سيؤول- بترا- قال جلالة الملك عبدالله الثاني ان من أهم أولويات قمة سيؤول للأمن النووي وضع توصيات خاصة حول سبل تفعيل التعاون لمكافحة خطر الإرهاب النووي، وتحديد وتنفيذ إجراءات تعزيز الإدارة الآمنة للمنشآت النووية، ودعم الجهود المشتركة لمنع تهريب المواد النووية والمشعة.

واعرب جلالته في حديث أدلى به لصحيفة "دونغا إلبو" الكورية ، عن الأمل بأن " نتمكن كمجتمع دولي من العمل معا لتحقيق الأمن النووي العالمي الذي تستحقه شعوبنا".

واعتبر جلالته أن هذه الأولويات تنطوي على تحد كبير أمام المشاركين في القمة التي يأتي انعقادها دليلا على أن الأمن النووي قضية عالمية في غاية الأهمية.

وأكد جلالته "أننا نشارك في قمة سيؤول بمبادرة واضحة الأهداف والمعالم تسعى إلى تعزيز قدراتنا على مكافحة التهريب النووي، وهي المبادرة التي ناقشناها واتفقنا عليها مع العديد من الدول، وآمل أن ينضم إلينا كل الأعضاء المشاركين في قمة الأمن النووي القادمة والمقررة عام 2014".

وقال جلالته انه سيعلن خلال القمة أن الأردن قد بدأ بتشكيل فريق لمكافحة التهريب النووي والمكون من مسؤولين وخبراء من كافة المؤسسات المعنية بالأمن القومي.

ولفت جلالته إلى أن الدافع وراء هذه الخطوة هو " إدراكنا لأبعاد الخطر المتأتي عن المواد النووية، سواء منها ما يستفيد من الطاقة النووية أو غير ذلك، وبالتالي فإن علينا جميعا أن نفعل ما بوسعنا لمنع تهريب اليورانيوم أو البلوتونيوم عالي التخصيب بين بلداننا وإليها أو منها، ذلك أن هذا الكوكب لا يمكنه ببساطة المخاطرة وترك هذه الأمور بلا رقيب".

وردا على سؤال حول الخطوات التي يتوجب اتخاذها لتخليص العالم من الأسلحة النووية، قال جلالته "علينا أن نضمن أولا عدم انتشار الأسلحة النووية، ابتداء بأمرين في غاية الأهمية هما الامتثال والشفافية، أي الالتزام بتطبيق الاتفاقيات والأنظمة الدولية، والشفافية من حيث فتح المرافق والمواقع النووية أمام المفتشين الدوليين، وكذلك من حيث توفير المعلومات ومناقشة الطاقة النووية وما يتعلق بها من خطط ومشاريع".

وأضاف جلالته "علينا أن ندرك أن الأسلحة النووية لا تجعل من أي طرف آمنا أكثر مما هو عليه، فالسلام فقط القائم على العدل والشرعية الدولية هو ما يمكن أن يضمن الأمن الحقيقي".

وقال جلالته "لقد ظل الأردن دوما يبذل قصارى جهوده، منذ عهد والدي المرحوم جلالة الملك الحسين بن طلال لمنع سباق التسلح النووي في الشرق الأوسط، والذي كان سيتمخض عن عواقب لا يمكن تصورها وتتجاوز حدود المنطقة، ولم يقف الأمر عند توقيع كل معاهدة دولية رئيسية أو ميثاق لمنع انتشار الأسلحة النووية وتأمين المواد النووية، بل إننا بقينا من الأنصار المتحمسين لفكرة إقامة منطقة خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط".

وأشار جلالة الملك إلى أن كل الدول العربية تدعم قيام منطقة خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط وكلها قد وقعت على معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية، لكن إسرائيل ظلت خارج هذا النظام الهام، "ونعتقد أن عليها توقيع اتفاقية منع الانتشار بدون تأخير والانضمام إلى المجتمع الدولي في قبول بنود المعاهدة الملزمة قانونيا كما هو مطلوب من الدول الأخرى".

وقال جلالة الملك في سياق رده على سؤال حول الربيع العربي أنه عندما بدأ الربيع العربي، كان الأردن قد شرع في عملية إصلاح شاملة وحقيقية بدأت قبل أكثر من عقد، لافتا إلى أنه كان هناك دوما إرادة سياسية وتصميم على تنفيذ عملية إصلاح جادة.

وأضاف جلالته "عندما جاء الربيع العربي شهدنا بالفعل احتجاجات في الأردن، ولكنها لم تنشأ عن غياب الإصلاح في حد ذاته، بل بسبب الإحباط الناجم عن الوضع الاقتصادي والبطالة وضعف النمو الاقتصادي، وكذلك من عدم الرضا إما عن وجهة الإصلاح أو عن سرعة تنفيذه".

وجدد جلالته ثقته بأن العام الحالي سيكون عام الإصلاحات السياسية الرئيسية في الأردن وأن "بإمكاننا" أن نقدم انموذجا إقليميا للإصلاح ولعملية الدمقرطة الشاملة.

وأوضح جلالته أن مسيرة الإصلاح كانت تتقدم في قطاعات بيسر أكبر مقارنة بقطاعات أخرى، وقد حققت بعض الإصلاحات توافقا واسعا، فيما واجه البعض الآخر مقاومة من قبل البعض.

وقال جلالته "إننا في الأردن نعيش الربيع العربي بشكل مختلف عن الدول الأخرى، لقد احتضنا الربيع العربي باعتباره فرصة، وقمنا فورا بتشكيل لجنة حوار وطني ولجنة لمراجعة الدستور واقتراح تعديلات عليه، وبالنتيجة تم تعديل ثلث مواد الدستور ونحن الآن بصدد إنشاء مؤسسات ديمقراطية جديدة، والشروع في عمليات تهدف إلى تقوية الأحزاب السياسية وزيادة المشاركة الشعبية في عملية اتخاذ القرار".

وفيما يتعلق بمساعي الأردن لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، أكد جلالة الملك أن تحقيق حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية على التراب الفلسطيني وعاصمتها القدس الشرقية هي مصلحة وطنية أردنية، ولن تعرف منطقتنا السلام أو تحصد ثمار الاستقرار والأمن والتنمية إلا عندما "نضمن للفلسطينيين استرداد جميع حقوقهم الشرعية، بما فيها حق إقامة الدولة".

وأشار جلالته إلى نجاح الأردن في شهر كانون الثاني الماضي في جمع المفاوضين الفلسطينيين والإسرائيليين على طاولة المفاوضات من جديد، ولأول مرة بعد 16 شهرا في سياق مباحثات استكشافية، "ولكننا، بالتعاون مع المجتمع الدولي، لن نتوقف عن المحاولة". وأوضح جلالته أن في الشرق الأوسط ما يزيد على 100 مليون شاب تتراوح أعمارهم بين الخامسة عشرة والتاسعة والعشرين، وهم يشكلون أكبر تجمع للشباب في تاريخ المنطقة، وهم ينتظرون أن يتوفر لهم تعليم وتدريب نوعي وفرص ذات معنى ووظائف كريمة وشكل من الأمن يسمح لهم ببناء حياة لأنفسهم وتطوير مواهبهم والسعي لتحقيق مطامحهم، ولن يتحقق أي من ذلك بشكل كامل بدون السلام.

وفيما يتعلق بالتعاون بين الأردن وكوريا في مجالات استكشاف النفط والغاز في منطقة البحر الميت ووادي عربة وتوليد الكهرباء، أعرب جلالته عن ارتياحه للتعاون بين البلدين في هذا المجال وسعادته بافتتاحه اخيرا محطة توليد كهرباء الجديدة في القطرانة كمشروع ضخم نفذته مؤسسة الطاقة الكهربائية الكورية بالشراكة مع شركة سعودية.

أما بالنسبة لمذكرة التفاهم مع مؤسسة البترول الدولية الكورية لاستكشاف النفط والغاز في البحر الميت ووادي عربة، فأعرب جلالته عن ترحيبه بالتعامل مع شريك بهذه الخبرة الواسعة.