روى عدد من سكان مدينة جسر الشغور وبلدات محيطة بها في محافظة ادلب شهاداتهم حول الأيام الأخيرة التي قضوها في المدينة، قبل أن يفروا منها هاربين من مسلحين قتلوا وخربوا وحرقوا، كما قطعوا الماء والكهرباء إضافة إلى تسببهم بنقص المواد الغذائية، على حد تعبيرهم، إلى أن تدخل الجيش ووضع حد لهم.
وبث التلفزيون السوري شهادة أسعد عرب بوالي، من سكان مدينة جسر الشغور الذي قال إنني "أقطن في المدينة منذ عشرين عاما، ويقع بيتي بجانب المشفى الوطني، ولقد هرب الأهالي من المدينة ليس خوفا من الجيش بل من المجموعات الإرهابية المسلحة، التي تجول أفرادها حاملين بنادق آلية وبومبكشن في الشوارع، ولم نشعر بالفرحة إلا عندما دخل الجيش".
وتمكنت وحدات من الجيش العربي السوري، يوم الأحد، من السيطرة على مدينة جسر الشغور بالكامل، حيث باشرت بعد ذلك بملاحقة فلول التنظيمات المسلحة في الأحراج والجبال المحيطة بها، حسب المصادر الرسمية.
وأردف بوالي أن "العصابات المسلحة هجمت في بداية الأحداث على مفرزة الأمن العسكري وفجرتها بالديناميت ورمت جثث بعض أفرادها في نهر العاصي"، مضيفا أن "المسلحين هددوه بالقتل واتهموه بالتعامل مع الأمن ما منعه من الخروج من بيته خوفا من القتل على أحد حواجزهم، التي انتشرت في طرقات المدينة وقرب المشفى الوطني وصوامع الحبوب".
بدورها، أكدت زينب سلوم من أهالي المدينة أن "المسلحين رموا جثث رجال الأمن المقطعة في نهر العاصي"، كما لفتت إلى أنها شاهدت سبع جثث مذبوحة في صومعة حبوب المدينة".
وأوضحت سلوم أن "المسلحين هددوا الأهالي بالقتل إذا تكلموا عن ذلك، وأخبروهم أنهم يجب أن يقولوا عند دخول الجيش إن الجيش هجم عليهم وقتل أولادهم وانتهك شرفهم"، مشيرة إلى أنها لجأت إلى الجيش لتحتمي به بعد أن انقطعت لمدة خمسة أيام من الماء والخبز بسبب العصابات المسلحة.
وأردفت "لقد خرج أهلي كلهم من المدينة ولا أعرف ماذا حصل بابنتي والجيش يعاملنا معاملة حسنة جدا وهم أولادنا وإخوتنا وأعراضنا"، مضيفة أن "المسلحين يريدون أن يمنعونا من قول كلمة الحق فعن أي حرية يتحدثون، كما أنهم يحملون السلاح".
وكانت منطقة جسر الشغور شهدت أحداثا أمنية راح ضحيتها بحسب التقارير الرسمية 120 عنصر امن، أكثر من 80 شخص سقطوا في هجوم على مفرزة للأمن العسكري، الأمر الذي حدا بتوجه قطعات عسكرية إلى المنطقة لوضع حدا للتنظيمات المسلحة، وذلك" بناء على استغاثة الأهالي" بحسب المصادر الرسمية.
وشهدت المنطقة كغيرها من المناطق في سوريا حركة تظاهر وصلت ذروتها في الاسبوع التي تزامنت فيه بدأ الاحداث فيها
كما بث التلفزيون شهادات لعدد من سكان قرية اشتبرق والكفير والقرى المجاورة في جسر الشغور وريفها، حيث قالت خديجة العيسى من سكان بلدة الكفير "لقد منعنا المسلحون من الخروج من بيوتنا وعانينا من نقص في المواد الغذائية وعندما دخل الجيش الى القرية أعاد لنا الأمان ووزع علينا الغذاء والماء".
فيما أشار صالح المصري من سكان قرية اشتبرق إلى أن أفراد التنظيمات المسلحة قاموا بقطع الطرق المؤدية إلى حلب ودمشق ووضعوا الحواجز وخربوا سكك القطار ووضعوا الألغام ونصبوا الأفخاخ وقاموا بحرق المنشآت في منطقة جسر الشغور وتخريبها تخريبا كاملا وحرق المحكمة ومقر البريد ومديرية المنطقة.
وأضاف أن المسلحين استولوا على جميع السيارات التابعة للمؤسسات الحكومية من أجل تنقلاتهم، كما قاموا بسرقة سيارات مؤسسة الإسكان العسكرية وجميع الآليات التابعة لها، إضافة للحواسيب والمناظير، مبينا أنهم كانوا بالآلاف يتجولون في المنطقة يحملون أسلحة متطورة و قواذف "ار بي جي".
وروى المصري كيف أنه شاهد بـ "أم عينه حماة الوطن يقتلون ويذبحون وأبناؤه يعتدى عليهم"، على حد تعبيره.
وتم الكشف عن مقبرة جماعية ارتكبتها التنظيمات المسلحة بحق عناصر المركز الأمني في جسر الشغور بحضور أكثر من عشرين وسيلة إعلام عربية وأجنبية، وذلك وفقا للتلفزيون السوري.
من جهته، قال قصي المصري إن "صهري ياسر المصري أحد شهداء مجزرة الأمن العسكري، وكان داخل المفرزة، وبقوا 48 ساعة يقاومون المسلحين ممن تجمعوا في محيط المفرزة، وكان يتحدث إلى زوجته بالموبايل ليودع أطفاله"، متسائلا "ما ذنب هؤلاء لديهم عائلات وأطفال وأهل".
وأضاف أنه "كان هناك تنكيل بالجثث و قاموا برميها بالعاصي، وكانوا يطلقون النار على الجثث، ويقطعون الرؤوس، هناك قرى لم تستطع الهروب مثل سلقين والجميلية ونحن ضحينا بالغالي حتى لا يضيع الأغلى وهو الوطن".
من جهتها، وصفت نعيمة يوسف يونس من قرية العالية الحادثة بـ "المروعة"، وقالت إن "الأوضاع كانت سيئة جدا وكان هناك إطلاق قنابل ونار كثيف وإطلاق تهديدات على المكبرات ودعوات للجهاد"، مضيفة أنهم "هاجموا القرى وقطعوا الطرقات وقتلوا عناصر الأمن ونحن رأينا مسلحين كانوا ملثمين وهناك غرباء لم نرهم في بلدنا من قبل مثلوا بالجثث وقطعوا الطرق".
ولم تكن حركة النزوح بسبب حوادث إطلاق النار وتواجد مسلحين في جسر الشغور وبعض القرى المحيطة فقط داخلية، حيث نزح ألاف من السوريين، بحسب التقارير الإعلامية، باتجاه المناطق الحدودية التركية، ونقلت وكالات أنباء غربية عن بعضهم أنباء عن وجود إطلاق نار بين عناصر امنية واخرى في الجيش ما أدى إلى سقوط قتلى منهم، الا انه لم تؤكد ايا من الجهات الرسمية هذه المعلومات.
ولم يتسنى لسيريانيوز التأكد من صحة مثل هذه الشهادات حيث تمنع السلطات التركية الوصول الى مخيم اللاجئين لاعتبارات تتعلق "بكتمان الهوية" بحسب تصريحات صحفية لمصدر في مفوضية العلياللاجئين.
وقال أحد اللاجئين من جسر الشغور إلى تركيا إن "الجنود السوريين منقسمون، وإنهم قاموا بإطلاق النار على بعضهم ما أدى إلى سقوط عدد منهم".
في وقت أوضح لاجئ آخر أن "الوضع مزر، فقد اجبر الناس على الفرار ولم يأخذوا معهم إلا القليل من ممتلكاتهم، نحن نعتمد على السلطات التركية في كل شيء، ولا يعلم أحد متى سنتمكن من العودة إلى بيوتنا، وعندما نعود يتوقع الناس أن يجدوا بيوتهم وقد دمرت".
ويقيم اللاجئون في مخيمين في أنطاكيا، جهزهما الهلال الأحمر التركي، ويتم حاليا تجهيز مخيمين آخرين في المنطقة، كما تم إنشاء مشفى ميداني لتأمين العناية الطبية الطارئة للجرحى.
وكان مراسل سيريانيوز في محافظة إدلب أفاد أن مدينة جسر الشغور شهدت نزوح ما يقارب الـ(50) ألف مواطن منذ يوم الجمعة الماضية، وذلك بعد حدوث حالة من الفلتان الأمني وظهور مجموعات مسلحة، فيما لم يصدر تقرير رسمي حتى الآن.
وقال المراسل "نسبة النزوح الكبيرة كانت إلى قرى دركوش وأزمارين وسلقين التابعة لمنطقة حارم، فيما نزح ما يقارب الخمسة ألاف مواطن إلى قرية كوتشيما التركية المتخامة لقرية خربة الجوز السورية".
وتزامن تواجد"عصابات مسلحة" و"تنظيمات ارهابية" في مناطق عدة شهدت حركة احتجاجات شعبية ومظاهرات نادت للحرية وطالبت بالاصلاحات ورددت شعارات سياسية خلال الثلاث أشهر الأخيرة.
سيريانيوز
رد مع اقتباس
المفضلات