اتفق شباب ومختصون على أن الإشاعة تُطلق لإفساد وضرر، وهي آفة مدمرة قاتلة ومذمومة منقولة بين المواطنين وتتسم بالغموض ومبنية على الشك والظن وليس على التثبت واليقين. وقالوا إن الإشاعة تنتشر بسرعة بين المواطنين، وغالباً كلما روى أحدهم الإشاعة أضاف فيها قليلاً أو كثيراً، وتطلق لإلحاق الضرر ضد شخص أو جماعة أو مجتمع بأكمله، وأوجهها تكون اقتصادية أو سياسية أو اجتماعية.
وعن أثر انتشار ظاهرة الإشاعات يقول التاجر فادي شعبان (45عاماً) إن الإشاعة سبّبت له خسارة مالية وأبعدت عنه الزبائن، لأن أصحاب المحلات المجاورين له أطلقوا عليه إشاعات كاذبة بأن بضاعته فاسدة ويخزنها بطريقة غير صحيحة ولها مدة طويلة في محله دون أن يجددها.
وتؤكد عبير محمد (28 عاماً) ربت بيت، أن الإشاعة كانت الدافع الرئيس لدى زوجها ليطلقها وهدم حياتها الزوجية وحرمانها مع طفليها الاثنين من وجود الأب، وذلك اثر إطلاق ابن جيران أهلها إشاعة أنها كانت على علاقة معه قبل الزوج والمشكلة أن زوجها لم يتأكد فحصل الطلاق مباشرة.
وأشار الموظف عمار سراج (35 عاماً) إلى أن سبب تأخره بالزواج الإشاعات التي أطلقها عليه أصدقاؤه لأنه كلما تقدم لخطبة فتاة يسأل أهلها عنه فيسمعون كلاماً أغلبه كذب وافتراء مما يؤدي إلى رفضه.
وتعتبر طالبة الماجستير باسمة السمعان، أن الإشاعة مرض اجتماعي طُفيلي يتغذى على الإساءة للآخرين ولمصالح شخصية، يستفيد منها مطلقها (..)، مؤكدة أن الإشاعة منتشرة في حياتنا اليومية بشكل غير طبيعي، ومنها اقتصادي أو اجتماعي أو سياسي، مبينة أن السيطرة على الإشاعة تعود لنفسية المتلقي، فإذا تلقاها شخص نفسيته تشبه نفسية مطلقها تتزايد وتكون مؤثرة جداً.
وتقول طالبة الماجستير صفية السعد، إن الإشاعة اختراع؛ يطلقها البعض منهم لحبه للثرثرة ومجرد الحديث واختراع القصص، ومنهم يطلقها من باب الغيرة والحسد من مقربين منه ولمصالح شخصية ولغايات العمل للتشويش على زميل له بالعمل (..)، لافته إلى وجوب التأكد من الأخبار والأقاويل التي تصل إلى أي شخص والتفكير بها إن كانت منطقية أم لا والسؤال عن الإشاعة وما هدفها وما المغزى من ظهورها وانتشارها.
بدوره يشير الباحث الإسلامي الدكتور حمدي مراد إلى أن مروّج الإشاعة وباثّها يعتبر عند الله سبحانه وتعالى وعند رسوله الكريم؛ فاسقا وكاذباً؛ قال تعالى ''يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا'' وقال الرسول صلى الله عليه وسلم ''كفى بالمرء كذباً أن يحدث بكل ما سمع''.
ويضيف أن الإشاعة بث أخبار أو معلومات عن شخص أو مؤسسة أو حكومة...، ووجوهها وأهدافها الإساءة والتشويه والطعن والبلبلة.
ويؤكد أن الإشاعة سلاح للمنافقين والعابثين والمفسدين بالأرض (..)، ناصحاً المواطنين حذرها والتأكد مما يقال ويشاع أولاً، وعدم التعامل معها وبثها واستعمالها (..) لافتاً مراد إلى ضرورة الفطنة والحرص والوعي والذكاء في مواجهة الإشاعة، وفضح أصحابها لأنهم إما منافقون من الطابور الخامس أو جهلة متسرعون في نقل ما يقال ويشاع.
ويشدد مراد على ضرورة بث الأخبار التي تنفي الإشاعة والرد عليها بكل الوسائل حتى يسلم المجتمع من هذا العبث الخطير بسبب الإشاعة، التي تشكل أخطر أنواع الفتنة والضعف والسقوط المعنوي في موضوع أو آخر أو اتجاه أي مسألة أو شخص أو حكومة ...
من جهته يقول رئيس قسم الصحافة والإعلام في جامعة البترا الدكتور تيسير أبوعرجة ''عادة تكثر الإشاعات عندما تكون هناك أحداث مهمة مؤثرة في الرأي العام والجمهور وتمس مصالحه الحيوية، وعندما لا تكون هناك أخبار واضحة ترد على تساؤلات الجمهور أو توضح لهم ما يهددهم من أخطار، عندها تتيسر الظروف لانطلاق الإشاعات وسرعة انتشارها والمبالغة فيها''.
ويشير إلى أن أغلب الإشاعات تكون سياسية واقتصادية واجتماعية وتؤثر بالمجتمع والأفراد.
ويؤكد أخصائي الطب النفسي الدكتور محمد حباشنة أن مطلقي ومروّجي الإشاعة مرضى نفسيون يفرغون كبتاً داخلياً نابعاً من الغيرة والكسل لأنهم ليس لديهم شيء يقدمونه بحياتهم اليومية.
ويوضح أن الإشاعة آفة اجتماعية خطيرة ونقل كلام وتداوله دون الرجوع لمصدر موثوق فيزداد الغموض باتجاه المعلومة، وكلما زادت أهمية المعلومة يزداد الغموض.
وينصح حباشنة بعدم الاهتمام بالإشاعة وإذا استقبلها أحد ألا ينقلها خوفاً أن تكبر بشكل مشوه، ويجب العودة للجهة التي هاجمتها الإشاعة لمعرفة الصحيح، وعلى الجهات التي تسيء إليها الإشاعات نفيها بشكل سريع وقاطع.
المفضلات