لقد أنعم اللُهُ علينا بِنِعَمٌ كثيرةٌ لا تُعدّ ولا تُحصى ، قال الله تعالى في كتابه العزيز -
وَإِن تَعُدّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَآ إِنّ اللّهَ لَغَفُورٌ رّحِيمٌ - النحل 18
ومن أعظم هذه النعم نعمة العقل , وبالعقل ميّز الله عزّ وجلّ الإنسان وكرّمهُ على سائر خلقه >
قال تعالى -
وَلَقَدْ كَرّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مّنَ الطّيّبَاتِ وَفَضّلْنَاهُمْ عَلَىَ كَثِيرٍ مّمّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً -
الإسراء آلاية 70،
ففي هذه الآية الكريمة يُخبرنا الله تعالى عن تشريفه لبني آدم وتكريمهُ إياهم في خلقهِ لهُم على أحسن الهيئات وأكملها
كقولهِ تعالى أيضاً -
لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم - سورة التين،
فهو يمشي قائماً منتصباً على رجليهِ ويأكل بيديهِ، وغيره من الحيوانات يمشي على أربع ويأكل بفمهِ، وجعل له سمعاً وبصراً وفؤاداً رحيما عطوفا , يُنتفع به ويفرّق بين الأشياء ويعرف منافعها وخواصها ومضارها في الأمور الدينية والدنيوية ، ولقد أمرنا الله تعالى بشكره على هذه النعم ، ومن تمام شكره له ، المحافظة على ما أنعم الله به تعالى عليه.
والمخدرات حسب لغتنا هي كل ما من شأنه أن يجعل الجهاز العصبي غير قادر على القيام بعمله ونشاطه المعتاد، وفي الدين الإسلامي .. هي كل ما أذهب العقل ، أما التعريف العلمي للمخدرات فهي مادة كيميائية تُسببّ النُعاس والنوم
وذهاب العقل وفقدان الوعي ، وأما التعريف القانوني للمخدرات فهو كل ممنوع يسبب الإدمان ويسمم الجهاز العصبي ويحضر تداولها أو زراعتها أو صناعتها إلا لأغراض يحددها القانون فقط ، ومن العجب العجاب أن بعض هؤلاء الناس يعبث بما أنعم الله عليه به ، كلعبثه بصحته، وعقله وذلك بأن يقوم بتناول المخدرات التي تذهب بعقل المرء وتجعله لا يتحكم في تصرفاته ، فتجعله كالبهيمة لا يعقل ما يفعل كما تؤدي به إلى تدمير صحته ، هذا على النطاق الخاص به ،
أما على نطاق الأسرة والمجتمع الذي يعيش فيه فهي تؤدي به إلى دمار كبير وإلى إزدياد نسبة الجريمة في بلادنا،
وإن قلنا أنها تؤدي إلى دمار أكثر مما تؤديه الحروب من دمار شامل ربما لا نكون قد ضخمّنا الأمر رغم أن هذا صحيح .
إذا فالمخدرات هي آفة يتجاوز خطرها الشباب ليهدد مصير البلاد بأكملها , وإذا كنا لا نريد الشطط في الخيال والتصور بأن إغراق بلادنا العربية بالمخدرات وراءه مُخطط كبير من الصهيونية العالمية لتدمير شباب الأمتين العربية والإسلامية ويجعلها دوَلٌ عاجزة عن العمل والعطاء.
فالتقدم والتطور ليس تكنولوجياً فقط .. بل هو بشبابٌ قادرٌ على بناء الوطن بالعلم والعقل والمهارات ..فقد أظهرت العديد من الدراسات والأبحاث أن معظم الدول العربية يرتفع فيها معدل حالات التعاطي رغم شدة القوانين التي تعاقب التهريب والتعاطي، ومع ذلك فالظاهرة تتفاقم يوماً بعد يوم ، ؟
فلا بد إذاً من وجود أسباب تم تجاهلها ألا وهي الظروف الاجتماعية المعاصرة التي تسهّل الطريق للسقوط في التعاطي والإدمان ومن هذه الظروف وأهمها هي تلك الظروف الاجتماعية التي تربط الفرد مع الأسرة والقبيلة والمجتمع،وتدهور العلاقات الاجتماعية داخل الأسرة سبب في انحراف الكثير من الشباب، وعليه فالواجب علينا مراعاة تلك الظروف ومحاولة علاجها لكي نقضي على تلك الآفة.
وعلينا أن لا ننسى الوازع الديني الذي يفتقده كثير من شبابنا وسبب ذلك من الأسرة أولا ثم من المجتمع ثانيا، وأعتقد أن الطلاق هو من أهم أسباب تفكك الأسرة ومن ثم وجود شباب غير قادر على تحمل المسؤوليات تجاه دينه ووطنه
ومجتمعه الذي يعيش فيه.، ومن أسباب تعاطي المخدرات أيضاً عدم إنتباه الوالدين لسلوك أبنائهم وانعدام التربية السليمة
في البيت ، وكذلك الفراغ القاتل بين فئات الشباب ...
ولا شك أن الحل في مثل هذه الحالات هي أولاً الرجوع إلى دين الله عز وجل الذي ارتضاه الله لنا، وبه وحده يمكننا
أن نعود كما كنّا امّة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر.
وكذلك المراقبة الدقيقة من الوالدين لرفقاء السوء لأبنائهم، وكذلك سبل الوعي والإرشاد وهنا لا بد لنا من شكر مديرية الأمن العام والممثلة بإدارة المخدرات والتي لا تألو جهداً للحيلولة دون تفاقم هذه المشكلة الخطيرة على مجتمعاتنا
المسلمة .
لذلك علينا كدولة ومؤسسات وأولياء أمور أن نعرف تماماً أن لآفة المخدرات أسباب تؤدي إلى انتشارها في المجتمع بسرعة كبيرة .. لذلك وجب على المجتمع بجميع فئاته التصدي لهذه الآفة الفتاكة التي تعصف بأهم ركيزة أساسية في
البناء والتطور الا وهي ركيزة الشباب الذي هم لبنة الحاضر وعماد المستقبل وشكراً.
إذعار سعد الحميمات
المفضلات