عمان - عماد عبد الرحمن - حدد خطاب التكليف السامي لرئيس الوزراء المكلف الدكتور معروف البخيت،
مهمات محددة وواضحة للحكومة الجديدة،أبرزها إجراء إصلاح سياسي سريع من خلال «اتخاذ خطوات عملية وسريعة وملموسة لإطلاق مسيرة إصلاح سياسي حقيقي تعكس رؤيتنا الإصلاحية التحديثية التطويرية الشاملة (...) على طريق تعزيز الديموقراطية،واستكمال مسيرة البناء».
كتاب التكليف السامي، طُلب أيضا من الرئيس المكلف «إجراء عملية تقييم شاملة تفضي الى إجراءات تعالج أخطاء الماضي، والى خطة عمل واضحة تمضي بمسيرة الإصلاح الى الأمام،(...) ومراجعة جميع القوانين الناظمة للعمل السياسي والمدني والحريات العامة تطويرها».
ويرى مراقبون،أن قرار جلالة الملك بإجراء التغيير في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها الموازنة العامة للدولة، والتحديات والظروف الإقليمية والدولية،تؤشر على إدراك وتلمس وتجاوب مع مطالب المواطنين،بضرورة إجراء التغيير،وبدء مرحلة جديدة،من التعاون بين أطراف العمل السياسي في البلاد، من خلال الاستفادة من الخبرات وأصحاب التجربة،التي تزخر بها البلاد في كافة المجالات، وبما يمكن من اجتياز هذه المرحلة.
وقدّم كتاب التكليف السامي قانون الانتخاب على غيره من القوانين، واعتبره «ركيزة التنمية السياسية الحقيقية»،هذه التشريعات هي قوانين الأحزاب، الاجتماعات العامة،البلديات،العقوبات،والمطبوعات والنشر،وحق الحصول على المعلومات، من خلال حوار وطني شامل وممنهج تمثل فيه «جميع مكونات مجتمعنا وأطيافه»،للتوافق على القوانين الجديدة وبما يضمن أعلى درجات المشاركة الشعبية في صناعة القرار.
ولم تغفل الرؤية الملكية السامية للمرحلة المقبلة «تعزيز دور مؤسسات المجتمع المدني» كشريك وداعم لبرامج التطوير والتحديث، وتبادل المعلومات وتقديم الدعم المتبادل،وتنسيق الاستراتيجيات، إضافة الى التركيز على العملية التربوية كأولوية، وتوفير كل الامكانات لخدمتها،من خلال خدمة أطراف العملية التربوية من طلبة أو معلمين،وإجراء مراجعة شاملة لإدارة عملية التعليم العالي والجامعي،لضمان عودة جامعاتنا منارات علم وإبداع،لبناء الهوية الوطنية وصقل شخصية الشباب على قيم الانفتاح والتعددية والتفكير النقدي الخلاق.
ويرى المحللون، أن رئيس الوزراء المكلف الدكتور معروف البخيت، يمتلك تجربة غنية بحكم تكليفه بتشكيل الحكومة الخامسة في عهد جلالة الملك عبد الله الثاني، في 27تشرين الثاني 2005، حيث أجرى التعديل الأول في 22 حزيران 2006، والتعديل الثاني في 2 ايلول 2007، الى أن كلف رئيس وزراء جديد في 22 تشرين الثاني 2007، وهو صاحب خبرة دبلوماسية وسياسية وأمنية عسكرية طويلة، وينتمي الى الطبقة الوسطى (الأوسع في المجتمع)، وعُرف بدفاعه عن الفقراء وأمانته ونظافة اليد، وتأنيه في اتخاذ القرارات وسعيه لمأسسة العمل الإداري والتعيينات في الوظائف العليا في الدولة.
وعُرف عنه دفاعه عن الفقراء في المجتمع، وأضطر بعد نحو عام على تشكيل حكومته 2005 للاستغناء عن نائبه ورئيس الفريق الاقتصادي في حكومته الأولى،لخلاف على رفع أسعار المشتقات النفطية في وقت حرج،آخذاً بعين الاعتبار الحفاظ على الأمن الاجتماعي في البلاد، وعدم تحميل المواطن أعباء إضافية نتيجة ارتفاع الأسعار.
ويسجل في عهد حكومته، الإفراج عن عميد الأسرى الأردنيين في السجون الإسرائيلية سلطان العجلوني، وأربعة من رفاقه، كما أقرت حكومته «منظومة قوانين النزاهة الوطنية»،وأبرزها قانون هيئة مكافحة الفساد، قانون ديوان المظالم،قانون مكافحة غسيل الأموال. وكان رئيس الوزراء المكلف الدكتور معروف البخيت تحدث في حوار صريح الى «الرأي» في 19 أيار من عام 2009، تحدث خلاله عن حكومته الأولى والثانية، وقال عند سؤاله عن ندمه في اختيار بعض الوزراء: «نعم ندمت حتى في التعديل الوزاري، الدرس الذي يمكن استخلاصه أن معرفة الناس من خلال السيرة الذاتية، تختلف عن الأداء والحياة العملية فقد تكون السيرة الذاتية عظيمة، وقد يكون مهنيا عظيما لكنه إداري مش ولا بد،الناحية القيادية قد تكون ضعيفة، القدرة على تشغيل وتحريك الناس قد تكون أيضا ضعيفة».
وعندما سئل عن نسبة صحة خياراته قال: «النسبة تصل الى 80%».
وبخصوص تعرضه لضغوطات عند تشكيل حكومته في ذلك الوقت،قال البخيت في نفس الحوار: «لا، لكن مرات يذكرون أسماء أمامك كترشيح وأنت كرئيس مكلف هناك بعض الناس لا تعرفهم، لكن بعض الوزراء كنت أعرفهم، وهناك من جاء معي ولم أكن اعرفهم».
وعندما سُئل عن وضعه المادي قال جازما ً «ليس لي سهم لا في البورصات ولا في الشركات الأخرى، وليس لي قرش واحد خارج البلد، وليس لي إلا ما املكه وهو بيت طبربور ومبلغ من جلالة الملك وهذا البيت».
خطاب التكليف الملكي للدكتور البخيت، لم يغفل قضايا المجتمع الساخنة، فتطرق الى ضرورة» العمل على تطوير التشريعات لتشمل آليات ديمقراطية شفافة، تحاكي أفضل الممارسات الدولية، لحماية المجتمع من الممارسات اللامهنية، التي يمارسها البعض عبر وسائل الإعلام والاتصال، في خرق واضح لحقوق المواطنين وتقاليد مهنة الصحافة وأخلاقه»، كما حث على «تبني السياسات التي تزيل مشاعر الإحباط المنتشرة بين جيل الشباب، نتيجة شعورهم بغياب المساواة في الفرص وانتشار الواسطة والمحسوبية».
ودفع الخطاب باتجاه الاستمرار في النهج الاقتصادي الإصلاحي، عبر البرامج والخطط التي تضمن أفضل أداء ممكن لاقتصادنا الوطني وتبني الشراكة الحقيقية بين القطاعين العام والخاص، وتحقق التوزيع العادل لمكتسبات التنمية، وتوسع الطبقة الوسطى، وتحمي الشرائح الفقيرة كما أكد على «تقوية البنية المؤسسية اللازمة لمحاربة كل أشكال الفساد، واتخاذ أقصى الإجراءات القانونية بحق من يثبت تورطه فيه».
رئيس الوزراء المكلف بتشكيل الحكومة ،قدم رؤية إصلاحية ضمن سلسلة من الندوات والحوارات الأكاديمية خلال الأشهر الأخيرة الماضية، وهذه فرصة جيدة لتطبيق ما ورد فيها من أفكار،خاصة وأنها حازت على اهتمام كافة الفعاليات السياسية وقوى المعارضة، وقبل ذلك، سيأخذ وقته لاختيار أعضاء الفريق الوزاري من أبناء الوطن القادرين والمؤهلين والملتزمين بالرؤية الإصلاحية الشاملة، التي تعتمد الحوار والانفتاح والصراحة والشفافية والتواصل مع أبناء الأردن،والتشاور الموسع مع مكونات الطيف السياسي والمجتمعي المختلفة.
رد مع اقتباس
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة tiger
المفضلات