كتب : فيصل ملكاوي- بصرف النظر عن اسباب تاجيل الاجتماع الذي كان مقررا في جده الشهرالجاري بين وزير الخارجية ناصر جودة ونظرائه في مجلس التعاون الخليجي الى الشهر المقبل ، الا ان ذلك يجب ان لايوقف هذه المسيرة ، ان صح ان التاجيل جاء لاسباب عاديه تتعلق بارتباطات مسؤولي الدول الخليجيه خلال شهر رمضان المبارك .
ولكن ما يثير الاستغراب ، ما يحدث عادة في جانبنا ، بخصوص هذا الملف ، اذ لم يتلق الراي العام الاردني بكافة اطيافه أي توضيحات في موضوع شغلهم خلال الاشهر الماضية ، فقد جاء التاجيل وغابت الشفافية الحكومية ، كما هو معتاد لدينا في ملفات كثيرة ، اكتشفنا لاحقا انه كان يمكن شرحها بكل بساطه ، دون الحاجة الى ترك الخيال السياسي والاعلامي ياخذ مداه في التحليل ومن ثم التلاوم في ظل غياب المعلومة .
مسالة التاجيل من على الجانب الرسمي ، يمكن فحصها من خلال الاتصالات مع الاشقاء في دول الخليج ، وليست مساله مستحيلة ، لكن اذا كان المبدأ متفق عليه ، بانضام الاردن الى منظومة مجلس التعاون الخليجي ، باعلان صريح جاء من دول الخليج وترحيب كبير جاء من قبل الاردن ، فلماذا توقفنا عند تلك النقطه وبقي الامر محط تداول في اطاره السياسي غير الرسمي والاعلامي خلال الفترة الماضية ؟
قيل ان بعض الدول الخليجية ليست ، بذات الحماس عن غيرها لمثل هذه الخطوة مع الاردن ، وقيل ، الكثير من التحليل والتاويل ، وحتى السجال الى المستوى الاعلامي والسياسي وحتى الاجتماعي ، في الهدف من ضم الاردن الى المجلس على اساس انه كان يرغب في ذلك قبل عقود ، فلماذا الان ؟
والمشكلة الكبرى ان أي مسؤول حكومي ولا وزير الخارجية ، قدم أي شرح لما يجري في موضوع اقل ما يقال عنه انه مفصلي وتاريخي منذ نشاة المملكة حتى اليوم ؟
وبعيدا عن مسالة التاجيل التي سيتضح في نهاية الامر الى اين ستؤول الا انه من الاهمية بمكان طرح عدة اسئلة ، حيال هذا الملف ، ابرزها هل قمنا باعداد الملفات والاولويات التي كان من المفترض مناقشتها مع الاشقاء في المنظومة الخليجية ؟، وهل تبدد هذه الاولويات ذلك الشكل من السجال الذي جرى على المستوى السياسي والاعلامي غير الرسمي ؟ والذي نقل نبض الشارع لدى كلا الجانبين وكاد يتحول في بعض مراحله الى مهاترات ، وتحميل « جمايل « من كل جانب الى الاخر؟ ، وهل من الوجاهة والحكمه بمكان ان يترك هذا الامر لغير اهل الاختصاص ليقول كلمته فيه ويؤثر بشكل او باخر على مساراته ومالاته ؟
الملعومات تقول انه تم اعداد ورقة متكامله من قبل مجلس التعاون الخليجي تتضمن رؤية كل دولة حيال موضوع انضمام الاردن الى المجلس ، كما ان الاردن اعد عدة اوراق تتضمن عدة مجالات سياسية واقتصادية وغيرها لطرحها الى اول جولة من اللقاءات في هذا الشان ، غير مطلوب نشرها على الملأ قبل بدء اللقاءات لكن مطلوب الاشارة على الاقل الى العناوين العامه لها والى أي وجهة تتجه خارطة الطريق هذه .
لكن مع ذلك ، يفترض في شان التعاطي مع مثل هذا الملف الحيوي ان تكون قد تشكلت لجان اردنية داخلية ، من مختلف القطاعات والمؤسسات وعملت ليلا نهارا ، كخلية نحل ، لوضعها على الطاولة خلال مراحل التفاوض المختلفة ، وهذا امر مهم وملح اذا ما اريد النجاح في الوصول الى الهدف ، لكننا في حقيقة الامر لم نسمع على المستوى الاعلامي مثل هذا الحراك ولم يسمع الكثير من أنباء الوزارات والمؤسسات المعنية مثل هذا الضجيج المنتج خلال المرحلة الماضية ، وكاننا انجزنا المهمة واصبحت خلفنا ؟1
كما انه كان من المفترض من قبل المسؤولين المعنيين خاصة في وزارة الخارجية ، التدخل اعلاميا ، والدخول في بعض تفاصيل المسالة ، حتى لا تبدو الصورة كما تجسد الانطباع ، باننا سنقدم خدمات امنية مقابل عضوية هي لهذه الغاية ليس اكثر ؟
ليس عيبا براي الراي العام ان تكون هناك استراتيجية امنيه عربية متكامله تحفظ الامن القومي العربي وهو ما ينطبق على العلاقة بين الاردن ودول مجلس التعاون الخليجي ايضا ، فالمسالة اذن تقع اهميتها وحتى قبولها في اطارها الاستراتيجي وليس الخدمي المجرد كما تولد الانطباع الذي قد يكون في غير محله ابدا .
وهذا البعد ايضا لم يشرحه أي احد من المستوى السياسي للناس ، اذ كان يجب الايضاح والشرح كيف ان هذه المسالة ببعدها الامني هي مسالة استراتيجية في مواجهة تحديات كبرى يمكن ان تعصف بالامن القومي العربي برمته ، وهو الذي يمكن التعبير عنه بان امن الاردن من امن دول مجلس التعاون الخليجي والعكس صحيح .وما الى ذلك من متطلبات تحصين اقتصادي واجتماعي ومؤسساتي بمفهومها الاستراتيجي الشامل ايضا تصبح ممكنه ومطلوبه وواقعية في هذا المستوى .
لم يفت الوقت بعد ، براي الكثير من المتابعين ، عن التعاطي الافضل مع مسارات انضمام الاردن الى مجلس التعاون الخليجي بغض النظر ، عن النهايات ، ها هي تركيا على سبيل المثال منذ عقود وهي تتفاوض وتحاول الانضمام الى منظومة الاتحاد الاوروبي ، تعززت كثيرا علاقتها مع الاتحاد وهي تسير في هذا الطريق الطويل ، رغم الاخفاق في تحصيل العضوية ، ربما احيانا يتحقق الهدف بالاشتباك الايجابي ، في كافة الملفات وترتيب الاولويات ، والحصول على كثير من النتائج المرجوه ، حتى وان تاخرت « حفلة « العضوية الرسمية .
في ظل الاجواء والظروف التي تعيشها المنطقة العربية ، يتطلب ، العمل على ملف مثل عضوية الاردن المزمعة الى مجلس التعاون الخليجي ، عملا اكثر تطورا وشفافية وجاهزية ، وهنا الحديث عن جانبنا في الاردن ، حتى نستطيع المضي قدما في تعزيز العلاقة مع الاشقاء في الخليج وحتى لا تكون النتيجه من مثل هذا الهدف الكبير ، تراجع الى الوراء في منظومة عربية يتداخل فيها كل شيء ويختلط الامر ويتحول الهدف الايجابي ان تعثر او لم يتحقق لاسباب موضوعية أو أي كانت الى حسرة على ما قبل هذه الخطوة .
في المنظومة الأرووبية التي ترسخت عبر عقود طويلة ، ولا زالت تنتج ويتم تطويرها كل يوم ، وصلت الى حالة لا يؤثر فيها الاختلاف السياسي على اي ملف مهما تعاظم هذا الاختلاف او تباينت المواقف على العلاقة الاقتصادية مثلا ، ولا يخرب الرأي العام ،المسيرة لانه يعرف كل شيء ومصالحه محققه الى حد بعيد ، فهل نجترح في المنظومة العربية شيئا من هذا القبيل وعلى اساس اننا نردد دائما أن ما يجمعنا لا يجمع امه اخرى على وجه البسيطة .
رد مع اقتباس
المفضلات