[frame="2 80"]
كثير من الأحيان قد نكون على وفاق مع أشخاص معينين نشعر تجاههم بالإنسجام والإستجابة لهم هؤلاء قد يكون أحدهم : صديقا ، حبيبا، شخصا نلتقي به بمحض الصدفة.
هل منا من نظر يوماً الى ما سر هذا الشعور؟.
وما سر إستجابتنا لهم؟.
إنها حاجة ممتعة ، رحبة وممكنة ؛ هي الألفة والمحبة الحميمة التي أودعها الله تعالى في قلوب بني البشر فهي تعني التغلغل داخل أعماق الفرد وعالمه وكل من يشغلنا ونهتم إليه وجعله يشعر بأننا نحسن فهمه وإلى وجود رباط قوي مشترك بيننا فهذا هو جوهر الإتصال الناجح. فمثلاً: عندما نكون في مؤتمر أحياناً يربطنا مع أشخاص رباطا سريعا على الرغم من عدم معرفتنا لهم فيحدث بأننا نشعر إزاءهم بالإنسجام والإنجذاب وتفسير ذلك: عندما نلتقي بمن يشبهنا في طريقة تفكيرنا، مسلكنا في الحياة، آرائنا، معتقداتنا.
إننا سرعان ما نستجيب لهؤلاء ونشعر بأننا نحسن فهمهم ..فينشأ الرباط المشترك بيننا....فلكي تجعل شخصا يستجيب لك وتؤسس رباطا قويا بينكما وتكون مقنعاً بارعاً وصديقاً حسناً ومربياً فاضلاً فما يلزمك إلاَ أن تمتلك مهارات لخلق الألفة وهي:
اولا: إكتشاف النقاط والأشياء المشتركة وهي تعرف في علم البرمجة العصبية بعملية ''التناغم'' أو '' الإنعكاس''.
ثانيا : تبادل المعلومات مع الآخرين من خلال الكلام فهي من أكثر الطرق إستخداماً لإحداث الإنسجام بين الأفراد فمن المعروف أن 7% من خلال الكلام و 38% من خلال نغمة الصوت و55% للغة الجسد '' تعبيرات الوجه، لغة العيون، حركات الجسد...'' تعطينا دلائل وإشارات للمعلومات التي يود الشخص إخبارنا بها. فأحيانأً لغة الجسد لها أثر ومدلول أقوى من الكلمات نفسها. فعندما تنجح ألفة الكلمات مع عقلنا الواعي فإن لغة الجسد ''الفسيولوجيا '' تنتج في اللاوعي عندنا، فنشعر بالإنسجام والإنجذاب وإلى وجود رباط قوي في اللاوعي لدرجة أننا لاندرك أي شيء سوى هذا الشعور.
وهنا تساؤل كيف ندخل الى عالم الفرد ونحسن فهمه ؟ من خلال عملية الإنعكاس الذي يتم فيه عكس تصرفات الآخرين وذلك بإبراز الصوت ونغمته، استخدام العبارات المفضلة لديه ، إستخدام لغة العينين وتعابير الجسد .
ان عملية الإنعكاس هذه لاتعني أبداً التخلي عن دستورنا الشخصي وهويتنا بل تخلق فرصة للتشارك مع الآخرين في سماتهم الفسيولوجية مما ننال الإستفادة من أحاسيس وتجارب وأفكار الآخرين الذي عن طريقه تفتح لنا طريق لتبادل العلم والثقافة من الآخرين... فقد أثبتت الدراسات أن الأشخاص الناجحين يستطيعون أن يهيئوا جوا من الألفة في تعاملاتهم مع الآخرين وإلى قدرتهم على إستخدام الأجهزة التصويرية الثلاث التي تتمثل في '' السمع ، البصر ، الشعور '' وعن طريق ممارستهم المستمرة يدخلون عالم الفرد وفهمه فكل عملية الإنعكاس هذه لا تحدث في لحظة بل هي عملية تحتاج إلى إستمرارية ومرونة فقيادة فمسايرة ثم تدرج مع الآخر وتعتمد على مقدرتنا على التغير والتكيف بما يمر به الفرد لقيادته لكي يتبعنا بشكل لا شعوري . فخلق جو من الألفة يعني إيجابية الرد فمن المعتقدات الأساسية للبرمجة العصبية : أن لكي تنجح أي عملية إتصال نحتاج الى إستجابة سليمة ولكي يتحقق ذلك لابد من وجود مرسل سليم....فمثلاً مأساة التعليم تكمن في أن معظم المدرسين ملمون بالمادة التي يدرسونها ويعتقدون بما أنهم ملمون بذلك فإن أي إخفاق يرجع إلى الطلاب متناسين إلى أن هناك أمورا هامة لإحداث تغيرات جذرية في التعليم وهي : كيفية التعامل معهم / معرفة إحتياجاتهم/ كيفية الإستفادة من المعلومات المقدمة لهم وتوظيفها / معرفة الأجهزة التصويرية لهم ، فبعض الطلاب جهازهم التصويري سمعي والآخر بصري.... والحقيقة إذا لم يستطع المعلم إرسال المعلومات من خريطته إلى خريطة إنسان آخر وبالطريقة الصحيحة فإن المعرفة حتماً سوف تكون عديمة الجدوى... وما ينطبق على التدريس ينطبق في سائر أمورنا الحياتية وتعاملاتنا البشرية .
ويبقى القول أن للألفة سحرا في عالم الفرد وهي مهارة لكي نكتسبها لا نحتاج الى وصفة أو منهج ... بل نحتاج الى أدوات بسيطة وهي حواسنا الخمسة والقدرة على التخاطب والتفاعل المستمر بالطريقة الصحيحة فمتى حدث ذلك سوف نتغلغل إلى عالم الفرد ونكشف جمال أحاسيسه ومشاعره وكل مايتعلق بمكنوناته الخفية .[/frame]
المفضلات