: تأثير تغذية الأم على مكونات الحليب (26,20)
( Dietary Factors and Human Milk Composition )
بعد أن عُرفت أهمية حليب الأم الغذائية التي تقدم للطفل كل ما يحتاجه من مواد غذائية كافية لنموه الجسدي والوظيفي والنفسي ، كان منطقياً الاهتمام بالقيمة الغذائية التي تتناولها الأم المرضع وانعكاسها على مكونات الحليب كما ونوعاً وخصوصاً عند الأمهات الفقيرات واللاتي يشكين سوء التغذية ، واذا كان حجم ومكونات الحليب يتأثران بتغذية الأم الكمية والنوعية ، فيكون السؤوال الذي يطرح نفسه هو هل تزويد الأم المرضع بالغذاء سوف يعيد أو يحسن النقص الحاصل في مكونات الحليب نتيجة سوء تغذية الأم ؟ .
ان مثل هذه المعلومات ستقود الى وضع وصياغة برامج وقائية فعالة في المناطق ذات المستوى المعيشي المتدني ، وتكون هذه المعلومات أيضاً دليلاً غذائياً موجهاً الى الفئات الأقل تعليماً في المجتمعات الأخرى المتوفر فيها الغذاء.
وتكون هذه المعلومات أيضاً بمثابة الأساس في تحديد القيم الغذائية التي يجب أن تعطى للأطفال الذين لا يتغذون على حليب الأم ، فتكون انطلاقة لشركات الأغذية عند تصميمهم لأغذية الأطفال وخصوصاً الحليب الصناعي المجفف .
تأثير تغذية الأم على المحتوى الغذائي والكمي للحليب المنتج لم يتعرض الى دراسات وافية ، لكن الدراسات التي أجريت أشارت الى أن نمط نمو أطفال الأمهات تحت المستوى المعيشي خلال الستة شهور الأولى طبيعي وجيد ، الا أنه أقل من مستوى نمط نمو أطفال الأمهات ذوات المستويات المعيشية العالية ، وأن منتوج الحليب كان كافياً لدى الأمهات اللواتي يعانين سوء التغذية ، ويمكن تفسير هذا على أساس أن جزيئات الغذاء الكبيرة للحليب ( Macronutrients ) مثل البروتينات والدهنيات تصنع ذاتياً ولهذا فانها لا تتأثر كثيراً بتغذية الأم الكمية والنوعية ، على النقيض من محتوى الحليب من الفيتامينات الذي يكون حساساً لتغذية الأم لأنها لا تصنع ذاتياً وتعكس المخزون الجسمي لها عند الأم.
وسوف نورد بعض الملاحظات التالية فيما يتعلق بتأثير تغذية الأم على مكونات الحليب الغذائية .
1) البروتينات : معظم بروتينات الحليب تصنع في أنسجة الثدي ولذلك فان كمياتها في الحليب قلما تتأثر بغذاء الأم البروتيني ، ولقد وجد بأن هناك تشابهاً في محتوى الحليب البروتيني في حليب كل من الأمهات اللواتي تغذيتهن جيدة واللواتي تغذيتهن سيئة . وخلصت الدراسات الى أن تناول الأم كميات عالية من البروتين في غذائها تزيد من الانتاجية البروتينية الكلية لكنها لا تؤثر على مكونات الحليب البروتينية .
2) الدهون : تناول الأم للأغذية الدهنية لم يظهر تأثيراً ملموساً على التركيز الكلي لمحتوى الحليب من الدهن بسبب اعادة التنظيم الاستقلابي للدهنيات في حالة نقص كمية الدهون في الحليب، ولكن تحت ظروف معينة اذا قل مخزون الجسم من الدهون فان تزويد الأم بالأغذية الدهنية سوف تزيد من محتوى الحليب الدهني .
لوحظ أن الأحماض الدهنية تتأثر بكمية ونوع المواد الدهنية التي تتناولها الأم. الكولسترول لوحظ بأن كميته في الحليب لا تتأثر بغذاء الأم المحتوي على الكولسترول حتى ان تركيزه في حليب الأم لا يتأثر بالحمية التي قد تتبعها الأم لتقليل نسبته في الدم .
3) اللاكتوز ( سكر الحليب ) : تركيز اللاكتوز في حليب الأم لا يتأثر بغذاء الأم ويمكن أن نفسر هذا بأن اللاكتوز يصنع ذاتياً من الجلوكوز ولهذا فان هناك تنظيماً داخلياً لتصنيع اللاكتوز في أنسجة الثدي من الجلوكوز .
4) الفيتامينات : المعلومات حول تأثير غذاء الأم على تركيز الفيتامينات في حليبها قليلة ذلك أن تركيز الفيتامينات ومخلفاتها تكون بكمية قليلة جداً بحيث تكون هناك صعوبة لقياس مثل هذه التراكيز المتدنية . الا أن الدراسات الحديثة والمعتمدة على طرق الكشف الحديثة بينت أن الفيتامينات الذائبة في الماء تتأثر بغذاء الأم أكثر من تلك الذائبة في الدهون .
5) المعادن ( Minerals ) : محتوى الحليب من المعادن قليل التأثر بغذاء الأم وسبب هذا هو التنظيم الاستقلابي لمخزون الجسم من المعادن، فعلى سبيل المثال اذا حدث نقص في الكالسيوم أو الفوسفور نتيجة قلة توفرهما في غذاء الأم فان جسمها يعوض نقص هذه المعادن عن طريق تحريرها من العظام .
معادن أخرى مثل الزنك والنحاس والماغنيسيوم والمنجنيز والحديد يبدو أنها لا تتأثر كثيراً بتغذية الأم فمثلاً اعطاء الأم حديد اضافي لغاية 30 ملغم يومياً لايؤثر على تركيزه في الحليب .
المصدر : الحنيطي , راتب : كتاب الادويو والرضاعة الطبيعية
رد مع اقتباس
المفضلات