أوصلوا معاناتهم وصوتهم بقوة وجلالة الملك أنتصر لهم
أيها المعلمون رسالتكم وصلت والحكمة ومصلحة الوطن العليا تقتضي العودة إلى المدارس
الحقيقة الدولية – كتب عدنان بدارين
حالة الاحتقان التي تمر بها مدارسنا، تستحق أكثر من وقفة، وتتطلب وضع الأصبع على الجرح ومعالجة واقع أطراف العملية التربوية المرير، المعلمون والطلبة، والجهاز الإداري الذي يدير أكثر من 80 الف معلم وحوالي مليون ونصف مليون طالب، ونحتاج إلى وصف الدواء الناجع فأخر العلاج في هذه الحالة ليس الكي، لأننا لم نصل بعد إلى مرحلة اليأس.
اعتصامات قام بها معلمون اجتاحت المدارس في مختلف مناطق الوطن خلال الايام العشرة الماضية، مطالبين بمطالب مشروعة تمثلت بتحسين أوضاعهم وبتأسيس نقابة تمثلهم، واستقالة وزير التربية والتعليم الذي نقلت عنه تصريحات اعتبرت مسيئة لهم.
هذه المطالب سلطت الضوء على أوضاع فئة واسعة من المجتمع، تشعر بأنها مقهورة، وان حقها مهضوما، ولم تجد إلا هذه الوسيلة للمطالبة بهذه الحقوق، التي تسبب الضرر للمعلمين والطلبة على حد سواء، بعد أن أغلقت في وجوههم أبواب نادي المعلمين قبل أبواب المسؤولين.
شعور عميق يسود أوساط المعلمين بان وزارة التربية والتعليم، همشت المعلم وجعلته الحلقة الأضعف، وان السياسات التي تتبعها الوزارة لم تأخذ بعين الاعتبار الطرف الأهم وهو المعلم، ولم تسعى إلى تطويره، وتحسين أوضاعه، أسوة بقطاعات أخرى من موظفي الدولة الذين يحظون بمميزات وحوافز لا تتوافر للمعلمين.
نرى أن هناك حالة من سوء الفهم والدوران في حلقة مفرغة بين أطراف العملية التربوية، فوزارة التربية والتعليم لا زالت تصر على استيراد أنظمة تربوية معلبة، وبرامج إصلاح تربوي أنفقت عليها عشرات الملايين ولم تثبت جدواها، دون النظر إلى العنصر البشري وهو المعلم، والمعلمون حتى الآن أمام تحدي ثورة المعلومات والتكنولوجيا التي اجتاحت الكون وأفرزت جيلا ليس كسابقه، يحتاج إلى الحوار أكثر من حاجته إلى العصا، والى الإقناع أكثر من التلقين، جيلا يحتاج إلى من يفهمه ويوجهه.
نحتاج في حالة الاحتقان هذه إلى إعادة حساباتنا من جديد، فمن حق المعلمين المطالبة بتحسين ظروفهم المعيشية ومن حقهم ان يكونوا فاعلين مؤثرين في العملية التربوية الذين هم احد أهم أطرافها، ومن غير المعقول أن يكون راتب المعلم بعد 30 عاما من الخدمة لا يتجاوز 500 دينار في أفضل الحالات، وبعد سلسة طويلة من الشهادات العلمية والعملية.
نحتاج إلى إعادة صياغة العلاقة بين المعلم والطالب بعيدا عن مفهوم العصا والسلطة، فالمعلمون هم صانعوا الأجيال، وبين أيديهم أبنائنا قادة المستقبل، ومن المؤكد أن وجودهم في الشوارع خلال الأيام الأخيرة بعيدا عن مدارسهم لا يسر معلما واحدا على امتداد الوطن، وما ينتج عنه من تداعيات تؤثر سلبا على مستقبلهم الذي أصبح في حكم المجهول، وخاصة طلبة التوجيهي الذي ما كادوا أن يستيقضوا من كارثة نتائج التوجيهي في دورتها الشتوية حتى دخلوا في حلقة مفرغة من ردود الأفعال والتوتر في الدورة الصيفية التي كانت سابقة في علاقة الوزارة مع المعلم وأدت إلى تركهم كضحية أولى لهذا الصراع.
حالة الاحتقان هذه لن تحل بتعطيل الدراسة، وآن الأوان لعودة المعلمين إلى مدارسهم وان يعود الطلبة إلى مقاعد دراستهم، وان يبدأ حوارا جاداً وخطوات عملية بدأها سيد البلاد جلالة الملك عبدالله يوم أمس، ترفع من شأن المعلم، وتحّسن معيشته، فالفوضى لن تخلق إلا فوضى.
المعلمون انتصروا وأوصلوا معاناتهم وصوتهم إلى أعلى مستويات القرار، وجلالة الملك قال مهما فعلنا فلن نوفي المعلم حقه، وان جلالته وجه الحكومة لتحسين أوضاعهم، ورئيس الوزراء اجتمع إليهم وتفّهم مطالبهم ووعد أيضا بتحسين أحوالهم، واجزم أن معلمي الوطن يريدون عنبا وليس مقاتلة الناطور.
أيها المعلمون رسالتكم وصلت وقرأت حرفا حرفا، وآن الأوان لعودتكم كما عرفناكم، حريصون على أبنائكم قبل أن يكونوا أبنائنا، ولا يؤتى الأردن من قبلكم.
المصدر : الحقيقة الدولية – كتب عدنان بدارين 25-3-2010
المفضلات