احباب الاردن التعليمي

النتائج 1 إلى 7 من 7

الموضوع: موقف الإسلام من الغرائز الإنسانية وأثره في حماية المجتمع من الجريمة

  1. #1
    عضو
    تاريخ التسجيل
    Tue Jun 2010
    الدولة
    mars
    العمر
    39
    المشاركات
    1,064
    معدل تقييم المستوى
    15

    Arrow موقف الإسلام من الغرائز الإنسانية وأثره في حماية المجتمع من الجريمة

    إن الغرائز يشقى بها الإنسان في إحدى حالتين :
    @ الحالة الأولى : الكبت : " والكبت – كما قرر علماء النفس التحليليون ، وعلى رأسهم فرويد – ليس هو الامتناع عن إتيان العمل الغريزي الذي تدفع إليه الطاقة الشهوية في الإنسان ، وإنما ينشأ الكبت من استقذار العمل الغريزي ، وعدم اعتراف الإنسان في داخل نفســـه بأنه يحق له أن يفكر في إتيان هذا العمل ، أو يحس بالرغبة في إتيانه ، وذلك إطاعة للذات العليا التي تمثل سلطة الوالد أو الإله .. إلخ ، أي إطاعة لقوة جبرية تحرم على الفرد هذا الإحساس .
    وعندما يشعر الإنسان أنه من العيب أو من المحرم عليه أن يحس بشهوة معينة يكبت هذا الإحساس أي أنه لا يسمح له بالظهور في نطاق النفس الواعية التي تواجه المجتمع والحياة الخارجية ، ولكن الطاقة التي تكمن وراء هذه الشهوة باقية ما تزال ، رغم كبتها وعدم التصريح لها بالظهور ، ومن هنا ينشأ الصراع بين هذه الطاقة الحبيسة وبين القوة التي حكمت عليها بالحبس والكتمان ، ومن هذا الصراع وعلى قدر شدته والملابسات الشخصية المحيطة به تنشأ الاضطرابات النفسية والعصبية .
    فأهم جانب يقوم عليه الكبت هو عدم اعتراف الإنسان بينه وبين نفسه – نتيجة التعاليم التي تلقن له – بأن من حقه الشعور برغبة معينة ، ومن هنا يتضح كيف أن التزمت الكنسي بتحريمه الرغبة في طيبات الحياة قد فتح الباب الذي تلجه الاضطرابات العنيفة المدمرة " (1) .
    والكبت باستمرار يولد الانفجار الذي يؤدي إلى الشقاء والدمار .
    @ الحالة الثانية : إطلاق العنان للغرائز : طلباً لإشباع وهمي لا يتحقق ؛ لأن الغــرائز تطلب المزيد دائماً ، ولا شك أن الحرية المطلقة مفسدة مطلقة ؛ إذ أن ذلك يؤدي حتماً إلى وقوع التصادم بين حرية الفرد وحريات الآخرين ، فيشقى الفرد ، ويشقى المجتمع .
    وإطلاق العنان للغرائز والشهوات يشقي الإنسان ، حيث يصير عبداً لشهواته الهابطة ، كارهاً لتكاليف الارتفاع عن مستوى الجسد ، وفي سبيل إشباع شهواته يفعل كل شيء ، ويرتكب من الجرائم ما يظن أنه مشبع لشهواته ، غير عابئ بالعاقبة .
    وكلتا الحالتين بمنأى عن المؤمن الذي يخضع لدستور دينه فيما يخص الغرائز الإنسانية .
    فما هو موقف الإسلام من الغرائز الإنسانية ؟
    لقد غلب على اليهود الطابع المادي ، فأطلقوا لأنفسهم عنان الشهوات ، فشقيت الإنسانية بماديتهم البغيضة ، وفي المقابل جاءت التعاليم المسيحية تدعو إلى التطهر الروحي ، والارتفاع على متاع الحس ، كما ورد في الإنجيل : " لا تهتموا لحياتكم بما تأكلون وبما تشربون ولا لأجسادكم بما تلبسون .. اطلبوا أولاً ملكوت الله وبره " (2) .
    ولكن الكنيسة قد بالغت في الاستناد إلى مثل هذه الأقوال حتى وصلت بها إلى الرهبانية التي تصادم الفطرة البشرية وتصيبها بالكبت الذي يؤدي في النهاية إلى نتيجة عكسية ، إلى الانغماس في الشهوات تحت أي ستار .
    أما الإسلام – دين الفطرة ، دين الوسطية والاعتدال – فقد سلك مع الغرائز الإنسانية منهجاً سامياً لا يطلق ولا يكبت ولكنه يهذب ويضبط .
    إنه دين يحترم الغرائز فيقرها ويعترف بها ويرسم لها الطريق الحلال لإشباعها بقدر لا يؤذي الفرد ولا المجتمع ، وهو ما يمكن أن يطلق عليه (التسامي بالغرائز الإنسانية) .
    % قال - سبحانه- : ) زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المآب ) (3) .
    % وقال - تعالى- : ( المال والبنون زينة الحياة الدنيا والباقيات الصالحات خير عند ربك ثواباً وخير أملاً ) (4) .
    % وقال – جل شأنه – : ( يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم ) (5) .
    % وقال – تباركت أسماؤه – : ( قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق .. ) (6) .
    إنه منذ البدء لا يفتح الطريق أمام الكبت ، بل يزيله قبل أن يحدث ، ولا يترك فرصة مهيأة لحدوثه ، فهو يعترف أن الناس يحبون الشهوات ، وأن هذه الشهوات مزينة لهم ، ولعل في تزيينها حكمة تقتضيها استمرارية الحياة .
    فحين يرى المسلم أن هذا أمر واقع ، وأن شرائع السماء تعترف بوجوده ، لا يجد في نفسه الاشمئزاز ولا النفور من هذه الشهوات ! ذلك الاشمئزاز الذي ينشأ عنه الكبت .
    ولكن هذا لا يعني بحال أن الإنسان يحق له أن ينطلق مع هذه الشهوات إلى آخر المدى حتى تستعبده وتخرج به عن إنسانيته .
    " ومن هنا لجأ الإسلام – لتقييد الاندفاع مع الشهوات – إلى عملية نفسية تسمى عملية (الضبط) ، والتي تحد من تيار الشهوة ، وتقف بها عند الحد الذي يمنع الضرر عن كيان الفـــرد ذاته ، وعن كيانه كعضو في المجتمع الإنساني في نفس الوقت ، وهو الحد الذي رسمه الإسلام لكل غريزة ، وتجاوزه ربما يدخل بالإنسان في نطاق الجريمة .
    والفارق الأساسي الهائل بين الكبت والضبط يتمثل في :
    أ- أن الأول عملية لا شعورية ضارة خطيرة ، أما الثاني فعملية واعية ، موطنها الشعور ، أو هي على الأقل تحت تصرف القوة الواعية في كل وقت .
    ب- أن عملية الضبط لا تتعرض للشهوة في منبتها وقبل أن تظهر في الشعور كما يصنع الكبت ؛ لأن ذلك يحبس النشاط الحيوي عن منطلقه الطبيعي ، ويضيع الجهد المذخور المطلوب لذاته لتحقيق بعض أهداف الحياة الأصيلة ، وهي أهداف يحرص الإسلام على تحقيقها وعدم التعرض لها .
    وإنما يتولى الضبط عمله بعد أن تخرج الشهوة من ظلمات اللاشعور إلى وضح الشعور ، وتكون مهمته أن ينظم مساربها ، وينظفها ، ويتحكم في القدر الذي يصرح به منها ، واللحظة المناسبة للتفريغ ، بحيث يوازن بين المطالب المختلفة للفرد ، أولاً بوصفه شخصية مستقلة فيمنعه من الإسراف المضر ، وكذلك بوصفه عضواً في الجماعة فلا يصرح له بإيذاء غيره ؛ حرصاً على المصلحة العامة التي تعود آخر الأمر على هذا الفرد ذاته بالخير العميم .
    هذا الضبط الواعي المنظم المتحكم هو الرقيب اليقظ الذي يحاسب النفس على أعمالها ، ويوجهها إلى طريق الصلاح حسب لوائح معروفة تمثل الدستور الإلهي الموضوع بحكمة وتدبير ، والذي تخضع له النفس عن اقتناع شعوري واعٍ بمعقوليته ومشروعيته وفائدته – حتى لو خفيت حكمته – لأنه من لدن خالق الخلق العليم بما فيه صلاحهم" (7) .
    والضوابط – التي تمثل صمام الأمان للغرائز الإنسانية أو للدوافع الفطرية يحميها من الانحراف أو الإسراف (8) ويوجهها إلى تحقيق الأهداف الإنسانية العليا – ليست قوة مفروضة على الإنسان من خارجه ، ولكنها قوة فطرية – كالدوافع – تولد مع الإنسان ، تولد كامنة في كيانه ، إلا أنها تحتاج إلى مساعدة خارجية توجيهاً وتهذيباً ؛ ليتم لها النماء والنضج وتقوم بدورها الضابط كاملاً في حياة الإنسان .
    ووجود الضوابط في داخل النفس – مع الدوافع – لا يزيد على أن يكون أحد مظاهر الازدواج في الكيان البشري (9) .
    ومما تجدر الإشارة إليه أن عملية الضبط لا تكون دائماً سهلة ميسرة ، فما من شك في أنها تكون – أحياناً – غاية في المشقة " ولذلك فإنها تحتاج إلى رياضة نفسية وإرادة قوية ، وكلما بدأ الإنسان في ممارسة عملية الضبط في وقت مبكر كان أقدر على احتمال تكاليفها ، وأحرى أن يصل فيها إلى درجة من التمكن والإبداع ، ولهذا يحرص الإسلام حرصاً شديداً على أن يبدأ التوجيه السليم من أول سنوات الطفـولة ، فيعود الطفل على ضبط رغباته – لا كبتها – منذ نعــومة أظفاره " (10) .
    والإسلام لا يدع الناس وحدهم في صراعهم الشاق مع شهواتهم ، بل يقدم لهم العون العملي والنفسي والروحي ؛ ليساعدهم على الوصول إلى الهدف المنشود :
    * فمن الوجهة العملية : يحثهم على الرياضة البدنية ؛ أخذاً بأسباب القوة ، كما يشغلهم بالعمل والجهاد ؛ تعميراً للأرض ، وإعلاء لكلمة الله ، والمشغلة هي الطريقة العملية لصرف الناس ما أمكن عن هواتف الشهوات ، حيث إنها تستنفد جزءاً كبيراً من الطاقة الحيوية المذخورة فتقلل من ضغطها على الأعصاب ، إضافة إلى ذلك فإن الفرد إذا تعود أن ينشغل عن داعي شهوته فترات طويلة قل اندفاعه في تيارها دون أن يشعر بكبت ولا حرمان ، وإن كان الإسلام لا يصل في ذلك إلى الحد الذي يقتل النوازع الفطرية أو يصرف الإنسان عنها نهائياً ، لأن ذلك يخل بنظريته العامة في التوازن ؛ ومن أجل هذا حرمت الرهبانية في الإسلام .
    * ومن الوجهـة النفسية والروحيـة : تأتي العبــادات الإسلاميــة كأبرز أسلوب للعلاج النفسي ، والتطهر الروحي ، والضبط الإرادي القوي ، والتعايش الاجتماعي ، حيث إنها تصل النفس بخالقها ، فتنهل من معينه ما يصلح صلتها بالخلق :
    $ فالصلاة ( تنهى عن الفحشاء والمنكر … ) (11) ، فهي وسيلة لهدف آخر ، هو تطهير النفس من الفحشاء ، أو معاونتها على التطهر بالتذكير الدائم بصلة المخلوق بخالقه .
    $ والصوم تجنيد للنفس ، أو تمرين على الإرادة الضابطة التي يتوسل بها الإنسان لضبط شهواته والتحكم فيها : ( . . كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون ) (12) .
    $ والزكاة ضبط لشهوة المال ، وتطهير من رذيلة الشح ، وتوسيع لأفق المشاعر عن الدائرة الذاتية الضيقة إلى الإنسانية في ميدانها الواسع الفسيح : ( خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها . . ) (13) .
    $ والحج – لمن استطاع إليه سبيلاً – له أثره الساحر في تطهير النفس وتقريبها من المثل العليا ، لأن المثول بين يدي الله في بيته المكرم ، والحياة فترة من الوقت في ظلال الرسول الكريم –e– قريباً من إشعاعه قرباً مادياً ومعنوياً ، كل ذلك يتسرب في النفس ، فيصل في أعماقها إلى ما لا يستطيع شيء آخر أن يصل إليه .
    فالعبادات كلها إذن وسيلة لا غاية ، وسيـلة لمعاونة الفرد في ضعفه ؛ لكي يرتفع إلى حيث ينبغي أن يكون (14) .
    هذا هو موقف الإسلام من الغرائز الإنسانية : يعترف بها ، ويرسم لها الطريق الحلال لتصريفها ، ويضع لها حدوداً تمنع ضررها عن الفــرد والمجتمـع ، ويقيم في داخل النفس إرادة واعية يكل إليها ضبط الشهوات ؛ حتى لا يَشقى الإنسان بغرائزه ويُشقي بها غيره .
    منقول

  2. #2
    عضو
    تاريخ التسجيل
    Sat May 2007
    الدولة
    أم الدنيا وارض الكنانه
    العمر
    39
    المشاركات
    120,668
    معدل تقييم المستوى
    21474974
    جزاك الله كل خير
    وبارك الله فيك

    [IMG]http://dc03.***********/i/01751/u674s73prh3c.gif[/IMG]

  3. #3
    عضو
    تاريخ التسجيل
    Wed Jun 2008
    الدولة
    صانعة رجال البواسل رجال الهيه المملكة الهاشمية
    المشاركات
    146,552
    معدل تقييم المستوى
    11586669




    بارك الله فيك
    جزاك الخير كله




  4. #4
    عضو
    تاريخ التسجيل
    Mon Jun 2010
    الدولة
    حيث يخلد قلبي الى السكون
    المشاركات
    10,243
    معدل تقييم المستوى
    24

  5. #5
    عضو
    تاريخ التسجيل
    Wed Oct 2009
    المشاركات
    501
    معدل تقييم المستوى
    15
    جزاك كل خير

  6. #6
    عضو
    تاريخ التسجيل
    Fri May 2010
    العمر
    27
    المشاركات
    1,244
    معدل تقييم المستوى
    900042
    جزاك الله خير
    الف شكر
    يعطيك الف عاااااااافيه
    احتراامي

  7. #7
    الاداره
    تاريخ التسجيل
    Tue May 2009
    الدولة
    الرايه الهاشميه حفظها الله
    المشاركات
    212,599
    معدل تقييم المستوى
    21475064
    جزاك الله كل الخير وجعله في ميزان حسناتك
    ليس من الصعب ان تصنع الف صديق فى سنة
    لكن من الصعب ان تصنع صديقا لألف سنة
    يكفيني فخرا انني ابن الرايه الهاشميه

المواضيع المتشابهه

  1. كلمات في الحب و الخيانه!!...
    بواسطة معاذ المهندس في المنتدى منتدى كان ياما كان
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 20-01-2013, 11:24 AM
  2. مطلوب خطة طوارئ
    بواسطة يقين اوس في المنتدى طلاب - منتدى طلاب الاردن
    مشاركات: 7
    آخر مشاركة: 25-04-2010, 01:11 AM
  3. نبيل المشيني
    بواسطة رفيق الاحزان في المنتدى شخصيات اردنية عربية بارزه بالتاريخ
    مشاركات: 10
    آخر مشاركة: 09-02-2010, 04:29 AM
  4. السح دح انبووو ..... قطار الزرقاء واخيرا" خلصوه.. وتصورت فيه تعالو شوفوني
    بواسطة وسام الامير في المنتدى منتدى سوالف وسعه صدر
    مشاركات: 17
    آخر مشاركة: 11-09-2009, 09:15 AM
  5. كيف تتخلص من العصبية الزائدة؟؟!!
    بواسطة A D M I N في المنتدى منتدى كل مشكلة والها حل
    مشاركات: 14
    آخر مشاركة: 27-04-2009, 03:22 PM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
معجبوا منتدي احباب الاردن على الفايسبوك