بقلم صبرى غنيم ٣١/ ٣/ ٢٠١١
سؤال على لسانى الآن بعد إعلان اختيار رؤساء تحرير للصحف القومية بخلاف المجموعة الحالية على اعتبار أنهم معينون من قبل النظام السابق.. مع أن المفروض أن يكون الصحفى ولاؤه لمصر وليس للرئيس حتى ولو صار رئيساً للتحرير.. وكان مطلب الثوار تغيير هذه الوجوه فما الذى يمنع أن يكون للصحفيين رأى فى الاختيار.
إلى متى يظل تعيين رئيس التحرير بالبراشوت بموجب قرار سيادى.. فالذى أعرفه أن العهد الذى نعيش فيه الآن يختلف عن العهود السابقة فنحن نعيش فى عهد ديمقراطى يتم فيه الاختيار بمعرفة المجموعة ولا يفرض على المجموعة اختيار قد لا يكون مرغوباً فيه فتحدث فجوة بين الصحفيين وبين رئيس التحرير المعين.
لا نريد أن نكون صورة من العهود السابقة والتى كان رؤساء الدولة يعتبرون الصحف القومية هى من ضمن ممتلكاتهم حتى صارت حكومية، فكانوا يختارون لها رؤساء التحرير الذين يضمنون ولاءهم للنظام.. ولم يكن مسموحاً لأى صحفى يسافر على طائرة الرئيس إلا لهؤلاء رؤساء التحرير.
أعتقد أنها فرصة لتغيير السياسة برمتها فأنا أريد أن أختار من هو أكفأ منى على تحمل مسؤولية العمل كرئيس للتحرير، لن أجامل زميلاً على مستقبل الصحيفة، وأعتقد أن لدينا الوعى الذى يجعل لنا رأياً لصالح العمل وليس لصالح الأشخاص..
وهناك معايير وضعها الدكتور يحيى الجمل أراها كافية وأحد الشروط أنه اشترط أن من يتولى المسؤولية يكون متمتعاً بسمعة طيبة اجتماعياً ومهنيا وأنا أقترح أن تكون مدة عمله كرئيس للتحرير لا تزيد على ٤ سنوات وغير قابلة للتجديد حتى تكون هناك فرصة لتصعيد القيادات الشابة.. ويشترط فى رئيس التحرير المنتخب اختيار خمسة من الصحفيين الشبان يكونون معاونين له فى الديسك «المطبخ» حتى نضمن إعداد كوادر من القيادات.
إن اختيار رئيس التحرير بالانتخاب فى المرحلة المقبلة يعطى فرصة للإبداع والابتكار ويخلق جواً من المنافسة فى العمل الصحفى.. على الأقل هذه المنافسة هى التى سوف تساعد على صناعة قيادات جديدة على الساحة.. نريد أن يأتى رئيس التحرير بترشيح من العاملين وليس باختيار الدولة لأن هذه الصحف لم تعد صحفاً حكومية بل هى مملوكة للشعب.. وكون أن يأتى الاختيار من ممثلى الشعب فى شخص الصحفيين العاملين فى الصحيفة فهذا هو الديمقراطية.
أعتقد أن هذا الاختيار سوف يفتح الأبواب فى وجه الصحفيين الشبان، بل سوف يعطيهم الفرصة والأمل للوصول إلى هذا المنصب.. لقد عانينا من بيروقراطية النظام وأهدرنا فرصاً كثيرة ضاعت على الكوادر الصحفية الشابة بسبب احتكار المناصب القيادية.. وكلنا نذكر مجموعة رؤساء التحرير التى عملت مع النظام السابق فى بداية عهده وظلت على أنفاس الصحفيين الشباب ما يقرب من ربع قرن فقضت على الكفاءات الصحفية التى أحيلت إلى المعاش قبل تصعيدها، وقد كانت هذه المجموعة من رؤساء التحرير تحظى بثقة النظام وبموجب مالها من صلاحيات فى قانون الصحافة فقد كانت تتخلص من الكفاءات وترفض التجديد لها خوفاً على مقاعدها..
لقد صنع منهم نظام مبارك مراكز قوى حتى أصبحوا يتعاملون أكثر من تعامل الحكومة مع الوزراء.. حتى أصبح لكل رئيس تحرير حراسة خاصة ترافقه فى تنقلاته.. إلى جانب الحراسة التى تقف على باب بيته.. وظلت هذه الحراسات معهم حتى بعد أن تركوا مواقعهم.
إن رؤساء التحرير الحاليين رغم أن النظام هو الذى جاء بهم بعد العتاولة إياهم.. فهم فى رأيى «غلابة» لا حراسات ولا امتيازات فى الرواتب.. وربما لأنهم جاءوا بعد «الميغة» التى كانت تعيش فيها المؤسسات الصحفية والتى كانت مثقلة بالديون.. كان من الطبيعى أن يدفع بعضهم ضريبة ولائهم للنظام بتأديب الأقلام التى كانت تنتقد سياسة النظام وأذكر أن النظام منح اثنين من رؤساء التحرير عضوية الشورى.. وكانت هذه العضوية حصانة لاستخدامها فى البلطجة السياسية.. ولم يسلم أى كاتب حر مثل مجدى الجلاد وإبراهيم عيسى وعادل حمودة إلا وقد حصلوا على «طريحة» من الشرشحة من هذه الأقلام التى اعتادت أن تتطاول على الصحف المستقلة وبالذات صحيفة «المصرى اليوم» لمواقفها ضد النظام.
أقول هذا وكلى أسى أن يتم اختيار رؤساء التحرير بالطريقة التى كانت الدولة تهبط فيها بالبراشوت وهى تقوم بتعيين رؤساء التحرير.. الاختلاف هنا هو إسقاط الهوية الحزبية والتى كان يشترطها النظام السابق حيث كانت عضوية الحزب شرطاً فى الاختيار ومن كان يقع عليه الاختيار ولم تكن له عضوية فى الحزب كانت تصدر له العضوية رغم أنفه، حتى صار جميع رؤساء التحرير أعضاء فى الحزب ولجانه دون أن يؤخذ رأيهم.
إننى أهيب بالمجلس العسكرى الأعلى أن يستفتى الصحفيين فى طريقة اختيار رؤساء التحرير.. فقد آن أوان احترام الرأى الآخر.. إن أصحاب الرأى ليسوا تلاميذ فى مدرسة وتختار لهم الحكومة ناظر المدرسة.. نحن نريد أن نشعر بقيمة أصحاب القلم وهم يختارون من يمثلهم فى رئاسة التحرير.. إنها تجربة ديمقراطية تستحق أن تجد من يرعاها..
وأعتقد أن القادة العسكريين أعضاء المجلس العسكرى بما عندهم من رؤية وفكر مستنير سوف يساهمون فى نجاح هذه التجربة التى تحتاج إلى مزيد من الرعاية والتشجيع.. وثقوا أن الصحفيين حريصون على نجاح مؤسساتهم الصحفية.. فإذا كان رئيس التحرير بالانتخاب.. فلا مانع من أن يكون المسؤول عن الإدارة بالتعيين.
رد مع اقتباس
المفضلات