يؤدون الواجبات الاجتماعية عبر «الفيس بوك»
زياد الطويسي - لم يعد الموقع العالمي الشهير facebook مجرد مكان للتعارف وجمع الأصدقاء ونشر الصور والمعلومات المختلفة إلى جانب إنشاء الصفحات والمجموعات المتنوعة فحسب، بل أتجه مستخدمو هذا الموقع الذي خلق نقلة نوعية كبيرة في التغيير الاجتماعي والمتمثلة بأداء واجباتهم الاجتماعية من تهاني وتبريك وعزاء عبر هذا الموقع. فصبيحة العيد الماضي كما يروي هشام 22 سنة أحد مستخدمي الموقع بأنه أنهى أداء واجباته الاجتماعية منذ العاشرة صباحا نتيجة مساعدة الفيس بوك له في أداء المعايدة على الكثير من الأصدقاء والأقارب واقتصرت مهمة أداء واجبه في العيد فقط على الأقارب الكبار في السن الذين ليس لديهم حساب في هذا الموقع. ويجد حسن 37 سنة أن الفيس بوك ساهم في تخفيف ضغط الواجبات الاجتماعية عنده، فبعد أن كانت مهمة أداء الواجب تستغرق منه ساعات فأنه أصبح الآن يقضيها بدقيقه أو دقيقتين عن طريق إرسال رسالة أو الكتابة في صفحة صديقه الشخصية وهو أكبر إثبات على أداء الواجب لأن جميع الأصدقاء سيرونها وسيعرفون بأنني أديت واجبي تجاه فلان على حد قوله. أما ياسين 28 سنة فيرى أن وجود موقع الفيس بوك وتواجد الناس عليه بأعداد كبيرة خفف من الالتزامات المادية أيضاً، فإرسال التهنئة أو كتابتها على صفحة الصديق أوفر بكثير من أن تذهب له في سيارة أجرة أو في سيارتك الخاصة، كما أن إرسال صورة فيها باقة ورد وعبارات تهنئة تسد عن شراء هدية. وتقتنع هلا 21 عاماً والتي تلقت التهاني بخطوبتها عبر الفيس بوك بأن جميع أصدقائها وصديقاتها الذين أرسلوا لها التهاني بواسطة الرسائل أو تركها بعبارات على الصفحة الشخصية الخاصة أداء للواجب، فهي تعتبر الذين هنئوها عبر الفيس بوك كأولئك الذين زاروها بشكل شخصي. فيما يرى الأربعيني أبو يحيى أحد مستخدمي فيس بوك بأن جميع هذه الرسائل والعبارات والصور لا تغني بأي شكل من الأشكال عن اللقاء الشخصي، ويضيف: «أنا لا أعذر أي شخص يؤدي واجبه تجاهي بمجرد رسالة أو كتابة في صفحتي الشخصية عبر الفيس بوك، لأن
الغاية من أداء الواجب هو مناصرة الناس لبعضهم البعض في الأفراح والأتراح». ويحذر من أن الاستمرار بأداء الواجبات عبر الفيس بوك بواسطة أبناء الجيل الجديد واتخاذها بروتوكولاً اجتماعياً لأنها ستؤثر على علاقات أبناء المجتمع وتنذر بالتفكك الاجتماعي.
وبحسب الناشط الاجتماعي محمد الشبول فإن استخدام الفيس بوك كوسيلة لأداء الواجبات الاجتماعية لن تسد أبداً محل القيام بالواجب بشكل شخصي، لأن هذه المواقع وما تحمله من وسائل متقدمة لإرسال الرسائل والصور وغيرها من أدوات تعبيرية لشتى المناسبات لا تقوم بالغاية الحقيقية المرادة من أداء الواجبات الاجتماعية والمتمثلة بتعزيز الفرح عند الآخرين في
المناسبات وتخفيف الحزن عنهم ومواساتهم في الأحزان. ويقول مفتي معان الشيخ محمود المشاعلة بجواز استخدام هذه الوسيلة لتأدية الواجبات الاجتماعية المختلفة، معزيا ذلك بأن الشرع قد أباح استخدام الوسائل الإلكترونية في تأدية الواجبات نتيجة ظروف الناس وانشغالهم.
ويشير الأكاديمي والأخصائي المصري في علم الاجتماع د.إبراهيم إسماعيل عبده في دراسة له بعنوان ((العلاقات الاجتماعية عبر الإنترنت..دراسة في الفرص الكامنة والمخاطر المستمرة)) بأنه لا يمكن لنا أن نتجاهل أحد أشهر مواقع التواصل العالمية علي الشبكة الدولية للمعلومات وهو الموقع المعروف بـ «الفيس بوك»؛ والذي يتيح لمستخدم الإنترنت - دون أن يتحتم عليه دفع أي مقابل مادي - التعرف على الأصدقاء والصديقات من كل أنحاء العالم، يقرأ عن شخصياتهم، يرى صورهم ويتبادل الرسائل الخاصة والهدايا والرسومات التعبيرية، وغيرها من مزايا.
ويضيف: العلاقات الاجتماعية على الإنترنت، أو استخدام الخدمات الالكترونية للتواصل مع الآخرين والتفاعل معهم حول الاهتمامات أو النشاطات المشتركة في ظل عالم افتراضي؛ هو أمر يمكن أن يقدم وسيلة ممتازة لمتابعة الهوايات وتأسيس الصداقات الجديدة وتعزيزها. ويرى أن من مخاطر استخدام الانترنت في هذا المجال هو عدم تمييز بعض المستخدمين بين
العلاقات الاجتماعية عبر هذه المحادثات وبين نظيرتها الواقعية، أو بين العالم الافتراضي والعالم الحقيقي؛ حيث يفعلون ويقولون أشياء عبر العالم الافتراضي لا يفعلونها أو يقولونها في العالم الواقعي، وعلى مستخدمي الإنترنت - لاسيما الشباب منهم - أن يتفهموا أن الإنترنت عالم حقيقي. ويؤكد أنه وبالرغم من كثرة فوائد التواصل على الإنترنت، إلا أن الانسياق غير الواع صوب تأسيس العلاقات الاجتماعية عبر الإنترنت وما قد تتضمنه من نشر لكثير من المعلومات الشخصية على صفحات الموقع الخاص أو المدونة الإلكترونية أو حتى أثناء تبادل الحديث على الإنترنت قد يشكل مخاطر علي مستخدم الإنترنت؛ حيث أن عدم المبالاة يمكنها أن تؤدي إلى الإساءة لسمعة مستخدم الإنترنت جراء استعمال تفاصيله الشخصية بطرق لم يقصدها أبدا.
ويواصل أن العلاقات الاجتماعية عبر الانترنت، تنطوي على فرص كامنة يمكن الإفادة منها واستثمارها بالطريقة الملائمة، وبما يتناسب وخصوصية مجتمعنا العربي الإسلامي من جهة، كما تنطوي كذلك علي مخاطر غير ظاهرة قد تدفع إلى منزلقات مجتمعية تؤثر بالسلب علي مرتادي الإنترنت غير الواعين.
المفضلات