احباب الاردن التعليمي

صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 11

الموضوع: مهم جداً

  1. #1
    عضو
    تاريخ التسجيل
    Mon Nov 2010
    الدولة
    ؟؟؟؟
    العمر
    38
    المشاركات
    3,011
    معدل تقييم المستوى
    547293

    مهم جداً

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
    اريد من اعضاء المنتدى التفاعل بهذا الموضوع لانه حتى لو كان سؤالي مبهم لكن اجوبتكم رح تفيد الاخرين بشكل كبير ان شاء الله
    سؤالي :
    في كثير موضوعات بحياة البشرية تكون خارجة عن المألوف ولا يتقبلها لا قوانين وضعية ولا شرعية فلذلك نحاول الابتعاد عن هذه المواضيع بقدر الامكان لكن في ناس بتحب تخوض في تلك الموضوعات يعني لو اخذنا على سبيل المثال الغيبيات امور حذرنا الشرع انه نفكر فيها لانه التعمق بالتفكير ممكن يقودنا للكفر لا قدر الله
    الان اريد منكم رد على مايلي :
    هل توافقوني الرأي ان كثرة التفكير بموضوع خارج عن المألوف ممكن يخرجنا من نطاق التفكير الى النطاق التطبيقي حتى لو كان انسان ملتزم
    لانه برأيي انه (ان النفس لأمارةٌ بالسوء )
    انا بتمنى تتفاعلوا بالموضوع لو بمجرد كلمة ما بتعرفوا قديش هالموضوع مهم لدرجة كبيرة
    بتمنى يضل بهذا القسم لحتى يتفاعل الجميع
    ان شاء الله اكون وصلت الفكرة صح

  2. #2
    عضو
    تاريخ التسجيل
    Thu Dec 2008
    الدولة
    بين الكذب والصدق
    المشاركات
    3,089
    معدل تقييم المستوى
    16042139
    الثوابت غير قابلة للتفاوض والانسان الملتزم مقيد في إجتناب الشبهات مهما كانت ابوابها
    ارى أن الخوض في مثل هذه الامور ما هو الا ترف فكري غير صحيح
    صحيح ان الناس تخاف مما تجهل
    والجهل ليس عدم المعرفة ولكنه عدم معرفة الحقيقة .. وهو يجاري العلم والمعرفة ..

    مو عارف شو مفطرة انت اليوم حتى يبجي ببالك هيك موضوع

  3. #3
    عضو
    تاريخ التسجيل
    Mon Nov 2010
    الدولة
    ؟؟؟؟
    العمر
    38
    المشاركات
    3,011
    معدل تقييم المستوى
    547293
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة rhythm of rain مشاهدة المشاركة
    الثوابت غير قابلة للتفاوض والانسان الملتزم مقيد في إجتناب الشبهات مهما كانت ابوابها
    ارى أن الخوض في مثل هذه الامور ما هو الا ترف فكري غير صحيح
    صحيح ان الناس تخاف مما تجهل
    والجهل ليس عدم المعرفة ولكنه عدم معرفة الحقيقة .. وهو يجاري العلم والمعرفة ..

    مو عارف شو مفطرة انت اليوم حتى يبجي ببالك هيك موضوع
    اولا شكرا على المشاركة
    ثانيا اكيد مش فول
    انا برأيي انه الانسان مثل ما حكيت ما يخوض في الثوابت لانه لا تحتاج الا نقاش وحتى مجرد النقاش فيها يقودنا الى متاهات نحن بغنى عنها

  4. #4
    الاداره
    تاريخ التسجيل
    Tue May 2009
    الدولة
    الرايه الهاشميه حفظها الله
    المشاركات
    212,599
    معدل تقييم المستوى
    21475064
    اختي اعتذر منك لكن ينقل للحوار لأن هذا الموضوع له قسم مخصص
    وهو الحوار بين الأعضاء

    وانا برأيي الغيبيات نستطيع ان نجتهد فيها لكن بعدم الخروج عن
    ماسنه الله لنا من قوانين الطبيعه البشريه وعدم الخوض بالغيب
    اذا وصل الشيء لحد التكفير فيجب ان نستعيذ بالله من الشيطان الرجيم
    ونتجاوز عنه واللي بحب يخوض بهيك موضوعات اما ان نقنعه بالعقل والحوار
    بما يرضي الله
    وغير ذلك النهي عن مايوصلنا الى حد التكفير
    والتفكير الى النطاق التطبيقي ليس بغلط ولكن بما يقنعنا
    وان يكون ضمن مايرضي الله ورسوله والعقل
    ولو شرحتي الموضوع بشكل موسع بكون افضل لنستطيع
    وضع النقاط فوق الحروف بشكل افضل
    ليس من الصعب ان تصنع الف صديق فى سنة
    لكن من الصعب ان تصنع صديقا لألف سنة
    يكفيني فخرا انني ابن الرايه الهاشميه

  5. #5
    عضو
    تاريخ التسجيل
    Mon Nov 2010
    الدولة
    ؟؟؟؟
    العمر
    38
    المشاركات
    3,011
    معدل تقييم المستوى
    547293
    شكرا الك على الرد
    ولكن ان تحدثت عن كثرة التفكير بامر معروف بان المجتمع يرفضه والديانات جميعها ترفضه لكن الشيطان زين له هذا الشيء ولان الشيطان ملعون ممكن يساعدنا انه ننطلق من التفكير الى التطبيق فلذلك يجب ان نقمع التفكير بهذا الشيء لانه ما في انسان بالكون بضمن نفسه لانه ربنا قال (ان النفس لامارةٌ بالسوء)

    وياريت اني بقدر احكي بالتفصيل بس صعب جدا بل من المستحيل

  6. #6
    الاداره
    تاريخ التسجيل
    Tue May 2009
    الدولة
    الرايه الهاشميه حفظها الله
    المشاركات
    212,599
    معدل تقييم المستوى
    21475064
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فجر جديد مشاهدة المشاركة
    شكرا الك على الرد
    ولكن ان تحدثت عن كثرة التفكير بامر معروف بان المجتمع يرفضه والديانات جميعها ترفضه لكن الشيطان زين له هذا الشيء ولان الشيطان ملعون ممكن يساعدنا انه ننطلق من التفكير الى التطبيق فلذلك يجب ان نقمع التفكير بهذا الشيء لانه ما في انسان بالكون بضمن نفسه لانه ربنا قال (ان النفس لامارةٌ بالسوء)

    وياريت اني بقدر احكي بالتفصيل بس صعب جدا بل من المستحيل


    هذا الرد مقتبس ومنقول ولكن ارجو ان يكفي ويهدينا الى طريق الصواب



    قال ابن القيم رحمه الله فى مدارج السالكين :

    أن النفس حجاب بين العبد وبين الله

    وأنه لا يصل إلى الله حتى يقطع هذا الحجاب

    فالنفس جبل عظيم شاق في طريق السير إلى الله عز وجل وكل سائر لا طريق له إلا على ذلك الجبل فلا بد أن ينتهى إليه ولكن منهم من هو شاق عليه ومنهم من هو سهل عليه وإنه ليسير على من يسره الله عليه



    و الأنفس على ثلاثة أنواع ذكرها الله عز و جل فى كتابه :



    الأولى : النفس الأمارة بالسؤ

    و هى النفس التى تأمر صاحبها بالمعاصى

    قال تعالى :

    {وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيَ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ }

    يوسف53

    الثانية : النفس اللوامة

    و هى النفس التى تلوم صاحبها دائما على الوقوع فى المعصية أو على التقصير فى الطاعة

    قال تعالى :

    {وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ }

    القيامة2

    الثالثة : النفس المطمئنة

    و هى النفس التى اطمأنت بذكر الله

    فصارت لذتها و سعادتها فى مرضات الله

    قال تعالى :

    { يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ{27} ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً{28} فَادْخُلِي فِي عِبَادِي{29} وَادْخُلِي جَنَّتِي{30} }

    الفجر



    و لكن كيف التعامل مع النفس ؟



    قال الشيخ محمد حسان (حفظه الله)

    إن ألجمت النفس بلجام التقوى

    و ألهبت ظهرها بسوط الخوف من الله

    و سقتها سوقا بحب الله تعالى

    تصبح نفسا لوامة

    و حين ترتقى النفس اللوامة تصبح نفس مطمئنة

    و هذه النفس ليس لها مأوى إلا الجنة



    فهلا بدأت مع نفسك من الآن

    اجلس مع نفسك

    و حاسبها حسابا شديدا



    قال الميمون بن مهران :

    "لا ترى المسلم إلا و هو يلوم نفسه دوما

    و يحاسب نفسه محاسبة الشريك الشحيح"



    ابدأ فى تحديد عيوبها و مساؤها

    و عاهد الله و استعن به على التخلص منها

    و اصدق الله يصدقك

    قال الله تبارك وتعالى

    وإذا تقرب مني شبراً تقربت منه ذراعاً

    وإذا تقرب مني ذراعاً تقربت منه باعاً

    وإذا مشى إلي هرولت إليه



    أصلحها لتصل بها إلى درجة النفس المطمئنة بإذن الله

    التى مأواها الجنة

    أرى أنه لا يوجد مانع في التفكر في كل شيء ، لأن التفكر يقودنا لمعرفة الحكمة من هده الأشياء ، فكيف أطالب بالايمان بالاه لا أعلم عنه شيئا و حرام أن أفكر في ألوهيته أو ربوبيته ؟ العقل مناط التكليف و الله سبحانه وتاعلى جهزنا به لنستعمله في ادراك كل شيء فما بالك بادراك أهم شيء و هو الخالق سبحانه ...أما أن نتخيل و نتمثل أمورا في ذات الله تعالى و نحن لا نعلمها فهذا غير جائز لأن الله تعالى قال * ليس كمثله شيء *


    من المسلمات في ديننا ، ومن الأصول المعتقدة في شريعتنا ، ومن الثوابت في عقيدتنا ، أن الله وحده استأثر بعلم الغيب ، قال تعالى : { عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } [ التغابن18 ] ، قال الطبري رحمه الله : " عالم الغيب والشهادة : يعني الذي يعلم السرّ والعلانية الذي لا يخفى عليه بواطن أموركم وظواهرها " .
    لقد نفى الله جل جلاله أن يعلم الغيب أحد من الخلق أجمعين سواه سبحانه المتفرد بالعبودية والربوبية والألوهية ، فقال عز من قائل عليماً : { قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ } [ النمل65 ] .
    وقال تعالى : { وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ } [ الأنعام59 ] ، مفاتيح الغيب الخمسة لا يعلمها إلا الله وحده لا شريك له ، قال الله جل شأنه : { إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ } [ لقمان34 ] .
    الملائكة عباد الله الذين يطيعونه ولا يعصونه ، فقد ثبت في حديث الإسراء المروي في الصحيحين وغيرهما ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال في صفة البيت المعمور الذي في السماء السابعة : " فإذا هو يدخله في كل يوم سبعون ألف ملك ، لا يعودون إليه آخر ما عليهم " ، قال تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ } [ التحريم6 ] .


    لقد فهم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم الإرشادات القرآنية الربانية ، والتوجيهات النبوية الإيمانية فهماً لم يفهمه كثير من الناس اليوم ، لذلك صبروا لما أصابهم ، وما وهنوا وما ضعفوا وما استكانوا ، ولم يتجهوا لغير الله تعالى لتفريج ما بهم من ضائقات الأمور ، وفواجع الدهور ، بل تشبثوا بحبل رب العالمين ، خالق الإنس والجن وجميع المخلوقات ، فمن كان تعلقه بالله أكبر ، كان جزاؤه أعظم ، وفي نهاية المطاف جنات تجري من تحتها الأنهار ، عن عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ قَالَ : قَالَ لِي ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما : أَلاَ أُرِيكَ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ؟ قُلْتُ : بَلَىٰ ، قَالَ : هٰذِهِ الْمَرْأَةُ السَّوْدَاءُ ، أَتَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ : إِنِّي أُصْرَعُ ، وَإِنِّي أَتَكَشَّفُ ، فَادْعُ اللّهَ لِي ، قَالَ : " إِنْ شِئْتِ صَبَرْتِ وَلَكِ الْجَنَّةُ ، وَإِنْ شِئْتِ دَعَوْتُ اللّهَ أَنْ يُعَافِيَكِ" ، قَالَتْ : أَصْبِرُ ، قَالَتْ : فَإِنِّي أَتَكَشَّفُ ، فَادْعُ اللّهَ أَنْ لاَ أَتَكَشَّفَ ، فَدَعَا لَهَا " [ متفق عليه ] .


    نسأل الله أن يصلح أنفسنا و أنفسكم و أن يرزقنا أنفس مطمئنة



    وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين
    ليس من الصعب ان تصنع الف صديق فى سنة
    لكن من الصعب ان تصنع صديقا لألف سنة
    يكفيني فخرا انني ابن الرايه الهاشميه

  7. #7
    عضو
    تاريخ التسجيل
    Mon Nov 2010
    الدولة
    ؟؟؟؟
    العمر
    38
    المشاركات
    3,011
    معدل تقييم المستوى
    547293
    شكرا الك على متابعة الموضوع لانه مثل ما حكيت ارائكم مهمة جدا ما بتعرفوا يمكن كلمة وحدة تصحح المشكلة الي كتبت عنها
    كلام رائع جدا ومنطقي ومؤمن به أشد الايمان لكن لو المشكلة بتخصني اكيد كتبتها وبتعرفوا هذا الشيء
    النفس انواع كما ذكرت ولكن اذا كان الشخص مؤمن بان التفكير بشيء كل البشرية تجمع على انه خطأ و أخذته العزة بالاثم ماذا عسانى ان نفعل واريد ان اوصل له فكرة نحن لا نحرم التفكير بموضوع ولا نحن شيوخ او علماء دين حتى نفتي من انفسنا ونقول هذا حرام وهذا حلال المشكلة بالنفس والشيطان وكثرة التفكير بموضوع ممكن ان تقود الى فعله
    ادعو الى تهذيب النفس والتاكيد على ان راي الاغلية افضل من الراي الواحد
    والله من وراء القصد

  8. #8
    عضو
    تاريخ التسجيل
    Wed Jun 2008
    الدولة
    صانعة رجال البواسل رجال الهيه المملكة الهاشمية
    المشاركات
    146,552
    معدل تقييم المستوى
    11586669




    هناك امور كثيرة يجب ان لا نخوض فيها لانها سوف تسوقنا الى التهلكة
    مثلا عن نفسي تعمقة بيوم في عالم الا بشري عالم الاكهرماني اتعبني كثيرا كان يجب ان ادرس هالعلم من بعد بدون تعمق لذلك خسرت صحتي

    لذلك انصح الجميع بان لا يتعمق بامور غير مسلمة امور غيبية لا نعرف بها



    اختكم بالله


  9. #9
    عضو
    تاريخ التسجيل
    Mon May 2011
    الدولة
    الأردن
    العمر
    54
    المشاركات
    12,037
    معدل تقييم المستوى
    21474862
    هذا رد شافي والله تعالى أعلم نقلته للفائدة وأعذروني على الإطالة


    أمور نهي عن الخوض فيها

    أحمد بن ناصر الغامدي

    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد :

    فقد كثر في هذه الأزمان الجدل والنقاش فطال كثيرا من المسلمات ، بل تعدى ذلك إلى النقاش فيما ليس للعقل فيه مجال أو قد يثير مجرد طرحه على عامة الناس بلبلة وتشكيكا ، ولذلك فالإسلام رحمة بالعقل ورفقا به ، وحماية له من الضلال فقد نهى المسلم عن الخوض في بعض الأمور ، إما مطلقا لعجزه عن الوصول إلى حقيقتها وتصورها ، وإما أن يكون النهي عن الخوض فيها أمام العامة رفقا بهم ، لما قد تحدثه لبعضهم من فتنة وآثار سيئة ، وسننقل عن العلماء نقولا تدل على ذلك ، فعلى المرء أن يتعلم وأن يعرف متى يسكت ، كما يعرف متى يتكلم ، وهذه الأمور هي :

    1- الأمور الغيبية (وعلى رأسها كيفية ذات الله تعالى وكيفية صفاته)

    2- القدر فهو سر الله في خلقه .

    3- الإمساك عما شجر بين الصحابة .

    4- ترك الحديث علنا في ما لا يستوعبه العامة أو بعض المخاطبين .



    1- الأمور الغيبية (وعلى رأسها ذات الله تعالى) .

    التفكر لا يكون في ما لا يتوصل إليه بالفكر ، ومن ذلك الأمور التي لا تدرك بالعقل كحقيقة الروح مثلا (قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا) ، والأمور الغيبية مثل بعض أمور الآخرة (كذبح الموت مثلا) ، فيجب التسليم بها ، فإن الله تعالى يفعل ما يشاء ، ولذلك ورد في الحديث لما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مشي الكفار على وجوههم يوم القيامة قال : الذي أمشاهم على أيديهم قادر على أن يمشيهم على أرجلهم . فقدرة الله تعالى لا حدود لها ، وعقولنا لها حدود ، كما أن للبصر والسمع حدا لا يتجاوزه ، ولذلك يجب الإيمان بكل ما أخبرنا الله تعالى به مما لم نره من بعض المخلوقات كالملائكة والجن مثلا ، وعدم رؤيتنا للشيء لا تدل على عدمه ، ولا يعني هذا أن الإسلام يتعارض مع العقل ، فليس في الدين ما تحيله العقول ، وإن كان قد يأتي بما تحار فيه العقول .

    وأما الله تعالى فلا يمكن الإحاطة به ، قال تعالى (يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون به علما) فهذه الآية تقطع الطمع في إدراك الكيفية ، وقال سبحانه (لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار) والمعنى أنه مع كونه يُرى ، لا يُدرك ولا يُحاط به ، لكمال عظمته . ولذلك قال الإمام مالك (رحمه الله) لما سئل عن الاستواء : الاستواء غير مجهول ، والكيف غير معقول ، والسؤال عنه بدعة ، والإيمان به واجب ) .

    وفي الحديث : تفكروا في آلاء الله (وفي بعض الروايات : في خلق الله) ، ولا تفكروا في ذات الله (وفي بعض الروايات : ولا تفكروا في الخالق) .

    قال القرطبي في تفسيره : مر النبي صلى الله عليه وسلم على قوم يتفكرون في الله فقال : تفكروا في الخلق ، ولا تتفكروا في الخالق ، فإنكم لا تقدرون قدره .

    وقال ابن كثير : وذكر البغوي ... عن أبي بن كعب عن النبي e في قوله تعالى (وأن إلى ربك المنتهى) قال : لا فكرة في الرب ، قال البغوي : وهذا مثل ما روي عن أبي هريرة مرفوعا (تفكروا في الخلق ، ولا تفكروا في الخالق فإنه لا تحيط به الفكرة) وكذا أورده وليس بمحفوظ بهذا اللفظ ، وإنما الذي في الصحيح : يأتي الشيطان أحدكم فيقول : من خلق كذا ، من خلق كذا ؟ حتى يقول من خلق ربك ؟ فإذا بلغ أحدكم ذلك فليستعذ بالله ولينته ، وفي الحديث الآخر الذي في السنن : (تفكروا في مخلوقات الله ، ولا تفكروا في ذات الله ، فإن الله تعالى خلق ملكا ما بين شحمة أذنه إلى عاتقه مسيرة ثلاث مائة سنة ، أو كما قال) .

    لأن التفكر والتقدير إنما يكون فيما له نظير ، والله تعالى لا نظير له حتى يقاس عليه ، قال ابن تيمية –رحمه الله - : وقد جاء في الأثر : تفكروا في المخلوق ، ولا تفكروا في الخالق) لأن التفكير والتقدير يكون في الأمثال المضروبة والمقاييس ، وذلك يكون في الأمور المتشابهة وهي المخلوقات ، وأما الخالق -جل جلاله سبحانه وتعالى- فليس له شبيه ولا نظير ، فالتفكر الذي مبناه على القياس ممتنع في حقه ، وإنما هو معلوم بالفطرة فيذكره العبد ، وبالذكر ، وبما أخبر به عن نفسه ، يحصل للعبد من العلم به أمور عظيمة لا تنال بمجرد التفكير والتقدير ، أعني من العلم به نفسه ، فإنه الذي لا تفكير فيه ، فأما العلم بمعاني ما أخبر به ونحو ذلك فيدخل فيها التفكير والتقدير كما جاء به الكتاب والسنة ، ولهذا كان كثير من أرباب العبادة والتصوف يأمرون بملازمة الذكر ، ويجعلون ذلك هو باب الوصول إلى الحق ، وهذا حسن إذا ضموا إليه تدبر القرآن والسنة واتباع ذلك ، وكثير من أرباب النظر والكلام يأمرون بالتفكر والنظر ، ويجعلون ذلك هو الطريق إلى معرفة الحق ، والنظر صحيح إذا كان في حق ودليل كما تقدم ، فكل من الطريقين فيها حق لكن يحتاج إلى الحق الذي في الأخرى ، ويجب تنزيه كل منهما عما دخل فيها من الباطل ، وذلك كله باتباع ما جاء به المرسلون ، انتهى .



    2- القدر سر الله .

    تعريف القدر :

    القدر بوضعه يدل على القدرة ، وعلى المقدور الكائن بالعلم ، ويتضمن الإرادة عقلا ، والقول نقلا . والمراد بالقدر : حكم الله ، وقدّر الله الشيء بالتشديد قضاه ، ويجوز بالتخفيف .

    وحاصله : وجود شيء في وقتٍ وعلى حالٍ بوفق العلم ، والإرادة ، والقول .

    الفرق بين القضاء والقدر :

    قال العلماء : القضاء هو : الحكم الكلي الإجمالي في الأزل ، والقدر جزئيات ذلك الحكم وتفاصيله . وقيل : القدر هو : التقدير ، والقضاء : هو التفصيل والقطع ، فالقضاء أخص من القدر ، لأنه الفصل بين التقدير ، فالقدر كالأساس ، وذكر بعضهم أن القدر بمنزلة المُعد للكيل ، والقضاء بمنزلة الكيل .

    وجوب الإيمان بالقدر ومراتبه :

    النصوص في وجوب الإيمان بالقدر معلومة ، ومنها قول الله تعالى (إنا كل شيء خلقناه بقدر) .

    (قال أهل السنة : قدَّر الله الأشياء أي : علم مقاديرها وأحوالها وأزمانها قبل إيجادها ، ثم أوجد منها ما سبق في علمه ، فلا يحدث في العالم العلوي والسفلي شيء إلا وهو صادر عن علمه تعالى وقدرته وإرادته دون خلقه ، وإن خلقه ليس لهم فيها إلا نوع اكتساب ومحاولة ونسبة وإضافة ، وإن ذلك كله إنما حصل لهم بتيسير الله وبقدرته وإلهامه لا إله إلا هو ولا خالق غيره ، كما نص عليه القرآن والسنة ) .

    ومراتب القدر أربع يجب الإيمان بها جميعها وهي : العلم ، والكتابة ، والمشيئة ، والخلق والتقدير ، والإنسان له مشيئة وإرادة لكنها خاضعة لمشيئة الله تعالى وإرادته (وما تشاؤون إلا أن يشاء الله رب العالمين) .

    الأدلة على النهي عن الخوض في القدر والتعمق فيه :

    1- عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا ذكر أصحابي فأمسكوا ، وإذا ذكر النجوم فأمسكوا ، وإذا ذكر القدر فأمسكوا .

    المناقشة : هو حديث ضعيف .

    الجواب : أنه روي من طرق يقوي بعضها بعضا .

    2- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نتنازع في القدر ، فغضب حتى احمر وجهه ، حتى كأنما فقيء في وجنتيه الرمان ، فقال : أبهذا أمرتم ، أم بهذا أرسلت إليكم ؟ إنما هلك من كان قبلكم حين تنازعوا في هذا الأمر ، عزمت عليكم ، عزمت عليكم ألا تتنازعوا فيه .

    فغضب لما رآهم يتجادلون في القدر ، وسبب غضبه أنه كره أن يفضي ذلك إلى الاختلاف والتفرق ، وأن يؤدي إلى الانحراف العقدي ، (لأن القدر سر من أسرار الله تعالى ، وطلب سره منهي ، ولأن من يبحث فيه لا يأمن من أن يصير قَدَريا أو جبْريا ، والعباد مأمورون بقبول ما أمرهم الشرع من غير أن يطلبوا سر ما لا يجوز طلب سره ) .

    3- وورد : القدر سر الله . وهذا القول مأثور عن السلف وبعض العلماء ، وروي مرفوعا ، ولذلك قالوا : إن الله تعالى له في القضاء والقدر حِكم وأسرار يعلمها سبحانه ، فلا يجوز التعمق فيه ، وأن ذلك سبب الهلاك والزيغ .

    وفي طبقات الحنابلة : (الكلام والجدل والخصومة في القدر منهي عنه عند جميع الفرق ، لأن القدر سر الله ، ونهى الرب -جل اسمه- الأنبياء عن الكلام في القدر ، ونهى النبي عن الخصومة في القدر ، وكرهه أصحاب رسول الله والتابعون ، وكرهه العلماء وأهل الورع ، ونهوا عن الجدال في القدر ، فعليك بالتسليم والإقرار والإيمان ، واعتقاد ما قال رسول الله في جملة الأشياء واسكت عما سوى ذلك) .

    ولهذا كله فلابد من التسليم ، قال الإمام أبو المظفر السمعاني : سبيل معرفة هذا الباب التوقيف من الكتاب والسنة ، دون محض القياس ومجرد العقول ، فمن عدل عن التوقيف فيه ضل وتاه في بحار الحيرة ، ولم يبلغ شفاء النفس ، ولا يصل إلى ما يطمئن به القلب ، لأن القدر سر من أسرار الله تعالى التي ضربت من دونها الأستار ، اختص الله به وحجبه عن عقول الخلق ومعارفهم ، لما علمه من الحكمة ، وواجبنا أن نقف حيث حد لنا ولا نتجاوزه ، وقد طوى الله تعالى علم القدر على العالم ، فلم يعلمه نبي مرسل ولا ملك مقرب ، وقيل : إن سر القدر ينكشف لهم إذا دخلوا الجنة ، ولا ينكشف قبل دخولها ، والله اعلم .

    3- ما شجر بين الصحابة .

    ما شجر أي : ما وقع بينهم من الاختلاف ، يقال : شجر الأمر يشجر شجورا إذا اختلط ، واشتجر القوم وتشاجروا : إذا تنازعوا واختلفوا ، و المشاجرة المنازعة ، وفي التنزيل العزيز (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم) . فلا يحكى ما وقع من الخلاف بينهم ما يخشى منه أن يملأ القلوب على بعضهم ، والذي يذكر منه عند الحاجة إليه لا يكون على وجه التنقص والسب ، فسبهم منهي عنه ، كما يراعى حال المتلقي ، والعموم والخصوص .

    قال صاحب القوانين الفقهية : (وأما ما شجر بين علي ومعاوية ومن كان مع كل منهما من الصحابة فالأولى الإمساك عن ذكره ، وأن يذكروا بأحسن الذكر ، ويلتمس لهم أحسن التأويل ، فإن الأمر كان في محل الاجتهاد ، فأما علي ومن كان معه فكانوا على الحق ، أنهم اجتهدوا فأصابوا فهم مأجورون ، وأما معاوية ومن كان معه فاجتهدوا فأخطأوا فهم معذورون ، وينبغي توقيرهم وتوقير سائر الصحابة ومحبتهم ، لما ورد في القرآن من الثناء عليهم ولصحبتهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقد قال صلى الله عليه وسلم : الله الله في أصحابي ، لا تجعلوهم غرضا بعدي ، فمن أحبهم فبحبي أحبهم ، ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم ، ومن آذاهم فقد آذاني ، ومن آذاني فقد آذى الله ) .

    وقد سئل عمر بن عبد العزيز عن قتال أهل صفين ؟ فقال : تلك دماء كف الله عنها يدي ، فلا أحب أن يلطخ بها لساني .

    فالصحابة وإن كنا لا ندعي فيهم العصمة ، لكن لا يجوز الخوض فما شجر بينهم ، وأما علم الجرح والتعديل فلا يدخل في هذا الباب للحاجة إليه ، وأما الصحابة فكلهم عدول .

    وأسباب النهي عن الخوض فيما شجر بينهم ، وكتمانه عن العامة وآحاد العلماء ما يلي :

    1- أن أكثر ما يروى من ذلك منقطع وضعيف وبعضه كذب . 2- لتتوفر القلوب على محبتهم والترضي عنهم ولا تشحن ببغض أحدٍ منهم . 3- أنه لا فائدة في بث ما جرى بينهم ، خاصة وأن الاختلاف والنزاع لا يستغرب وقوعه بين البشر ، فقد تكلم خلق من التابعين بعضهم في بعض وتحاربوا ، وأيضا فإن لهم سوابق وأعمال مكفرة وجهاد محاء وعبادة ممحصة .

    4- ما لا يستوعبه العامة أو بعض المخاطبين .

    فمع أن نشر العلم مطلوب ، وذكر النصوص والحقائق حسن ، لكن الناس ليسوا على درجة واحدة في الفهم والرويّة ، فربما طرق سمع بعضهم كلام يكون سببا في فتنته وضلاله ، ولهذا قال العلماء : لا ينبغي ذكر ما لا تحتمله عقول العامة ، أو يكون سببا في ترك العمل والكسل ، ونحو ذلك من الآثار السيئة . قال ابن مفلح : فالحذر الحذر من مخاطبة من لا يفهم بما لا يحتمل . وقال ابن الجوزي : ولا ينبغي أن يملي ما لا يحتمله عقول العوام . وذكر العلماء في آداب المفتي أنه لا يلزمه جواب ما لا يحتمله السائل .

    الأدلة :

    1- عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم ومعاذ رديفه على الرَّحل قال : يا معاذ بن جبل ، قال : لبيك يا رسول الله وسعديك ، قال : يا معاذ ، قال : لبيك يا رسول الله وسعديك ثلاثا ، قال : ما من أحد يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله صدقا من قلبه ، إلا حرمه الله على النار ، قال : يا رسول الله أفلا أخبر به الناس فيستبشروا ؟ قال : إذا يتكلوا ، وأخبر بها معاذ عند موته تأثما .

    فخص بذلك معاذا ، وإنما لم يذكره معاذ إلا عند موته ، لأن النبي لم يأذن له في ذلك لما خشي تنزيله غير منزلته ، وعلَّمه معاذا لأنه من أهله ، فلا ينبغي أن يذكر الغرائب إلا بعد إحكام الأصول ، وإلا دخلت الفتنة . فجُعل إلقاء العلم مقيدا ، فرُب مسألة تصلح لقوم دون لقوم ، وقد قالوا في العالم الرباني إنه الذي يعلم بصغار العلم قبل كباره ، فهذا الترتيب من ذلك .

    ( ومن هذا يعلم أنه ليس كل ما يعلم مما هو حق يطلب نشره ، وإن كان من علم الشريعة ومما يفيد علما بالأحكام ، بل ذلك ينقسم ، فمنه ما هو مطلوب النشر وهو غالب علم الشريعة ، ومنه ما لا يطلب نشره بإطلاق ، أو لا يطلب نشره بالنسبة إلى حال أو وقت أو شخص ، ومن ذلك تعيين هذه الفرق فإنه وإن كان حقا فقد يثير فتنة كما تبين تقريره ، فيكون من تلك الجهة ممنوعا بثه ، ومن ذلك : علم المتشابهات والكلام فيها ، فإن الله ذم من اتبعها ، فإذا ذُكرت وعُرضت للكلام فيها فربما أدى ذلك إلى ما هو مستغنى عنه ) .

    2- قال علي رضي الله عنه : حدثوا الناس بما يعرفون ، ودعوا ما ينكرون ، أتحبون أن يكذب الله ورسوله ؟ علقه البخاري .

    والمراد بقوله (بما يعرفون) أي يفهمون . وقوله (ودعوا ما ينكرون) أي : يشتبه عليهم فهمه .

    وفيه دليل على أن المتشابه لا ينبغي أن يذكر عند العامة . وممن كره التحديث ببعض دون بعض أحمد في الأحاديث التي ظاهرها الخروج على السلطان ، ومالك في أحاديث الصفات ، وأبو يوسف في الغرائب ، ومن قبلهم أبو هريرة كما في حديث الجرابين وأن المراد ما يقع من الفتن ، ونحوه عن حذيفة ، وعن الحسن أنه أنكر تحديث أنس للحجاج بقصة العرنيين ، لأنه اتخذها وسيلة إلى ما كان يعتمده من المبالغة في سفك الدماء بتأويله الواهي ، وضابط ذلك : أن يكون ظاهر الحديث يقوي البدعة وظاهره في الأصل غير مراد ، فالإمساك عنه عند من يخشى عليه الأخذ بظاهره مطلوب . ولذلك قال العلماء مثلا : يجتنب الخطيب في خطبة الجمعة الكلمات المشتركة ، والبعيدة عن الأفهام ، وما يكره عقول الحاضرين .

    3- قال ابن مسعود رضي الله عنه : ما أنت بمحدث قوما حديثا لا تبلغه عقولهم ، إلا كان لبعضهم فتنة .

    قال الشاطبي : قال ابن وهب : وذلك أن يتأولوه غير تأويله ويحملوه إلى غير وجهه ، وعن كثير بن مرة الحضرمي أنه قال : إن عليك في علمك حقا ، كما أن عليك في مالك حقا لا تحدث بالعلم غير أهله فتُجهل ، ولا تمنع العلم أهله فتأثم ، ولا تحدث بالحكمة عند السفهاء فيكذبوك ، ولا تحدث بالباطل عند الحكماء فيمقتوك .

    لأن للعلوم دقائق نهى العلماء عن الإفصاح بها خشية على ضعفاء الخلق ، وأمور أُخر لا تحيط بها العبارات ولا يعرفها إلا أهل الذوق ، وأمور أُخر لم يأذن الله في إظهارها لحكم تكثر عن الإحصاء . ولذلك فقبل الكلام في مسألةٍ ما ينبغي النظر في العواقب والمآلات ، وكم من مسألة نص العلماء على عدم الإفصاح بها ، خشية على إفضاح من لا يفهمها ، وهذا الشافعي –رحمه الله- يقول إن الأجير المشترك لا يضمن ، وكان لا يبوح به خوفا من أجير السوء . وكان -رحمه الله- يذهب إلى أن القاضي يقضي بعلمه ، وكان لا يبوح به مخافة قضاة السوء .

    وما ذاك إلا لاختلاف الناس في قوة إيمانهم ومداركهم .

    ولا يقتصر هذا على القول ، بل حتى في الأفعال والتعامل ، فقد كان صلى الله عليه وسلم مثلا يعطي بعض الناس ويمنع غيره ، وربما قبل الصدقة من أحدهم بكامل ماله ومنع غيره ، وهكذا . وفي الترك ، فربما ترك الأمر المحبوب مراعاة لعقول البعض ، فقد ترك هدم الكعبة لكون بعضهم كان حديث عهد بشرك ، فقد روى الأسود قال : قال لي ابن الزبير : كانت عائشة تسر إليك كثيرا فما حدثتك في الكعبة ؟ قلت : قالت لي : قال النبي صلى الله عليه وسلم : يا عائشة لولا قومك حديث عهدهم قال بن الزبير (بكفر) لنقضت الكعبة ، فجعلت لها بابين ، باب يدخل الناس ، وباب يخرجون ، ففعله ابن الزبير . فهذا في الفعل وتركه ، وما سبق في القول .

    ولأجل مراعاة العواقب ودرء المفاسد قال العلماء : للمفتي رد الفتيا إن خاف غائلتها .

    3- عن المقدام بن معدي كرب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إذا حدثتم الناس عن ربهم فلا تحدثوهم ما يعزب عنهم ، ويشق عليهم . وعن ابن عمر –رضي الله عنهما- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : أمرنا معشر الأنبياء أن نكلم الناس على قدر عقولهم . وكلا الحديثين ضعيف ، لكن يغني عنهما ما سبق من الأحاديث الصحيحة .

    تنبيه :

    ليس معنى ذلك أن يترك العالم بيان الحق ، أو يعتقد أحد أن خطاب الشرع ليس لجميع الناس ، قال ابن تيمية –رحمه الله- : (وأما الحديث الثاني وهو قوله : [ أمرت أن أخاطب الناس على قدر عقولهم ] فهذا لم يروه أحد من علماء المسلمين الذين يعتمد عليهم في الرواية ، وليس هو في شيء من كتبهم ، وخطاب الله ورسوله للناس عام يتناول جميع المكلفين ، كقوله (يا أيها الناس) (يا أيها الذين آمنوا) (يا عبادي) (يا بني إسرائيل) ، وكذلك النبي صلى الله عليه وسلم كان يخاطب الناس على منبره بكلام واحد يسمعه كل أحد ، لكن الناس يتفاضلون في فهم الكلام بحسب ما يخص الله به كل واحد منهم من قوة الفهم وحسن العقيدة ، ولهذا كان أبو بكر الصديق أعلمهم بمراده ) .

    ومما ينبغي تجنبه : مسائل الكلام ، فقد ذكر العلماء في آداب المفتي ما يلي :

    ليس له أن يفتي في شيء من مسائل الكلام مفصلا ، بل يمنع السائل وسائر العامة من الخوض في ذلك أصلا ، قال في المبدع : ولا تجوز الفتوى في علم الكلام بل نهي السائل عنه والعامة أولى ، ويأمر الكل بالإيمان المجمل وما يليق بالله تعالى .

    وعموما إنما يكون الاهتمام بما يفيد ، ويجتنب ما لا فائدة فيه ، ولذلك قالوا : للمفتي أن يمتنع عن الجواب في بعض الحالات ومنها :

    جواب ما لم يقع ، فلا يلزمه ، لأن السؤال عما لم يقع مكروه ، ومما يدل على كراهة السؤال عن الشيء قبل وقوعه قوله تعالى (لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم) ، وكان عليه السلام ينهي عن قيل وقال ، وإضاعة المال ، وكثرة السؤال ، وفي لفظ (إن الله كره لكم ذلك) ، وقد نهى عمر رضي الله عنه عن السؤال عن الشيء قبل وقوعه فقال : أحرج بالله على رجل سأل عما لم يكن ، فإن الله قد بين ما هو كائن . لكن يستحب إجابة السائل عما لم يقع ، لئلا يدخل في خبر (من كتم علما سئله) الحديث .

    ومنها : جواب ما لا نفع فيه ، فلا يلزمه ، لخبر ابن عباس t أنه قال عن الصحابة : ما كانوا يسألون إلا عما ينفعهم ، وسئل أحمد عن يأجوج ومأجوج أمسلمون هم ؟ فقال للسائل : أحكمت العلم حتى تسأل عن ذا ؟ . وسئل عن مسألة في اللعان فقال : سل رحمك الله عما ابتليت به . وقال ابن عباس لعكرمة : من سألك عما لا يعنيه فلا تفته ، وسأل مهنا أحمد عن مسألة فغضب وقال : خذ ويحك فيما تنتفع به ، وإياك وهذه المسائل المحدثة ، وخذ فيما فيه حديث .

    الخاتمة

    لا ينبغي الخوض في بعض الأمور ، بعضها لا ينبغي الخوض فيه مطلقا ، وبعضها لا ينبغي أن يذكره أو يفيض فيه أمام العامة ، ومن تلك الأمور ما يلي :

    1- ذات الله تعالى وصفاته ، فلا يُبحث في الكيفية ، ولو لم يكن ذلك علانية ، لأنه لا يُستطاع الوصول إلى حقيقتها وكنهها ، كما تدل على ذلك الآيات ، والأثر عن مالك بن أنس (رحمه الله) .

    2- لا ينبغي الخوض في الأمور الغيبية وغيرها مما لا يستوعبه عقول العامة ، ولا ينبغي أن يثار أمامهم

    3- الكلام في القدر مزلة أفهام ، فالتعمق فيه لا يفيد ، بل قد يؤدي للانحراف لمذهب القدرية أو الجبرية .

    4- الخوض فيما شجر بين الصحابة مما يوغر القلوب على بعضهم ، ويجر إلى سبهم ، فلا يثار أمام الناس ، ويجوز لمن أمن على نفسه وكان منصفا وتجرد عن الهوى أن يطالع ذلك خلوة .

    5- الخوض في علم الكلام وكل ما يقوي البدعة ، أو البدء بكبار المسائل مما يستصعب على المبتديء فهمه وتقبله .

    6- لا ينبغي الخوض علانية فيما قد يؤدي لآثار سيئة كترك العمل ، ولا يذكر النص أمام من يخشى عليه استغلاله لأغراض سيئة كسفك الدماء ، أو التهاون بحقوق الناس ، وكذلك الفتوى إذا لم تؤمن غائلتها ، أو أدت إلى إساءة الظن بالقائل . ولكن يجب التنبه إلى أن ذلك لا يعني كتمان العلم فإن كتمانه محرم ، فلا يجوز السكوت عن بيان الحق إلا لسبب وضرر محقق ، أو يغلب على الظن وقوعه . هذه بعض الأمور التي ينبغي الحذر عند الرغبة في الحديث فيها ، والنظر إلى العواقب والمآلات .

    هذا آخر ما تيسر جمعه ، وصلى الله على نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه وسلم ،،

  10. #10
    عضو
    تاريخ التسجيل
    Mon Nov 2010
    الدولة
    ؟؟؟؟
    العمر
    38
    المشاركات
    3,011
    معدل تقييم المستوى
    547293
    سلمت يداك على هذا النقل الرائع
    وان شاء الله يكون مستفاد منه ونجد فيه الجواب الشافي للمشكلة
    شكرا لك

صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. 70 % من حالات التسوّل في المفرق من السوريين
    بواسطة محمد الدراوشه في المنتدى جريدة الراي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 28-02-2015, 10:41 AM
  2. الرجال احن من النساء
    بواسطة محمد الدراوشه في المنتدى منتدى الرجل ( ادم )
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 15-08-2012, 01:00 PM
  3. عاجل.موضوع يفضح حماس وعمالتها لله عز وجل ورسوله والمؤمنين
    بواسطة زهر الربيع في المنتدى كلام في السياسة
    مشاركات: 21
    آخر مشاركة: 22-02-2010, 01:10 PM
  4. مقدر أنساك حبيبي
    بواسطة جابر المحسيري في المنتدى عذب الاماكن والمشاعر
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 23-05-2009, 02:59 PM
  5. كل شيء وله تعريف
    بواسطة بنت جبل النار في المنتدى المنتدى العام
    مشاركات: 11
    آخر مشاركة: 14-12-2007, 11:33 PM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
معجبوا منتدي احباب الاردن على الفايسبوك