التهجير والتشرد، قدر يلاحق أكثر من 2000 شخص من أهالي بقعة الليرمون التجميلية(حسب معطياتهم)، من قرية بالليرمون شمال غرب مدينة حلب، نتيجة قرارات الاستملاك المتتالية بدءاً من عام 1981، يقابل ذلك تأكيد الجهة المعنية الالتزام بقوانين التعويض، مع النظر في الشكاوي المقدمة من الأهالي.
قصة الاستملاكات المتتالية
تقع المنطقة المذكورة شمال قرية بلليرمون الملحقة بمدينة حلب كحي من أحيائها بموجب مرسوم صاد عام 1981، بعدد سكان كان يبلغ آنذاك حوالي 6000 نسمة، (عدد سكانها حالياً 15000تقريباً)، لتدخل القرية في دوامة الاستملاكات المتتالية في أعوام 1981-91-94-2008-2009.
يقول أحد الأهالي وأسمه ديبو عبد ربو، وهو صاحب العقار 1915 المستملك "كانت للقرية بلدية مستقلة، ونظام بناء مطابق للمخطط التنظيمي يتألف من طابق محلات وطابقين سكنيين بارتفاع 8 أمتار، لكن لم يسمح للأهالي الترخيص والبناء وفق هذا المخطط ، منذ ضم القرية لمدينة حلب، بل انصرف جل اهتمام مجلس المدينة في متابعة الاستملاك، دون الالتفات إلى تخديمها.
ويضيف "انتقلت إلى منزلي عام 1957، وكان عمري آنذاك 7 سنوات، ومنذ ذلك الوقت وأنا أقيم هنا وزوجت أبنائي وأحفادي في هذا العقار، حتى تجاوز عدد أفراد عائلتي 100، فهل يعقل أن نهجر بعد كل هذه المدة".
قصة مشابهة يرويها جاره سعد الله مراد بن حسن، مستغرباً "إمكانية هدم منزل ضم 3 أجيال متتالية، بحجة النفع العام، لينتفع منه في نهاية المطاف عدد من تجار البناء والعقارات المتواطئين مع مسؤولين في الجهات المعنية".
يقول سعد الله "قطعة الأرض التي ينون سلبها مني، مقسومة إلى 4 محاضر 2841-2842-2843-2845، مساحتها 1500م2، تيضم 400 قاطن، فإلى أين نذهب أنا، أبنائي وأحفادي، وما هو النفع العام الذي يكون على حساب 400 من أبناء البلد؟".
"بدل استملاك الأرض أرخص من ثمن م2 من الورق المقوى"
ويتذكر محمد عبد ربو، أحد سكان الحي المذكور "قصة استملاك مساحة 29700م2 من أراضيه في شارع النيل، تحت المسمى ذاته، الذي يهدد الآن عقاره في الحي، والبالغ مساحته 5000 م2"،قائلاً "لو أن الاستملاك يتم لصالح بناء مدرسة، أو جامع، أو منطقة عسكرية، فسنكون من أولى المتبرعين، ودون أي اعتراض فللدولة حق علينا يجب ايفائه، لكن أن يتم استملاك أرضك بمبلغ 4 ل.س. للمتر الواحد، ويوزع على الجمعيات، ليتم بيعها بأسعار خيالية فهذا أمر غير منطقي".
فيما يروي كامل عبد ربو عن "استملاك أراض في جمعية الزهراء بسعر 27 ل.س. للمتر الواحد، حيث تم توزيع الأراضي على الجمعيات، وكلنا يعرف أنها مافيات عقارات لا أكثر، فهل يعقل أن تقوم جمعية سكنية غايتها التوفير ببناء مسكن بمساحة 200م2، وبيعه بسعر 20 مليون ل.س.، في حين أن صاحب الأرض لم يقبض ثمن أرضه نتيجة مصاريف تصفية الذمة التي تفوق ثمن الأرض نفسه".
ويتسائل كامل "قدروا ثمن أرضنا بـ 35 ل.س. للمتر الواحد، فهل بإمكان المواطن السوري اليوم شراء م2 من الورق المقوى بهذا السعر، لنقبل به ثمناً لأرض ورثناها عن أجدادنا، وهل هناك أرض بهذا السعر بأقصى الصحراء السورية، لنقتنع به سعراً لأراض في حلب ثان أغلى مدينة من حيث أسعار العقارات في سورية؟".
أما جهاد حمام، الوكيل التجاري لصالة ومول تجاري مشيد في المنطقة نفسها على العقارات 4220-4221-2866، فالاستملاك "يحرمه حتى من التعويض غير المنصف أساساً، لشمول القانون السكن فقط دون العقار التجاري".
يقول جهاد "عقاري المشيد منذ 1930 مهدد بالهدم رغم مخالفة ذلك للمادة 59 من القانون 9 لعام 1974، الذي يستثني المشاد قبل صدور التجميل، ولدي وثائق تجارية وعقارية بدءاً من 1951، وبدون تعويض كلفة البناء أو الاسم التجاري، علماً بان العقار تقدر قيمته الفعلية حالياً بنحو 200 مليون ل.س."
ويضيف "العقار منذ عام 1978 ما زال على حاله فهو لا يباع ولا يؤجر لوجود مخطط تجميل، فمن يتحمل مسؤولية الخسارة طوال هذه السنوات، علماً انه تم تأجير العقار مرة واحدة ولكن مقابل ضمانات مالية، وأرغمت على التوقيع على قرارات هدم وإخلاء للحصول على رخصة مؤقتة إزعاناً".
مراحل الاستملاك
أستملكت معظم المنطقة العقارية بلليرمون في العام 1981 بسعر 4 ل.س. للمتر المربع الواحد، ليرتفع هذا الثمن إلى 27 ل.س. بعد الاعتراض على السعر،رغم تأكيد الأهالي على كون السعر الرائج للمتر المربع الواحد في حينه 300 ل.س. على الأقل.
يقول المحامي حسام الدين شريف أحد السكان، وممثل الأهالي "المستغرب في الأمر أن المشروع، الذي تم الاستملاك من أجله عام 1981، لم يشرع بتنفيذه حتى عام 2007، أي بعد 26 عاماً من الاستملاك، و كما تعلمون فإن القانون ينص على أن الاستملاك لا يقع إلا للضرورة والعجلة، فأين العجلة في مشروع لم يبدأ تنفيذه إلا بعد 26 سنة وهو لم ينته بعد، وإذا لم ينفذ المشروع المستملك لأجله تعاد الأرض المستملكة لمالكيها لزوال عنصر العجلة، ونصت المادة 15 من الدستور على أنه ( لا تنـزع الملكية الفردية إلا للمنفعة العامة ومقابل تعويض عادل وفقاً للقانون )، وهو لا يتوفر في قرار الاستملاك هذا".
الاستملاك الثاني كان عام 1991 بسعر 4.10 ل.س. للمتر المربع الواحد لصالح الجمعيات السكنية أيضاً، تلاه أستملاك آخر عام 1994 بسعر 7 ل.س. للمتر المربع، عدل إلى 9 بعد اعتراض الأهالي و ذلك لتنفيذ مشروع خزان مياه أرضي لمدينة حلب، رغم أن السعر الرائج للمتر المربع في حينه كان 3000 ل.س. حسب معطيات الأهالي، تبعه استملاك جزء آخر عام 2008 – 2009 بناءً على أحكام قانون الاستملاك رقم 26 لعام 2000 المعدل للقانون 60 لعام 1979 بسعر المتر المربع بـ 35 ل.س.، علماً بأن السعر الرائج في السوق في حينها 3000 ل.س. للمتر المربع أيضاً، واعتبرت أرضاً زراعية رغم وقوع الحي ضمن حدود مدينة حلب في زاويتها الشمالية الغربية، وأعرب معظم من التقينهم من أهالي المنطقة عن مخاوفهم الآن من "تحركات جديدة لمجلس مدينة حلب بهدف استملاك ما تبقى من أراضيهم، وتحويلها لسكن جمعيات".
مخاوف دفع أكثر من 1000 مواطن من أهالي المنطقة العام الماضي "لمراجعة محافظ حلب، مطالبين إعادة النظر من عملية الاستملاك الظالمة بحقهم، ورغم الوعود الايجابية التي حصلوا عليها، لكن الاختلاف اقتصر فقط على تغيير وصف المنطقة من خدمات إلى سكن وخدمات".
"عدلنا المخطط..وسنستقبل الاعتراضات أصولاً"
وللوقوف على رأي الجهة المعنية، توجهت سيريانيوز إلى مجلس مدينة حلب، حيث بينت لمى معمار رئيس المجلس بالتكليف، أن "المجلس قام بتعديل المخطط التنظيمي من خدمات إلى خدمات وسكن، مع لحظ المسقفات الموجودة في المنطقة، ومعاملتها بمثل المعامل الخاضعة للقرار 16\ب الصادر عن رئاسة مجلس الوزراء".
وأضافت "المطقة حسب المقترح كانت خدمات في الجزء الأكبر، ومؤسسات تعليمية، إصافة إلى المناطق الخضراء، وقرار المجلس بالتعديل جاء بعد الدراسة، التي اعتبرت بقع الخدمات مبالغ فيها، لذا قمنا بتضييق هذه المساحات مع الإبقاء على جزء منها كخدمات لتخديم المنطقة والمناطق المجاورة، بالإضافة إلى سوق الإنتاج ومركز النقل، وهذا الإجراء سيؤدي أيضاً إلى تخفيف أعباء الاستملاك عن مجلس المدينة".
وحول اعتراضات الأهالي قالت معمار "قمنا بالإعلان عن المخطط، واللجنة الإقليمية تقوم باستلام الشكاوي، وإلى الآن وصلنا شكوى حول خزان المياه، واللجنة ستقوم بالنظر في كافة الشكاوي المقدمة إليها واقتراح الحل الأنسب".
يبقى أن نشير بان الحي المذكور، يحتوي على مساكن مشيدة على شكل فيلات، ويضم جامعاً ومدرسة مقامة بتبرعات أهالي القرية، ومخدم بالمياه والكهرباء والهاتف، بتوزيع منتظم للشوارع بعرض 8 و11 متر منفذ ومجمل على حساب أهالي المنطقة، شأنه شأن شبكة الصرف الصحي المنفذة، نظراً لكون غالبية قاطنيها من المتعاقدين مع مجلس مدينة حلب لتنفيذ مشاريع التجميل، حسب ما بينوه لسيريانيوز.
سركيس قصارجيان-سيريانيوز-حلب
رد مع اقتباس
المفضلات