تحقيق - عبدالحميد العدوان- «ممنوع من زيارة مراكز الاصلاح والتأهيل، تفتيش للسيارة عن أسلحة وذخائر، وسؤال دائم من رجال الشرطة، (...)» بعبارة أخرى «لعنة قيد أمني تطاردني بسبب مشاجرة اشتركت بها وأنا في سن الرابعة عشرة» وفقا لـ(ف،ر ), البالغ حاليا ثلاثين عاما.
معاناة (ف،ر) ليست فريدة من نوعها بل تطال مئات المواطنين العاجزين عن الالتحاق بوظيفة في القطاع العام أو الخاص بسبب قيود أمنية باتت لصيقة لهم حتى ولو غادروا «الجريمة» فهم معرضون للقبض عليهم في أي مكان من المملكة حتى لو قضوا ما عليهم من أحكام.
اللافت أن مرتكب الجرم يصبح غير قادر على الحصول على شهادة عدم محكومية بهدف التوظيف او السفر إلا بعد مرور ست سنوات على ارتكابه له ما يعيق اندماجه في المجتمع وقدرته على كسب العيش الكريم.
وبحسب إدارة المعلومات الجنائية فإن «مجموع المعاملات المنجزة بهدف الحصول على شهادة عدم محكومية خلال العام 2010 بلغت 218 ألف معاملة». فيما بلغت « في عام 2011 ما يقارب 228 ألف معاملة»، ليكون المجموع الكلي خلال عامين (446 ألف) معاملة.
ويقول مدير دائرة المعلومات الجنائية إن «98% من الذين تقدموا للحصول على عدم المحكومية حصلوا عليها بسبب استفادتهم من العفو الملكي». وهو ما يعني أن (8920 مواطنا) لم يحصلوا على عدم محكومية وهو ما قاد لتعطيل حياتهم.
واللافت أن صدور العفو الملكي في عام 2011 هو سبب ارتفاع نسبة الحاصلين على شهادة عدم محكومية خلال العامين السالفين.







ممنوعون من العمل
النقطة الأهم في القيود الأمنية أنها تحول دون توظيف أصحابها قبل وبعد صدور قرار الحكم ولو غادروا ارتكاب الجرائم على اختلافها إلا بعد مرور ست سنوات حسب قانون أصول المحاكمات الجزائية، وكأن المجتمع يصر على بقائهم في خانة الجريمة، فغالبية شركات القطاع العام والخاص تشترط حصولهم على شهادة عدم محكومية لقبولهم ضمن كادرها الوظيفي لكنهم غالبا ما يعجزون عن استصدارها إلا بعد مرور المدة القانونية.
سلطة وادي الأردن التابعة لوزارة المياه والري واحدة من عشرات المؤسسات التي أقدمت على تسريح عدد من موظفيها في العام 2010 لعدم حصولهم على شهادة عدم محكومية في قضايا منظورة أمام القضاء، ومن بين هؤلاء الموظفين: (م،م)، (ع،ف)، (ع،ز) و( أ،غ ).
ويقول هؤلاء الموظفون «لم نستطع الحصول على عدم المحكومية قبل العفو الملكي لوجود قضايا علينا لم يبت فيها»، مؤكدين «بأنها قضايا مالية ومشاجرات غير مخلة للشرف والأخلاقيات العامة»، مضيفين «لا نزال نبحث عن عمل منذ أكثر من ثلاث سنوات بعد تسريحنا من وظائفنا».
في المقابل، يؤكد الناطق الإعلامي ومساعد الأمين العام للإعلام والتوعية في وزارة المياه والري عدنان الزعبي أن» إجراء الوزارة قانوني فهي تعمل بحسب تعليمات الخدمة المدنية ضمن المادة 43 التي تنص على انه «يشترط فيمن يعين في أي وظيفة أن يكون غير محكوم بجناية (باستثناء الجرائم ذات الصفة السياسية) أو بجنحة مخلة بالشرف والأمانة والأخلاق والآداب العامة».
وبحسب الزعبي «فإنه لا يتم تعيين أي موظف إلا بعد إحضاره شهادة عدم محكومية لإتمام عملية التعيين».
ويقول الزعبي «إذا كان هناك موظفون سرحوا فهم من عمال المياومة الذين كانوا خاضعين لقانون العمل والعمال ولكن عند تثبيتهم سينتقلون من الخضوع لقانون العمل والعمال إلى نظام الخدمة المدنية لذلك لا بد من إحضار عدم المحكومية للتثبيت وفي حال عدم إحضارها فسيتم تسريحهم لأنه لا يجوز تثبيت أي موظف إلا بعد إحضار «شهادة عدم المحكومية».

معاناة مستمرة
ويعاني مواطنون صعوبة إنجاز معاملات رسمية لوجود قيود عليهم. ويقول مواطن رفض ذكر اسمه «عانيت كثيرا بسبب قيودي الأمنية، قبض علي لوجود قيود أمنية لي». ويضيف «اتهمت بالمشاركة في مشاجرة بين أقاربي وأخلى المدعي العام سبيلي بعد الإدلاء بإفادتي وأقوال الشهود».
ويتابع: «بعد شهور ذهبت لكفالة أحد أقاربي من مركز أمني بقضية مالية، فرفضت الجهة الأمنية قبول كفالتي بسبب قيدي السابق, مع أن المحكمة برأتني، ولم يثبت ارتكابي لأي جرم، كما ان القيود الأمنية الموجودة في سجلي الأمني غير مخلة بالشرف والأخلاقيات العامة».
ويقول توجهت في منتصف العام 2011 إلى إدارة المعلومات الجنائية بعد مضي خمس سنوات على مشاجرة في 2006 وأحضرت الأوراق القانونية التي تثبت براءتي، لكن القسم المختص في الدائرة أبلغني أنه «من الصعب إزالة القيود عني إلا من خلال مدير الأمن العام عن طريق كتابة استدعاء لشرح الحالة» (...) «غادرت ولم أطلب إزالة القيود لغاية اليوم لصعوبة الإجراءات».
مواطن اخر رفض ذكر اسمه يوضح ما مر به أثناء دراسته الجامعية اثر جريمة ارتكبت بين أقارب له فأجلي من مكان سكنه في عمان إلى محافظة المفرق بتعليمات من وزارة الداخلية لجهاز الأمن العام (جلوة عشائرية).
ويقول «مكثت في المفرق قرابة الشهرين وعدت لمكان سكني وبدأت بإجراءات السفر لمتابعة الدراسة فتطلب ذلك «عدم محكومية»، وتوجهت لاستخراج عدم المحكومية لعلمي بعدم وجود أي قيود أمنية مسجلة علي».
ويضيف «أثناء انتظاري على شباك الموظف المختص فوجئت برجال أمن يلقون القبض علي ويقيدونني، وابلغوني بأني مطلوب على قيد قتل رمزه «9/1» الذي يشير إلى وقوع الجريمة بين أقاربي، أخبرتهم آنذاك بأن القضية (عشائرية) وقد ألقي القبض عليه، وبعد التدقيق تبين بأن هذا التعميم يخص «تعميم جلوة عشائرية». ويتساءل «لماذا يوضع قيد القتل على جميع أقارب الجاني؟ ما علاقتي بدفع ثمن جريمة ارتكبها غيري؟ ويضيف «قيد القتل المذكور مثبت على ما لا يقل عن عشرين شخصا من أبناء القبيلة رغم عدم ضلوعهم في القضية». ويشير إلى أنه «عدل محافظ البلقاء القيد المضروب على أقارب الجاني فاستبدل بقيد منع دخول محافظة البلقاء بدلا من قيد القتل».
ويتابع «شكوت بعد ذلك إلى المركز الوطني لحقوق الإنسان لكن دون جدوى، ومن ثم شكوت أمري لوزير الداخلية الأسبق عيد الفايز فأصدر كتابا ينص على فك إشارة التعميم «الجلوة العشائرية» لغايات السفر، فحصلت على عدم محكومية وسافرت للخارج بعد معاناة طويلة».

منع زيارات السجون
معاناة صاحب القيود الأمنية لصيقة به مثل «اللعنة» على حد وصف أصحاب قيود، «فهي تطاردنا أينما ذهبنا حتى في أداء واجب الزيارة لأقارب نزلاء في مراكز الاصلاح، فرجال الأمن في هذه المراكز لا يسمحون لنا بزيارة أقاربنا بحجة القيود الأمنية حتى ولو كانت غير مخلة بالشرف والأخلاقيات العامة».
ويقول «طراد ممدوح» منعوني من زيارة أخي وخالي الموقفين على ذمة قضية مشاجرة في «مركز إصلاح وتأهيل البلقاء» العام الماضي، بسبب قيدي الأمني (سائق غير مرخص)»، ويقول «عانيت من بعد المسافة وبحثت عن شخص بديل لمدة إسبوع لإيصال مبلغ من المال لهما».
حالات منع زيارة النزلاء لا تعد ولا تحصى والأمثلة عليها كثيرة و»احمد عمر» واحد من مئات منعوا من زيارة أقاربهم. ويقول «عمر «منعوني من زيارة أخي الموقوف في «مركز إصلاح وتأهيل البلقاء» على ذمة قضية مالية «لوجود قيود أمنية علي».

إجراءات أمنية
صدور حكم بسيط ضدك قد يكون سببا لاعتقالك خلال تجوالك في عمان او غيرها من المدن برفقة أصدقائك أو زوجتك (...)، فالمواطن (ع،أ 55 عاما ) ألقي القبض على ابنه (أ) وهو طالب هندسة في جامعة خاصة قبل شهر ونصف أثناء تجوله مع اصدقائه غرب عمان.
حكاية ( أ ) تتلخص بالحكم عليه بالسجن أسبوع مع وقف التنفيذ في عام 2010، ومع ذلك اقتاده رجال الأمن إلى المركز الأمني أثر هذا القيد».على حد قول والده. ويتابع « طلبوا من ابني إجراء فحص دم فذهبنا إلى المختبر ودفعت الرسوم وقبل إجراء الفحص، قال لي رجل الأمن المرافق «خذ أبنك وروح».
ويقول «النتيجة كانت أن أبني غير مطلوب، ولا نعلم ذريعة الإجراءات التي سببت لي ولأبني الاحراج والخوف والقلق».
لاحقا توجه (أ,ع) لإدارة المعلومات الجنائية للوقوف على حقيقة المشكلة، ويقول» أخبرتهم بما حدث مع ابني لكني لم احصل على أي معلومة مفيدة سوى ان أبني «غير مطلوب» فقط.
ويتساءل الأب كيف سيتمكن ابني من حل هذه المشكلة ليحصل على «عدم المحكومية» لغايات التوظيف؟.
المحامي الموكل بهذه القضية فيصل السعايدة يوضح «للرأي» أن «(أ) حكم أسبوع مع وقف التنفيذ، ليشمله بعد ذلك العفو العام رقم 10/2011 والذي بمقتضاه تلغى العقوبة وتزال حالة الجرم وكأن الشخص لم يقم بارتكابها على الجرائم المشمولة بالعفو العام», لافتا إلى أن «الغاية من العفو العام «إعطاء فرصة للأشخاص المحكومين ليشرعوا في حياة جديدة دون إية عوائق».
ويذكر السعايدة أن» نقابة المحامين رفضت تسجيل أحد المحامين المتدربين في النقابة لارتكابه «جرم التهريب» في الوقت الذي كان عمره ستة عشر عاما ونصف «حدث» إلا أنه سجل في النقابة بقرار من محكمة العدل العليا.
اللافت ان قرار النقابة يخالف قرار محكمة العدل العليا رقم 461/2002، والذي ينص على أن «لا تعتبر إدانة الحدث بجرم من الأسبقيات عملاً بالمادة السادسة من قانون الإحداث رقم(24) لسنة 1968»، وعليه فان نقابة المحامين القاضي برفض تسجيل المستدعي (المحامي المتدرب) في سجل المحامين المتدربين لارتكابه جرم التهريب في الوقت الذي كان حدثاً مخالف القانون واجب الإلغاء».
ويقول نقيب المحامين مازن ارشيدات أن «التعليمات المعمول بها في النقابة بأن يكون المتدرب لم يدن بجناية أو جنحة مخلة بالشرف أو الأمانة والأخلاق».

برسم التوقيف الإداري
ولا تتوقف معاناة أصحاب القيود عند القبض عليهم في أي مكان من المملكة، بل يتعداه الى تعطيل حياتهم وتعريضهم للتوقيف الإداري، وهو ما تؤكده رئيسة وحدة العدالة الجنائية في المركز الوطني لحقوق الإنسان نسرين زريقات. وتقول أن «هناك ارتباطا وثيقا بين القيود الأمنية والأشخاص الذين تفرض عليهم اقامات جبرية، وهم معرضون أيضا للتوقيف الإداري».
وتضيف «بموجب هذه القيود يحق للإدارات الأمنية استدعاء أصحاب القيود للتحقيق معهم في كل جريمة ترتكب في المنطقة التي يقطنونها».
وتشير زريقات إلى أن «الإدارات الأمنية تضع السجل الجرمي أمام القاضي أو المدعي العام ليتعرف على سوابق الشخص الماثل أمامه وبخاصة في قضايا الاحتيال وإساءة الامانة والسرقة لغايات تطبيق الظروف المشددة،وغالبا ما تكون القيود المسجلة غير مستندة إلى أحكام قضائية مبرمة». وتوضح انه «بموجب القيد الأمني يحاسب الشخص بناء على قيود سجلت بحقه منذ عشرات السنوات، حتى وان كان حدثاً في حينها».
وتبين أن « محاسبة الشخص على سجله بعد سنوات عديدة مخالف لقانون أصول المحاكمات الجزائية الذي يجيز للأشخاص الصادر بحقهم أحكام قطعية وبعد مضي مدة معينة حسب نوع الجريمة أن يتقدم بطلب رد الاعتبار لتبيض سجله الجرمي».
وتشير زريقات انه» بالرغم من النص القانوني السابق تبقى الأجهزة الأمنية محتفظة بهذه القيود «، وتقول «بحسب رصد المركز الوطني لحقوق الإنسان فإن أشخاصا كثر عوملوا معاملة غير لائقة عند تدقيق الأمن العام على قيودهم خلال الحملات التفتيشية».
وبحسب زريقات فان «فلسفة القيود الأمنية تتنافى مع فلسفة الإصلاح والتأهيل المنادى بها من السلطة القضائية والتنفيذية معاً بوصم الأشخاص بالخطورة مدى حياتهم».
ونظرا لخصوصية الإجراءات الضبطية وأهميتها منحت دول عربية صلاحيات فرض الإقامة الجبرية وفي ظروف محددة للقضاء، في المقابل يحق للحاكم الإداري في الأردن فرض الإقامة الجبرية».
وبهذا الخصوص قالت زريقات «قدرت بعض الدول العربية ومنها مصر مدى خطورة وأهمية الإجراءات الضبطية، فمنحت صلاحية فرض الإقامة الجبرية للقضاء وفي جرائم خطيرة ومحددة»، وتدعو المشرع الأردني أن يحذو حذو المشرع المصري.
وتشدد على أن «هذه الوصمة من شأنها التأثير مباشرة على أصحاب القيود الأمنية نفسيا واجتماعيا، ووصم أفراد أسرهم أيضا نتيجة الإجراءات الأمنية والادارية المتكررة بحقهم سواء بالتوقيف الإداري أو بفرض الإقامة الجبرية عليهم عند وقوع أي جريمة في منطقتهم».
وتشير الى «قضية ذات أهمية قصوى وهي امتناع العديد من أصحاب العمل من توظيف هؤلاء بسبب عدم قدرة هؤلاء الأشخاص على استخراج «عدم المحكومية»، موضحة «ان رسوم رد الاعتبار القضائي عالية جدا وتبلغ (500) دينار وبالتالي لا يستطيع بعض المواطنين دفع التكاليف».
وتبين أن «غياب العائد المالي عن صاحب القيد وأسرته قد يضطره الى العودة للسلوك الجرمي لتأمين احتياجات اسرته»،... وفي أحيان كثيرة يؤدي عدم حصول هؤلاء على عمل إلى تفكك أسرهم وتشريد أطفالهم إلى الشوارع للحصول على لقمة العيش».
وتؤكد زريقات أن «القيد الأمني يتنافى مع فلسفة الإصلاح والتأهيل فهو يعمل على وصم الأشخاص ويغلق باب التوبة إمامهم، ويتنافى مع ضمانات المحاكمة العادلة ومع القاعدة القانونية التي تؤكد على ان كل شخص متهم بجريمة يعتبر بريئاً إلى أن يثبت ارتكابه لها قانونا وفي محاكمة علنية تكون قد وفرت له فيها جميع الضمانات اللازمة للدفاع عن نفسه».
وتطالب «زريقات بإنشاء سجل عدلي لدى وزارة العدل مبني على أحكام قضائية مبرمة بدلا من الاعتماد على السوابق لدى الجهات الأمنية من اجل التنفيذ السليم لأحكام القانون».
ومن المهم بحسب زريقات تعديل نص المادة (3) من قانون منع الجرائم بوضع ضوابط لصلاحية فرض الإقامة الجبرية ونقل تلك الصلاحية الى السلطة القضائية، وقصرها على وجود حالة التكرار الجرمي (الجرائم الخطيرة ) في حالات الاعتداء على الأشخاص وتحديدا جرائم القتل وهتك العرض والإيذاء البليغ وجرائم السرقات الموصوفة، وفي حالة التكرار ايضاً مع الأخذ بمبدأ ملاءمة الإجراء الضبطي مع الخطورة الجرمية عند فرض الإقامة الجبرية.
وتشير زريقات الى ضرورة ادخال تعديلات جوهرية على نص المواد 101 و102 من قانون العقوبات، والتي تعطي القاضي الحق بالتشديد على أصحاب السوابق وبالتالي فإن هاتين المادتين شملت الفقرة الثانية من المادة الثالثة من قانون منع الجرائم المتعلقة بالتكرار واعتياد اللصوصية.

القيود الأمنية في القانون
وقال مدير إدارة المعلومات الجنائية العميد خالد الكريمين إنه «تعتبر الغاية من وجود القيود الأمنية هو المعاملات الرسمية، والهدف من أرشفة القيود الأمنية في ادارة المعلومات الجنائية أن تبقى سجلا تاريخيا للمواطن، والاستعانة بها لغايات إحصائية من خلال التقرير السنوي الذي تصدره الإدارة». ويضيف «98% من الذين تقدموا للحصول على عدم المحكومية حصلوا عليها بسبب استفادتهم من العفو الملكي الصادر بتاريخ 1/6/2011 وشمل القضايا التي ارتكبت قبل هذا التاريخ».
ويشير الكريمين الى «عقد 35 لجنة في إدارة المعلومات الجنائية بتوجيهات من مدير الأمن العام اللواء حسين المجالي بهدف إعادة النظر بالتعليمات المعمول بها في الإدارة ولغايات تسهيل حياة المواطنين».
ويشير إلى أن «من ابرز هذه الخدمات وفق الكريمين ما يتعلق بمجال التوظيف والتعيين وترخيص محلات الأسلحة ورخص السوق والسفر والتعميم على الأشخاص المطلوبين والقبض عليهم وطلباتهم من خلال الإدارة الرئيسية وفروعها الأخرى في المملكة».
ويضيف أن «القيود الأمنية حجبت عن الأجهزة الأمنية في مديريات الشرطة والمراكز الأمنية وأجهزت السيطرة التابعة لمديرية الأمن العام».
ويؤكد الكريمين «أننا قمنا بأرشفة العديد من القضايا وخصوصاً القضايا التي صدر فيها حكم البراءة وعدم المسؤولية ومنع المحاكمة وإسقاط الحق العام والقضايا المشمولة في العفو العام».
ويلفت الكريمين إلى «امكانية إزالة القيود عن المواطن كما كان قبل ارتكاب الجريمة من خلال «رد الاعتبار» وذلك اذا توفرت عدة شروط حسب نصوص المحاكمات الجزائية إذا كانت العقوبة المحكوم بها المواطن قد نفذت تنفيذاً كاملاً أو صدر فيها عفو».
ويضيف بأنه «يجب ان يكون قد مضى على إصدار الحكم أو إسقاط الحق مدة ست سنوات إذا كانت العقوبة جنائية أو ثلاث سنوات إذا كانت جنحية ويؤخذ بمثل هذه المدة بمثلي المدة إذا كرر المواطن الجناية». ويؤكد أنه «لا تعتبر القضية قيدا على المواطن إلا إذا صدر فيها حكم قطعي بالإدانة».
ويلفت إلى ان «التدقيق الأمني في مختلف مناطق المملكة على المواطنين يعمل على إرباك حياتهم, لذلك قمنا بعمل آلية جديدة حيث يقوم رجل الأمن المعني بالتدقيق على المواطن والإطلاع من خلال جهاز السيطرة إذا كان المواطن «مطلوبا أو غير مطلوب».
وحول شكاوي أصحاب قيود من عدم تمكنهم من كفالة اقارب او اصدقاء في مديريات الشرطة والمراكز الأمنية، يقول الكريمين ان» هذه مسألة تقديرية لرئيس المركز الأمني».
ويؤكد أن «القيود الأمنية لا تعطل توظيف المواطنين لغاية الحصول على عدم المحكومية، وأي مواطن يتقدم لهذا الطلب يدقق عليه بإدارة المعلومات الجنائية ومن ثم يتم الرد إذا كانت قضيته مشمولة بالعفو أو أسقط فيها الحق أو صدر حكم براءة».
وفيما يخص القضايا المخلة للشرف والأمانة والأخلاقيات العامة مثل: السرقة، السلب، الرشوة، الاحتيال، الخطف، الزنا، هتك العرض، التزوير، إساءة الائتمان، المخدرات، يوضح الكريمين «أنه في هذه القضايا لا يعطى المواطن عدم المحكومية إلا إذا مرت على هذه القضايا ثلاث سنوات للجنحة وست سنوات للجناية لكن إذا كررت من الشخص تضاعف المدة بالمثل».
ويوضح المحامي فيصل السعايدة أنه «لا يوجد سند قانوني لتسجيل القيود الأمنية والأسبقيات الجرمية من خلال مديرية الأمن العام»، ويشير إلى أن «الأصل أن تقوم المحاكم بتسجيل القيود الأمنية ومراقبتها عبر الأحكام القضائية المكتسبة الدرجة القطعية».
ويشير السعايدة إلى «وجود مخالفات عديدة ترتكب بحق المواطنين وفق الآلية المعمول بها حالياً، فالأشخاص الذين يصدر بحقهم أحكام قضائية ببراءتهم أو عدم مسؤوليتهم عن الجرائم التي أسندت إليهم تبقى هذه الجرائم في صحيفة سوابقهم الجرمية».
ويذكر السعايدة بأنه» وفقاً للقاعدة العامة الواردة في المادة السادسة من قانون الأحداث رقم 24/ لسنة 1968 الساري المفعول، فإنه لا تعتبر إدانة الحدث بجرم ما أسبقية وذلك بهدف أن يبدأ الحدث بعد بلوغه سن الرشد حياته الاجتماعية خالية من أية إشارة إلى انحرافه في وقت لم يكن في وعيه كاملاً». ويؤكد السعايدة بأن الواقع ووفق ما هو معمول به حاليا أن أي جريمة يرتكبها الحدث تسجل في صحيفة أسبقياته وتلازمه طيلة حياته».
ويعتبر أن «استمرار تسجيل القيود بالطريقة المعمول بها حاليا بحق المواطنين يعد مخالفة صريحة للدستور والقانون والحقوق الإنسانية إذ أن الدستور أعطى ضمانات بحرية المواطن وصون كرامته وحمايته».
ويضيف أن «استمرار الإجراءات المعمول بها حاليا بتسجيل القيود الأمنية من قبل مديرية الأمن العام يعتريها تنفيذ خاطئ لإحكام القانون وتعسف باستعمال السلطة»، ويؤكد بأن «قانون أصول المحاكمات الجزائية ووفق المادة 364/3 ينص على أنه يعاد اعتبار حكماً للمحكوم عليه إذا كانت العقوبة المحكوم بها جنحية بالحبس أو الغرامة وفق شروط وردت تفصيلاً في القانون».
ويشير الى أن ا»لواقع لا يعكس ذلك فلا يتم إعادة الاعتبار وإلغاء القيود الأمنية إذا تحققت الشروط حكماً إنما يلجا المواطن الى إتباع الإجراءات القضائية واستصدار حكم من المحكمة، وهو ما يرتب عليه من جهد اووقت وتكاليف مالية عالية رغم أن ذلك مخالفة صريحة لنص القانون».
ويقول ان «القيود الامنية كاجراء قانوني له اهميته وحاجته كسجل تاريخي للمواطن لكن هنالك مطالبات بأن يقترن هذا الاجراء باستحداث دائرة مختصة في المحاكم لغايات تسجيل ومراقبة القيود الأمنية وإلغائها وفق أحكام القانون حفظاً على حقوق وحرية المواطن دون تسجيل القيود الأمنية غير القانونية، وحتى لا يتحول هذا القيد الى قيود اجتماعية وقانونية تلاحق المواطنين بقية حياتهم».