احباب الاردن التعليمي

صفحة 3 من 3 الأولىالأولى 123
النتائج 21 إلى 24 من 24

الموضوع: ## أشهر جاسوسة عربية للموساد ##

  1. #21
    عضو
    تاريخ التسجيل
    Mon Jun 2008
    المشاركات
    1,288
    معدل تقييم المستوى
    17
    الفصل التاسع عشر

    غييمة الأمل :

    في ذات الوقت الذي أنزل فيه الأسيران بمصاحبة المندوب الدولي، أنزلت أمينة المفتي مع المندوب الآخر أيضاً، وجميعهم مشوا بهدوء يزفر بالقلق إلى المنتصف، حيث يقف الضابط الصهيوني بمفرده. وعندما اجتمع الستة عند نقطة التقاء واحدة، اتجهت أمينة المفتي مع الضابط إلى الطائرة واتجه الاسيران إلى صالة المطار يلوحان بعلامة النصر في زهو، ثم وقفا فجأة ونزعا كل ملابسهما ، وبقيا لدقائق بالشورت الأبيض يهتفان في حماس ونشوة قبلما يدلفا المبنى.

    أما أمينة المفتي . . أو آني موشيه – فكانت تمشي وقد فكت عصابتها وقيودها كمن يمشي إلى غرفة الإعدام – ووصف لنا المشهد المثير ضابط قبرصي . . وهو الميجور فنداكوس كوستريدس فقال:

    "كانت تلك اللحظات أكثر من عصيبة، فما كنت أشاهده عن قرب أمر مثير لم أره من قبل . . ولم تر قبرص شبيهاً به على مدار تاريخها. لقد كانت المرأة التعسة – آني موشيه – ترتجف في ذعر وهي في طريقها إلى الطائرة ، وكانت تجر ساقيها المرتعشتين المتكاسلتين في وهن وهي تتلفت خائرة إلى ما حولها . . وتسحب أنفاس سيجارتها بعصبية واضطراب وكأنها تقاد إلى الموت"


    وفي مذكراتها كتبت تقول: "لم أكن أسكر من قبل لدرجة فقدان الاتزان عندما كنت أشرب الويسكي بشراهة . . ولم يحدث يوماً أن سقطت مترنحة بفعل الخمر . . لكن يومها . . أحسست بأنني كمن شرب برميلاً كاملاً من الخمر الاسكتلندي المعتق . . فلا عقل لدي وقتذاك يعي ما يدور حولي . .

    وما كنت لأستطيع بأية حالة أن أمشي بضع خطوات وحدي دون أن يتأبط مرافقي ذراعي. فثمة عجز شديد يمنعني عن جر ساقيّ . . وكالمحمومة كان جسدي كله ينتفض . . ويرتعد . . يا لها من لحظات مريرة خلتها تمر كالدهر مبلدة بالخوف والألم.


    كل ما أذكره لحظتئذ أنني فكرت بأمي الحزينة ووالدي المصدوم . . واستحضرت صورتيهما بخيالي ويا ليتني ما فعلت . . فما رأيته كان أبشع من كل تصور . . ويفوق كل وصف وتخيل. ولما صرخت بصوت مسموع احتضنني المرافق وهو يقول: تمالكي سيدتي . . بضع خطوات ونصل إلى الطائرة.


    فانحبس صراخي هلعاً وأنا أتذكر اللقاء المجهول الذي ينتظرني . . وتساءلت في نفسي: ترى أهو لقاء موشيه أم لقاء بوجوه جامدة خالية من المشاعر. . ؟ وقبلما نصل إلى السلم انسكب بعمري ندم قاس أخذ يكبر بداخلي ويستفحل . . ندم يندفع كالطوفان يحرق أعصابي وشراييني . . وتجمعت بعقلي في لحظة كل صور الطيش التي جرفتني في النهاية إلى هنا . . إلى مصير مظلم ونهاية مفجعة كئيبة لفتاة عربية مسلمة

    . . فقدت العقل والطريق والوطن والدين والأهل . . والحنان والأمن. فالتفت ورائي لعلني ألمح وجه فدائي عربي جاء لينقذني . . ويختطفني إلى أي مكان آخر غير الأرض المحتله. . لكن الجنود القبارصة كانوا كالجراد يححبون الرؤية ويزرعون المكان، نسيت وقتها حقدي ورغبتي في الانتقام من موشيه الخائن. . ,كيف لامرأة محطمة مثلي أن تنتقم . . ؟ نسيت حتى إيماني بكراهية الفلسطينيين والعرب. . وتضرعت إلى الله أن أعود ثانية إلى وطني . . الأردن . . أو أظل كما كنت مكبلة مقهورة بكهف السعرانة الرائع الجميل

    . . وأفقت عندما مست يدي سلم الطائرة . . فتسمرت ساقاي عن الحركة . . وصرخت بكل ما أمسك من قوة: أنقذني يا الله . . أغثني يا عرفات . . إدع لي يا أمي . . لكن صوت محركات الطائرة طغى على صوتي وصراخي . . وعندها سحبتني عدة أذرع إلى الداخل . . وتملكني شعور مقيت بأنني أسحب إلى قبري . . فاستسلمت غصباً عني ورحت في نوبة بكاء هستيرية تصلب لها فكي . . ولم أتوقف عن البكاء حتى وأنا أغادر الطائرة وانزل لأرض مطار اللد.


    أي عذاب هذا الذي كابدته تلك المرأة لحظة تفجر بداخلها الندم . . ؟ وأي إفاقة عبرت بضميرها الغافل بحر الظلام . . ؟ وأي تحول أشعل بصيرتها هكذا فجأة. . ؟ إن عشرات الصفحات من مذكراتها التي تبكي سطورها ندماً أعجزتني ولجمت قلمي عن وصف انفعالاتها وتفاعلاتها التي جاءت في دفقة شعورية صادقة. . تفيض بسحابات الأسى وبكائيات الشعور والندم . . وترسم صوراً ما أروعها عن الوحشة التامة والضياع والحنين . . وانفلات أدنى غييمة أمل قد تلوح من بعيد.


    المصير المظلم

    في جنح الظلام . . وعند الساعة 20.15 بعد ثلاثة وأربعين دقيقة استغرقتها عملية المبادلة . . غادرت طائرة العال مطار لارناكا إلى تل أبيب تحمل على متنها أقذر جاسوسة عربية استقطبتها الموساد، ومع طلوع الشمس أقلعت طائرة خطوط الشرق الأوسط إلى بيروت، حيث كان ياسر عرفات في شرف استقبال البطلين العائدين، وبرفقته نخبة من القيادات وكبار الضباط، تملؤهم أهازيج الفرح ونشوة الانتصار. وعلى العكس من ذلك . .

    كانت الوجوه بمطار اللد تحت الكشافات المبهرة . . أكثر قلقاً وتوتراً . . ودراماتيكية. وأصدر – على غير العادة – قائد سلاح الجو الصهيوني أوامره بخروج سرب من الميراج 3 إلى عرض البحر لمرافقة الطائرة القادمة إلى قبرص، حال دخولها المجال الجوي.

    هكذا فعلوا أيضاً قبل سنوات مع الجاسوسة المصرية هبة عبد الرحمن سليم عامر، لإضفاء الصبغة الاحتفالية الرسمية على مراسم استقبالها كصديقة، ولإسباغ هالة من الفخر تشعر الزائرة بمدى أهميتها. لكن الأمر وإن بدا لأمينة المفتي مجرد احتفاء بها لا أكثر، كان في الحقيقة احتراز وتخوف من طائرات الميج 23 السورية: التي قد تقدم على خطفها فوق البحر المتوسط في غارة جوية فجائية غير متوقعة . .

    وما كان ذلك في حقيقته إلا الحرص الزائد لدى الصهاينة ، نتيجة عامل الشك المتعاظم في نوايا السوريين.

    قبلها . . قالت هبة سليم في مذكراتها:
    "أحسست يومها بأنني ملكة متوجة . . فعندما اقتربت الطائرة من المجال الجوي الاسرائيلي . . لاحظت أن طائرتين حربيتين رافقتا طائرتي كحرس شرف وتحية لي . . وهذه مراسم تكريمية لا تقدم أبداً إلا لرؤساء وملوك الدول

    حيث تقوم الطائرات المقاتلة بمرافقة طائرة الضيف حتى مطار الوصول . . وفوجئت باستقبال ضخم في المطار يضم إيسير هاريل رئيس الموساد ونخبة من كبار الضباط بينهم مايك هاراري الأسطورة . .

    فتملكني شعور بالزهو لا أستطيع وصفه. . ووجدت بمدخل مكتب جولدا مائير صفاً من عشرة جنرالات – أدوا لي التحية العسكرية . . وقدمتني اليهم رئيسة الوزراء قائلة: "إن هذه الآنسة قدمت لنا خدمات أكثر مما قدمتم لها جميعاً مجتمعين".؟
    بعدها . . قالت أمينة المفتي في مذكراتها: "ومن خلال زجاج نافذتي لمحت الطائرات الحربية تحوم حولنا . . وللوهلة الأولى خلتها طائرات عربية جاءت لتعيدني من جديد إلى لبنان . . فابتهجت . . وكدت أصرخ فرحاً . .

    لكنني صدمت بعنف عندما رأيت شبح نجمة داود السداسية على مقربة مني. فانطفأ الأمل الأخير بداخلي . . وانطفأت معه كل شعاعات النور في حياتي . . ولم يغزوني ذلك الشعور الجميل بالزهو

    . . إنه الشعور الرائع الذي سيطر ذات يوم علي مجامع هبة سليم . . عندما كانت تعيش أروع لحظات حياتها في وهم البطولة . . والثقة . . وهي تنظر في خيلاء إلى الطائرات التي تنطلق في استقبالها . . لقد تفجرت لديها وقتئذ ينابيع الغرور . . وما أفاقت من حلمها إلا لحظة الإعدام . . لحظة النهاية التي أراحتها إلى الأبد من العذاب والقهر والندم . .فماذا عن نهايتي أنا . . ؟

    وأي مصير مظلم يتربص بي. . ؟ أعتقد بأن حظها كان أطيب مني . . ذلك لأنني حكمت على نفسي أن أموت موتاً بطيئاً . . داخل مجتمع غريب لن أذوب يوماً في نسيجه . .


    الغصن الظاميء :

    335 كم تقريباً قطعتها طائرة العال من قبرص إلى تل أبيب في نصف الساعة . . كانت أمينة المفتي أثناءها تدور في دوامة شرسة من الأفكار والمخاوف، ويتواصل بأعماقها شجن مسعور يطفو إلى حلقومها كالحصرم يفيض أسفاً وندماً. وما أن حطت بها الطائرة في مطار اللد حتى رأته أمامها مبتسماً . . إنه إيربيل أشيتوف الضابط المنوط بها طوال وجودها في لبنان . .

    لقد صعد إلى الطائرة قبلما تتحرك أمينة من مقعدها احتضنها في ود بالغ وهو يربت على كتفها قائلاً :آني . أيتها العزيزة العبقرية . . مرحباً بك في وطنك.
    أجابته وهي ما تزال تنتحب في صوت متقطع. :كانوا سيقتلونني . .
    قاطعها أشيتوف مستنكراً: مستحيل . .

    لم يكن بمقدورهم فعل ذلك على الإطلاق .. ألم أؤكد لك من قبل أننا لن نتخلى عنك أبداً وسنحميك تحت أحلك الظروف . . ؟ قالت في نبرة تفيض بالعتاب:
    سنوات طويلة وأنتم لا تفعلون شيئاً.

    غمر صوته فيض من حنان زائف وأجابها:كيف ؟ لقد كنا نتباحث معهم . . وتدخل العديد من أصدقائنا لإخراجك . . ولو أننا كنا نعلم بمكانك لاختطفك رجالنا بسهولة . . لكن فشلنا في العثور عليك . . وها أنت الآن بيننا.
    اشتد نحيبها المرير وأردف أشيتوف: نحن نثق تماماً في مدى إخلاصك . .ونقدر بكل عمق خدماتك العظيمة . . وسوف تعيشين هنا في أمان واطمئنان . . ففاجأته قائلة:أين موشيه . . ؟
    بهت ضابط الموساد وغمغم في دهشة:سيدتي . .
    أنا لا أفهم ماذا تقصدين بالضبط . . ؟
    بصوت مبحوح يموج بالأسى كررت سؤالها وعيناها معلقتان على شفتيه:
    أين زوجي موشيه براد . . ؟وبدهشة أكبر أجابها:موشيه ؟ زوجك ؟ أيتها المسكينة . . ماذا فعل بك هؤلاء الأوغاد في لبنان . . ؟ولما قرأت عيناها إجابته صرخت بعنف وحدة غير مصدقة:
    لا تكذب يا أشيتوف . . هم أكدوا لي بأنه أسر في سوريا . . ورأيت صوره بنفسي في الصحف فلماذا تكذب .؟ هه . . ؟

    أما زلتم تتآمرون علي كما تآمرتم من قبل . . ؟ إن موشيه هنا . حي . لم يمت . . جئني به ليشاهد آثار غدره ونذالته على جسدي ووجهي . . دعني أراه أيها الوغد القذر . . يا أقذر من الجيف لا تخدعني أكثر من ذلك.


    وبينما يمسح أشيتوف بصقتها التي افترشت وجهه .. انقضت عليه بأظافرها وأسنانها في شراسة . .وتدافعت في غليان يفور بالغضب تبطش بالجميع . . لا يكاد صراخها المجنون يخفت حتى ينطلق حاداً من جديد . . وما أشبهها في تلك اللحظة بحيوان مصاب هائج أحكم الصيادون حصاره . . وبرغم إصابته وعجزه فهو يقاوم . . مقاومة المذبوح الذي فيه بقية من روح.


    أخذت أمينة محطمة صاغرة إلى عيادة خاصة داخل مبنى الموساد بشارع كيريا . . حيث أخضعت لرعاية طبية مكثفة بدنياً ونفسياً . . إلى أن أفاقت تماماً إلى واقعها المرير . . وإلى حقيقة كون زوجها موشيه ما يزال مفقوداً ولم يعثر له على أثر . . وأن الفلسطينيين استطاعوا بذكاء شديد خداعها في لعبة مخابراتية بارعة . . لكنها في النهاية أدركت حجم مأساتها وخسارتها . . ومدى الجرم الذي ارتكبته في حق نفسها . .

    وفي الاستجواب المطول الذي تعرضت له في فلسطين . . لم تستطع أن تنكر إحساساتها بالندم . .وأعلنت أمام مستجوبيها بأنها كانت غبية حمقاء عندما أحبت موشيه وتزوجته . . وحقيرة جداً وهي تتجسس على الفلسطينيين وتقتلهم بيدها . . لكن ما جدوى ذلك بعدما حدث ما حدث . .؟ وبعدما أيقنت أن لا مكان لها فوق سطح الأرض سوى هنا . . ؟

    إنها ضريبة الخيانة التي لا بد لكل خائن جبان أن يتذوقها . . فالتذق في مأمنها لسع الحسرة ينهش كبدها ليل نهار . . ولتحرقها في ضراوة براكين الندم
    إلى أن يذبل عودها . . وتتقشب كالغصن الظامئ بفلاة
    قاسية . . ملحية . . جرداء
    !!


    نلتقي مع الفصل الأخير

  2. #22
    عضو
    تاريخ التسجيل
    Mon Jun 2008
    المشاركات
    1,288
    معدل تقييم المستوى
    17
    الفصل الأخير

    بحر بلا مرفأ :

    انتهت مسؤولية الموساد تجاه أمينة بوصولها إلى واستجوابها . .ومنحها ستين ألف شيكل مكافأه(!!)مبلغ حقير لايساوي نقل معلومة تافهة يعرفها الجميع ....
    ولكنه يتسوى وماقامت به من خيانة وقدرها لدى شذاذ الآفاق
    تولت من بعدها سلطات الأمن الداخلي "الشين بيت" حمايتها
    وتوفير سبل العيش لها.

    وكانت الخطوة الأولى هي تغيير محل إقامتها في ريشون لتسيون إلى مستوطنة كريات يام شمالي حيفا . . حيث منحت مسكناً مستقلاً بشارع هابحيفيم هرتسليا . . تستطيع من شرفته مشاهدة البحر . . وتمييز جنسيات السفن في حركة دخولها إلى ميناء حيفا أو مغادرته . .

    هكذا قبعت أمينة المفتي – 41 عاماً – تجتر الذكريات وتكتب قصة حياتها وخيانتها بتفصيل دقيق . . متجاهلة رونا إيزاك ضابطة الأمن المرافقة لها. وما أن مرت أشهر قليلة . . حتى تجرأت واتصلت تليفونياً بشقيقتها الوحيدة المقيمة بروما مع زوجها . .

    وباختصار شديد ننقل بعض ما كتبته عن ذلك الاتصال إذ تقول:

    كنت أسعى لأتنسم روائح أهلي ووطني . . وكان المذياع هو سلواي الوحيدة . . وتليفون أختي فاطمة في روما الذي سقطت مني بعض أرقامه. وبعد مئات المحاولات الخاطئة سمعت صوتها. فرقص فؤادي طرباً . . وانتعشت حياتي برواء لذيذ ما أبهاه وأجمله . . وهتفت فيها: يا أختاه . .إنه أنا. . أختك أمينة . . فصمتت طويلاً ثم قالت بصوت مختنق: أنا لا أعرف أن لي أختاً . .
    كانت لي يوماً ما أختاً ماتت ــ وعالياً . . عالياً جداً
    صرخت: ماتت واختفت من ذاكرتي

    . احتبس لردها صوتي وشل لساني . . وعاودت مهاتفتها مرات ومرات وكنت أتضرع إليها لتسمعني بلا فائدة . . حتى استبدلت رقم هاتفها بآخر وفقدت بذلك سماع صوتها . . وخيم الأسى على عمري وانزرع بخفاتي

    عاشت أمينة بعد تلك الحادثة حياة مضطربة . . حاولت قدر استطاعتها أن تستكين وتهدأ لكنها كانت أضعف من أن تقاوم أو تصمد . . أو مجرد أن تشعر بطمأنينة من يمتلك مليون دولار مثلها . . إذ انسحقت سحقاً وسط معاناتها . . وخرت صريعة الحسرة والكمد بمشفى كريات يام لشهور طويلة. وعلى فراش المرض عادت من جديد تقلب في ذاكرتها . .

    وتبعث ما مات من أحداث مرة أخرى بأسلوب صريح واضح . . إلى أن فوجئت ذات مساء بالسيد "براد" وزوجته جاءا من فيينا لزيارتها. كان اللقاء حميماً مشحوناً باللهفة والشجن والدموع.
    هما يبكيان فقد موشيه وسارة . . وهي تبكي حظها العاثر وانجرافها بسبب الحب إلى بحر يتعاظم بالكآبة والضياع . . طلباً منها أن ترافقهما إلى النمسا فتهللت فرحاً . .

    لكن السلطات الأمنية رفضت خروجها حفاظاً على حياتها. ومع بداية غزو لبنان في يونيو 1982 – في محاولة شبه جادة لدحر الوحدة والملل، افتتحت أمينة عيادة خاصة بها في المستوطنة التي يقطنها 22 ألف يهودي حتى إذا ما مر بها ستة أشهر تقريباً انفجرت حياتها ألماً وأنيناً عندما استمعت إلى إذاعة لبنانية . . أذاعت مقتطفات عن سيرة حياتها . . وكيف مات أبوها بسببها وفقدت أمها النطق.
    ومنذ تلك اللحظة قررت أن ترى أمها . . وتحت أخطر الظروف وأصعبها . .

    تقول في مذكراتها: "ندمت . . وصرخت في وجه ضباط الموساد بذلك . . فأبوا أن ينصتوا لي اعتقدوا بأنني أهذي لفرط توتري . . لكنني أكدتها مرات ومرات . . ونطقت بالشهادتين أمامهم فما صدقوني . . ولما علمت بموت والدي حزناً . . لم تعد لدي أدنى رغبة في أن أعيش بعد ذلك . .

    فذهبت لمبنى الموساد وقابلت الرئيس الجديد ناحوم أدوني . . وطلبت منه أن يحقق رغبتي في العودة إلى عمان . . على أن يتدخل الملك حسين شخصياً ليشفع لي عند أهلي . . وتركت للملك رسالة قلت فيها إنني كنت وراء كشف محاولة اغتياله في الرباط.

    ووعدني الرئيس بأنه سيابشر اتصالاته بأصدقائه في الأردن على الفور.
    ظلت أمينة تنتظر الرد . . وطال الانتظار القاتل يفتك بمجامعها حتى غلبها اليأس . . واستنزفها الضجر. .

    وبعد ثلاثة أشهر أو يزيد . زارها ضابط الموساد حمل إليها نبأ رفض أهلها عودتها اليهم . . فلما كذبته أخرج لها شريط كاسيت أرتجف بدنها وهي تتسلمه. وما سجل على الشريط كان يفوق احتمالها . .

    فأسرتها بالكامل – والدتها وأشقاؤها وأعمامها وأخوالها – تمنوا لها الموت على ألا تطأ الأرض الأردنية بقدميها . . هكذا ألقيت أمينة ببحر حالك بلا مرفأ . . فتاهت بين مده وجزره تتخبط ما بين السطح والقاع.


    النهاية

    في مطلع عام 1984 نشرت مجلة "بمحانية" العسكرية الصهيونيه خبراً صغيراً يقول إن وزير الدفاع أصدر قراراً بصرف معاش دائم للمقدم آني موشيه بيراد التي تصدرت لوحة الشرف بمدخل مبنى الموساد، وهي لوحة تضم أسماء أمهر العملاء "ويطلق عليهم الأصدقاء" الذين أخلصوا للكيان المسخ.مخاض المستعمر . وقدموا إليه معلومات عن أعدائه ساعدت على إحراز انتصارات عظيمة . .

    أما عن نهاية أمينة المفتي - فقد قيلت روايات عديدة في ذلك:
    إحدى الروايات تؤكد بأنها حصلت على وثيقة سفر أميركية باسم جديد . . وتعيش الآن بولاية تكساس حيث تمتلك مزرعة واسعة. وتزوجت من
    بحار إسباني ولم تنجب.

    رواية ثانية تزعم بأنها أجرت تعديلات بوجهها بمعرفة الموساد . . وتعيش بجنوب أفريقيا منذ عام 1985 تحت اسم مزيف . . وتعمل في الاستيراد والتصدير، وأنجبت ولداً من ضابط روماني أسمته موشيه

    .
    ورواية ثالثة تقول إنها انتحرت بحقنة هواء داخل حجرتها بقسم الأمراض العصبية بمشفى تل هاشومير، وهو مشفى يعد من أكبر مستشفيات الصهاينة، ويقع بحي راق في منطقة يطلق عليها: تل لتفنسكي، ثم عدل ليصبح تل هاشومير

    . ومن خلال تشريح لشخصية أمينة المفتي - لا أظن أنها انتحرت . . فهي وإن كانت قد جبلت على العدوانية مع الآخرين لن تكون عدوانية مع نفسها مطلقاً. ذلك لأنها تحب الحياة . . وتعشق اللهو . . وتبحث عن المغامرة . وامرأة بمثل مواصفاتها وبحوزتها مليون دولار لن تقدم على الموت بسهولة لأنها اختارت طريق الخيانة منذ سافرت إلى النمسا لأول مرة

    . . فقد عرفت وقتها كيف تخون أهلها ودينها بالشذوذ والجنس مع حبيبها اليهودي الذي منحته جسدها بلا أدنى ندم . . على كل حال . . تلك مجرد روايات غير مؤكدة . . وأقربها أنها لا تزال تعيش بفلسطين كغيرها من عشرات الجواسيس العرب الذين خانوا بلادهم وعملوا لصالح الموساد . . ولن أقيس نهايتها كنهاية الطيار المصري الذي سبق أن هرب للوطن المحتل عام 1965 بطائرته، ثم بدل ملامحه وسافر للعيش في بيونس أيرس بالأرجنتين . . فهناك تباين بين الحالتين ولا وجه للمقارنة بينهما أو لظروف كل منهما . .

    فأمينة المفتي أجبن من أن تغامر وتغادر فلسطين بل أجبن من أن تتجول في تل أبيب أو القدس نهاراً وعلى الملأ. . ويكفي أنها اختارت لإقامتها مستوطنة يهودية محصنة خوفاً من أن تطولها يد عربية في يوم من الأيام . وسواء غادرت الخائنة أم لا زالت هناك. فهي الآن عجوز تعدت الستين عاماً . . تاريخها في الخيانة على صفحات التاريخ لن ينسى أبداً . . وقصتها مع التجسس ستظل عبرة على مر الزمان . . ذلك لأنها أشهر جاسوسة عربية للموساد حتى اليوم


    انتـــــــــــــــــــــهت ...!!!!



    مع تمنياتي لكم بالتوفيق والخير والبركة

    اسف للاطاله

    لكن القصه كثير مشوقه ومروعة بنفس الوقت

  3. #23
    عضو
    تاريخ التسجيل
    Fri Feb 2009
    المشاركات
    1
    معدل تقييم المستوى
    0
    شكراجزيلا على هذه القصة الشيقة
    نتمنى أن تكملها

    كما قلت أنت
    وهذا ما سوف نتعرف عليه تباعاً ..
    يجب ان توف بوعدك للقراء الكرام

  4. #24
    عضو
    تاريخ التسجيل
    Mon Jun 2008
    المشاركات
    1,288
    معدل تقييم المستوى
    17
    شكرا لك اخي وانا اكملت كتابتها كاملة

صفحة 3 من 3 الأولىالأولى 123

المواضيع المتشابهه

  1. حكم و أمثال عربية - حكم عربية قديمة - عبارات وامثال عربية 2017
    بواسطة A D M I N في المنتدى الالغاز والفوازير حكم وامثال
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 22-11-2016, 11:24 AM
  2. الأردن يحصل على جائزة ثاني أشهر موقع ووجهة سياحية عربية
    بواسطة محمد الدراوشه في المنتدى جريدة الراي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 11-03-2015, 07:30 AM
  3. رئيس للموساد: مهاجمة إيران غباء
    بواسطة محمد الدراوشه في المنتدى منتدى الاخبار العربية والمحلية
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 08-05-2011, 03:27 PM
  4. والدة طل الملوحي : ابنتي ليست جاسوسة
    بواسطة الاسطورة في المنتدى منتدى الاخبار العربية والمحلية
    مشاركات: 8
    آخر مشاركة: 24-09-2010, 11:56 AM
  5. أشهر 7 نجوم أصولهم عربية شاركوا في المونديال
    بواسطة جزائرية وافتخر في المنتدى منتدى الرياضة العربيه والعالميه
    مشاركات: 12
    آخر مشاركة: 25-07-2010, 08:37 PM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
معجبوا منتدي احباب الاردن على الفايسبوك