رصد: صلاح محيى الدين
قال الرئيس عمر البشير، إنّ حكومة السودان أوفت بإلتزاماتها فيما يتعلق بإتفاقية السلام الشامل، ولكن الحركة الشعبية هي التي دَعت إلى الإنفصال في آخر أيامها رغم أن الإتفاقية تلزم الطرفين بالعمل من أجل الوحدة.
وأوضح في حوار مع قناة «الجزيرة»، أنّ الحكومة قامت بأكثر ممّا هي مطالبة به لتشجيع الوحدة، مُشيراً إلى أن الحركة الشعبية هي التي لم تلتزم بوعدها، وبدأت تدعو إلى الإنفصال بعد مؤتمر نيويورك.
وقال البشير، إنّ ما جعل الجنوبيين ينساقون وراء إغراء الإنفصال هو معاناتهم الطويلة جراء الحرب وما عَانوه من حرمانٍ، مشيراً إلى أن الحركة لم تلتزم بالتنمية لتخفيف آثار تلك المعاناة. وأكد البشير أنّ هناك مؤامرات لتفتيت السودان قد لا تتوقّف عند إنفصال الجنوب، مذكِّراً بأن السودان كان موحداً في الظاهر، مقسماً في الحقيقة منذ قانون المناطق المغلقة، الذي فرضه المستعمر البريطاني.
وفيما يلي تنشر «الرأي العام» نص حوار البشير:
....
* الـ «20%» الذين ذكرتهم سيسرحون؟ باختصار يعني هل يعامل الجنوبي في الشمال كأجنبي مع بعض الامتيازات؟
- نحن عندما قلنا إننا لن نستضيف أية معارضة جنوبية في الشمال وطالبنا إخوتنا في الجنوب أيضاً بذلك، نحن لدينا تجربة إستضافة المعارضات مع اثيوبيا واريتريا وتشاد، وهي حقيقة استنزاف لموارد وزعزعة للأمن في المناطق الحدودية، وتشريد للمواطنين، وفي النهاية تخريب للعلاقات بين الدول، نحن وصلنا لقناعة مع أريتريا أو اثيوبيا بأن يكون تبادل المنافع بين هذه الدول، لذلك أنهينا مسألة المعارضات، وكان ذلك فائدة كبيرة وشرحنا هذا لإخواننا في الجنوب.
* الديون.. هل هناك «40» مليار دولار عالقة إذا رفضت تقاسمها ماذا أنتم فاعلون؟
- هذه الديون أطرافها ثلاثة هي «حكومة الشمال والجنوب والدائنون»، نحن نقول إن الموقف الأهم هو موقف الدائن حتى إذا اتفقنا مع اخواننا في الجنوب وتقاسمنا الديون، سوف يظل الدَّين موجوداً، ويكون عائقاً أمام أية تنمية، لأننا إذا نظرنا الى كل موارد الدولة في الشمال والجنوب لا نستطيع ان نغطي الديون، فقسمة الديون ليست لها قيمة كبيرة، لكن الدخول في برنامج إعفاء الديون ولما جئنا لأبوجا حول دارفور كان وقتها مساعد وزير خارجية أمريكا اكد أنه إذا تم التوقيع على الإتفاقية في أبوجا سترفع العقوبات واسم السودان من قائمة الإرهاب وإعفاء السودان من الديون، وبمجرد التوقيع اتصل بي الرئيس بوش شخصياً وأكد حديث وزير خارجيته، وقال لي أنتم وفقتم والتزمتم ونحن جاهزون لنفي بكل الوعود.
* السناتور كيري وعدكم بنزع اسم السودان عن لائحة الدول الراعية للإرهاب؟
- نحن نتمنى ذلك ولكننا لا نعول كثيراً.
* لا تثقون في الولايات المتحدة.. مسؤولة شؤون السودان بالبيت الأبيض قالت إن الحكومة الأمريكية وضعت كل الاحتياطات لمنع إنفجار الوضع في السودان، كيف تفهم هذا الكلام هل يمكن ان تتدخل الولايات المتحدة عسكرياً في الجنوب؟
- نحن طبعاً إذا كان قرارهم تدخلاً عسكرياً في السودان أنا اعتقد أنه قرار خطأ بل وخطأ كبير جداً، وانه سوف (يورط) أمريكا في حرب جديدة مثل ما تورطت في العراق وأفغانستان وقبلها في الصومال ولكن إذا جاءت بإجراءات وتحركات سياسية وهم متحركون الآن معنا.
* هل تطرقت معهم حول قضيتك مع المحكمة الجنائية الدولية أخيراً؟
- هم يدعون أنهم ليسوا أعضاء فيها وأنهم ليست لهم علاقة بالمحكمة الجنائية الدولية ولكن نحن في واقع الأمر نعرف أنهم اكثر الناس الدافعين لهذا الاتجاه.
* إذا انتقلنا الى الداخل، زعماء المعارضة يقولون إنهم في حال الإنفصال سوف تفقد الحكومة شرعيتها الدستورية كيف ترون ذلك؟
- الدستور لا يقول ذلك، بل يتحدث عن الإنتخابات وحددوا أجل الرئيس خمس سنوات وأجل البرلمان خمس سنوات.
* هم كل ما يطلبون به أجندة وطنية يريدون بعدها مؤتمراً دستورياً وبعدها سموها حكومة انتقالية.
أصلاً عندما يتفق على نظام ديمقراطي وتبادل سلمي للسلطة وانتخابات يبقى الحكم بيننا هو الانتخابات الماضية.
* لكنهم لم يرضوا بنتيجة الإنتخابات الماضية؟
- هذا أمر يخصهم؟ ولا مجال لانتخابات قبل الأجل المضروب وهو بعد خمس سنوات.
* ما الذي يمكن ان تقدمه للمعارضة لاحتوائها وتثبيت الجبهة الداخلية في وجه ما سميتموه انتم مؤامرة على السودان؟
- نحن طرحنا فكرة حكومة ذات قاعدة عريضة ونستوعبهم ولكنهم رفضوا هذا، وبعد ذلك لا يمكن ان نفرض عليهم شيئاً ولكن هم يريدون ان يفرضوا علينا آراءهم وقراراتهم.
* هم يريدون حواراً ولا يريدون ان يفرضوا رأياً؟
- الحوار مستمر لم يتوقف بيننا والمعارضة.
* هم يريدون حواراً؟
- مقاطعاً: الحوار لا يتوقف والحوار أصلاً بيننا والمعارضة الرئيسية مكونة من حرب الأمة بقيادة الصادق، والناس يتذكروا اننا التقينا به في هذا الموقع بالضبط وتحدثنا بأنه سوف نعمل لجنة قومية أو هيئة قومية لدعم الوحدة، وذكر الصادق المهدي بأنه معنا دون تحفظ، فالحوار مستمر.
* لكنهم يعبرون عن خشيتهم من إنفراد المؤتمر الوطني بالسلطة؟
- نحن ما زلنا عندنا رئيس منتخب وعندنا برلمان منتخب، ونحن أصحاب أغلبية في البرلمان وإذا هم قاطعوا ما معناها انهم يفرضوا علينا آراءهم من خارج البرلمان.
* قلت سوف تراجع الدستور هذا ما قلته في خطابك في عيد الاستقلال.. على أي أساس؟
- الدستور فيه نصوص كثيرة خاصة بالجنوب، وهي طبعاً تلقائياً ستسقط من الدستور، فلابد ان يتم تعديل الدستور لمحاولة استيعاب بعض النصوص وصياغتها من جديد.
* هل سيكون دستوراً على أساس الشريعة الإسلامية؟
- تحدثت عن أن هناك دولة مسلمة بالكامل دستورها الرسمي هو الإسلام، ونحن هنا لم نستطع وضعها في الدستور لأن الحركة كانت ترفض هذا النص.
- الدستور السوداني الموضوع ينص على أن الدين الرسمي هو الإسلام، حتى عندما تحدثنا عن اللغة الرسمية، كل دولة لها لغتها الرسمية، وتحدثت ان اللغة العربية هي اللغة الأولى، والإنجليزية هي اللغة الثانية، وقطعاً ان اللغة العربية هي اللغة الرسمية للدولة.
* في ختام خطابك دافعت عن مسألة جلد تلك الفتاة التي نشرت صورها وأصبحت متاحة للجميع، على الرغم من الصدمة التي أثارتها عند العديد إن كان رأياً عاماً داخلياً أو خارجياً.. هل هذه رؤيتك لتطبيق الشريعة؟
- قطعاً نحن لا نتحرج من تطبيق الشريعة وتطبيق الحدود، والشريعة ليست الحدود فقط، لكننا نتحدث عن الحدود التي لا نتحرج من تطبيقها، ومن شهر بهذه الفتاة هو الذي صوّر الشريط وليس الحكومة، فالقاضي حكم والشرطة نفذت وأنا لا أقول الآن نحن نطبق الحدود ونحاكم بالجلد وتعزيراً ونقطع يد اللص حداً وممكن الناس المعتدون في الأرض والذين يحاربون الله ورسوله بنص القانون يقتلوا ويصلبوا وربنا سبحانه وتعالى أقسم بذاته العلية في نص القرآن الكريم وقال: (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم، ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً).
* لم يكن الإعتراض على تطبيق الشريعة، إنما على كيفية تطبيقها، حتى طريقة جلد تلك الفتاة لا تتطابق مع طريقة الجلد وفق الشريعة الإسلامية.. هذا ما قاله الأئمة؟
- قطعاً إذا كانت هناك مخالفات بسيطة مثل هذه لا تلغي الأصل، ولكن بعض الناس يريدون ان يلغوا الأصل، وفي الأصل أن تجلد الفتاة وهي جالسة على الأرض والجلد يتم بطريقة معينة، لكن الذي شاهد الشريط وأنا شاهدته عدة مرات، فالفتاة كانت رافضة للجلوس للجلد بالطريقة الصحيحة، فهي التي بدأت بالحركة يميناً وشمالاً.
* يعني هي تتحمّل المسؤولية؟
- هي طالما رفضت، فطريقة التطبيق ظرفية، الذي ينفذ العقوبة والذي يُنفذ عليه، فالعقوبة في حد ذاتها لا حرج فيها، فالفتاة حكم عليها ولها سوابق لم يكن يعلم بها أحد.
* هناك تعارض حتى في خطابك بالقضارف، وخطاب الإستقلال الذي تحدثت فيه عن منهج الوسطية و(لا إكراه في الدين)؟
- الوسطية هي الخط «بتاعنا» والوسطية لا تعني التخلي عن الشريعة، فالوسطية ألا تكون مغالياً في الشريعة أو تطبيقها.
* بالنسبة للمشروع الوطني الذي اتهمتم بأنكم لم تنفذونه حتى الآن.. هل هناك خطة لجمع كل مكونات المجتمع السوداني من إثنيات وأديان مختلفة.. هل لديك رؤية ومخطط جديد للمرحلة المقبلة؟
- قطعاً برنامجنا هو صهر المجتمع السوداني الذي ينظر لمكونات السلطة في السودان سواء كانت تشريعية أو تنفيذية أو خدمة مدنية أو خدمة عسكرية أو أمنية سوف يجد أنه لا يوجد أي تمييز بالعرق أو الدين، فالفرص متاحة لجميع الناس، والناس سواسية في الحقوق والواجبات هذا مبدأ يعمل به الناس، لكن مثلاً في الجنوب وقبل قليل أعطيت خلفية عن قانون المناطق المقفولة، وسياسة الحكومة البريطانية هي التي خلقت ثقافة مختلفة ووضعاً مختلفاً سياسياً واقتصادياً واجتماعياً في الجنوب، وفي الشمال مكونات المجتمع ليست بها مشكلة.
* كيف ترد على من يقول إن هناك تيارات إسلامية سلفية لديها نفوذ كبير في السودان؟
- أول شيء ليس هناك تيار سلفي أو غير سلفي عنده نفوذ، كل نفوذه حسب أتباعه فيما يخص شعائرهم وتوجهاتهم، ونحن في السودان مثلما هناك طرق صوفية معروفة ولها أتباعها، هناك تيارات أخرى، لكن كلنا نتعايش، وهناك كثير من المنظمات وهيئة توحيد أهل القبلة وليست بيننا خلافات حادة والحمد لله.
* قبل أن يداهمنا الوقت أريد أن أعرف أكثر عن ملف دارفور، هل الحل سيكون من الداخل وكيف؟
- أولاً نريد أن نثبت حقيقة أن العناصر المسلحة لا تمثل أهل دارفور لكن لها وجود على الأرض ولها تأثير على أوضاع دارفور، لذلك تم التفاوض معها والاتفاق في أبوجا ومحاولات الإتفاق الأخرى في سرت، والتي أجريت في الدوحة، لكن لا يعني أنهم ممثلون لأهل دارفور، فأهل دارفور عندهم الآن ولاة منتخبون ومجالس منتخبة هؤلاء هم الذين يمثلون أهل دارفور، نعم هناك أيضاً منظمات مجتمع مدني وزعماء قبائل وزعماء دينيون وزعماء قد يكونوا سياسيين.. هذه كلها موجودة وهي من الممكن ان تمثل أهل دارفور ولأننا نريد وقف الصراع تفاوضنا والحل يجب أن يكون من أهل دارفور.
* ما هو مصير منبر الدوحة.. هل إنتهى؟
- نحن بنقول منبر الدوحة منبر تفاوضي، الآن نجلس ونتفاوض وقد وصلنا السقف لكننا ما زلنا مرتبطين بمنبر الدوحة والوساطة تتحرك بعد هذا، وسوف ننقل حوارنا الى دارفور ويبقى الحوار مع أهل دارفور، والآن في دارفور حقيقة الأوضاع مستقرة وخالية من التمرد تماماً، ولكن هناك بعض العناصر الآن دخلت الجنوب وإخواننا في الجنوب وعدونا بطردهم.
* بالنسبة لمذكرة التوقيف بحقك من قبل مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية، هل سيتغير موقف الحكومة بعد نتيجة الإستفتاء، في المقابل هل يتغيّر الموقف الدولي من هذه المذكرة بعد الحوار نتيجة الإستفتاء أيضاً؟
- أولاً هي قضية سياسية وليست قضية قانونية ونحن لا نتوقع أنه سوف يتغيّر الموقف، فهناك بعض التوقعات أنه بعد أن يضمنوا فصلجنوب السودان سوف يبدأون بالتحرك من جيد وهذه توقعاتنا نحن.
* ألا يمكن تسويتها سياسياً؟
- سياسياً إلا مع الدول التي ترعاها، يعني نحن متحركين مع الدول، أمريكا كدولة دافعة وليست مشاركة، وهناك دول أوروبية هي الأساس في هذه المحكمة، والحمد لله نقول إن أفريقيا كان لديها موقف قوي جداً في دعم السودان، هناك قناعة قوية جداً أن هذه المحكمة أنها صُممت لإخضاع أفريقيا ولم تحاكم ولم تقم محاكم إلا في إستثناء واحد هو صربيا.
* على الرغم من عدم ذهابك الى ليبيا في قمة الاتحادين الأفريقي والأوروبي..؟
- قطعاً هذه قضية أخرى منفصلة بيننا والليبيين.
* شكراً جزيلاً لك سيادة الرئيس السوداني عمر البشير على هذه المقابلة.
رد مع اقتباس.gif)
المفضلات