الخرطوم: الرأى العام
التقى الفريق محمد عطا المولي مدير جهاز الأمن والمخابرات الوطني، بقيادات الأجهزة الإعلامية وقادة الرأي أمس، وتناول في اللقاء جملة من قضايا الراهن الملحة على رأسها الإستفتاء وقضيتي ترسيم الحدود وأبيي وملف وجود الحركات الدارفورية في الجنوب والزيادات الأخيرة في الأسعار ومستقبل العلاقة مع القوى السياسية. وبعث عطا خلال حديثه برسائل مختلفة لقيادة الحركة الشعبية وللشعب السوداني في الشمال والجنوب وللمعارضة في الشمال ولقادة الرأي، وعبر عن اطمئنانه لعبور السودان هذه اللحظات المفصلية بسلام وأمان.. وقدم مدير جهاز الأمن والمخابرات معلومات جديدة حول تواجد مجموعات حركات دارفور في الجنوب.. فيما يلي تقدم «الرأي العام» رصداً لأهم ما دار في اللقاء:
....
أكد الفريق محمد عطا مدير جهاز الأمن والمخابرات، إطمئنانه الى أن عملية الإقتراع على تقرير المصير ستتم في أجواء آمنة، وطالب مواطني الشمال بالحرص على ادارة هذه العملية على نحو حضاري وتقبل ما ستسفر عنه بروح إيجابية.
وقال عطا انه على اتصال وتنسيق مع وزير الشرطة والأمن في الجنوب لتأمين عملية الاستفتاء على النحو المطلوب.
وأضاف أن جهاز الأمن موجود بالجنوب ويعمل مع الشرطة واللجان هناك لتأمين الاستفتاء.
ونبه الفريق عطا الى أن حادثة تخريب موقع (سوداتل) في جوبا مؤخراً كانت مؤشراً لضرورة الاعتناء بالمؤسسات الاتحادية والممتلكات الأخرى بالجنوب، واضاف ان الحادثة أوجدت مزيداً من الترتيبات للاطمئنان على تأمين سائر المنشآت ودور العلم والعبادة.
وقال عطا إنه لا يوجد شخص سيكون سعيداً إذا ما أفضت نتيجة الاستفتاء الى انفصال، وتابع: على الرغم من ذلك (لن ننصب صيواناًَ للعزاء) بل سنمضي بروح جديدة، وقال: لسنا سعداء بالانفصال ولكننا مرتاحون لاداء الالتزام الوطني الذي عالج مشكلة الحرب.
ودعا عطا المواطنين في الشمال والجنوب لعدم إستفزاز بعضهم عبر إيذاء مشاعر الحزن أو الفرح بالنتيجة، واكد ان لجهاز الامن ترتيبات لحماية الشماليين في الجنوب والجنوبيين بالشمال.
وطالب الفريق عطا، الحركة الشعبية برفع يدها عن جنوب كردفان وجنوب النيل الازرق باعتبارها مناطق تابعة للشمال، وأضاف ان هناك اتفاقاً على ترتيب اوضاع ابناء جنوب كردفان النيل الازرق في الجيش الشعبي.
وقال الفريق عطا ان جهاز الامن والمخابرات كان جزءاً من المصالحة التي تم توقيعها بين حكومة الجنوب والمتمرد جورج أتور بعد تبني جهاز الأمن لحوار بين السياسيين في قبائل النوير والدينكا والمورلي في أعقاب الاضطرابات في ولاية جونقلي، وأكد أن الحوار الذي بدأ في هذا الصدد انتهى بتبني الأستاذ علي عثمان محمد طه نائب رئيس الجمهورية، واكد انه وانطلاقاً من من هذه الروح شارك نائب مدير جهاز الامن الوطني في الحوار بين حكومة الجنوب وأتور، وقال ان الجهاز قدم معينات تنقل في هذا الحوار، واعرب عن امله في ان تكلل المساعي الامنية لتحقيق الامن والاستقرار بالنجاح في الجنوب والشمال، وقال إن الحكومة ملتزمة بعدم دعم أي عناصر تهدف لتخريب الأمن بالجنوب، ونفى ان تكون لديها علاقة بجورج أتور، وقال لم نره إلا عبر صوره في الصحف.
ونفى عطا أن تكون السلطات تراهن على ضعف الشعب السوداني في قرارات زيادة الاسعار الاخيرة وقال ان الشعب السوداني لا يخاف ولكنه «واعٍ» ويعلم مصلحته جيداً، واضاف انه لا يوجد من يستهين بشعب فجر ثورة اكتوبر وابريل وقال ان الامر لا يعدو سوى رهان على وعي الشعب ودعا السياسيين لتوظيف «سلاح الوعي».
واضاف ان التآمر على تقسيم السودان لم يبدأ في عهد الانقاذ، واضاف ان الشعب السوداني ظل يقاوم بوعي.
وأكد أن الشعب ما زال مع نظام الانقاذ وقد اكد ذلك اثناء الانتخابات، وتابع: (الزول الداير يخدر نفسو يقول الانتخابات كانت مزورة)، وقال ان كل السودانيين يؤكدون في كل يوم التلاحم الموجود بين قيادة هذا البلد وشعبها. ونفى ان يكون هناك تأمين كامل بنظرية الاقتصاد الحر، وقال: لم نكمل شوطه ولم نصل الى مناطق خطرة، وأكد وجود قناعة بأن يكون هناك توازن، وزا: ان جهاز الامن والمخابرات كان ضمن الفريق الذي تداول حول الاوضاع الاقتصادية ووافق على القرارات الاخيرة، واكد ان تبني هذه السياسات لم يأت على خلفية ضعف المعارضه وانما لقناعتنا بأننا ننفذ السياسة الموضوعية. وتابع: ولكن اذا كانت المعارضة قوية او ضعيفة لن ندعها تخرج الشارع وتهدد الإستقرار والأمن بغض النظر عن قوتها او ضعفها، واكد ان الجهاز يعلم المبالغ التي تسلمتها المعارضة، واضاف (أينما ذهبوا وطلبوا بعض الناس يمنحونهم للمجاملة والبعض الآخر لتنفيذ أجندة). وحول المظاهرات التي خرجت مؤيدة للرئيس البشير في حديثه عن الشريعة، قال ان جهاز الامن لم يشأ التعرض لها لانها مسيرة خرجت لتاييد الرئيس، لكنه عاد وقال انه تم استدعاء منظميها وإبلاغهم بضرورة اتباع الإجراءات القانونية قبل تنظيم المسيرة وبالخطوط الحمراء التي يفترض ان لا يتجاوزوها، واكد ان الفترة من يناير الجاري وحتى نهاية الفترة الانتقالية ستشهد اجراءات سيادية ستطبق بالتدرج فيما يتصل بأوضاع ما بعد الاستفتاء.
وكشف الفريق عطا عن طرد الحكومة لواحدة من العاملات في المنظمات الاجنبية كانت تحرض بعض الأطراف بدعاوي وجود ظلم لشرق السودان، كما أنها كانت تعمل لربط بعض السودانيين بأجهزة استخباراتية اخرى، ونفى ان تكون هنالك ازمة بين الحكومة وموسى محمد أحمد مساعد رئيس الجمهورية حول قضايا الشرق، وأضاف أنه على اتصال بموسى ومطمئن جداً لوعيه وإدراكه لضرورة درء المخاطر عن السودان وتقديره للمصلحة العامة، وتابع: موسى من الذين يلعبون «دوراً ممتازاً» في مكافحة استهداف السودان، وقال ان اختلاف وجهات النظر امر طبيعي، ولكن ليست هنالك اية مشكلة لموسى، واشار الى وصول وفد من اريتريا الى الخرطوم تأكيداً لوقفة بلاده مع السودان خلال المرحلة التي يمر بها هذه الايام.
وطمأن عطا، الشعب السوداني وابناء جنوب السودان بأنه لا خطر عليهم ولا على البلاد، واكد احتياج السودان لحوار يرسم طريق المستقبل بدلاً عن التعبئة الرخيصة التي تجعل الناس يدورون في حلقة مفرغة.
وأعرب الفريق محمد عطا عن شكره للحركة الشعبية التي قال إنها وجهت عناصرها في أبيي أمس بأنه ليس من خياراتها اعلان منطقة ابيي تابعة للجنوب من طرف واحد، ولكنه دعا الحركة في ذات الوقت للإيفاء بتعهدات قطعتها بطرد حركات دارفور من الجنوب، وقال ان منسوبي الحركات ما زالوا موجودين بالجنوب.
وحذّر عطا الذي كان يتحدث في تنوير للأجهزة الأمنية امس من قضايا قال انها قد تشكل بذوراً لتخريب الأمن خلال المرحلة الماضية حصرها في متبقيات عملية السلام «ترسيم الحدو» وابيي، الى جانب استضافة الحركة لمتمردي دارفور.
وقال عطا ان الحركة وجهت عناصرها في أبيي بأنه ليس من خياراتها اعلان منطقة أبيي تابعة للجنوب من طرف واحد، وأثنى على التزامها بأن يكون التعاون والحوار مدخلين لحل الازمة، واضاف ان الحركة اكدت خطأ الموقف الذي كان يدعو لاعلان ابيي منطقة. وعبر عطا عن أمله في ان يستمر الروح التي أبداها المؤتمر الوطني والحركة الشعبية لاحتواء قضية أبيي.
وطالب عطا، حكومة الجنوب بطرد حركات دارفور إيفاءً لالتزامها في هذا الصدد، ورغم ترحيبه بتعهدات سلفاكير ميارديت النائب الاول لرئيس الجمهورية، رئيس حكومة الجنوب، لكنه قال بأن هذه الحركات ما زالت موجودة في الجنوب.
وحذر عطا من ان وجود حركات دارفور في جنوب السودان قد تقود الى مواجهة اخرى بين الشمال والجنوب وتنسف المكاسب التي افرزت عنها العملية السياسية الطويلة التي انتجت اتفاقية السلام وأوقفت الحرب.
ونوه الى ضرورة الاعتناء بالعلاقات بين الشمال والجنوب بعد ان غامرت البلاد بالوحدة من أجل تحقيق السلام، ودعا الحركة الشعبية لإبعاد متمردي دارفور حتى لا ترجع بالبلاد مرة أخرى الى المربع صفر.
وكشف مدير الأمن بالتفصيل عن مواقع وأسماء قيادات حركات دارفور بالجنوب وقال ان اركو مناوي حينما خرج عن السلام اتجه الى جوبا وتبعه هروباً بعض قياداته، واضاف انه وقبيل عيد الأضحى كانت قد دخلت قوات العدل والمساواة الى جنوب السودان في وغرب شمال بحر الغزال، واضاف ان مناوي في جوبا وبرفقته حسين اركو مناوي وان عبد الواحد موجود في جوبا عبر عناصره عصام الدين عيسى ومحمد الفاتح في «واو»، واضاف ان الحركة افتتحت مكاتب في «3» مناطق ببحر الغزال.
واشار الى ان وجود حركة العدل والمساواة «قديم» ولكن لم تكن الحكومة تأبه به لانه لم يكن مؤثراً على الامن، وذكر ان العدل والمساواة موجودة في عدد من المواقع، واشار الى وجود جرحى نقلوا من اويل الى كبويتا عبر طيران الجيش الشعبي تم علاج عدد منهم وما زال «5» أفراد موجودين بكبويتا. واكد ان هنالك وجوداً عسكرياًَ في غرب بحر الغزال في منطقتين بشمال غرب راجا على الحدود مع افريقيا الوسطى، وقال ان هذه المنطقة يقيم فيها سليمان صندل، آدم بخيت، مهدي حسب الرسول وعوض نور عشر، واكد ان هنالك وجوداً في منطقة اخرى تدعي «قناقيس» اقرب لكافي كنجي من الحدود مع افريقيا الوسطى، وقال ان تلك المنطقة يقيم فيها آدم هارون واركو سليمان ضحية وبخيت كبجو ومعهم قوات عسكرية جديدة لتصعيد الوضع في دارفور. وإحداث نوع من عدم الاستقرار وقال ان وجود عبد الواحد متنقلاً بين نيروبي وكمبالا وجوبا من دلائل مثل هذا المخطط.
وذكر أن القيادة السياسية ممثلة في الرئيس ونائبه اتصلوا شفاهةً وكتابةً وقال عطا إنه ذهب الى جوبا والتقى سلفاكير ورئيس أركان الجيش الشعبي وعرض عليهم ما يحمله من معلومات ودلائل على وجود مسلحي دارفور وطالبهم بالمعالجة الشاملة لهذا الملف لأن بإمكانه ان يقود الى اندلاع الحرب من جديد. ونبه عطا الى ان القوى السياسية المعارضة تريد ان تستثمر في الاوضاع لإسقاط الحكومة بطرق مختلفة عبر الثورة الشعبية أو تمهيد الطريق لها عبر الانتفاضة، واضاف ان القوى السياسية بدأت تتداول حول هذا الامر. واكد ان السلطات لن تسمح بحدوث أي إخلال بالامن من اي طرف، وقال انه لن يكون هنالك تفريط في استقرار الاوضاع والنظام السياسي في السودان. ونوه أن جهاز الامن سيقاوم ويكافح محاولات إزالة النظام بمختلف الامكانيات المتاحة، ودعا عطا الجميع لحوار هادئ منتج يغذي الساحة السياسية بمزيد من الموضوعية والروح الوطنية حتى تتجاوز البلاد هذه المرحلة، ودعا القوى السياسية لعدم المزايدة حول حق تقرير المصير وتحميل الحكومة مسؤولية انفصال الجنوب الذي أجمعت عليه كل القوى السياسية، وتابع: لابد ان «نرمي قدّام» وعبر توجيه البلاد نحو البناء وتعزيز وحدة الشمال المستهدف ايضاً.
رد مع اقتباس.gif)
المفضلات