الخصاونة «ان هذه كذبة كبيرة ومن يصدقها يمكن ان يصدق أي شيء ونحن لا نقوم على التجنيس لفلسطينيين او غيرهم وفي ذات الوقت نؤكد احترام المواطنين من اصل فلسطيني وانه لا يجوز ان تسحب منهم جنسياتهم» مضيفا «هذه المسألة بالنسبة لي مسألة مبدأ وقناعة شخص كان يدافع عن حقوق أقليات ولن اتخلى عن ذلك».
وبشأن موعد اجراء الانتخابات بين الخصاونة ان الحكومة لا تستطيع إجراء الانتخابات الا بعد إنشاء الهيئة المستقلة ويكون لها القدرة على الإشراف على الانتخابات وادارتها وضمان نزاهتها، لافتا إلى ان دراسات الامم المتحدة تشير إلى فترة سنة بين إنشاء الهيئة والانتخابات.
وقال «ان فترة سنة طويلة جدا ولا اعتقد ان الناس او الحكومة لديها الرغبة بالانتظار لمدة سنة دون انتخابات». واضاف ان المهم في عملية إنشاء الهيئة ليس فقط ايجاد المفوضين ولكن المهم إنشاء جهاز متدرب بذهنية مختلفة ومستقلة، لافتا إلى النية لإرسال مجموعة للتدرب في الهيئة المستقلة للإشراف على الانتخابات في الهند.
وردا على سؤال أعرب رئيس الوزراء عن اعتقاده بأنه لا يوجد هناك حق مقدس لعشيرة معينة ليكون لديها مقعد دائم في مجلس النواب ونحن نتكلم عن ألوية معينة لغايات التعويض.
وبشأن الكلام المنسوب لبعض قادة الاخوان المسلمين بأن القانون موجه ضدهم من خلال توسيع الدوائر اكد رئيس الوزراء ان هذا الكلام ليس صحيحا وهو من باب القلق الاستباقي ولا يجوز ان نصدر حكما الا عند رؤية النظام الانتخابي. وشدد الخصاونة على ان هذا ليس ضد حركة ما ولكنه ليس محابيا لها وهو تصورنا لما هو العدل والإنصاف بين فئات مشتركة.
و اشار رئيس الوزراء إلى ان الحكومة نظرت إلى توصيات لجنة الحوار الوطني بشأن النظام الانتخابي واخذنا بما نعتقد انه ملائم. وبشأن المقاعد المخصصة للكوتا النسائية اشار الخصاونة إلى أن اي نظام كوتا دائما يواجه بانتقادات، معربا عن اعتقاده بأنه من المصلحة ان تبقى الكوتا على الاقل لهذه المرة والامر متروك لمجلس الامة.
وردا على سؤال اشار رئيس الوزراء إلى ان مجموعة من مشاريع القوانين سيتم عرضها على الدورة الاستثنائية المقبلة لمجلس الامة منها مشروع قانون الانتخاب ومشروع قانون الاحزاب ومشروع قانون المحكمة الدستورية.
وكان وزير الدولة لشؤون الإعلام والاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة راكان المجالي اشار إلى ان هذا المؤتمر الصحفي لرئيس الوزراء يأتي في وقت تستكمل فيه الحكومة خطوة مهمة على طريق الاصلاح من خلال استكمال حزمة التشريعات التي يحتل مشروع قانون لانتخاب ذروتها.
وبين المجالي ان الحكومة انشغلت خلال الفترة الماضية بقوانين الإصلاح السياسي حيث تأتي هذه الإطلالة الاولى لرئيس الوزراء في المؤتمر الصحفي بعد اللقاء الصحفي الموسع الذي عقده الخصاونة مع بدايات تشكيل الحكومة
. وبشأن القائمة الحزبية وموقف قادة الاخوان المسلمين منها بين الناطق الرسمي باسم الحكومة ان الحركة الاسلامية ومن خلال جميع حوارات الحكومة معها اعربت عن رغبتها بمشاركة حزبية في الانتخابات وان تتاح الفرصة للأحزاب الاخرى للمشاركة وايصال اكبر عدد من الأحزاب إلى قبة البرلمان.
وحضر المؤتمر الصحفي وزراء الخارجية ناصر جودة والدولة لشؤون رئاسة الوزراء والتشريع ايمن عودة وتطوير القطاع العام خليف الخوالدة والداخلية محمد الرعود والتنمية السياسية والشؤون البرلمانية حيا القرالة والدولة لشؤون الإعلام والاتصال راكان المجالي والدولة للشؤون القانونية ابراهيم الجازي.