كتب - فيصل ملكاوي - اسرائيل بلا شك تعيش أزمة عميقة جوهرها حالة اللايقين في المجتمع الاسرائيلي حيال المستقبل في ظل فشل ذريع لأذرع الحكم فيها بمستوياتهم المختلفة بإعادة انتاج نظرية الامن والرعب الدائم وتسويقها على مجتمعهم المنهك جراء نظرية كاذبة ثبت لهم أنها لم تجلب لهم لا امنا ولا سلاما.
الاحتلال والقوة العسكرية اساس ازمة اسرائيل في حقيقة الامر ومحافلها الامنية والسياسية تعرف ذلك اكثر من اي جهة في العالم، والتلازم الدائم في اسرائيل في مسألتي الاحتلال والقوة العسكرية على مدى العقود الماضية جعلاها تهرب الى «عقلية القلعة « التي تخنقها وتحاصرها في واقع الامر قبل غيرها لأن صاحب الحق والقضية يملك الشرعية دوما في حين المغتصب يعيش عقدة اللايقين كل لحظة ازاء الحاضر والمستقبل.
لا تستطيع إسرائيل ان تواصل الى ما لانهاية لعبة الكذب على نفسها ومجتمعها حيث تذهب الحقائق والارقام الى إشارات تعرفها اسرائيل جيدا بانها كلما حققت وفق وجهة نظرها انتصارات بالقوة العسكرية والامنية، فقدت جزءا كبيرا من الثقة بذاتها وتتعمق بمجتمعها عقدة عدم الامان ونزع شرعية الاخلاق عن «الدولة».
كل يوم تمارس أعداد كبيرة من الاسرائيليين الهجرة المعاكسة الى حيث أتو أصلا ليعودوا يهودا يمتلكون حياة وعائلات ومستقبلا من جديد بلا أزمة اخلاقية وعدم يقين بأي شيء في ظل «دولة « يتسابق قادتها على ايهامهم بلا جدوى على استمرار التعايش مع حالة دائمة مليئة بالدم والاشلاء والاحتلال.
كل مرة يفشل قادة اسرائيل في بيع قصة الامن لمجتمعهم، لانه لايمكن القفز عن حقيقة لا لبس فيها وهي ان الاحتلال والامن خطان متوازيان لا يلتقيان ابدا.
السلام غير موجود أبدا على أجندة الحكومة الاسرائيلية، هذا أمر بات العالم برمته يعيه، لذا تتآكل كل يوم مكانة اسرائيل في المجتمع الدولي. والمجتمع الاسرائيلي يعي هذه الحقائق كل يوم، و يدرك تماما ان» صناعة اللايقين « تنفذ بلا هواده بيد قادتهم.
اسرائيل كيان محتل ومصير الاحتلال الزوال هذه حتمية التاريخ منذ الازل. وفلسطين وشعبها يرزحان تحت هذا الاحتلال منذ عقود، وباختصار اسرائيل لا تريد حل الدولتين فهل تريد حل الدولة الواحدة وما هو الواقع الذي سيتكرس على الارض في النهاية؟.
هنا تكمن أزمة اسرائيل الكبرى لأن القوة لن تجدي نفعا في هذه الحالة لانه لا يمكن إبادة الجغرافيا والديمغرافيا، ففي الحالتين الغلبة ستكون لفلسطين وشعبها؟.
مقدمة تبدو طويلة نسبيا لكنها ضرورية، لان الامر دوما ذو صلة بنا في الاردن ونظامنا السياسي، إذ أن الحقيقة التي لا بد لاسرائيل ان تعيها مرة واحدة والى الابد، أن الاردن يريد دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس على التراب الوطني الفلسطيني، ولن يقبل دون ذلك كما انه لن يكف عن القول والفعل بأن» الاردن هو الاردن وفلسطين هي فلسطين».
بلا شك هذا الاصرار الاردني الراسخ، والذي تمارسه قيادته، بمواقفه الصلبة، في العالم كله يزعج جدا «عقلية القلعة في اسرائيل «ويعريها امام المجتمع الدولي، ويعمق أزمة مصداقية تلك العقلية، الموصومة بالكذب.
نعم ثبت للاردن ان نتنياهو «الكاذب « في العام 1999 هو ذاته» الكاذب» الان.
ولان هذه العقلية التي تحكم اسرائيل الان غير ذي صلة بالسلام مطلقا، وتذهب بمجتمعها الى المجهول، تحاول تصدير ازمتها المستحكمة، الى الاردن، لا سيما مع كل هجوم مؤثر يمارسه الاردن نصرة للحق الفلسطيني في المحافل وعواصم صنع القرار الدولي، لتبدأ هجمة تحريض اسرائيلية تجاه الاردن وقيادته.
فصرنا نتوقعها في تواقيت باتت مكشوفة الاهداف والنوايا والمصادر.
هذه الايام نشهد تقارير اسرائيلية تتسرب وتختفي فجأة في لعبة سخيفة، تمارسها الصحافة الاسرائيلية ومصادرها خلف الكواليس، تحاول الايحاء، بأزمة في الاردن تهدد استقراره ونظامه السياسي، هي في الحقيقة أوهام موجودة فقط، في رؤوس، المستوى السياسي والامني المأزوم في إسرائيل الذي ترعبه بوادر» انفجار مجتمعه» في خريف يبدو انه حتمي.
لتخشى اسرائيل على كيانها المؤقت ، اذا كان الاحتلال ، سيبقى برنامجها ، اذا كان يزعجها قوة الاردن ونظامه السياسي ، فلا باس أن تتهيأ لذلك الى الابد، فالاردن ونظامه باقيان وراسخان بكل شرعية دينية تاريخية واخلاقية، وشعب ملتف حول قيادته وجيش قوي وقادر تقوم عقيدته على مبادئ الحق لا الغطرسة والاحتلال.
المفضلات