بداية لن أخفي ترددي وحزمي على السواء في كتابة هذا الموضوع
التردد بابه شعور باذخ تكتنفه اوهام من عدم أهمية الطرح وفشله في أن يصل جهد هذه الكلمات وعناء كتابتها وقراءتها الى قلوب القراء هاهنا...
والحزم بابه من حاجة شديدة لوضع نقاطا فوق حروف تكتب عن أهمية الطرح وعلاقته في وجودنا هاهنا
وبعيدا عن شخصنة الطرح وبما أننا نعيش أفضل الايام المباركة في بداية عشر من ذي الحجة فسأكتفي بأن أضع ذاكرتي في وضع "ستاندباي" متناسيا كل شيء...
والموضوع عام و بقصد الفائدة والحذر والتحذير من الوقوع في هذا السلوك الخاطئ و ليس موجها لشخص معين
دعوني أبدأ بهذه الفزلكة والفلسفة
"واهمون على إثر الاختلاف نبكي قضية
نستعين بالصراخ تارة
وبالشتم وصية
نفوض أمرنا إلى جاهلية فتسمع صراخا
وتنسى ما هي القضية...."
في عالم المنتديات نواجه الكثير من الفكر منه السامي الرفيع ومنه الغث السيء والاختلاف وارد كشروق الشمس وغروبها لاختلاف الثقافات والرؤى والموازين في هذا الفضاء العنكبيوتي
و الاختلاف سنة من سنن الحياة وهي ظاهرة صحية ولكن للتعبير عنه ادواته ولغته التي يجب أن تبقى على درجة من الرفعة والسمو بأن لا تهلك الاخرين بظلمها وجهلها...
وبتحكيم الشرع في مفهوم الاختلاف نجد من الامثلة الكثير الكثير من الشواهد والامثلة والفقه المتزن والمتخصص في الاختلاف... ومن أجمل وا وجدت واحببت أن أورده هنا ما رغب به النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه ذات يوم لغزو اليهود من بني قريظة وأمرهم ألا يصلوا العصر إلا في بني قريظة، وأدركهم العصر في الطريق، قبل أن يصلوا لبني قريظة، وحدث خلاف بينهم، فبعضهم صلى العصر في الطريق، فقال الفريق الآخر إنما أمرنا بالصلاة في بني قريظة، وقال الفريق الأول، إنما طلب منا الاستعجال في المسير، ولم يصلِّ هؤلاء حتى وصلوا بني قريظة، ولما سألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن الاجتهادين في فهم الحديث، صوب الفهمين، وما أنكر على أحدهما.
ويظهر هنا احترام الإسلام لوجهات النظر المختلفة، وبين أن من الخلاف ما هو محمود كما مر، ومنه المذموم كالخلاف الموجب للعداوة والبغضاء.
ومن صور ما نرى في المنتديات من إختلاف أن يكون هناك عضوا يريد أن يفرض رؤيته على الآخرين فمذهبه في الحياة لا اريكم الا ما ارى فلا مجال عنده للاختلاف و تعدد الآراء، يرفض و بشدة لأي أطروحات أو آراء تخالف هواه و رأيه
ومنهم من يعمد الى إصدار الأحكام القاسية بحق من يخالفه الراي فإذا كان علمانياً ثورياً فتهمته جاهزة وهي إما خائن أو عميل أو منبطح أو ظلامي أو رجعي و إذا كان متديناً فتهمته جاهزة ايضاً و هي اما كافر او منافق او علماني او موالي للكفار أو خائن ومسيء للوطن او ضال مضلل مستخدما أكبر قواميس الشتم والتحقير والانتقاص ناهيك عن إستخدام ألفاظا لا تليق به وتشوه صورته أولا قبل أن تصل لمن يرد عليه... ومنهم يستفز الطرف الآخر من اجل دفعه للتلفظ بعبارات غير مقبولة من اجل اتخاذها ذريعة في مهاجمته ...
وهناك ما هو أخطر من ذلك وهو الاغتيال الجماعي للفكر كأن يتفق مجموعة من الاعضاء على مهاجمة الطرح لخلق شعور عام لدى المتصفحين بسلبية الطرح..
كلنا هنا نتعلم من بعضنا البعض وقد أكون ممن أساءوا يوما ولم يحسنوا التصرف أمام طرح أختلفت به مع صاحبه وهنا يجب عليّ أن أعتذر دون خجل او وجل وأوجههها دعوة صادقة أنه حين نختلف ، لا ضير أن نعبر عن وجهة نظرنا وتوضيحها لكن دون القدح والذم والتحقير والاستهزاء ،ولنعلم أننا من خلف الشاشات نستطيع أن نكتب ما نشاء ونفرض من البطولات والامجاد والاخلاق ما نصل به درجة أن نكون ملائكة خلف الشاشات او ربما شياطين...
التحلي بالصبر والاناة ، يا لها من نعمة جميلة وإسلوب رائع للفهم قبل التسرع في الحكم والرد دون إهمال
موضوعية الاختلاف ومنطقه وإنضباطه ...
الابتعاد عن تصنيف الاخر وسجنه في خانة تصنيف مقيت دون الانفتاح على الجديد من الطرح وإستيعابه ومناقشته بما يستحق...
ومن خيرية ما ورد عن سيد الخلق أنها حين ذهب في أهل الطائف يدعوهم فأختلفوا معه حتى أمروا صبيتهم برجمه وطرده حتى أدميت قدماه الشريفتين فجاءه الوحي أن لو أردت أن أطبق الاخشبين عليهم فما كان منه صلوات الله عليه إذ قال :بل أرجو أن يخرج الله عز وجل من أصلابهم من يعبد الله عز وجل وحده لا يشرك به شيئا...وبالقياس على ما ذكركم أتمنى أن يكون الرد حين الاختلاف فيه دعاء في الهداية والتوفيق المحبب الذي لا يدعو الى بغضاء....
همسة ود أحببت أن أشارك بها فتحية مودة لكل من توقف هنا
المفضلات