وليد سليمان - حفلات شاي ياباني تمت اقامتها في عمان خلال شهر تموز الماضي في المتحف الاردني الجديد الكائن بمنطقة راس العين وذلك ضمن معرض شعبي ياباني للحرف اليدويه حيث شاهدت ابواب الراي اعمال خياطة وزخارف وتلوين الاقمشة والالبسة اليابانية الشعبيه ثم مشغولات الخزف الفخارية وكذلك المنتوجات المعدنيه و الخشبية و الخيزران والزجاجيه والورقيه وادوات الكتابة .
ومن خلال كتيب خاص تم توزيعه على الحضور فيه شرح عن اهمية ومكانة اعداد وشرب الشاي في الحياة اليابانية نقرا ما يلي :
اصبح الشاي مشروبا شعبيا في جميع انحاء العالم بيد انه لم يسهم في ثقافة اي بلد قدر اسهامه في الثقافة اليابانية حيث اكتسب اعداد الشاي واحتسائه مغزى فني واصبح عملا فنيا واضح المعالم .
ففي اليابان عندما تقدم الدعوة للقاء احتساء الشاي يتوقع المدعوون الجلوس في غرفة صغيرة والاستمتاع بصحبة بعضهم البعض بعيدا عن عالم الحياة اليومية . ويكون المضيف قد نظف الغرفة وعلق الزينات واوقد النار لتسخين الماء اللازم في لاعداد الشاي فضلا عن اعداد وجبة خفيفة رغبة في جعل اللقاء ممتعا قدر المستطاع . ويعتبر هذا اللقاء المظهر الخارجي لاحساس داخلي عميق يتولد لدى الفرد من خلال دراسة واتباع قواعد (الشادو) ومعناها (طريق الشاي) .
وبالرغم من ان لفظ الشادو هو لفظ حديث نسبيا .. فان قواعد اعداد الشاي واحتسائه ترجع الى القرن (15) فمسحوق الشاي الاخضر الذي يقدم في لقاءات الشاي احضره الى اليابان رهبان طائفة (زن) في القرن (13) عند عودتهم من بعثة دراسية من الصين . وكان هؤلاء الرهبان في ذلك الحين يستخدمونه كمنبه يساعدهم على الدراسة واتامل كما كانوا يعتبرونه اعشابا طبية لها قيمة .
بهذه البداية المتواضعة استطاع اساتذة الشاي الذين نذروا انفسهم للشادو تطوير نوع من الفن الجميل الذي اندمج في الثقافة اليابانية الا ان استاذا واحدا للشاي ادرك في حياته ادراكا عميقا هذا الفن كاسلوب حياة ووضع قواعد للشادو كوسيلة لتحويل الحياة ذاتها الى عمل فني وهذا الاستاذ هو سن ريكيو 1522-1591 وهو شخصية رائدة في مجال الفنون والسياسة في عصره القديم .
فالقواعد الفنية التي وضعها سن ريكيو هي من صميم الفنون والمهارات اليابانية كما انها اساس الذوق والادب اليابانية الرفيعة .
لقد اوجز سن ريكيو المبادئ والاداب اليابانية ل (شادو) في اربع خصائص هي :
- الانسجام : اي الانسجام بين الناس وانسجام الناس مع الطبيعة وانسجام ادوات الشاي مع طريقة تقديمها .
- الاحترام : اي احترام جميع الاشياء النابع من مشاعر الامتنان الصادقة لوجود الانسان ذاته .
- الطهارة : وتنطوي على النقاء الروحي والنظافة المادية .
- السكينة : او سلام النفس الذي يتحقق مع تحقيق المبادئ الثلاثة الاولى .
لقد رهبان (زن ) الذين ادخلوا الشاي الى اليابان الاساس الروحي للشادو معن طريق البحث في جوهر الحقيقة اتاحت تعاليم طائفة زن البوذية لاساتذة الشاي مجالا فسيحا لتطوير فن الشاي واصبحت ادوات الشاي والبراعة في الفنون الجمياة التطبيقية وتصميم قاعات الشاي وبناؤها وفن عمارة الحدائق والمطبوعات وكثيرا غيرها . ولا تزال مدينة كيوتو غنية بتراثها رغم مضي قرابة ( 400 عام ) منذ كان سن ريكيو يعيش فيها وتوجد حاليا ممتلكات فرعين من فروع أسرة سن على مسافة ( 15 ) دقيقة سيرا على الأقدام من القصر الإمبراطوري بيكوتو إحدها مسكن سن سوشيتو الذي يمثل الجيل الخامس عشر لسلالة سن ريكيو والأستاذ الأكبر الحالي للشاي في مدرسة أوراسنيكة .
وتتكون دار اوراسنيكة من قاعات عديدة للشاي وخصصت الحكومة اليابانية معظمها لنشاطات ثقافية هامة وتسمى إحدى هذه القاعات Konnichian
وهي قاعة صغيرة لمراسم الشاي بناها سن سوتان حفيد سن ريكيو ، وأصبحة رمزا لتاريخ أوراسنكية في مجال الشادو ، أما قاعات الشاي الأخرى في هذه الدار فتسمى ( يوين ) و ( موشيكيكن ) و ( توتسو توتسو ساي ) حيث ولا تزال روح سن ريكيو حية .
ومن البوابة الرئيسية لدار أوراسنيكية توجد عبر الشارع قاعة شادو كاكين حيث تلقى معظم الدروس اليومية ومجتمع الدارسون شباب وشيوخ ومن جميع أنحاء العالم للتدريب على الشادو . وعلى مسافة اخرى جهة الغرب يرتفع مبنى من ستة أدوار يضم صالة للعرض وقاعة للإجتماعات ومكتبة وقاعات بحث وقاعة للتأمل ، ومكاتب إدارية للمؤسسة .
وفي جهة الشمال يرتفع مبنى من ثلاثة أدوار يضم قاغات للمحاضرات وأخرى للشاي ومكاتب وقاعات كبيرة لطلبة أوراسنكية .
وفي حين خففت الأجهزة والألات الحديثة عن الانسان عبء الجانب الأكبر من العمل ، فان الوقت والجهد اللازمين لاعدادوتقديم فنجان من الشاي يبدوان غير ضررويين !!! ومع ذلك فان فنجان من الشاي لو انه قدم على اساس مبادئ ال(الشادو) هو احد الطقوس التي وجدت لتفي بحاجة الانسان الى السكينة الداخلية « أنه طقس طابعة البساطة والاقتصادية يستطيع الجميع ان يجدوا السكينة في فنجان من الشاي .
المفضلات