"غموض" يلف حفر آبار بين الأردن وسورية
الحكومة تغلق بئرين للماء والغاز قرب الحدود مع سورية ..ودمشق تحفر
"غموض" يلف حفر آبار بين الأردن وسورية
الحقيقة الدولية ـ الرمثا ـ محمد فلاح الزعبي
حفر آبار بين الأردن وسورية، آبار حدودية للمياه والغاز، سرعان ما تثار حولها بلبلة، تعكس إلى درجة من الغموض يلف الموضوع، دون أن يتبرع أحد من المسؤولين للكشف عن هوية وتفاصيل ما يدار وراء الكواليس بشأن حفر هذه الآبار.
تبدأ القصة، مجهولة الهوية، عندما أغلقت الحكومة الأردنية، مشكورة، بئرين للماء والغاز في منطقة "بارق" في بلدة "الطرة" بلواء الرمثا على بعد 200 م عن الحدود السورية، دون معرفة الأسباب حتى هذه اللحظة.
بئر الماء تبلغ قوة الضخ فيه 500 متر مكعب في الساعة، وأغلقته الحكومة بعد احتجاجات من السلطات السورية، لم نستطع في "الحقيقة الدولية" معرفة ما هي الدوافع والأسباب وراء ذلك، رغم محاولاتنا العديدة في الاتصال بالمعنيين سواء في عمان أو في الرمثا.
ولا يخفى على احد أن أزمة المياه في المملكة هي تحد كبير أمام صناع القرار والخبراء، وعائق أمام التنمية الشاملة في هذا البلد الذي يعد من أفقر دول العالم مائيا.
وتشير التقديرات المختلفة أن نصيب الفرد الأردني من الموارد المائية المتجددة سيقل عن 100 م3 فى السنة بحلول عام 2025، وهو ما يعادل اقل من 10% من معدل حصة الفرد على المستوى العربي، واقل من 1.5% من معدل نصيب الفرد على المستوى العالمي، وبالرغم من حجم هذا الطلب واستخدام معظم الموارد المائية المتاحة في القطاع الزراعي، فإننا ما زلنا نستورد جزء كبير من احتياجاتها الغذائية، ومازال قطاع المياه بحاجة إلى استثمارات بالمليارات للوصول إلى مستوى الأمن المائي والاكتفاء في هذا المجال.
وفي العودة إلى القصة الرئيسية، حيث كشفت مصادر لـ"الحقيقة الدولية" أن الحكومة أغلقت إلى جانب بئر المياه، بئر للغاز في نفس المنطقة ولذات الأسباب، حيث لم تقدم المصادر أي تفصيلات بهذا الخصوص.
ويعتبر تزويد الأردن بالمشتقات النفطية من أهم المشكلات التي تواجه البلاد، خاصة مع الارتفاع الكبير في أسعار البترول العالمية بكافة مشتقاته في ضوء الصراعات الدولية والإقليمية الدائرة في عدد من مناطق العالم مع احتمالية نشوب صراعات أخرى تؤثر بشكل كبير على أسعار المشتقات النفطية وتزودنا بها.
الآن يعاني الأردن من مشكلة أخرى، هي مشكلة تزويده بالغاز حيث كان يعتمد بالدرجة الأولى على الغاز المصري، الذي يصدر له عبر أنبوب خاص يمتد من الأردن إلى سوريا وتركيا، إلى أن تزويد الأردن بالغاز المصري أصبح غير مضمونا وليس دائما؛ بسبب الأعمال العدائية ضد هذا الأنبوب لأنه يزود اسرائيل بالغاز المصري وباسعار زهيدة لا تذكر.
وتعرض هذا الأنبوب إلى عدة تفجيرات، مما أدى إلى وقف تزويد الأردن بالغاز، مما دفع الحكومة إلى البحث عن بدائل، حيث أشار رئيس الوزراء مؤخرا إلى أن الأردن، سيبحث هذا الموضوع مع عدد من الدول العربية وتحديدا دول الخليج العربي.
المشكلة ليست في البحث عن موردين للغاز، فغالبية دول الخليج منتجة لهذه المادة، وان كانت قطر هي أكثر هذه الدول المصدرة لهذه المادة، بل المشكلة في أسعار الغاز الطبيعي الذي يستورده الأردن من الدول الخليجية بعد أن كان يستورد هذه المادة من مصر بأسعار زهيدة؛ نظرا لأنه يتزود بكميات كبيرة من الغاز المصري مقابل السماح بمرور أنبوب الغاز في أراضيه لسوريا وتركيا، أما الآن وبعد أن توقف تدفق الغاز المصري عبر الأنبوب المار من الأردن، فان ذلك سيرتب عليه مبالغ مالية كبيرة جراء شراء الغاز، مما سيؤدي إلى رفع سعره في السوق الأردني وبشكل كبير، في الوقت الذي كانت فيه مصر تزود الأردن احتياجاته من الغاز لقاء مبالغ مالية زهيدة.
إلى ذلك، أوضحت مصادر لـ"الحقيقة الدولية" إن مسؤولا سوري، تمكن من حفر مجموعة من الآبار قرب الحدود الأردنية، في الوقت الذي أغلقت فيه الحكومة بئرين هناك، أحدهما للغاز والآخر للماء.
وبينت المصادر، التي فضلت عدم ذكر اسمها، أن حفر الآبار في سورية جاء رغم أن هناك تفاهمات أردنية سورية تتعلق بعدم حفر الآبار أو إقامة زراعات على مجرى المياه المؤدية إلى سد الوحدة في شمال المملكة.
وكالعادة، ومن دون أي مبرر مقنع، تشيح الجهات المعنية بوجهها رافضة الإدلاء بأي معلومة عن الموضوع، فقد حاولت "الحقيقة الدولية" وعلى مدار اليومين الماضيين الحصول على رد رسمي حول أسباب إغلاق تلك الآبار، إلا أن جميع محاولاتها باءت بالفشل.
وفضل المسؤلون الذين تم الاتصال بهم، عدم التعليق على الموضوع وعدم الخوض في تفاصيله، مرجعين تلك الأسباب لعوامل سياسية بحتة.
وتشهد سورية اليوم، أعنف مواجهات بين النظام السوري والحراك الشعبي، والذي راح ضحيته مئات المواطنين وجرح الآلاف.
ويطالب الشارع السوري برحيل الرئيس بشار الأسد، وإجراء إصلاحات سياسية واقتصادية، في محاولة منه للعودة بالحياة إلى "مربع الحرية والديمقراطية".
بيد أن الأحداث تتصاعد في مختلف محافظات سورية، ودوامة العنف بدأت في ازدياد، خصوصا مع إصرار النظام السوري على تهدئة الشارع بطرق ووسائل غير إنسانية.
وكانت الحكومة الأردنية، أغلقت حدودها البرية مع سورية ما أدى إلى شلل تام لحركة المسافرين عبر المعبرين الحدوديين بين البلدين، وتوقف الحركة التجارية.
المصدر : الحقيقة الدولية ـ الرمثا ـ محمد فلاح الزعبي 9.8.2011
رد مع اقتباس
المفضلات