قالت العرب .. ليس اكذب من شابّ تغرّب وشايب ماتت اجياله .. قالوها في زمن ما قبل الصحافة والاعلام المرئي والمسموع .. وتدوين المذكرات واليوميات .. واصطفاف المؤرخين خلف الجيوش وقادة الدول .. ومرافقة الصحفيين للجنود في الخنادق خلال الحروب .. وانشاء دوائر حفظ الوثائق .. ابتداء من قرارات مجالس الحرب وانتهاء بحادثة الحارس الذي يحذر المارين في اروقة مجلس الوزراء البريطاني من الدهان على الجدران بعد مرور عشرة اعوام على جفاف الطلاء .
تحدث محمد حسنين هيكل في قناة الجزيرة عن وقائع الحرب العربية الاسرائيلية عام 1967 بانتقائية في المعلومات والوثائق مضيفا لها رأيه الشخصي . الذي لم يسعف جمال عبد الناصر بمعرفة احوال الجيش وقائد الجيش المصري قبيل حرب 1967 . في كتاب الانفجار يصنع من سؤال للرئيس الجزائري هواري بو مدين عن حالة الاردن في الحرب .. متوالية من الشكوك بالتقصير اذا جاز التعبير .. وهيكل يجيز التعبير سامحا لنفسه بدس السم في الدسم معتبرا نفسه حجة في الاطلاع على ارشيف منشية البكري حتى انه ينشر صور وثائق سرية كاملة ، انتقلت بقدرة قادر من خزائن رئيس الجمهورية الى خزائن رئيس تحرير الأهرام ، يقول ان عبد المنعم رياض قائد الجبهة الاردنية في الحرب كان مشروع ضيف وليس قائدا عسكريا .. يتجاهل برقيات الفريق عبدالمنعم رياض الى المشير المسطول في القاهرة عن هجوم الاسرائيليين المركز على الضفة الغربية ومقاومة الجيش العربي الاردني له . وبرقية تذكر تدمير الطائرات الاردنية والسورية والعراقية . ويصنع من سؤال هواري بو مدين مشروع تحقيق مصري في الجبهة الاردنية . قبل الجبهة المصرية التي خسرت رجالا لم نزل نتحسّر على دفنهم تحت رمال سيناء .
لا يخبرنا عن مصير المسؤول عن تغيير موجة اللاسلكي بين محطة رادار عجلون ومحطة الدفاع الجوي المصري في قلعة محمد على بالقاهرة ، والراصد الاردني يشاهد اسراب الطائرات الاسرائيلية تتجه الى ارض الكنانة ويصرخ بالانذار السري .. عنب عنب عنب .. والذين اختاروا احرف هذا الانذار بالمورس ، اختاروه لسهولة وسرعة ارساله من ثلاثة احرف ( . - . - ـ - . ـ - ...) وهو مماثل لنداء الاستغاثة الذي اطلقته سفينة التايتانيك قبل ان تغرق (sos)مختصر انقذوا ارواحنا ( ... - - ...) .
يتجاهل الصحفي الأوحد ( هكذا لقبّه زملاؤه في المحروسة ) شهادات ومذكرات قادة الميدان في الجيوش المصرية والاردنية والعراقية والسورية .. وينكفئ على ما يختار من وثائق بين يديه يضيف لها رايه الشخصي بتحريف مكشوف اثار الباحث العربي المتميز سيار الجميل حتى يكتب مجلدا كاملا عن هرطقة الاستاذ بعنوان (تفكيك هيكل).
ترى.. هل يجرؤ الصحفي الاوحد وهل تجرؤ قناة الجزيرة معه على عقد ندوة (قريبة من الاتجاه المعاكس) بين هيكل والاحياء من شهود الحرب مع مذكرات ووثائق الاموات منهم ؟.... سيعتذر الاستاذ لأنه يريد ان يكون المتكلم الأوحد كما كان الصحفي الأوحد.
محمود الزيودي
المفضلات