عبدالسلام مصطفى الشويات
جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية
الشعر أصلا لونه أبيض، ولكن مواد صبغية توجد في بصيلات الشعرة تعطيها اللون الذي تظهر به، فصبغة الميلانين الموجودة في بصيلات الشعر هي التي تعطي للشعر لونه الأسود الطبيعي.
ومع تقدم العمر يقل إفراز مادة الميلانين الملونة للشعر بسبب إصابة الخلايا المفرزة لها بالشيخوخة، فيبقى الشعر على لونه الأبيض.
وهناك بعض الحالات من الأفراد قد تجاوزا الستين من عمرهم ولا يزال شعرهم أسود، بينما قد نشاهد بعض الشباب والأطفال دون العاشرة من العمر وقد بدأ الشعر الأبيض يغزو رؤوسهم.
والشعرة تتغذى على عناصر أساسية أهمها الزنك والكبريت، والوجبات السريعة لا تجعل الشعرة تحصل على ما تحتاجه من غذاء لتنمو وتسري مادة الصبغة الملونة (الميلانين) في أجزائها.
كما أن نقص التغذية عند الأطفال، كنقص البروتين في الغذاء يسبب شيب الشعر عندهم. وقد يفقد الشعر اللون الطبيعي وتجده يميل للاحمرار. وتغذية الطفل قد تؤثر على شعره وهو في فترة الشباب، فالطفل إذا تعرض لنقص الغداء أثناء طفولته يتأثر عنده نمو الشعر وطبيعته في فترة الشباب، فليس هناك شك أن التغذية السليمة منذ الطفولة تلعب دورا أساسيا في ذلك، فالغذاء يساعد على نمو الشعر واكتسابه اللون الطبيعي، وتفسير ذلك أن الأحماض الأمينية الموجودة في الغذاء الطبيعي تلعب دورا هاما في النمو الطبيعي للشعر، ونقص هذا الغذاء في طعامنا (خاصة الطحينة والسمك والكبد والبيض) يسبب ضعف الشعيرات وفقدان اللون الطبيعي.
وفي نفس الوقت نجد أن خلايا الإنسان تتعرض في هذا العصر لآلاف المركبات الكيماوية التي يستخدمها في شؤون حياته المختلفة والتي تؤثر على الخلايا الملونة وتقتلها مثل: الأدوية التي لها تأثير ضار على الشعر.
المبيدات المستخدمة للقضاء على الحشرات والآفات في المنازل والحقول، والتي ترش على المزروعات المختلفة.
كريمات الشعر وفرده وتثبيته، والشامبوهات والسشوار وكي الشعر.
وللبيئة الملوثة دور أيضاً فالأتربة، ودخان وعوادم السيارات، ومخلفات المصانع، وتلوث الغذاء بالرش بالمبيدات أثناء نمو النباتات أو بإضافة مواد حافظة له أو ملونة له ضارة بالصحة، وتلوث الهواء الذي نستنشقه، وتلوث الماء كل ذلك يؤثر بشكل مباشر على صحة الإنسان وصحة أعضائه، وحين يحدث ضعف عام في الصحة فالطبيعي أن تتأثر صحة البشرة وتضعف وتفقد لونها.
ولا شك أن للوراثة دورا في الشيب المبكر، فقد يكون أحد الأبوين مصابا بخلل ما في التركيب الوراثي للخلايا الصبغية يعوق إفرازها لصبغة الميلانين الملونة للشعر ويورث هذا الخلل للأبناء.
ولأن المادة الوراثية تتأثر بالظروف المحيطة مثل الضغوط النفسية وتلوث الهواء ونقص الغذاء، نجدها لدى الشباب تتأثر ومنها وحدات الوراثة المتحكمة في تلوين الشعر.
وخلاصة هذا أن الشعر الأبيض قد يكون وراثة ولكن هذا التعبير الوراثي قد يحدث مبكرا نتيجة للظروف والضغوط المحيطة، والسبب بسيط فالتغيرات الوراثية الفجائية التي تحركها تلك الضغوط تؤدي بالتدريج إلى ضعف كفاءة مختلف أجهزة الجسم.
ولا شك أن للضغوط النفسية دورا، فنحن نعيش في عصر يشجع الشعر لأن يشيب،فالمواقف الضاغطة جعلت الناس تجتر همومها بما فيهم الشباب الصغار، فالشيب النفسي يصيب كل أجزاء الجسم نتيجة للظروف والضغوط النفسية المحيطة، فتتعرض كل أجزاء الجسم للشيخوخة المبكرة،فنجد شابا في العشرين من العمر ومصابا بالسكر أو أمراض القلب أو نجده مكتئبا وغير مقبل على الحياة وشعره أبيض، فالضغوط المحيطة تجهد كل خلايانا.
وإجهادنا هو محصلة لإجهاد خلايانا، والإنسان قد يكون مجهداً منذ طفولته، إذ لم يكن ينعم بطفولة سعيدة، ولم تقدم له الرعاية النفسية والاجتماعية اللازمة، فليس في معظم البيوت مكان مخصص يلعب فيه الأطفال، والآباء ينهرونهم معظم الوقت إذا لعبوا أو حتى ثرثروا، وإذا نزلوا في الشارع تسببوا في مشاجرات، ولا توجد حدائق كافية، والنوادي تتطلب مالا، والحنان والرعاية يقدّمان بالقطّارة، فالأم مشغولة بهموم الحياة، والأب مثقل بالبحث عن لقمة العيش، ويكبر الطفل ويصبح شابا، والهموم تزداد والأعباء تتثاقل، والتنافس في الدراسة صار شديدا لكثرة الأعداد المتزاحمة على فرص محدودة، وبيوتنا تحولت إلى معسكرات دراسية، والمدرس الخصوصي صار ضرورة، وكتب خارجية ومذكرات ...إلخ، وفي النهاية وبعد غربلة الأعداد وتخرّج من يتخرّج، يكون الصراع والبحث عن فرصة عمل أو قتل الأمل على عتبة الوظائف، ثم البحث عن شقة ثم تكاليف تكوين بيت وأسرة... فكل هذه الضغوط هائلة، تجهد خلايا الجسم جميعا ومن بينها الخلايا التي تفرز الصبغة الغامقة للشعر فيصبح شيبا.
المفضلات