أصغر المحاورين الفلسطينيين سنا في حوارات القاهرة لـ "الحقيقة الدولية":
أبو مجاهد: لم يخب أملي في زف البشرى للفلسطينيين باتفاق مشرف يعيد الوحدة والبسمة
أصغر المحاورين الفلسطينيين سنا في حوارات القاهرة لـ "الحقيقة الدولية":
أبو مجاهد: لم يخب أملي في زف البشرى للفلسطينيين باتفاق مشرف يعيد الوحدة والبسمة
الحقيقة الدولية - غزة - علي البطة
لم يكن المتحدث باسم لجان المقاومة الشعبية محمد البريم "محاوراً" فقط في مؤتمر الحوار الفلسطيني الفلسطيني بالعاصمة المصرية القاهرة طوال تسعة أيام من الحوار المستفيض في قضايا الخلاف الداخلي، بقدر ما كان "متابعاً" عن كثب لما يدور بين كبار الساسة الفلسطينيين وشيوخهم في ردهات الفنادق وقاعات الاجتماعات.
فالبريم المعروف إعلامياً على نطاق واسع بلقبه المشهور به "أبو مجاهد" لم تتح له سني عمره الـ (24) ولا سنوات عمره التي قضاها في الإعلام العسكري المشاركة في مؤتمر وطني يحتشد فيه معظم قادة العمل السياسي كمؤتمر الحوار الذي اشترك فيه (189) سياسياً فلسطينياً من قادة الصف الأول.
واختارت لجان المقاومة الشعبية التي كان لها قصب السبق في تفجير أول دبابة "ميركافا" لجيش الاحتلال في الأراضي الفلسطينية قبل سبع سنوات "ناطقاً إعلامياً" باسم جناحها المسلح المعروف باسم "ألوية الناصر صلاح الدين" وهو لم يتجاوز بعد (19) ربيعاً، حسب ما يقول لـ "الحقيقة الدولية".
عاش "أبو مجاهد" الحوار بأيامه التسعة منذ انطلاقه في العاشر من الشهر الماضي برعاية المخابرات المصرية في القاهرة لحظةً بلحظة، وهي تجربة غنية جداً "أثرته سياسياً وأثرت فيه وجدانياً".
وخاض النقاش والجدال مع من هو في عمر أبنائهم وأحفادهم ممن تجاوزوا الخمسين والستين والسبعين عاماً، وبينهم من يخوض في السياسة والقيادة عقوداً طويلة من الزمن، تفوق سنوات عمر الرجل ضعفاً.
وقف الشاب مراقباً من الداخل ما يدور في الكواليس بين الأشقاء الأعداء، يلحظ المصافحات الحارة والابتسامات والضحكات، ويلحظ كذلك عبوس الوجوه وارتفاع الأصوات وتوتر الأجواء وانسداد الأعصاب والآفاق.
يقر "أبو مجاهد" لـ "الحقيقة الدولية" بأنها "تجربة غنية" لمن هو في مقتبل حياة فرضت عليه عنوة أن يخوض غمار السياسة فيها والقتال مع عدو قاهر ويمارس الإعلام في منطقة لا تعرف السكون أو الهدوء على مر الأيام والسنين منذ نشوء القضية الفلسطينية قبل أكثر من ستة عقود خلت، دون أن تخلو من مؤتمرات لمواجهة مؤامرات.
التشبث بالحلم
أشد ما جذب "أبو مجاهد" في الحوار "الأجواء الايجابية الحميمية" بين مختلف القادة المشاركين في الحوار، خصوصاً بين قادة حركتي "فتح وحماس" وهو ما يعجب له الإنسان ويتمنى لو عممت هذه الأجواء الى "قواعد الحركتين المتخاصمين" وهو ما ذرفت له دموعه "لا شعورياً".
غيرت الأجواء الايجابية في الأيام الخمس الأولى الكثير من مواقف الشاب التي بناها منذ اندلاع القتال المسلح بين حركتي فتح وحماس في قطاع غزة قبل ثلاث سنوات، لكن الأيام الأربعة الأخيرة من الحوار أحيت عنده الخوف بعض الشيء من العودة دون اتفاق بين الفرقاء.
ومن المفارقات أن أول ما اندلع القتال بين عناصر فتح وحماس اندلع في بلدته بني سهيلا الواقعة شرقي محافظة خان يونس جنوبي قطاع غزة في مثل هذه الأيام من العام (2006) حيث قتل عنصران من فتح وعنصر من حماس، وهم أول قتلى الصراع بين الحركتين في قطاع غزة، الذي تواصل حتى يوم القتال الأعنف في الخامس عشر من حزيران عام 2007، وسقوط قوات فتح أمام حماس.
ولعل هذه الحادثة شكلت علامة فارقة في حياة الرجل الذي ظل يقاتل في سبيل تحقيق الوئام بين الحركتين لتجنيب البلاد والعباد "شرا مستطير ينتظر الجميع"، فسافر الى القاهرة مع وفد لجان المقاومة الشعبية وهو يحمل آمالا بالعودة باتفاق يبشر به أهالي القتلى والجرحى بنهاية أسوأ فصل في فصول القضية الفلسطينية.
لكن "أبو مجاهد" عاد دون اتفاق يبشر به الناس، إلا أنه لم يعد "خائباً" ففرص تحقيق الاتفاق أكبر من فرص الفشل، لان قضايا الخلاف تتمثل بين حركتي فتح وحماس مختصرة في أربع نقاط إستراتيجية، تلوح في الأفق حلول في نقطتين حالياً، بانتظار التوصل الى حلول في النقطتين الأخريين.
ويتوقع الرجل إيجاد حل في قضيتي الانتخابات وآليتها، وأولويات تنفيذ اتفاق الأجهزة الأمنية قريباً، بينما يبقى برنامج الحكومة السياسي ينتظر الحسم بين كلمة "احترام والتزام" الاتفاقات الموقعة من منظمة التحرير، فيما قضية منظمة التحرير ستجد طريقها الى الحل إذا ما انتهت عقدة الحكومة.
وأكثر ما يتمناه "أبو مجاهد" أن يتمتع قادة فتح وحماس بالجرأة واتخاذ قرارات مصيرية يتم التنازل فيها عن المصالح الحزبية لصالح القضية والشعب، وإذا ما تمتع القادة بالجرأة فلن تكون هناك عقبات أمام التوصل الى اتفاق يعيد رسم البسمة على وجوه كل الناس.
ويقول "عدت وفي نفسي غصة، كنت أتمنى أن أحمل البشرى لأزفها للناس لتعلو البسمة الجباه وتعود الضحكات الى الوجوه كما شاهدتها بين القادة، تمنيت أن يرى الشباب ابتسامات الشيوخ، لتزول المشاحنات من الصدور بين الكل الفلسطيني".
المصدر : الحقيقة الدولية - غزة - علي البطة- 1.4.2009
المفضلات