عمان - الراي - طالب وزير العمل الدكتور محمود الكفاوين بتقوية العمل النقابي في الأردن وتعزيز الثقافة العمالية وتوعية العمال بحقوقهم وبدور النقابات العمالية والمهنية في ضمان وحماية حقوقهم .
وأكد في الجلسة النقاشية المغلقة التي نظمها مركز بصر لدراسات المجتمع المدني بعنوان «الاعتصامات العمالية ومطالبات تعديل قانون العمل» ان الاعتصامات العمالية الأخيرة التي تشهدها المملكة تعبر عن التفاوت وعدم المساواة في الأجور والرواتب بين العاملين، وهي أمر طبيعي اذ أن هذه الاعتصامات تعبر عن رأي العاملين ورفضهم لأوضاعهم المعيشية والاقتصادية وللفوارق الموجودة بين العاملين في مهن متشابهة وفي نفس المؤسسة.
وأكد كفاوين في الجلسة التي حضرها نخبة من رؤساء نقابات عمالية وأعضاء من مجلس النواب وناشطين عماليين وقانونيين ومراكز دراسات، أن قانون العمل ما زال منظوراً أمام مجلس النواب وأنه قابل للنقاش والتطوير، مشيراً الى ضرورة التحاور مع النقابات بأشكالها كافة من أجل التوصل الى قانون عمل عادل لكافة الأطراف العمال وأصحاب والعمل وبما يضمن الحماية الحقيقية للعامل.
وانتقد كفاوين مسألة تعميم الحالات الفردية التي فيها تجاوز على العمال الوافدين بأنها ظواهر يومية موجودة في سوق العمل الأردني، حيث ان العامل الوافد الى الأردن يلقى الاحترام والتقدير وبشكل يفوق الكثير من دول العالم، بينما يتعمد البعض تناول حالة سلبية واحدة وتعميمها كظاهرة عامة موجودة في المجتمع.
وحول الاعتصامات العمالية الأخيرة أكد جميل عبد الرحيم نائب رئيس الاتحاد العام للنقابات العمالية ان معظم المعتصمين هم خارج التنظيم النقابي، مشدداً على ان وجود التنظيم النقابي هو المظلة التي من المفترض ان تعبر عن حقوق العمال، مؤكداً على ضرورة توسيع مساحة حرية التنظيم ودعم التعددية النقابية بحيث يسمح بإنشاء المزيد من النقابات العمالية.
بدوره أكد فتح الله العمراني رئيس النقابة العامة للعاملين في الغزل والنسيج والألبسة ان الظلم الاجتماعي وعدم العدالة هو السبب وراء الاعتصامات، الى جانب وجود كبت عام وعدم احترام للرأي الآخر، مما أدى الى ظهور هذه الاعتصامات بين صفوف عمال الزراعة وعمال والمياومة، مؤكداً ان الاعتصامات باتت تأخذ طابعاً سياسياً ومطلبياً.
اما النائب المهندس عبد الرحيم البقاعي عضو اللجنة المالية والاقتصادية فتطرق الى جملة من الأسباب التي أدت الى تنظيم العديد من الاعتصامات العمالية، وعلى رأسها التفاوت الحاد في الرواتب بين العاملين في نفس المؤسسة، ووجود فجوات كبيرة ما بين رواتب الإدارة التنفيذية العليا وبين سائر الموظفين.
هذا الى جانب ملاحظة عدم وجود جيل ثاني في المؤسسات وعدم دوران القيادات، فالمدير نفسه يترأس المؤسسة لعشرات السنوات، مشيراً الى أرقام هائلة من البطالة بين الشباب، والمتمثلة في ان نسبة 73% من خريجي الجامعات ما بعد عام 2005 لم يعيّنوا بعد، ووجود 180 ألف جامعي ينتظرون التعيين في ديوان الخدمة المدنية.
أما خالد الزيود رئيس النقابة العامة لعمال البترول والكيماويات فطالب بإلغاء اجراءات الحكومة المتعلقة بإلغاء حصرية مصفاة البترول للأضرار التي ستسببها تنفيذ هذه الاجراءات فعلياً، كما أكد على العديد من الحالات والقطاعات التي لا تطبق الحد الأدنى للأجور على عامليها رغم تدني هذا الحد الأدنى وعدم مواكبته لارتفاع الأسعار.
القانوني المختص بتشريعات العمل المحامي عدنان الخشاشنة لفت الانتباه الى ارتفاع سقف الحريات الذي اصبح يسمح لموظفي الدولة بالمشاركة في الاعتصامات العمالية، مشيراً الى ان ثمة صحوة عامة ظاهرة في المجتمع نحو التعبير عن الاحتجاج والرفض بتنظيم الاعتصامات، وهذا مرده اتساع سقف الحريات ووجود ثغرات في قانون العمل وانتشار ظاهرتي الفقر والبطالة، مؤكداً على ضرورة الفصل بين المسيرات الشعبية والاعتصامات العمالية، التي بدأت تنعكس على تسبيب خسائر اقتصادية على المجتمع.
من جهته انتقد علي الحديد رئيس النقابة العامة لعمال الكهرباء قانون العمل بصيغته الحالية، مبيّناً ان عدم وجود مواد في القانون تعالج المشاكل الحقيقية للعاملين هو الذي يؤدي بالعاملين الى اللجوء الى الاعتصامات والإضرابات، فالقانون لا يحمي العامل من الفصل من عمله، ولا يضمن التوازن في العلاقة ما بين العامل وصاحب العمل، ومن هنا فلا بد من إعادة النظر في قانون العمل. كما أكد الحديد على ان العمال لا يثقون في القيادات العمالية.
وانتقد محمود الحياري رئيس النقابة العامة للعاملين في البناء عدم تجدد القيادات النقابية وقال ان ذات الأشخاص يترأسون هذه القيادات ولا يوجد نقل للخبرات للأجيال الحديثة، الى جانب غياب الثقافة العمالية عموماً في الأردن. ودعا النقابات للعب دور تثقيفي وتوعوي للعمال. وحول الاعتصامات انتقد الحياري الأثر السلبي الذي يحدثه بعض هذه الاعتصامات، مثل اعتصام أطباء القطاع العام الذي أثر على الحالة الصحية للمرضى والمستشفيات.
الناشط العمالي ورئيس لجنة عمال المياومة محمد السنيد أوضح ان الاعتصامات العمالية ازدادت كرد فعل على السياسات الحكومية المتسرعة وآثارها الاقتصادية والاجتماعية السلبية، مثل بيع مؤسسات القطاع العام وتحرير الأسواق وتعويم الأسعار، مما أدى بالعمال الى التعبير عن رفضهم لهذه السياسات عبر تنظيم الاعتصامات السلمية التي هي مفخرة لكل فئات الشعب الأردني.
وانتقد السنيد عدم شمول قطاعات واسعة من العمال بقانون الحد الأدنى للأجور، وعدم زيادته منذ سنوات رغم الارتفاعات المتتالية في الأسعار. كما أشار الى ان الاتحاد العام لنقابات العمال هو اتحاد غير ممثل للنقابات العمالية، وأن النقابات غير ممثلة لعمال الأردن.
بدوره أكد أحمد أبو خضرا رئيس النقابة العامة للعاملين في الصناعات الغذائية ان غياب الأمن الوظيفي هو السبب الرئيسي وراء الاعتصامات العمالية، مشيراً الى ضرورة دراسة أسباب هذه الاعتصامات والتوصل الى آليات محددة لمعالجة هذه الأسباب. وانتقد أبو خضرا خضوع صناديق الادخار للضريبة، كما انتقد تسرع الحكومة في سن القوانين والتشريعات بشكل عام، مشيراً ان التعدي على الحقوق المكتسبة يعد تطرف.
أما النائب خالد الفناطسة رئيس لجنة العمل والتنمية الاجتماعية ورئيس النقابة العامة للعاملين في المناجم والتعدين، فأكد أن الظروف الاقتصادية والسياسية البحتة هي السبب وراء الاعتصامات العمالية، مقرونة بالفروق الواسعة في رواتب العاملين، وانتشار الفساد، وازدياد الفقر والبطالة.
وانتقد الفناطسة ضعف الاتحاد العام لنقابات العمال وعدم أخذه مواقف واضحة وحاسمة تجاه غلاء المعيشة وارتفاع الأسعار والظلم الواقع على الطبقة العاملة، وذلك بسبب كون الاتحاد غير ممثل للعمال وتنتشر فيه مظاهر متعددة للفساد.
ودعا النائب الفناطسة الى ضرورة وجود قانون ينظم العمل النقابي ويشرح آليات الانتخاب والترشح والعمل وغيره، مؤكداً على أهمية الشراكة بين القطاع العام والخاص في تشغيل المواطنين والتخفيف من وطأة الجوع والفقر.
من جهتها أشارت مي الطاهر مديرة مركز بصر للدراسات ان الاعتصامات والاحتجاجات العمالية تزايدت وتيرتها بشكل ملحوظ في الأشهر الثلاثة الأولى من هذه السنة مقارنة بالعام الماضي، موضحة أنها بدأت تظهر في صفوف العاملين في القطاع الحكومي وليس فقط الخاص وهي ظاهرة جديدة، لافتة الى ان الملاحظ ان مطالبات العمال المحتجين تأثرت بالأوضاع الإقليمية وبدأت تعكس مطالب سياسية وإصلاحية حقيقية ولم تعد تقتصر على المطالب المتعلقة بظروف وأوضاع العامل في مكان العمل حصراً.
المفضلات