حاوره في الدوحة - صلاح العبّادي - قال مدير مركز تطبيقات الاستشعار عن بعد في جامعة بوسطن الدكتور فاروق الباز في حديث الى الرأي» أجرته معه في الدوحة أن «لا دول مرشحة لنشوب ثورات داخلية جديدة»، عازيا الثورات الى طبيعة الانظمة السياسية القائمة في الدول التي شهدت ثورات.
ورأى الدكتور الباز أن «الثورات تحصل في الدول التي قامت فيها ثورات عسكرية ووصفها بـ « المجيدة» واعتبر أن الثورات تحدث نتيجة ازمات داخلية، وأن ابناء هذه الدول التي شهدتها هم الذي يحركونها، دون أن تقف وراءها ايدٍ خفية.
وتوقع أن تستقر الاوضاع السياسية في الدول التي شهدت ثورات داخلية، خلال فترة تمتد من 10 إلى 20 سنة.
واشار الى أهمية الفصل بين الدين والسياسة، وأن ما يهم شعوب الدول العربية هو المنجزات التي تقدم لهم من قبل الانظمة السياسية بعيداً عن أي جوانب دينية.
واثنى على دور جماعة الاخوان المسلمين، مشيراً إلى أن « الأخوان « الذين تسلموا مراكز متقدمة على مستوى صناعة القرار في ليبيا ومصر وتونس لا خوف منهم».
وطالب الأنظمة السياسية بـ»دمج العلم مع مجريات الاحداث السياسية»، محملاً رؤساء دول عربية مسؤولية عدم ايلائهم للعلم أي اهتمام، «باعتبار العلم ترف من وجهة نظرهم وأن الانفاق الهائل عليه لا مبرر له».
واعتبر أن الاهتمام بالعلم والمعرفة يدعم الاقتصاد الوطني، وأن على رؤساء الدول العربية الاهتمام بهذا الجانب.
وأكد أن العملية الانتخابية فى مصر أثبتت عظمة ووعي المصريين، وأن ما كان يحدث فى السابق كان بفعل النظام البائد، معرباً عن سعادته بالنسبة الكبيرة التى شاركت فى المرحلة الأولى من انتخابات برلمان الثورة.
وقال الباز أن انطلاقة الديمقراطية الحقيقية بدأت بالفعل فى مصر على يد الشباب بعد ثورة 25 يناير، وأنه لا يريد أن يرى أي أحد من أصحاب الشعر الابيض على الساحة السياسية في مصر، لإعطاء الفرصة للشباب الذين أثبتوا أنهم جديرون بالثقة، مشيرا إلى أن نسبة الخطأ واردة من أي شخص لكن الشباب يتعلمون من أخطائهم أسرع ولا عيب فى الخطأ.
وعلى صعود الإسلاميين فى مصر وتونس، قال الباز « ليس هناك أي مخاوف من صعود الإسلاميين خاصة فى مصر، لأن الشارع المصري لديه الشرعية وأصبح الآن على وعي ودراية كافية بمن هو الأصلح لإدارة شؤون البلاد، خاصة وأن الشعب قادر على إلاطاحة بأي نظام فاسد كما حدث في 25 يناير».
وبين الباز أن جماعة الإخوان المسلمين، لديهم برامج ناجحة لكن العبرة في التطبيق على أرض الواقع وليس بالأوراق والأقلام فقط، مشيرا إلى أن «الإخوان» سريعو التطور لأنهم تعبوا أكثر من أي فصيل أخر أثناء حكم النظام السابق، وعندما يصلون للحكم سيكون لديهم مخاوف من المطالب الأساسية للشعب مثل الأكل والشرب وتوفير العمل.
وحول المخاوف من انتشار السلفيين في الحياة السياسية، أجاب الباز: «لا مخاوف على الإطلاق لأن الإسلاميين أيضا هم من سيقومون بالرد من وجهة نظري خاصة في كبت الحريات فمثلا السائحين الذين يأتون لمصر لديهم طرق في ملابسهم ولا أحد قادر على منعهم من ارتداء ما يريدون أو فرض أكل أو شرب معين لأن هذا يسبب ضرراً للسياحة وبالتالي سيكون له تأثير سلبي على الاقتصاد ، فسيكون 30% من المصريين بلا وظيفة وهذه مسؤولية كبيرة لا يمكن لأحد أن يتحملها، فمن أين يأتي دخل البلد بدون السياحة بجانب المشاريع الاقتصادية الأخرى، معللا كلامه بأن أكبر نسبة دخل في مصر هي السياحة فإذا توقفت فلا بديل لها، لذلك كل الحكومات ذات الاتجاه الإسلامي سيقولون «العمل هو الحل» بدلا من شعار «الإسلام هو الحل».
ويعتقد الباز أن التيارات الإسلامية ستقل تدريجيا، خاصة وأن جميع التيارات السياسية الأخرى ستدرك سريعا كيف صعد الإسلاميون وما هي طرقهم، وسيتبعوها ويطورون من أنفسهم لاكتساب مساحات واسعة في الشارع المصري، وثانيا الحكومات فاشلة بطبيعتها وعندما يكون التيار الإسلامي في الحكومة ستقل شعبيته، وكذلك أيضا في باقي الدول العربية التي قامت بها ثورات مثل تونس وليبيا.
وعلل الباز فشل النظام السابق في إدارة البلاد، «بأن حكم العسكريين غير صحيح بالمرة، لأنه قائم على السمع والطاعة دون وجود مساحة لإبداء الرأي أو المناقشة في الأمور التي تحتاج إلى ذلك، حيث يكون المتحكم بزمام كل الأمور هو شخص واحد فقط، فتتحول الدولة من مؤسسات إلى فرد».
وذكر أن مصر قطعت شوطا كبيرا في الديمقراطية، وسيكون البقاء في حكم مصر للأصلح.
وفيما يخص مشروعه المتمثل في ممر التنمية والتعمير في الصحراء الغربية على ارض الواقع، كشف أن السنوات العشر المقبلة ستشهد رؤيته وتصوره على ارض الواقع.
واكد أن مجموعات طلابية من كليات الهندسة في الجامعات المصرية يخططون لتنفيذ هذا المشروع.
وبين أن المشروع سيرى النور من خلال شباب مصر، بهدف إنشاء طريق بالمواصفات العالمية في صحراء مصر الغربية يمتد من ساحل البحر المتوسط شمالا حتي بحيرة ناصر في الجنوب، وعلى مسافة تتراوح بين 10 و80 كيلو مترا غرب وادي النيل.
واشار إلى أن هذا الممر يفتح آفاقا جديدة للامتداد العمراني والزراعي والصناعي والتجاري حول مسافة تزيد عن 1200 كيلو متر.
من هو فاروق الباز؟
الدكتور فاروق الباز ولد عام 1938 في مدينة الزقازيق بمصر، حصل على البكالوريوس في الكيمياء والجيولوجيا من جامعة عين شمس عام 1958 ثم حصل على الماجستير في الجيولوجيا مِنْ معهد علم المعادن في ولاية ميسوري الأمريكية عام 1961، وعلى الدكتوراه في التكنولوجية الاقتصادية عام 1964، ثم عاد إلى مصر لكنه مثل كثير من أبنائها المبدعين وجد نفسه قد وُضِعَ في المكان غير المناسب، فعاد إلى اميركا عام 1966 حيث التحق بوكالة الفضاء الأمريكية ناسا.
كان أول من حدد مواقع هبوط المركبات الفضائية الأمريكية على سطح القمر، وقام بتدريب رواد الفضاء الأمريكيين قبل رحلاتهم، مما جعل رائد الفضاء الأمريكي نيل أرمسترونغ يُرْسِل رسالة من على سطح القمر باللغة العربية تقديراً لأستاذه الباز كما حمل معه سورة مِنْ سوَرِ القرآن الكريم تركها على سطح القمر.
بقي فاروق الباز إلى عام 1972 يعمل في برنامج الفضاء أبولو وسطع نجمه في أنحاء العالم.
وفي عام 1973 عمل رئيساً للملاحظة الكونية والتصوير في مشروع أبولو ثم انضم عام 1986 إلى جامعة بوسطن حيث يعمل الآن رئيساً لقسم أبحاث الفضاء في الجامعة.
حاز الباز على العديد من الجوائز العلمية من أمريكا ومن جامعات وهيئات علمية كثيرة حول العالم ، ومن ضمنها؛ تدريب فريق العمل من ناسا، جائزة فريق علم القمريات، جائزة فريق العمل في مشروع أبولو الأمريكي السوفييتي، جائزة ميريت من الدرجة الأولى من الرئيس أنور السادات، جائزة الباب الذهبي من المعهد الدولي في بوسطن، الابن المميز من محافظة الدقهلية، وقد سميت مدرسته الابتدائية باسمه.
وهو ضمن مجلس أمناء الجمعية الجيولوجية في أمريكا، المركز المصري للدراسات الاقتصادية، مجلس العلاقات المصرية الأمريكية.
وقد أنشأت الجمعية الجيولوجية في أمريكا جائزة سنوية باسمه أطلق عليها «جائزة فاروق الباز لأبحاث الصحراء». وتبلغ اوراقه العلمية المنشورة ما يقرب 540 ورقة علمية.
رد مع اقتباس
المفضلات