بم يتفاضل الناس
الحديث عن تفاخر الناس على بعضهم وتفاضلهم له ميزان قسطاس عادل في الإسلام وبغيره لا يتم الأمر ولا تهدأ الحياة فمثلائ في القديم كان الناس يتفاضلون بالجاه والمال، فمن كثر ماله وعظم جاهه لسلطان وكثرة عيال كان هو ذاك الذي يشار إليه بالبنان، فإن تكلم سمعوه، وإن أمر أطاعوه، وإن أقسم عليهم أبروه، كيف لا وقد حاز أسباب المعالي في نظرهم، وبغير هذه المزايا فإنه لا شيء من قيمة أو مقدار أو إنصاف، فجاء الإسلام بتعاليمه السمحة وقلب الموازين القديمة فجعل الكفاءة والعمل الصالح والخلق الكريم أسمى المطالب ليكون الإنسان حائزا لقصب السبق على غيره، مثاله رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما أبطره الغنى ولا استذله الإملاق . فليس الغنى يرفع إلا رفيع الأخلاق، وليس الفقر عيب ولا سبب ذلة، ولكن العيب والذلة أن يقعد الإنسان عن الإنتاج والإبداع .ولعلك تأخذ عبرة من كلام أبي عبيدة رضي الله عنه ورد عمر رضي الله عنه عليه حين جاء للشام بلباسه الطبيعي، وسمته المعتادة، فتلقاه أمين الأمة، وقال لو أصلحت يا أمير المؤمنين من هندامك فإنك قد قدمت على قوم يحسبون لذلك حسابا، فرد عليه عمر وقال : نحن قوم أعزنا الله بالإسلام، فسكت أبو عبيدة بعد أن قال له عمر لو قالها غيرك يا أبا عبيدة .وعمر فهم نصيحة أمين الأمة، ولكنه أراد أن يجعل الحساب لأصل الأمر لا إلى قشوره . ولتذكر معي قول الله تعالى :ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين فبغير التقوى ومخافة الله تعالى لا يصلح الحال .
افتخر رجلان أمام علي رضي الله عنه فقال: إن يكن لكما عمل فلكما أصل، وإن يكن لكما خلق فلكما شرف، وإن يكن لكما تقوى فلكما كرم، والا فالحمار خير منكما، ولستما خيرائمن أحد .
وروى الإمام أحمد والبيهقي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ليس لأحد فضلئعلى أحد إلا بالدين والعمل الصالح وقال أيضا: من بطأ به عمله لم يسرع به نسبهئفتنبه أيها الإنسان، وتبصر فإن الصبح واضح لذي عينين.
المفضلات