أبواب
أطفال لا يقطعون الأشجار ويحبون الجَمال ..!
نستغرب لماذا أطفالنا يعبثون بأشجار الحدائق العامة ومقاعدها والعابها الترفيهية ,ونتساءل لماذا يكسرون مصابيح الشارع ,أو يشوهون سيارة بتشخيط مسمار,او قلم ويمضون الى حال سبيلهم وكأن شيئا لم يكن..!
الاستغراب سيزول ,ان بدأنا بتدريس علم الجمال لطلابنا في المراحل المبكرة من تعليمهم لكي نخرّج جيلاً يقف أمام لوحة ما, فيشعر بالامتنان والتقدير لما فيها من إبداع, ويتأمل شجرة فيقدر معنى الجمال والخضرة وذلك يقرب الطفل والراشد من جوهرنا الإنساني ويجعلنا أرقى اجتماعياً وأكثر نفعاً لحياتنا .
فالغرض من التربية الجمالية هو أن ننمي في الطفل حب الجمال و تقديره والإعجاب به ,والقدرة على إصدار حكم جمالي وتذوقه.
الأثار التربوية للجمال مهمة، وتنعكس على الطفل وتشكل هويته المقبلة إلى جانب معان أخرى كثيرة، منها النظافة ونشر الخضرة وحسن الهندام والحفاظ على الطبيعة، وغيرها من المقومات التي تشكل وعي الإنسان وسلوكياته. من هنا كان الجمال علما يدرس، ومطلبا حيوياً من مطالب الشخصية السوية وعاملا مساعدا للتخلص من السلوكيات الاجتماعية الخاطئة التي تنتشر بيننا.
ولا يمكن أن نغفل الجانب النفسي في الموضوع، حيث يتمتع الطفل الذي نشأ على حب الجمال والمحافظة عليه بقيم روحية ونفسية إيجابية تميزه عن الآخرين وتجعله يتعامل مع محيطه بالاحترام ويؤكد المختصون بالطفولة المبكرة أن أحساس الطفل بالجمال قد لا يكون أمرا مكتسبا تماما لأن الاحساس بالجاذبية البصرية يتأصل في الدماغ عند الولادة.
فمن المعروف أن الأطفال يظهرون اهتماماً بالنظر الى صور الأشخاص ذوي الملامح الجذابة.فالجمال ليس في عين من يراه ولكنه في دماغ الطفل الوليد.ويرجع ذلك الى نشاط جهاز الحواس لديهم كما أوضحت النظريات التربوية الحديثة أن الطفل يولد مزوداً بغريزة حب الجمال فالإنسان بفطرته يحب كل جميل وينجذب إليه. من هنا تبدو الحاجة ملحة لتدريس علم الجمال لطلابنا في المراحل المبكرة .
ويظهر الأطفال الرضع علامات تلقائية على، ما يفضلونه بصريا، فهم يحبون مشاهدة الأشياء المتحركة، وليس الثابتة ويفضلون النظر الى المثيرات ثلاثية الأبعاد وينجذبون الى الوجوه.
وعندما يخير الأطفال في النظر الى صورتين لوجهين فانهم عادة يفضلون ويمعنون النظر في صورة الشخص ذي الملامح الأجمل و الأكثر جاذبية بين الاثنين. واجب الاهل تشجيع مبادرات الأطفال وحثهم على التأمل ، واللمس ،و التحسس ، لاكتشاف الإحساس والاستجابة بطرق متنوعة كما ان اثارة انتباه الطفل والإنصات لردود فعله من القضايا المهمة , فالأطفال يختلفون بانطباعاتهم عن الأشياء ذاتها, وينصح باصطحابهم الى اماكن الطبيعية والمتاحف من اجل إتاحة الفرصة للطفل لخوض تجارب بصرية وتشكيلية حقيقية, تطورالإحساس بالثقة لديه وتبني ثقة الطفل بقدرته و تميزه وطرق تعبيره عن هذا التميز من خلال احترام موجودات الطبيعة.
وتعد قراءة القصص للطفل وتشجيعه على قراءتها ، وكذلك تصفح كتب مصوره، و مشاهدة شرائح وأفلام والمشاركة في الأستماع الى أغان والعاب والاستماع للموسيقى وفعاليات في الحركة والرقص وتزويده بمجموعة من الصور، لتفحصها معينات مهمة تزيد حدة الإدراك البصري لديه.
ويمكن استعمال الصور لعرض موضوع معين ، وكذلك مجموعة من الروائح المختلفة لنباتات عطرية من مثل القرفة ، عطر، فضلاً عن الاهتمام بعمل الطفل بشكل فعال وتشجيعه ,وذلك من خلال عرض أعمال الأطفال وإبراز الاحترام لعملهم ويستحسن مشاركة الطفل في عرض عملة ,من خلال تخصيص مكان ثابت للطفل ليعلق عليه أعماله ،وإعطاء حق القرار الطفل متى يعلق العمل ومتى يبدله بغيره,وهذه المحفزات تستطيع أن تنجزها المدارس بسهولة ودو ن تكلفة تذكر سواء في ساحاتها او جدران الغرفة الصفية..
فتنمية الوعي بالجمال والتدريب على طرق التذوق الجمالي، يمكن أن يتم في المدرسة والمنزل والشارع وغيرهما، وهناك العديد من الأمثلة والمشاريع والتي يمكن أن تكون مجالا خصبا لتعليم حب الجمال والتدريب على المحافظة عليه مثل زرع شجرة صغيرة أمام المنزل أو إضافة الخضرة في الزوايا ومداخل العمارات، تنظيف الشوارع والشواطئ والحدائق في مبادرات تطوعية، ترتيب الغرفة وتنسيق الأزهار، وغيرها من الأفكار التي تضيف على الحياة أهم بعد وهو الجمال, وبذلك يمكن أن نسهم في تنشئة جيل جديد محب للجمال ومحافظ على مدينته وشارعه ومدرسته.
د. أميمة محمد عمورة
المفضلات