*** هل يعي العرب في قمة دمشق ما يتعرّض إليه لبنان .... ؟ !!! ***
Gmt 2:00:00 2008 الخميس 27 مارس
الرأي العام الكويتية
خيرالله خيرالله
من يستمع إلى الخطاب الأخير للسيد حسن نصرالله الأمين العام لـ «حزب الله» في الذكرى الأربعين لعماد مغنية المسؤول العسكري والأمني للحزب الذي اغتيل غدراً في دمشق، يتأكد من أن لبنان مهدد.
لبنان يتعرض إلى هجمة إيرانية سورية تستهدف تفتيته والقضاء عليه. تلك الخلاصة التي يخرج منها بعد خطاب نصرالله أي عربي عاقل حريص على لبنان يرفض أن يكون الوطن الصغير مجرّد «ساحة» إيرانية سورية تستخدم لابتزاز العرب وغير العرب.
من هذا المنطلق لا قيمة تذكر لقمة دمشق ما دام ليس في استطاعة العرب تسمية الأشياء بأسمائها وتحديد من المسؤول عن تعطيل المبادرة العربية في لبنان. كيف يمكن للعرب أن يجتمعوا في ما النظام السوري المتحالف مع النظام الإيراني يتابع حملته الهادفة إلى تكريس الفراغ الرئاسي في لبنان عبر تعطيل المؤسسات الشرعية اللبنانية كلها الواحدة تلو الأخرى. لم يعد ينقص سوى تعطيل مؤسسة مجلس الوزراء التي تقف حاليا في وجه عملية إسقاط لبنان وتفتيته.
ما يشهده لبنان حالياً محاولة جديدة لإلغاء البلد عن طريق ميليشيا مسلحة تتلقى أسلحة وتمويلاً من إيران عن طريق الأراضي السورية. في العام 1990، حاول صدّام حسين شطب الكويت عن خريطة المنطقة بعدما جعلها المحافظة العراقية الرقم 19. فشل في ذلك وخرج الشعب الكويتي منتصراً بفضل تضامنه أولاً. في العام 2004، بدأت جهود سورية مماثلة لا هدف لها سوى تأكيد أن لبنان ليس سوى محافظة تابعة للجمهورية العربية السورية. كانت الخطوة الأولى على هذا الطريق التمديد لإميل لحود في رئاسة الجمهورية في سبتمبر من تلك السنة. لم يكن الهدف من التمديد الذي أمر به الرئيس بشّار الأسد وفرضه بالقوة على النوّاب اللبنانيين حماية النظام السوري فحسب، بل تكريس أمر واقع أيضاً. يتمثل الأمر الواقع في تثبيت تقليد فحواه أن يختار الرئيس السوري من يكون رئيساً للجمهورية في لبنان على غرار اختياره المحافظين أو رؤساء الأجهزة الأمنية في بلاده.
هذا ما يتعرض إليه لبنان حالياً. إنه انقلاب بكل معنى الكلمة يستهدف وضع اليد عليه.
ما فائدة قمة عربية لا يستطيع المشاركون فيها القول بالفم الملآن للرئيس السوري إنه ليس من حقه تمرير أسلحة إلى لبنان ودعم ميليشيا مذهبية في البلد الجار، وليس من حقه ارتكاب جرائم في لبنان، وليس من حقه التخلص من كل من لا يعجبه في لبنان، وليس من حقه منع البرلمان اللبناني من انتخاب رئيس للجمهورية بعد رحيل إميل لحود إلى منزله... وليس من حقه تسليط «حزب الله» على وسط بيروت لضرب الاقتصاد اللبناني، وليس من حقه إرسال إرهابيين إلى مخيم نهر البارد لضرب مؤسسة الجيش اللبناني.
من حق لبنان على العرب الوقوف معه. وذلك يكون بإعلانهم صراحة بأن مناورات النظام السوري لم تعد تنطلي على أحد، وأن الحلف الذي أقامه هذا النظام مع النظام الإيراني في خطورة ما يمثله العدو الإسرائيلي من خطر على الأمن العربي. انه محور إيراني سوري يستخدم المذهبية في تحركه في المنطقة بدليل أن رأس حربته في لبنان حزب مذهبي مسلح لا همّ له سوى الدفاع عن المصالح الإيرانية. كل ما يريد «حزب الله» إثباته أن إيران دولة على تماس مع إسرائيل، كما أنها دولة على البحر المتوسط، إضافة إلى امتلاكها لقرار الحرب والسلم في لبنان والمنطقة. أليست مصلحة إسرائيل في انتشار مثل هذا النوع من الأحزاب في المنطقة هي التي تصر على أن تكون دولة يهودية والاعتراف بها على هذا الأساس في أي تسوية يمكن التوصل إليها مستقبلاً، شرط أن تكون التسوية على حساب الحقوق الفلسطينية في القدس الشرقية والضفة الغربية تحديداً؟
الموضوع يتجاوز القمة العربية. يذهب العرب إلى دمشق وهناك للمرة الأولى من ينادي بوجود توازنات جديدة في المنطقة نتيجة الاحتلال الأميركي للعراق وخروج إيران الطرف الوحيد المنتصر من الغزو الذي تعرض إليه بلد عربي كان إلى الأمس القريب عربياً، ومن بين الأعضاء المؤسسين لجامعة الدول العربية. ما على العرب مواجهته في قمة دمشق حلف بزعامة إيران يمتد من طهران إلى بغداد... إلى دمشق. يسعى هذا الحلف إلى ضم بيروت إليه بشكل نهائي. لذلك نراه أقام مستعمرة مسلحة وسط المدينة على طريقة المستعمرات التي أقامتها إسرائيل في الضفة الغربية والجولان المحتل. ولذلك، نرى النظام الإيراني يحاول تغيير طبيعة المجتمع اللبناني من داخل، بعدما وضع يده على الطائفة الشيعية الكريمة في لبنان من جهة ومن خلال شراء الأراضي في مناطق لبنانية مختلفة للربط بين الجزر الأمنية التي أقامها في الوطن الصغير من جهة أخرى.
من دون هذا الفهم لطبيعة الصراع القائم في لبنان وأبعاده على الصعيد الإقليمي لا حاجة إلى قمة عربية لا يوجد حتى الآن من يطبل لها سوى النظام السوري الذي يعتقد أن العرب سيأتون إلى دمشق لتغطية الانقلاب الذي ينفذه في لبنان بتغطية من أولياء نعمته في طهران. يفترض في العرب، في حال كانوا جديين أن يقولوا في القمة إن اللعبة الإيرانية السورية لم تعد تنطلي على أحد، وأن المبادرة العربية واضحة كل الوضوح، وتبدأ بانتخاب العماد ميشال سليمان رئيسا للبنان. هل يقف العرب مع لبنان، أم يذهبون إلى دمشق للاعتراف بالتوازنات الإقليمية الجديدة التي يحاول الإيراني والسوري فرضها عليهم؟ هل يتذكرون أن صدّام حسين ما كان ليقدم على جريمة احتلال الكويت لولا أنهم سايروه أكثر مما يجب بحجة المحافظة على التضامن العربي. الوقت ليس وقت أنصاف الحلول مع النظام السوري. الوقت وقت القول له إن ما يفعله النظام في لبنان ليس مقبولاً، وإن مسؤولية تعطيل انتخاب رئيس جديد للجمهورية تقع عليه مباشرة...
وإن عودته إلى لبنان ليست واردة.
هل بين العرب من يتجرأ على قول هذا الكلام في دمشق كي يكون للقمة معنى بدل أن تكون قمة تكريس العجز العربي أمام المحور الإيراني السوري بطابعه المذهبي المقيت! هذا ما هو على المحك عربياً. إما يقاوم العرب التوازنات الجديدة التي تحاول إيران فرضها عليهم أو يرضخون لها.
من يرضخ للابتزاز السوري في لبنان يكن استسلم للنظام الإيراني الذي بات يسيطر على جزء من العراق ويتحكم بما يجري في غزة ويقيم جزراً أمنية خاصة به في لبنان! من يرضخ للابتزاز السوري يصدّق تلك الكذبة الكبيرة بأن قمة دمشق ستكون قمة فلسطين. من يتاجر بفلسطين صار يريد قمة لها في دمشق لعلّ ذلك يغطي على ما يرتكبه في حق لبنان واللبنانيين. آن الأوان كي يكون هناك من يقول الحقيقة. اليوم، لبنان هو الضحية. من ستكون الضحية العربية الأخرى غداً.
هذا السؤال لن يعود مفر من طرحه في حال عدم وضع حد لتلك المسرحية المكلفة القائمة على فكرة أن الانتصار على لبنان بديل من الانتصار على إسرائيل!
المصدر
ايلاف
السياسية
المفضلات