قدم السفير الممثل الدائم للمغرب لدى مكتب الأمم المتحدة بجنيف، عمر هلال، أمس الثلاثاء، أمام مجلس حقوق الإنسان التابع لمنظمة الأمم المتحدة، خلاصات الندوة الدولية حول "بعد الديمقراطية وحقوق الإنسان في المبادرة المغربية للحكم الذاتي بجهة الصحراء"..
التي نظمت بالداخلة، مؤكدا أن مسلسل الحكم الذاتي يعتبر في الوقت الراهن بمثابة تعبير عن حقوق الإنسان والديمقراطية المحلية.
وأبرز هلال، في مداخلة أمام الدورة 16 لمجلس حقوق الإنسان، أن تصورين لمسألة تقرير المصير يفرضان نفسيهما في عالم اليوم، الأول دوغمائي وجامد وراسخ في ماض سياسي غير واضح، ويسعى لتحقيق هدف المس بالوحدة الترابية للدول، في انتهاك لما ينص عليه القرار 1514 نفسه.
أما التصور الثاني، يضيف هلال، فحديث ويستشرف المستقبل ويروم تحقيق هدف التوصل إلى حل سياسي متفاوض بشأنه، قائم على الحكم الذاتي، ومرتكز على مبادئ الديمقراطية والمصالحة، ومعروض في نهاية المطاف للاستشارة الشعبية.
وأبرز أن نموذج الحكم الذاتي هذا، شكل موضوع الندوة الدولية، التي نظمها المجلس الوطني لحقوق الإنسان بالداخلة، جنوب المغرب، يومي 21 و22 فبراير الماضي، حول "بعد الديمقراطية وحقوق الإنسان في المبادرة المغربية للحكم الذاتي في جهة الصحراء"، مشيرا إلى أن هذا اللقاء نظم عقب ندوة دولية أولى نظمها مركز السياسة الأمنية بجنيف في أكتوبر2009، بشأن مدى انسجام الحكم الذاتي الجهوي مع الحق في تقرير المصير.
وأوضح الدبلوماسي المغربي أنه خلال ندوة الداخلة، قامت مجموعة من الأكاديميين وأساتذة القانون الدستوري والدولي من مختلف البلدان بتحليل المبادرة المغربية للحكم الذاتي بجهة الصحراء، من وجهة نظر أكاديمية وعلمية وموضوعية وحيادية تماما.
وأضاف أن المسألة المحورية، التي حاولت هذه الندوة الإجابة عنها تتمثل في مدى انسجام هذه المبادرة مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان، مبرزا أن المشاركين في هذه الندوة أجمعوا على أن أبعاد الديمقراطية وحقوق الإنسان مترسخة ومنصوص عليها في مختلف مقتضيات المبادرة المغربية.
وتابع أن المشاركين أبرزوا أن مبادرة الحكم الذاتي ليست جادة وذات مصداقية فحسب، لكنها أيضا عادلة ومشروعة، سواء من خلال السياق الذي تندرج فيه أو من خلال الكيفية التي جرى بها تقديمها ومضمونها.
وأوضح أن مبادرة الحكم الذاتي المتقدم تضمن احترام حقوق الإنسان، سواء الجماعية أو الفردية، وكذا الحقوق السياسية والديمقراطية والاجتماعية والاقتصادية، كما هو متعارف عليها دوليا.
وأشار إلى أن المبادرة المغربية للحكم الذاتي تندرج في إطار مسلسل طموح للإصلاحات الدستورية والديمقراطية، التي يتعين أن تكون مدعمة، مبرزا أن إدراج الحكم الذاتي الجهوي في دستور المغرب يفترض تعميقا لمبدأ الديمقراطية.
وأضاف هلال أن مبدأ الحكم الذاتي، وفق المعايير الدولية في مجال حقوق الإنسان، يمكن السكان المعنيين من ممارسة حقها في تقرير المصير، وهو ما يسمح لها بممارسة حقوقها الأساسية بشكل كامل والمساهمة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية للجهة، وبالتالي بناء مستقبلها بنفسها.
وأوضح، في هذا السياق، أنه في عالم اليوم تعد مسلسلات الحكم الذاتي بمثابة تعبير عن حقوق الإنسان والديمقراطية المحلية، ومن هذا المنظور تكتسي المبادرة المغربية المتقدمة للحكم الذاتي بجهة الصحراء راهنية قصوى، وتستجيب بشكل جوهري لمبدأ تقرير المصير.
وأشار السفير المغربي، في هذا الصدد، إلى أن النهوض بحقوق الإنسان يستدعي بالضرورة القطع مع التأويلات المغرضة المبنية على قراءات مغلوطة لحقوق الإنسان على حساب مغزاها المتطور وطابعها الكوني، المتكامل وغير القابل للتجزيء، موضحا أن الأمر يتعلق بالحق في تقرير المصير الذي ما فتىء يوظفه أولئك الذين يعملون بوضوح على تسييس أشغال مجلس حقوق الإنسان.
وقال إن الأطراف التي تزعم الدفاع عن مبدأ تقرير المصير لا تجرؤ على الدفاع عن كونيته، التي تهم أزيد من 5000 شعب في العالم، وإن حصره في إطار مجموعة العمل حول الشعوب الأصلية يكشف عن التناقضات العميقة والدوافع الحقيقية، السياسية بالأساس، لدى هذه الأطراف.
وأضاف أن هذا الموقف يمثل خرقا سافرا للمواد الأولى للعهدين الدوليين وإعلان فيينا، التي تنص بوضوح على أن لدى "كل الشعوب" الحق في تقرير مصيرها بنفسها، والتي لم تقصره قط على "بعض الشعوب"، ولا على فترة محددة، أو مرجعية قانونية وحيدة.
ولاحظ هلال أن هذا التناقض يؤكد تلك التناقضات الأخرى المتمثلة في حصر الحق في تقرير المصير في السياق الاستعماري، متجاهلة طابعه الكوني، وفي مماثلته بالانفصال، في تجاهل لأشكاله الأخرى ومنها الحكم الذاتي، وكذا في ادعاء الدفاع عنه مبدئيا في جميع أنحاء العالم، مع تجنب الدفاع عنه في أي من المناطق غير المستقلة، باعتماد قراءة نفعية لعلاقات القوة التي تفترضها هذه الحالات.
وأوضح أن الأمر يتمثل، أيضا، في تقديم الدعم الدبلوماسي والمالي والعسكري لتقرير المصير لدى جيران هذا الطرف، في الوقت الذي يرفضه بالنسبة لشعبه أو جزء من شعبه الذي يطالب بشكل شرعي بحقه في الاختلاف والحكم الذاتي.
وشدد هلال على أن حصر تقرير المصير في تأويل مضلل للقرار 1514، والدفاع عنه فقط بالنسبة لحالة واحدة لا يمكن أن يخفي مطامع هيمنة إقليمية جلية.
رد مع اقتباس
المفضلات