*** لا حاجة لهذا النعيق ...... !!! ***
كل هذا النعيق، الذي يشبه نعيق غربان الشؤم، لا ضرورة له فوضع الأردن على قلة إمكانياته هو أفضل من وضع أي دولة من دول المنطقة.. إنه مستقر أمنياً وأن جبهته الداخلية لم تكن متماسكة كما هي اليوم وأن أوضاعه الاقتصادية بخير والحمد لله رغم وصول أسعار النفط الى أرقام فلكية ورغم ان هناك أزمة غذاء عالمية جعلت حتى ولاية ''كاليفورنيا'' التي هي أغنى الولايات الأميركية وأغنى من معظم دول العالم، حتى بما في ذلك الدول النفطية، تقنن مبيعات '' الأرز '' حتى للمستهلكين الأفراد.
غير صحيح ان الأردن لم يقف '' دائماً '' إلاَّ الى جانب الطرف الخاسر فهو وقف الى جانب العراق في حرب الثمانية أعوام مع إيران لأن العرب كلهم وقفوا هذا الموقف بإستثناء دولة واحـدة وهو لم ينضم الى التحالف الذي قادته أميركا لإخراج القوات العراقية من الكويت، كما فعلت بعض الدول التي ترفع رايات '' الممانعة '' لأن له رأياً آخر ولأنه كان يراهن على إمكانية ان يكون الحل عربياً ومن خلال الجامعة العربية على غرار ما حصل في بدايات ستينات القرن الماضي في عهد عبدالكريم قاسم المشؤوم.
من هي الجهة التي يتحالف الأردن معها الآن..؟!.
إنه يتحالف مع منظمة التحرير الفلسطينية لأنه يعتبر قيام الدولة الفلسطينية المستقلة بحدود الأرض التي أُحتلت في العام 1967 هدفاً نبيلاً وإنجازاً وطنياً وقومياً يحقق للشعب الفلسطيني حقوقه التي نصَّت عليها قرارات الشرعية الدولية ويجنب الأردن أخطاراً كثيرة أولها العودة لوضع ما قبل حرب حزيران ( يونيو ) وثانيها استقبال أفواج جديدة من اللاجئين الفلسطينيين وثالثها الوطن البديل والتوطين.
وهنا وإذا كان هذا الهدف قد تعثر لأسباب متعددة في مقدمتها هذا التصدع الذي أصاب الجبهة الداخلية الفلسطينية بعد انقلاب غزة المشبوه فعلاً فإن هذا لا يعني ان الأردن يقف مع الطرف الخاسر وأن عليه ان يغير موقعه ويقف الى جانب حركة '' حماس '' التي هي، كما قال السفير الإيراني السابق في دمشق محمد حسن اختري الذي يعتبر الآن أقرب المقربين الى مرشد الثورة الإيرانية علي خامنئي، صناعة إيرانية مثلها مثل حزب الله وحركة الجهاد الإسلامي والتي ما تزال تشكل أحد '' براغي '' فسطاط الممانعة الذي غير معروف ما الذي يمانعه وما الذي يقاومه ما دام ان الفرحة بالوساطة التركية بددت كل آمال الذين روَّجوا لحرب التحرير الشعبية الطويلة الأمد '' القادمة''!!.
وإنه، أي الأردن، '' يتحالف '' وفي حقيقة الأمر ينسق مع مصر، الشقيقة الكبرى من عهد فاروق الى عهد عبدالناصر الى عهد السادات.. والى الآن، ومع المملكة العربية السعودية لإسناد الشعب الفلسطيني في معركة إقامة الدولة المستقلة ولدعم العراق والتصدي لكل التدخلات الخارجية في شؤونه الداخلية وأولها التدخل الإيراني ولمواجهة الإرهاب الذي ضرب عندنا هنا والذي ما يزال يستهدف هذا البلد كما يستهدف كل الدول الشقيقة بلا استثناء من البصرة في الشرق وحتى تطوان في الغرب.
إذا لم يتحالف الأردن وينسق مع السعودية ومصر والإمارات والكويت.. وأيضاً مع العراق والمغــرب.. والدول العربية التي لا تستظل بظل '' فسطاط الممانعة '' فمع من ينسق إذاً..؟.. هل يتحالف مع إيران وأتباع إيران وهل يسكت عن كل هذا التدخل الإيراني السافر في الشؤون العراقية الداخلية وفي شؤون كل دول الخليج واليمن ومعظم دول المغرب العربي.. هل المطلوب الموافقة على احتلال الجزر الإماراتية الثلاث وعلى ان الخليج ليس عربياً وإنما فارسيٌّ..؟ هل المطلوب الموافقة على ما قام به حـزب الله في بيروت الغربية.. ما هو المطلوب؟!.
ثم وإذا كان موقع الأردن ليس بين دول '' الإعتدال '' فأين يكون.. هل توجد هناك دولة عربية واحدة حتى بما في ذلك الشقيقة سوريا لا تريد سلاماً مع إسرائيل وفقاً لقرارات الشرعية الدولية ولم تعلن مراراً وتكراراً ان خيار العمل العسكري لم يعد وارداً و أنه لا خيار غير خيار السلام..؟ هل المطلوب ان يلغي الأردن إتفاقية وادي عربة ويفتح حدوده الغربية والشرقية للزحف الجهادي الإيراني؟ هل المطلوب إغلاق السفارة الأميركية وإعلان الحرب على أميركا.. ما هو المطلوب..؟!.
كان محمد حسنين هيكل في ذروة عهد عبدالناصر قد حذَّر من مناطحة '' الثور الأميركي الهائج ''.. والآن وبينما أوروبا وروسيا والصين وكل دول العالم بإستثناء فنـزويلا وإيران تسعى للتفاهم مع أميركا وتعزيز عوامل التعاون واللقاء معها فهل المطلوب ان يعلن الأردن الحرب عليها ويقطع علاقاته معها..؟ لاشك في ان الرئيس الاميركي قال كلاماً إستفزازياً مرفوضاً في خطابه قبل أيام أمام الكنيست الإسرائيلي لكن هل ان الرد يكون بإلغاء إتفاقية وادي عربة وبقطع العلاقات مع الولايات المتحدة أم بمواصلة العمل الدؤوب لتطوير المواقف الأميركية إزاء إستحقاق الدولة الفلسطينية المستقلة وعلى غرار ما قاله جلالة الملك أخيراً في شرم الشيخ وما كان قاله أمام الكونغرس الاميركي.. وأمام البرلمان الأوروبي وما بقي يقوله ويردده في كل زياراته لكل دول العالم..؟!.. إن الأردن بخير.. وإن خياراته صحيحة وأنه يقف بالضبط الموقف الذي يجب ان يقفه.. ولذلك فإنه لا حاجـة لكل هذا النعيق والصراخ!!
المصدر
جريدة الراي الاردنية
صالح القلاب
المفضلات