مصالحة عربية وخلافات لاحقة... !
--------------------------------------------------------------------------------
في يومها الأول شهدت قمة الكويت مصالحة عربية تدعو إلى التفاؤل ، ولكنها شهدت في يومها الثاني خلافات حادة حول مستقبل المبادرة العربية وآلية إعادة إعمار القطاع الذي دمره العدوان الإسرائيلي.
المبادرة العربية للسلام صدرت عن القمة العربية في بيروت قبل سبع سنوات ، وتأكدت في مؤتمرات قمة لاحقة كان آخرها في دمشق. ولو كانت الطبقة الحاكمة في إسرائيل سعيدة بالمبادرة وترى منها مصلحة لإسرائيل ، لكانت قد رحبت بها ودعت على الفور للبحث في التفاصيل.
لكن المبادرة العربية كانت مصـدر حرج لإسرائيل ، لأن العالم قبل بها ، ورأى فيها نقطة انطلاق متوازنة لإحلال السلام ، وإنهاء الاحتلال ، وقيام دولة فلسطينية على الأرض الفلسطينية.
إسرائيل ردت على المبادرة بتدمير مخيـم جنين ، وحصار ياسر عرفات ، وتسريع بناء المستوطنات ، ثم جاء الإعلان الصريح برفض إسرائيل للمبادرة ، ولو رأت في بعض جوانبها نقاطاً إيجابية ، فالمبادرة العربية حزمة متكاملة للتسوية على أساس الانسحاب من الأراضي المحتلة عام 1967 ، والاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني مقابل الأمن والسلام والاعتراف بإسرائيل والتطبيع معها ، فهي أخذ وعطاء ، تؤخذ أو تترك كحزمة واحدة ، فلا تستطيع إسرائيل أن تأخذ منها ما تشاء مجاناً ودون أن تدفع الثمن المطلوب ، فالتنازلات العربية مشروطة.
بروح المصالحة ، والرغبة في اللقاء مع الأطراف العربية في منتصف الطريق ، أعلن صاحب المبادرة ، الملك عبد الله بن عبد العزيز أن المبادرة العربية لن تظل على الطاولة إلى الأبد ، بمعنى أن على إسرائيل أن تقبلها بسرعة إذا أرادت لنفسها الأمن وللمنطقة السلام. وهذه صيغة ذكية لتهديد ضمني لإسرائيل ، لا يعفيها من الحرج ، ولا يظهر العرب بمظهر من يرفض السلام.
سحب المبادرة العربية للسلام اليوم ، قد يكون خطوة مبررة نصفق لها إذا كانت هناك مبادرة عربية مختلفة ، ولكن لا يبدو أن في الأفق شيئاً سوى التصريحات والخطابات غير المسنودة لا بالإرادة ولا بالفعل.
طالما أن المبادرة لم تقبل من جانب إسرائيل ، فإنها لا تقيد أي طرف عربي أو تمنعه من التصرف بطريقة أخرى إذا كان حقاً راغباً في ذلك وقادراً عليه.
أما النقطة الثانية المختلف عليها فحلها سهل ، فمن حق من يدفع المال أن يقرر كيفية إنفاقه ، أما الاخرون الذين لا يقدمون شيئاً فلا أقل من عدم خلق المتاعب.
جريدة
الراي الاردنية
المفضلات