كتبت - سهير بشناق -قبل ثمانية شهور كان القاصد لمدرسة في محافظة المفرق والمشاهد لوجوه طالباتها وطلابها يدرك جيدا حجم المعاناة التي تعترض حياة كل طالب وطالبة في هذه المدارس التي لم تكن قادرة على اشعار الطلاب بالامن النفسي والمكاني لتكون عقولهم قادرة على استيعاب المعلومات التي تردهم من قبل المعلمين والمنهاج .
لم تكن اوضاع هذه المدارس باحسن حال من رؤية طلابها وطالباتها لمستقبلهم فوجودهم بهذه المدارس في كل يوم كان يسبب لهم ألما نفسيا كبيرا يغتال طفولتهم وحقوقهم بقضاء سنوات دراسية آمنة توفر لهم احتياجاتهم الاساسية.
ولعل كلمات الطالبة تيماء في الصف الثامن الاساسي قبل ثمانية شهور عن واقع مدرستها بقولها « اشعر بحزن والم عندما اجلس كل يوم على مقعد مكسور وانظر الى لوح لا استطيع من خلاله قراءة الكلمات واتوق للعب في ساحة لا نقع بها مرات عديدة بسبب تردي وضعها.
وكانت تيماء تقول حينها « كنت دوما ارسم في اوراقي صورة للمدرسة التي اتمناها صف نظيف نوافذه سليمة لا نشعر ببرد الشتاء يتغلغل الى اجسادنا ونحن نكتب ولا نستطيع ان نتحرك خطوة واحدة بسبب ضيق الصفوف ونستخدم مرافق صحية نظيفة.
لكنها بالامس كانت كلماتها داخل مدرستها تشع فرحا وتعكس مدى اعتزازها بما انجزته مبادرة مدرستي بقولها « الصورة الجميلة لمدرستي كانت انا وكثير من طلاب وطالبات مدارس المفرق رسمناها في خيالنا لكنها اليوم اصبحت واقعا اسهم في تحفيز رغبتنا بالذهاب الى المدرسة يوميا وزرعت الامل والتفاؤل في نفوسنا واستبدلت واقع مدرستنا المتردي بواقع اجمل «
ليست تيماء الطالبة الوحيدة التي تحدثت بالامس عن حجم التغيرات الكبيرة التي انجزتها مدرستي حيال مئة مدرسة في محافظة المفرق
فالطالب سليم الشاويش في الصف الثالث اساسي عبر عن ايجابيات التغير الذي شمل مدرسته قائلا « لم اكن احب الذهاب لمدرستي لكن اليوم اصبحت احب المدرسة وصفوفها وساحاتها واشعر بالفرح .
جلالة الملكة رانيا التي اعتلت وجهها ابتسامة الرضا والفخر لكلمات الطلاب والطالبات في صفوفهم وهم يعبرون عن الايجابيات الكبيرة قالت ان مبادرة «مدرستي» قائمة على النهج التشاركي بين المدرسة والمجتمع، وشريك لوزارة التربية والتعليم التي يقع عليها مسؤولية كبيرة يصعب ان تقوم بها وحدها.
جلالتها التي استعمت لحجم التغيرات التي طرأت على هذه المدارس من قبل معلمين وافراد المجتمع المحلي وطلاب اكدت على اهمية دور المعلم واصفة دوره بانه « اهم عنصر في العملية التعليمية ولذلك خصصت له جائزة واكاديمية لتدريبه، مبينة انه وبعد تحديد الاحتياجات التدريبية لمعلمي ومعلمات المدارس المشمولة «بمدرستي» سيتم تنفيذ برامج تدريبية للمعلمين والمعلمات.
التغيير الذي احدثته مبادرة مدرستي لا يقف عند حدود تحسين البيئة المدرسية واجراء اعمال الصيانة في هذه المدارس على اهميتها بل امتد الى البرامج اللامنهجية التي تجمع الطلاب والمعلمين وابناء المجتمع المحلي ليتحملوا جميعهم مسؤولية الاستمرار بالمحافظة على هذه الانجازات فجلالتها اكدت على هذا الجانب بقولها « ان «مدرستي» هدفها خلق روح المبادرة في المدارس، والمحافظة على ما وصلت اليه المدارس حيث لا يمكن ان يستمر ذلك دون بناء شراكات بين المعلم والطالب والمجتمع والمدرسة.
فاولياء امور الطلاب اصبحوا اكثر تفاعلا مع المدارس بعد شمولها بالمبادرة فهم يستجيبون لاي مطلب بهدف مساعدة المدرسة سواء كان ذلك في توفير المياه للمدرسة او زراعة الحدائق لابقائها في اجمل صورها .
مبادرة مدرستي ومن خلال برامج المرحلة الرابعة زار قريق المبادرة أكثر من 220 مدرسة وتم اختيار 100 مدرسة بالاشتراك مع وزارة التربية والتعليم وكذلك من خلال ملاحظات أفراد المجتمع ، والآباء والمعلمين وهناك 65 مدرسة ممن تم اختيارها تقع في مناطق جيوب الفقر.
فريق المبادرة واثناء المسح الذي اجراه بالمنطقة اظهر ان هناك 30% من مباني مدارس المفرق الحكومية مستأجرة واغلبها في حالة صعبة وان التعليم في المدارس يواجه تحديات منها الاكتظاظ، ضعف القراءة والكتابة والرياضيات وخاصة في مدارس جيوب الفقر وفي الغالب يصل الطالب الى الصف الثامن لا يعرف كتابة اسمه اضافة الى محدودية فرص تدريب المعلمين وبناء قدراتهم وبخاصة الحصول على استراتيجيات التدريس ومنهجيات جديدة في اللغة الإنجليزية والرياضيات والعلوم وعدم وجود الوسائل التعليمية والموارد في المدارس.
وانجازات المبادرة بالمفرق حيال هذه المدارس كبيرة فقد تم الانتهاء من أعمال البنية التحتية في 89 مدرسة بحلول تشرين الاول 2011، وما زال العمل جاريا في 11 مدرسة من المتوقع الانتهاء من هذه الاعمال بحلول كانون اول 2011.
اضافة الى ان الغالبية العظمى من أعمال البنية التحتية تضمنت بناء وحدات صحية واسوار وممرات وغرف صفية،و إصلاح الأسوار و بناء ملاعب وتركيب مراوح وتغيير ابواب ونوافذ وصيانة جميع اعمال الكهرباء.
كما امتد نجاح المبادرة ليصل الى تعزيز وتفعيل دور البرامج اللامنهجية التي ستنفذها مدرستي في الفصل الدراسي الثاني بالتعاون مع المنظمات والمؤسسات الشريكة والتي ستشمل عشر مدارس في المفرق ببرامج مبادرة التعليم الاردنية بما في ذلك تدريب المعلمين على استخدام التكنولوجيا في التعليم والتعلم ، وكذلك برنامج إدارة التغيير ، ويشمل البرنامج أيضا تركيب الأجهزة في المدارس ؛ مثل أجهزة الكمبيوتر ، الواح بيضاء تفاعلية واتصال بالإنترنت.
كما سيتم شمول 25 مدرسة من مدرستي بتدريب معلمين منها في اكاديمية الملكة رانيا لتدريب المعلمين من اجل تحسين طريقة تعليم المعلمين العلوم والرياضيات على أساس الاحتياجات. وسوف تكون المدارس جزءا من شبكات المعلمين مجتمعات ممارسة نقل المعارف والمهارات التي اكتسبتها إلى معلمين آخرين.
اضافة الى العمل مع 12 مدرسة من قبل جمعية الصحة الملكية لتنفيذ برنامج مدارس صحية .
وشمول 15 مدرسة في برنامج مدارس آمنة للحد من العنف بين الطلاب وخاصة في المدارس الابتدائية المختلطة و شمول 55 مدرسة في برامج المهارات الحياتية من خلال الرياضة وذلك من خلال شراكات مع عدد من المنظمات غير الحكومية التي تركز على الرياضة كأداة للتنمية في مدارسها.
المبادرة التي تزرع النجاح والامل في نفوس الطلاب والطالبات في جميع المدارس التي تشملها تمكنت من رسم صور جميلة لمدارس كان طلابها يعيشون اياما صعبة ويعانون يوميا وهم يدخلون لصفوفهم يحملون حقائبهم المدرسية ويمشون خطواتهم للوصول الى المدارس بحزن وامال كانت تتلاشى في كل خطوة يخطونها .
لكن المبادرة التي اطلقتها جلالة الملكة تمكنت من اعادة التفاؤل لنفوسهم وجعلتهم يرسمون احلامهم بايديهم ويشعرون بمعنى النجاح والتغيير الايجابي فاصبحت مدارسهم عنوان وجودهم يحافظون على كل تغيير انجز هم وابناء المجتمع المحلي بعد ان تلمسوا نتائج وانجازات المبادرة واغلقوا مرحلة ماضية في تاريخ مدارسهم لم تحمل لهم سوى المعاناة الحقيقية .
رد مع اقتباس
المفضلات