فتبين أن الشعر الإسلامي استقى لغته من لغة القرآن
الكريم، وغذته الحضارة بنعيمها، واقتربت هذه اللغة من لغة الحياة اليومية ، وكانت لغة واقعية جمعت البدوي والحضري، وانسجمت مع الإنسان
في موقفه من الحياة والطبيعة وضوحاً وسهولة ويسراً، وأعرضت عن الغرابة
وغدت أكثر قدرة وطواعية على إبراز العاطفة التي تضمنها
تجربة الشاعر. وحملت ألفاظها دلالات أوسع مدى من دلالاتها السابقة بفضل
ثقافة الشاعر التي طغت عليها الثقافة القرآنية، وبفضل تحول
الحياة إلى جانب الإسلام.
واختصت معاني شعر المديح بفضائل النفس الإنسانية
ومن العقل والعفة والعدل والشجاعة والرفعة، ونصر الإسلام وحسن السيرة والسياسة والعلم والحلم والورع والرأفة والرحمة والكرم والهيبة.
واتجهت معاني الغزل إلى الأوصاف الشخصية للمرأة بعيداً عن الإثارة والمفاتن، ملتزمة جانب العفاف وجمال الخلق والسيرة.
وجاء شعر الرثاء بمعاني الصبر، واحتساب الثواب في الآخرة، وتأكيد نعيم الجنة والخلود، وإبراز دور الشهيد في الدنيا الآخرة وضرب
الحكم والأمثال.
وبنى الهجاء معانيه على هدم قيم المروءة الإسلامية في شخص
المهجو، مع السخرية منه والهزء به، بعيداً عن الفحش إلا نادراً.
وأما الأساليب فقد كان أغلب الشعر الإسلامي مطبوعاً خالياً من التكلف بعيداً عن الصنعة، كما جاء كثير منه على الأسلوب التعبيري (الموحي) الذي ينشط الذكاء لاستشفاف الفكرة، وجاء بعضه على الأسلوب
التقريري المباشر الذي يصلح في شعر الوصايا
وسوح الوغى لأحداث التأثير السريع.
وكان أسلوب المثل من الأساليب التي أكدها القرآن الكريم، فجاء الشعر الإسلامي متأثراً به في تركيز الفكرة وتكثيف المعنى في صياغة
سهلة واضحة مُنغمة يسهل حفظها وذيوعها.
واعتمد الشعراء الأضداد في المطابقة والمقابلة بين المواقف
والمعاني والأفكار والألفاظ الإسلامية وما يناقضها، كما لجأوا
إلى الكناية التي استمدوا بعض مدلولاتها
من التصور الإسلامي.
الصور الشعرية
فرأينا قدرة الشاعر على صوغ صور جزئية تجتمع
لتكون صورة كلية معتمدين على الفكرة والعاطفة معياراً
لإسلاميتها، وكانت الصور أنواعاً وألواناً، منها: الحسية والذهنية، وتقوم على التجسيم والتشخيص والاستعارة والكناية والمقابلة والتشبيه والطباق، يرسمها
اللون والظل والحركة والصوت واللمس والبصر، وقد تكون
جزئية، وقد تكون متكاملة، أو مكتظة، يستقى الشاعر مضمونها من المضمون
الإنساني العام بعامة، ومن المضمون الإسلامي بخاصة، ومنها صور نادرة ومبتكرة تشهد لتطور الشعر الإسلامي وأصالته.
براعة الشاعر
ميدان البراعة الحقيقية للشاعر يحققه بوسائل هي: التكرار الذي
يحدث التأكيد والمتعة والتنغيم، وكثر في الشعر الإسلامي
وتنوع تأثراً بأسلوب القرآن الكريم. فمنه تكرار شطر بيت من الشعر أو جملة أو لفظة أو حروف أو ضمائر أو أسماء، وأشرنا إلى أن تكرار
الحروف من ألصق أنواع التكرار بالفن، لأنه يحقق انسجاماً
صوتياً متناسقاً، ولا يتفوق عليه في تحقيق هذا الانسجام سوى تكرار الصيغ الصرفية، لأنه يتساوق مع النفس ويفتح أبواباً رحبة للخيال، ويستجن وراء السطور، وهناك تكرار حسن التقسيم، والتكرار الممهد للقافية الذي يشرك المتلقى في متعة توقع القاضية في البيت.
الأداء القصصي
فرأينا أن القصائد التي اقتربت من القصصية قد تأثر
الشاعر فيها بأسلوب القصص القرآني، ونبعت موضوعاتها
من التصور الإسلامي
للإنسان والحياة والطبيعة، وكثيراً ما يستمد الحدث توجهه
من قدرة الله سبحانه في شعر الحرب والجهاد. وسادت بعض
تلك القصص نزعة درامية هي دليل على تطور هذا الشعر
ورقيه درجة في سلم الفن الشعري.
اشهر شعراء عصر صدر الاسلام
المُغيرة بن الحارث بن عبدالمطلب من شعراء صدر الإسلام،
وابن عم النبيّ صلّى الله عليه وآله وصاحبه.
الطرماح بن حكيم الطائي: من شعراء صدر الاسلام، اعتنق
مذهب الخوارج وصار من كبار شعرائهم.
كعب بن زهير من شعراء صدر الاسلام
لبيد بن ربيعة العامري: الوحيد الذي اسلم من شعراء
المعلقات..وقال عنه الرسول..
اصدق كلمة قالتها العرب كلمة لبيد: الا كل شيء ما خلا الله باطل وكل
نعيم لا محالة زائل»
فاستدرك رسول الله صلى الله عليه وآله وقال: الا نعيم الآخرة ..
واشهر الشعراء في صدر الاسلام هو حسان بن ثابت شاعر
الرسول صلى الله عليه وسلم
المفضلات