كتب - عماد عبد الرحمن - بتوجيه الحكومة الدعوات المكتوبة الى الهيئات والأحزاب والجمعيات مؤسسات المجتمع المدني، لتسمية ممثليها في لجنة الحوار الوطني، وقبل ذلك ترشيح واختيار السياسي البارز طاهر المصري لترأس لجنة الحوار حول قوانين الإصلاح السياسي وإدارته،تتحقق أولى الخطوات الملموسة على الأرض، التي طالما نادت بها القوى السياسية والفعاليات والتيارات الوطنية المختلفة، للتحول من مرحلة الخطاب السياسي تجاه الإصلاح الى مرحلة تطبيق الرؤى والسياسات وترجمتها الى واقع،خصوصا مع ما رافق عملية الإصلاح من تشكيك وتسويف والتفاف ، ما ساهم في تراجع ثقة المواطن بنوايا الحكومات المتعاقبة في هذا المجال.
ويرى سياسيون ان مرحلة التحضير للحوار المرتقب لا تقل أهمية عن الحوار نفسه، كونه يعبر عن رغبة في مأسسة وتنظيم الحوار،وإعطائه جدولا زمنيا لا يتجاوز نهاية العام ، للتوصل الى صيّغ توافقية حول مختلف القضايا التي ستطرح على جدول أعمال الحوار الذي ينتظر ان يفتح آفاق التفاهم،ويقرب المسافات بين الأفكار والرؤى،وقبل ذلك الدخول الى القاعات بنوايا وأهداف نزيهة،تعبر عن حس المسؤولية ودقة المرحلة وحساسيتها،بعيدا عن المواقف المسبقة ..الجامدة..التي ترتبط بأهداف ضيقة .
الإصلاح المرتقب لا يحدث بقرار من جهة واحدة،دون مشاركة كافة القوى السياسية في المجتمع، ابتداء من السلطة التشريعية والأحزاب السياسية والنقابات المهنية ومؤسسات المجتمع المدني، وشمولا لبقية القطاعات الفاعلة في المجتمع، ولا تقل أهمية عن ذلك القوى الشبابية الحية التي بدأت تنشط أخيرا هنا وهناك،والتي تعبر عن رغبة الشباب في إحداث التغيير،بعد اهتمام وتركيز واضح من قبل القيادة على هذه الفئة.للعبور الى المستقبل الواعد والمشرق .
والاهم من ذلك،توفر الإرادة السياسية العليا نحو تحقيق الإصلاح الشامل، وفي كافة المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية،كونها مجالات مترابطة ليس من الحكمة الفصل بينها،فتطور المجتمع السياسي وتعدد وسائله الرقابية، ينعكس إيجابا على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في المجتمع،على الرغم من ان همّ المواطن بالدرجة الأولى حاليا يتركز على تحسين الأوضاع الاقتصادية وإنعاش السوق،وتوفير فرص العمل للشباب،والقضاء على الفقر ومحاربة الغلاء والاستغلال.
المتتبع لتطورات الحراك السياسي في البلاد ،يلحظ تزايد تأثير الرأي العام الأردني في توجيه دفة مخرجات السياسة العامة لحكومة الدكتور معروف البخيت، وأضحى الاقتراب من الشارع والتجاوب الى متطلباته هو الطريق الأسلم والأفضل،لتجاوز أية تبعات سلبية،قد يستغلها البعض لتحقيق حالة من الفوضى والاضطراب،لا يستحقها مجتمعنا في أي شكل من الأشكال، هذه السياسة المبنية على «إرادة الشعب» هي سلاح ذو حدين،فقد يمكننا إرضاء المواطن وتلبية رغباته «الضيقة»،لكن ينبغي في نفس الوقت التنبه الى انعكاسات هذه السياسة على مجمل المشهد العام في البلاد وبما يراعي مصالح الجميع،فلدينا موازنة وعجز متفاقم وأي أعباء مالية جيدة تظهر آثارها في المستقبل القريب على المجتمع بأسره.
والواقع ان مهمة المتحاورين لن تكون صعبة خلال المرحلة المقبلة، كونها ستناقش قضايا ليست وليدة اللحظة، بل ستناقش قضايا مطروحة على طاولة البحث منذ أكثر من عشرين عاما، فقوانين الانتخاب والأحزاب وحرية الإعلام، نوقشت بتمعن وخرجت توصيات كثيرة بخصوصها،أبرزها مخرجات الأجندة الوطنية عام 2005،التي اقترحت مبادرات لقانون الانتخاب الذي يعتبر من الأعمدة الأساسية للإصلاح السياسي، وبما يعزز مفهوم نائب الوطن و»النائب السياسي»، إضافة الى توصيات «الميثاق الوطني»،ولجان «الأردن أولا» وغيرها من التوصيات.
ومن الواضح ان توفر «البيئة الصالحة» للسير في تحقيق الإصلاح،يرتبط بوجود إرادة سياسية حقيقية وجادة، وليس من الحكمة تفويت هذه الفرصة او «إدارة الظهر» نحوها، لأسباب او حجج غير منطقية، والمهم أن نستفيد من تجاربنا وتجارب غيرنا،وأن نستمر في طريقنا نحو الإصلاح من خلال بناء نسيج اجتماعي متماسك،مبني على أساس جماعي لا فئوي أو فردي، خصوصا وان الدولة بنيت في أصلا على أسس جامعة وجاذبة كدولة عربية إسلامية شاملة ،لم تفرق بين مواطنيها ،تعتمد المؤسسات والقانون للحكم على كافة مفاصل العمل العام على مستوى الدولة.
لجنة الحوار برئاسة رئيس مجلس الأعيان،حظيت بتأييد وارتياح الأغلبية من القوى السياسية، وسيكون الحوار بمشاركة الجميع، دون استثناء لأحد،وستحظى اللجنة المشرفة على الحوار بمرجعية تعطيها القوة والدعم للمساهمة في تحقيق الإصلاح المنشود، ويبقى الأهم من كل ذلك،الا وهو توفر النوايا والرغبة في المشاركة الايجابية من الجميع،بعيدا عن أية مواقف مسبقة أو أجندات تعرقل مسيرة الإصلاح.
وفي حال توفرت الأسس الموضوعية وجدول زمني ومأسسة للحوار، فليس هناك مبررات للغياب او السلبية ،وطالما اتخذت المواقف المعارِضة لأسباب ترتبط بمصلحة الوطن والمواطن، فإن الحوار المفصلي المرتقب سيمثل ساحة مهمة ومنبرا للتعبير عن تلك المواقف،وبرأيي فأن وجود شخصية مثل السياسي البارز طاهر المصري، العائد إلى واجهة العمل العام بعد غياب استمر نحو عشر سنوات على خلفية مواقف سياسية تتعلق باتفاقية السلام مع إسرائيل الموقعة عام 1994، وتحديدا في قضية «التطبيع» ،يؤشر على «نوايا صادقة» لا مجال فيها لأي مناورات سياسية أو محاولات لكسب الوقت،كما يعتقد البعض.
رد مع اقتباس
المفضلات