عمان - سمر حدادين- أطلقت أمس برعاية سمو الأميرة بسمة بنت طلال، «خطة عمل النوع الاجتماعي والتغيير المناخي في الأردن»، بالتعاون ما بين اللجنة الوطنية الأردنية لشؤون المرأة ووزارة البيئة والاتحاد الدولي لحماية الطبيعة – المكتب الإقليمي غرب آسيا.
وبإطلاق خطة العمل يكون الأردن أول دولة عربية تدمج مفهوم النوع الاجتماعي في سياساتها الوطنية التخفيف والتكيف مع التغير المناخي، ما يدل على نهج الحكومة الأردنية في تحليل ودراسة تأثير المتغيرات المناخية المتباينة على النساء والرجال.
كما أطلق خلال الحفل الدليل التدريبي للنوع الاجتماعي والتغير المناخي في الأردن الذي أعده الاتحاد الدولي لحماية الطبيعة، الذي يعد الأول من نوعه لتدريب المدربين على النوع الاجتماعي والتغير المناخي باللغة العربية.
وترجم الاتحاد الدولي لحماية الطبيعة الدليل بالتعاون مع التحالف العالمي للنوع الاجتماعي والمناخ وجمعية النساء العربيات بدعم من الصندوق العالمي للنساء.
ووفق ما جاء في بيان صحفي أصدره الاتحاد الدولي لحماية الطبيعة، فإنه لوحظ بأن عدم العدالة بين المرأة والرجل قد أضعف دور المرأة في مواجهة هذا التحدي (التغير المناخي)، وتبين أيضا أن للمرأة دورا فاعلا في القدرة على التغيير وفي قدرتها المعرفية الملموسة فيما يتعلق بالتكيف مع التحديات المناخية والتخفيف من آثارها.
وترجم وزير البيئة طاهر الشخشير قدرة المرأة في هذا المجال، بإعلانه على هامش الاحتفال ترشيح امرأتين لتولي منصب أمين عام الوزارة الذي شغر أخيرا.
وأتت الخطة الوطنية استكمالا للجهود الوطنية التي يقوم بها التحالف العالمي للنوع الاجتماعي للمناخ، والاتحاد الدولي، والمنظمة النسائية للبيئة والتنمية في الربط بين دور المرأة وقضايا المناخ، وكسب تأييد المجتمعات في أنحاء العالم كافة لإدماج النوع الاجتماعي في سياسات التغير المناخي لما لها من أهمية في مواجهة التغير والتكيف معه.
وفي كلمة ألقتها سمو الأميرة بسمة بنت طلال اشارت الى ان العالم اصبح اليوم أكثر وعيا بحقيقة التغير المناخي وأثره على واقع ومستقبل البشرية على الأرض، كتحد عالمي أوحد يفوق في خطورته وتبعاته أقسى الحروب وأشد النزاعات لأنه يتعلق بنا كبشر نعيش في عالم متصل متسارع لا يعرف الحدود ولا تحده المسافات.
وقالت «بينما ينشغل الكثير من الحكومات والشعوب بجهود الاستجابة لهذا التحدي العالمي منقطع النظير بمحاولات التخفيف والتأقلم والاستثمار في الخيارات الأفضل للمستقبل لا يزال هنالك للأسف العديد ممن يستمرون في استنزاف موارد البيئة تحت مبررات ضرورات التنمية والرفاه».
وأضافت أنه بين طرفي الخلاف تقبع شعوب الدول النامية وهي الأكثر هشاشة تجاه آثار التغير المناخي على شفا حدود الفقر والجوع ونفاذ الموارد ضمن منظومة عالمية يشوبها الكثير من الخلل وتغيب فيها القدرة على تبني الخيارات المناسبة للاستجابة لجهود تعزيز فرص البقاء والنماء.
وبينت سموها أن النساء يشكلن غالبية فقراء العالم والأكثر حاجة للتنمية المستدامة، وهن رغم كونهن الأكثر اعتماداً على الموارد الطبيعية التي يعشن وأسرهن منها, إلا أنهن الأقل قدرة على التحكم فيها والأضعف صوتاً في صناعة قرارات استخدامها، مما يجعلهن بلا ريب الأكثر عرضة للتأثر بنتائج التغير المناخي وآثاره عبر دول وشعوب العالم.
وبحسب ما قالت سموها فإن النساء بصفتهن الأكثر اعتمادا واستخداما للموارد الطبيعية على المستوى المنزلي، أصبحت التجارب والخبرات المتراكمة لديهن مصدرا ضروريا لوضع سياسات عملية قابلة للتطبيق وأصبحت مشاركتهن في هذه العملية أساسا لنجاحها. فالنساء في هذه الحالة هن العامل الحاسم في إنجاح أي استراتيجيات خاصة بشؤون البيئة.
وقالت أنه رغم قصص النجاح التي تحققت هنا وهناك، إلا أن الطريق لا يزال طويلاً أمامنا لإعطاء المرأة دورها الاجتماعي الذي تستحقه للمشاركة في قيادة جهود الاستجابة للتغير المناخي وآثاره على جميع الأصعدة والمستويات.
وبينت أن من هذا المنطلق ضمنت اللجنة الوطنية الأردنية لشؤون المرأة, الاستراتيجية الوطنية للمرأة محورا متكاملا حول الأمن البشري والحماية الاجتماعية يحتوي على بعد خاص بالبيئة وسيبقى هذا البعد عنصرا أساسيا في أي تحديث لها.
وأكدت سموها أهمية دور المرأة الأردنية في هذا المجال، معربة عن أملها بتحقيق النموذج الوطني الذي نصبو إليه مجتمعين وصولا إلى حياة كريمة يتمتع فيها كل إنسان بمكاسب المحافظة على البيئة وتحقيق التنمية المستدامة.
فيما أعلن وزير البيئة الدكتور طاهر الشخشير عن بدء شراكة مع اللجنة الوطنية الأردنية لشؤون المرأة في مواجهة تحدي التغير المناخي، وقال أن الأردن قام بجهد ريادي في دعم مبادرة دمج النوع الاجتماعي في سياسات وبرامج مكافحة تغير المناخ منذ إنشائها، استنادا إلى القناعة التامة التي نحملها في دعم المساواة في سياسات التنمية ودمج المرأة في مواجهة التحديات التنموية والبيئية ذات الأولوية.
وبين أن الأردن أصبح نموذجا عربيا ودوليا أيضا في هذا السياق وبشهادة المنظمات الدولية المتعاونة مع الأردن ومنها الاتحاد الدولي لحماية الطبيعة، لافتا إلى أن الأردن خصص عبر وزارة البيئة تقريره الوطني الثالث المقدم لسكرتارية الاتفاقية الدولية لتغير المناخ لقضية «النوع الاجتماعي» ليكون بذلك أول دولة عربية تقدم تقريرها إلى الاتفاقية حول هذه القضية.
وأضاف أن هذا الأمر يضع الأردن في موقع ريادي وسباق في العمل الدولي المعني بدمج النوع الاجتماعي في مكافحة تغير المناخ وخاصة في مجالات التكيف.
وأشار إلى أن العلاقة بين التنمية المستدامة والنوع الاجتماعي وتغير المناخ هي علاقة وطيدة ومباشرة وفي بلد مثل الأردن، يعاني من وطأة الندرة في الموارد خاصة في قطاعات المياه والطاقة والغذاء وعناصر الطبيعة، لذا تصبح الإدارة المستدامة لهذه الموارد الشحيحة والمعرضة للمزيد من التهديد نتيجة تغير المناخ عنصرا أساسيا في تحقيق التنمية الإنسانية
ونوه إلى أن مباديء التنمية المستدامة ركزت على أهمية دمج المرأة وأولوياتها في عمليات إدارة الموارد الطبيعية.
ولفت الوزير إلى أن المجتمع الأردني الريفي أثبت قابلية كبيرة لاستيعاب عمل المرأة وخوضها غمار التنمية، وتمكنت المرأة وفق الوزير في كل المحافظات الأردنية من لعب دور كبير في مجتمعها المحلي في السنوات الماضية.
من ناحيتها قالت الأمينة العامة للجنة الوطنية الأردنية لشؤون المرأة أسمى خضر أنه عندما نتحدث عن دمج النوع الاجتماعي في البيئة، لا يعني أننا نقحم المرأة ولا نتحدث عنها كضحية، وإنما ندرك قدرة النساء على التكيف مع التحديات ومخاطر البيئة.
وأضافت أننا ندرك أن المرأة وخصوصا الريفية لعبت دورا كبيرا في قضايا بيئية مهمة منها التعامل مع مصادر المياه والثورة الحيوانية وتدوير البيئة..
ونوهت خضر في كلمتها إلى الفارق الكبير بين الحاضر والماضي إذ كانت الأمهات تكيف ملابس الكبير للصغير، بيد أنه الآن نتيجة للنزعة الاستهلاكية يرمى في سلة المهملات كل ما أصبح غير ملائم مزاجيا.
وأكدت أهمية إشراك المرأة في صنع القرارات البيئية خصوصا وان المرأة من الفئات الأكثر تضررا ودفعا للثمن في حالة حدوث الكوارث والمخاطر البيئية.
وأشارت إلى أن اللجنة الوطنية أدرجت ضمن استراتيجيتها الجديدة 2011 إلى 2015 محورا للبيئة مع التركيز على التغيرات المناخية.
وبينت أن اللجنة بادرت إلى التقاط فرصة التعديلات الدستورية وأعدت مقترح تعديلات تضمنت بندا خاصا عن البيئة ينص على أن «الدولة تكفل حماية البيئة».
وشددت على ضرورة استثمار طاقات وإمكانيات المرأة في خدمة المجتمع وخدمة أسرتها، مؤكدة أن على المرأة مسؤولية كبيرة اتجاه القضايا البيئية.
من جانبه قال المدير الإقليمي للاتحاد الدولي لحماية الطبيعة في الأردن الدكتور عودة الجيوسي أن التغير المناخي هو احد مؤشرات اقتصاد السوق.
وأكد أهمية دور النساء في معالجة القضايا البيئية لما يملكن من معرفة ومعلومات متوارثة وخبرة مكتسبة من العمل اليومي لإدارة الموارد وتأهيلهن لمواجهة المخاطر الناجمة عن التغير المناخي بكفاءة، مشيرا إلى أهمية العمل معا من اجل بناء مجتمع مبني على المعرفة والاستثمار في الحياة.
رد مع اقتباس
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رمز الوفاء
المفضلات