بسم الله الرحمن الرحيم
ماذا يعنى قول الله سبحانه: {الرجال قوامون عن النساء }
وهل معنى ذلك أن النساء يلعبن دور أقل أهمية من الرجال فى المجتمع ؟
و بماذا ننصح الفتيات المقبلات على الزواج بأن قوامة الرجل على المرأة وأن الرجل بمسؤليته عن الأسرة يكون قد جنب المرأة الكثير من المهام والصعاب التى كان من الممكن أن تواجهها بمفردها وأن ذلك ليس من قبيل الفخر والاعتزاز من الرجل؟
بسم الله، و الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد :
فالمقصود بالقوامة هي مسئولية الرجل وتحمله لأمانة المحافظة على بيته وزوجه وأولاده ، فهي تكليف وعبء ومسئولية، وليست تشريفا ولا تسلطا على المرأة.
والمرأة هي الأم التي حملت و تعبت و سهرت على راحة طفلها ، وهي الزوجة التي تقوم بحقوق زوجها وأبنائها وبيتها، وهي الأخت التي شاركت أخاها في طفولته السعيدة ، وهي البنت التي تدخل السعادة و البهجة على قلب أبيها ، والإسلام عندما حرم أي علاقة تنشأ بين الرجل و المرأة إلا في ظل الزواج ، قرر لهذا العلاقة ما يضمن لها استمرارها وعدم تعثرها فجعل القوامة للرجل فيها ، وجعل الجنة للمرأة إن هي أطاعت زوجها و لم تسخطه، يقول تعالى : (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ )النساء : 34 .
فالقوامة من الأمور التي خص الله بها الرجل دون المرأة .
والمقصود بها أن الزوج أمين على زوجته، قيم عليها ، يتولى أمرها ، ويصلحها في حالها، ويقوم عليها آمراً ناهياً كما كان يقوم وليها قبل الزواج على رعايتها ، فالقوامة التي عناها الإسلام لا يقصد بها الاستعباد والتسخير واستعلاء الرجل على المرأة كما هو الشأن في التمييز العنصري، بل إن الرجل له القوامة على المرأة باعتباره صاحب تجربة ، ويعرف من خبرته للحياة وممارسته للأعباء الثقيلة الملقاة على كاهله من الأمور ما يجعله يقوم بإرشاد المرأة وتوجيهها والترفق في معاملتها ،وقد هيأ الله كلاً من الرجل و المرأة لما أعده له .
فالله سبحانه وتعالى عندما وضع القوانين والأحكام التي تتعلق بالمرأة وضعها وهو عالم بظروف المرأة الاجتماعية والنفسية والبدنية. فعندما يوجب عليها أمراً ما، يعلم أنه يناسب أحوالها، وإلا لما أوجبه عليها، وكلما حرم عليها أمراً أو منعه عنها، فهو ناظر أيضاً إلى هذه الأمور، وكذلك في جانب الرجل.
فالمرأة قد كتب الله عليها الحيض، وهي تصاب بهزات نفسية وتعب جسماني في حالة الدورة الشهرية والحمل والرضاع، وقد راعى الإسلام مشاعر المرأة، واحترم عواطفها، وأشفق عليها، وادخرها للقيام بأشرف رسالة وأنبل غاية، وهو رعاية نفسيتها لترعى الجنين، وتقوم على المولود. لذلك أوكل للرجل القيام بالمهام الضخمة ، وليس في هذا تفضيل للرجل على المرأة، لأنهما أمام الله سواء . يقول تعالى : (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ) النحل : 87 .
وهناك من لا يفهم حقيقة القوامة، ويظنها إنقاص للمرأة و تفضيل للرجل، وليس الأمر كذلك بل هو توزيع عادل من الله للاختصاصات.
يقول الدكتور السيد محمد علي نمر في كتابه إعداد المرأة المسلمة :
هذا التفضيل لا يغض من كرامة المرأة، ولا ينال من عقلها فهي لها مجالها الذي تعمل به ، والرجل له مجاله الذي يعمل فيه ، مجال الرجل أوسع وأرحب من مجال المرأة فهو أقوى منها في الجسم، وهو أقل منها في العاطفة ، فقدرته على التحكم في ضبط شئون بيته أعظم .
والإسلام إذ فرض هذه القوامة لم يسلب المرأة أهليتها، بل المرأة في ظل الإسلام نعمت بوجودها ، ونالت من الحقوق ما جعلها جديرة بالاعتبار ، فقد عبرت عن رأيها، وشاركت في السلم وفي الحرب ، بينما كانت مستعبده طيلة عصور التاريخ ، فمرد التفصيل هو ما يناط بالرجل من الأعباء ، وهي لا شك أعباء جسيمة تنوء بحملها المرأة ، ويجب ألا تضيق ذرعاً بهذه القوامة .
فآدم عليه السلام حين اصطفاه الله للخلافة في الأرض دون الملائكة الذين لا يفترون عن التسبيح والتقديس كان السبب هو أن آدم قد ركب فيه من الخصائص الفطرية ما يتناسب مع أهليته للخلافة في الأرض .أهـ
فالشأن في قوامة الرجل على المرأة مرده إلى ما ركب الله في الجنسين من طباع وخصائص ، وأي غضاضة في أن يكون للرجل هذه القوامة ما دامت حقوق المرأة مكفولة وكرامتها مصونة، ولم يجعل الإسلام شخصية المرأة تضمحل وتتلاشى وتذوب في شخصية الرجل يقول الله تعالى ) وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكُيمٌ )البقرة : 228 . والله أعلم .
المفضلات