الحقيقة الدولية – القاهرة – محمد الحر
وسط اهتمام مصري وعربي ودولي يتوجه الرئيس المصري المنتخب محمد مرسي، في تمام الساعة 11 من صباح اليوم إلى مقر المحكمة الدستورية العليا ليحلف اليمين الدستورية ليتسلم بعدها سلطاته كاملة كأول رئيس منتخب بعد ثورة 25 يناير، وفقا للإعلان الدستوري المكمل الصادر في 17 يونيو الجاري، لينهي بذلك الفترة الانتقالية التي عاشتها مصر في أعقاب الثورة، ويبدأ عصر الجمهورية الثانية.
وكان بيان قد صدر عن رئاسة الجمهورية يؤكد أن مرسي سيتوجه صباح اليوم إلى مقر المحكمة الدستورية العليا، وذلك لأداء القسم، وفقا لما هو مقرر في الإعلان الدستوري المكمل، وأنه سيكون رئيس المحكمة الدستورية المستشار فاروق سلطان، على رأس مستقبليه بحضور أعضاء الجمعية العمومية للمحكمة.
وقالت مصادر مطلعة ل"الحقيقة الدولية ": أن التأخير في إعلان مكان تأدية اليمين، جاء بعد حالة من الارتباك سادت مؤسسة الرئاسة، ولم تنفرج الأزمة إلا بعد استدعاء عدد من خبراء القانون الدستوري اجتمع بهم الرئيس حتى ساعة متأخرة من ليل أمس الأول من بينهم المستشار طارق البشري وعاطف البنا وثروت بدوي ورئيس اللجنة التشريعية بمجلس الشورى محمد طوسون، قبل أن يحسم أمره وتعلن مؤسسة الرئاسة بعدها بساعات عن أداء اليمين أمام المحكمة الدستورية.
ووصفت نائب رئيس المحكمة المستشار تهاني الجبالي حلف اليمين الدستورية بـ"التاريخي": مضيفة أنه سيتم القسم أمام 21 مستشارا وقاضيا هم أعضاء الجمعية العمومية، وأن المراسم ستقتصر على تلاوة محضر الاجتماع ثم القسم، الذي سيبثه الإعلام.
وبعد ذلك، سيتوجه مرسي إلى قاعة الاحتفالات الكبرى بجامعة القاهرة، ليلتقي مع القيادات الشعبية والحزبية للاحتفال بتنصيبه كأول رئيس منتخب لمصر، بعد ثورة 25 يناير، وسيلقي كلمة إلى الأمة يوضح فيها أبعاد المشهد السياسي الراهن والقضايا المهمة والملحة في المرحلة المقبلة.
فيما ينظم المجلس العسكري احتفالية أخرى بتسليم السلطة تتضمن عرضا عسكريا، ينتهي بلقاء يجمع الرئيس وأعضاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة وشيخ الأزهر وقيادات كنسية.
و أدى "مرسي" أول صلاة للجمعة أمس في الجامع الأزهر في حضور الإمام الأكبر أحمد الطيب، ومفتي الجمهورية علي جمعة، ووزير الأوقاف محمد عبدالفضيل القوصي، ولوحظ بكاؤه عندما تطرق الخطيب إلى ذكرى اقتحام الجنود الفرنسيين الجامع الأزهر بخيولهم، وتدنيسه.
وفور تسرب أنباء زيارة الرئيس لميدان التحرير، تفجرت حماسة مئات الآلاف من المتظاهرين في أيقونة الثورة، المشاركين في مليونية جمعة "تسليم السلطة"- أمس- والتي دعت إليها العديد من الأحزاب والقوى والائتلافات الثورية، لانتزاع صلاحيات الرئيس الجديد من قبضة العسكر.
وتجمع الآلاف من المتظاهرين أمام المنصة الرئيسية بالميدان التي تنازل شباب الثورة عنها للحرس الجمهوري الذي تولى تأمينها قبل مجيء مرسي، وارتفعت هتافات المتظاهرين، مرددين "المطالب فين التحرير أهو" و " ثوار أحرار هنكمل المشوار".
واستبق الرئيس المصري المنتخب محمد مرسي القسم أمام المحكمة الدستورية العليا اليوم، بالتوجه إلى ميدان التحرير- امس- ليخطب أمام مئات الآلاف من المتظاهرين المشاركين في مليونية "تسليم السلطة"، معترفاً بالشرعية الثورية وأن الشعب أعلى سلطة ومصدر جميع السلطات.
وفاجأ الرئيس مرسي المصريين بأداء اليمين الدستورية في ميدان التحرير، متعهداً ب"الحفاظ مخلصاً على النظام الجمهوري، واحترام الدستور والقانون، وأن يرعى مصالح الشعب رعاية كاملة وأن يحافظ على استقلال الوطن وسلامة أراضيه".
وسادت حالة من الفرحة مئات الآلاف من المتظاهرين في الميدان عقب أداء اليمين فى مليونية أمس، وانهمرت الدموع من عيون المتظاهرين، وردد الآلاف: "الله أكبر الله أكبر"، "مرسي ... مرسي" وانطلقت الزغاريد، فرحاً بأداء مرسي القسم .
وقال مرسي، موجهاً خطابه من فوق المنصة الرئيسية بميدان التحرير إلى الجيش والشرطة والشعب جميعاً: "لا أحد ولا مؤسسة فوق هذه الإرادة الشعبية، والأمة مصدر السلطات وهي التي تحكم وتقرر، وتعقد وتعزل، من أجل ذلك أتيت للشعب المصري"
مضيفاً: "الكل يسمعني الحكومة والجيش والشرطة… لا سلطة فوق هذه السلطة، فمن يَحتَمِ بغير الشعب فهو الخاسر".
وألهب مرسي حماس الميدان، عندما تخلص من المنصة التي كانت يتحدث خلفها، وأبعد حرسه الشخصي ليفتح صدره لمئات الآلاف الذين احتشدوا في مواجهة المنصة، مخاطباً الجماهير بأنه " لا يرتدي قميصاً واقياً للرصاص" قائلاً: "أنا لا أخاف إلا الله، ثم أعمل لكم ألف حساب، أنتم أصحاب السلطة والإرادة، ومن أجل ذلك أتيت اليوم".
وخاطب مرسي الحشود قائلا: "جئت اليوم لأجدد العهد معكم، وأذكركم أنكم وحدكم الجهة التي دائما سأبدأ منها، طالباً بعد عون الله دعمها وتأييدها"، داعياً جماهير الشعب إلى الوقوف إلى جانبه إلى آخر الشوط "لنحصل على كامل حقوقنا".
وواصل مرسي كلمته قائلاً “أيها الشعب المصري العظيم يا من تقفون هنا وفي جميع الميادين وفي المنازل . . أنتم الأصل وغيركم عنكم وكيل فإذا غاب الوكيل أو النائب أعود إلى الأصل"، وقام بتأدية اليمين الدستورية رئيساً للجمهورية بشكل رمزي .
وعبّر مرسي عن رفضه لأي "محاولة لانتزاع سلطة الشعب أو نوابه"، مشدداً على أنه لن يتهاون في أي صلاحية من صلاحيات رئيس الجمهورية "ولن أتهاون ولن أفرط ولا أملك أن أفعل، ليس من حقي أن أفرط في الصلاحيات التي اخترتموني على أساسها".
وفيما يعد رداً على تصريحات قائد شرطة دبي ضاحي خلفان أخيراً التي اعتبرت إساءة لشخص رئيس الجمهورية، قال مرسي: "حذر أن ينال أحد، كائناً من كان، من كرامة مصر وكبريائها، أو يفكر أن ينال من كرامة شعبها أو كرامة رئيسها بغض النظر عن الشخص".
واكد مرسي على تبنيه قضيّة المعتقل المصري لدى الولايات المتحدة الشيخ عمر عبدالرحمن، وقضية المعتقلين بموجب أحكام عسكرية من أبناء الثورة على مدار الفترة الانتقالية، قائلاً: "هؤلاء حقهم عليّ".
وشدد مرسي على ضرورة أن "تعود مصر حرة في إرادتها وفي علاقاتها الخارجية بمفهوم جديد، وألا تمس كرامة المصريين في الداخل والخارج" متعهداً بـ"حذف ومحو أي معنى للتبعية لأي قوة مهما كانت".
ووجه مرسي التحية إلى جميع من لم يذكرهم في خطابه الأول بعد إعلان فوزه مباشرة، مشيراً إلى الصحافيين والإعلاميين والفنانين.
المفضلات