صفحة ممثل الكرة الأردنية في «كتاب آسيا» طويت.. فهل انتهت الحكاية؟
عمان - محمد العياصرة - لم يبق الكثير للحديث عنه في كأس الاتحاد الاسيوي، ولخروج الوحدات من البطولة وقع ثقيل يحتاج اياماً وليالي لتخف وطأته، ولأن الكلام في الواقع الفني «مكروه».. آن الاوان لأن يعطى كل ذي حقٍ حقه!
شكراً للجماهير، فهي حقاً عنوان للوفاء والانتماء والتضحية الحقيقية.. ولنرفع القبعات لنجوم الفريق، فخاب من يظن ان اللاعبين اختزلوا جهداً او عملاً أو قطرة «عرق» لم يقدموها لاسعاد الجماهير وحباً بالقميص الاخضر، لكن ما كانت ابداً نيل المطالب بالتمني، وما تعودنا اطلاقاً ان تنتهي حكاية الوحدات عند لقب.. فهذا الفريق «متخم» حقاً بالالقاب والكؤوس، وما تزال ابواب النادي مفتوحة ولن تغلق ابداً حتى يبكي البعض «لقباً مضاعاً» قد يأتي عندما يريد الله وحده.
من وحي الواقع، لا يختلف اثنان على ان ممثل الكرة الاردنية قدم عروضاً استثنائية في البطولة حتى انتهى مشواره في قبل النهائي امام ناساف الاوزبكي، وعند جرد الحساب، لا بد و»مسك الدفتر» من صفحته الاولى، واذا ابكى الوحدات جماهيره في ليلة، فكم من ليال رسم بها المارد الفرح على وجوه محبيه، وما اكثرها من ايام مضت راهن بها الجميع على قوة الوحدات بين نظرائه في شرق القارة قبل غربها، لذا من الاجحاف ان يقُيم الفريق من مباراة واحدة، ومن الظلم ايضاً ان يخرج «فخر» الكرة الاردنية من لقاء وحيد بعد ان امتع واقنع في عشر مباريات متتالية ضرب خلالها بالخمسة والاربعة والثلاثة.. لكن لكل بطل نهاية، ومن بين النهايات لا بد وان يجد الوحدات ضالته يوماً.
نخرج قليلاً عن الاطار الاسيوي، ونستذكر فرقاً اوروبية ومنتخبات عالمية كانت على بعد امتار من القاب ذهبية، وكانت تملك ابرز لاعبي «الكرة الارضية»، لكنها ودعت وصفقت لها الجماهير.. صفقت على صولات وجولات ولم تُحاسب فريقها من لقاء واحد، وفي ريال مدريد امام برشلونة بدوري ابطال اوروبا الموسم الماضي «عبرة»، وللارجنتين في كأس العالم «دروس»، لكن هذه الفرق فقدت لقباً ولم تشعر بذلك .. فكان لها من خلفها جماهير وفية «كما في الوحدات»، وقد توجت هذه الجماهير فرقها لحظة عودتهم الى بلادهم ورمتهم بالورود وسط هتاف واحد «انتم حقاً ابطال في نظرنا».
لن نزاود على حُب الوحدات أو احد الاندية الاردنية، لكن العطار لم يصلح ابداً ما افسده الدهر، والبكاء على اللبن المسكوب لن يعيده يوماً، وشد ازر الوحدات ولاعبيه ودعمهم بكل الطرق واجب وطني بكل ما تحمله الكلمة من معنى، وحتى صرف مكافآت التأهل للفريق بادرة تستحق الدراسة وان لم يعبر الفريق للمشهد الختامي، فالفريق قدم كثيراً ولم يأخذ شيئاً!
.. فنيات
نتفق ان الوحدات كان بأسوأ حالاته امام ناساف، وندرك حجم القهر والحسرة التي نالت من الجماهير العريضة بعد ان تحول الحُلم الوردي الى كابوس، لكن الوحدات لم يكن أول فريق يخفق في اليوم المشهود، ولن يكون الاخير، واذا تفاوت مستوى الاداء في الملعب، فان «المارد» لعب ساعة مثالية واتبعها بنصف ساعة «كارثية»، وكانت العبرة بالخواتيم.. وهنا بيت القصيد!
في اللغة الفنية، لم يتعامل الجهاز الفني للفريق مع مجريات اللقاء بشكل سليم، وان كان الخطأ مشترك بين الطاقم التدريبي واللاعبين وحتى الجماهير، فان المدرب محمد قويض أول من أخطأ.. وبعيداً عن الاجتهاد، فان الفريق امتد في الشوط الثاني نحو المواقع الهجومية بشكل مبالغ ودون فاعلية تذكر، فكان الثمن فراغاً دفاعياً استغله المنافس الاوزبكي على غفلة فسجل هدفاً حيد الجهاز الفني، واثقل كاهل اللاعبين، واطبق على نفس المشجعين.. فحلت «اللعنة».
لعنة الخروج من الدور قبل النهائي لها ما يبررها، فهي ليست «اسطورة» تحتاج الى «دم النسر» لبطلان مفعولها، بل هي نتاج الاخطاء المتراكمة من «الاركان الثلاثة»، ومن تابع اللقاء جيداً ينجلي امامه خطأ المدرب، وبالاقتراب اكثر تتضح هفوات اللاعبين، ومن يتعمق في المشهد حتى ذروته يضع يده على «كارثة» الجماهير.. فقد سجلت الدقيقة (80) من المباراة خروجاً عن النص من فئة ليست بقليلة عندما بدأت تهتف بعكس التيار لينال ذلك من الروح المعنوية «المتهالكة اصلاً» لدى لاعبي الوحدات، واذا كانت الجماهير التي ملأت المدرجات مبكراً فقد فقدت الثقة بفريقها وبدأت تتأثر «سلباً» مع مجريات المباراة، فكيف سيكتسب اللاعبون الثقة ويتلاحمون في ما تبقى من وقت، ومن سينتصر لهم بعد سعيهم المبكر الذي بدأ من سبعة اشهر؟ .. هنا أخطأت الجماهير وقبل خمس عشرة دقيقة من نهاية اللقاء -باضافة الوقت المبدد-، فهل لهم ان يحاسبوا اللاعبين والمدرب، وليس لهم حسيب؟
نتفق ان الخروج من البطولة كان مخيباً، ونجمع على ان للقب الاسيوي مذاقاً خاصاً يختلف عن عشرات الكؤوس المحلية، ولا ننكر ابداً ان وصول الوحدات لنصف النهائي يعد بطولة بحد ذاته قياساً بقوة البطولة الحالية مقارنة بسنوات اكل عليها الزمان وشرب، ونعلم ان الوحدات بات بحاجة احدى عشرة مباراة اسيوية ناجحة للوصول الى حلم النهائي القاري مجدداً، لكن من وصل الى قبل النهائي في نصف مشاركاته بالبطولة قادر على اعادة الكرة في العام القادم والذي يليه وما بعده .. وهو قادر بنجومه الكبار وجماهيره الوفية ان يمسح دمعة الالم سريعاً بالعودة الى الواجهة محلياً في موسم يكون اكثر اشراقاً خارجياً، والله الموفق.
رد مع اقتباس
المفضلات