* سميح المعايطة
سيسجل تاريخ الدولة الأردنية لمجلس النواب الحالي أنه المجلس الذي تم في عهده إقرار تعديلات دستورية شاملة, وإقرار قانون انتخاب جديد وإصلاحي فضلاً عن ولادة نقابة المعلمين وقانونها، وقانون أحزاب جديد وأخيراً قانون بلديات جديد؛ وكلها تشريعات تم إقرار بعضها والآخر على أجندة المجلس خلال الفترات المقبلة، وهذا الأمر يجب أن يكون محل اعتزاز من المجلس بنفسه بغض النظر عن أي أمور أخرى كانت في بداية عهده.
مجلس النواب الذي من المقرر أن تصله التعديلات الدستورية وربما يبدأ بحثها اليوم جاء في مرحلة سياسية استثنائية، لهذا عليه أن يدرك أن إقراره للتشريعات الإصلاحية الكبرى مهمة وطنية كبرى وليس واجباً وظيفياً، وأن عليه أن يكون جزءاً من عملية الإصلاح من خلال إنجاز هذه التشريعات في أوقاتها دون أن يؤثر هذا على حقّه في النقاش والحوار، لكن المجلس يحمل على كاهله دوراً وطنياً كبيراً ننتظر منه أداءه وهو أن يسرع وتيرة الإصلاح من خلال إقرار التشريعات لأن هذا يساهم في تعزيز ثقة الأردنيين بأن عملية الإصلاح تسير بشكل منتظم دون تباطؤ أو تأخير.
الثقة بمجلس النواب كبيرة، لكننا ندرك أيضاً أن البعض يتوقع من المجلس أن يقضي وقتاً طويلاً في إقرار التشريعات لقطع الطريق على أي قرار بإجراء انتخابات مبكرة العام المقبل، وهي تحليلاتٌ المجلس ليس مسؤولاً عنها، لكنه يملك الرد عليها بتعامل مهني مع كل ما سيأتيه من تشريعات الإصلاح.
وليس سراً القول إن إجراء انتخابات مبكرة العام المقبل أمر مطروح بقوة، وهذا ليس إدانة لمجلس النواب أو عقوبة له أو تشكيكاً بشرعيته القانونية والسياسية بل هي انتخابات تأتي كاستحقاق سياسي إصلاحي، فأي دولة تقوم بتعديل شامل لدستورها وتضع قانوناً جديداً للانتخابات فيه تغييرات جذرية في النظام الانتخابي لا بد لها من الذهاب نحو انتخابات مبكرة لاستكمال مسارها الإصلاحي وإعادة بناء المؤسسات الدستورية وفق التشريعات الإصلاحية.
مرة أخرى فإن مجلس النواب شريك استراتيجي في عملية الإصلاح، وواجبه في إنجاز هذه العملية سيسجل له، ولا نتوقع أن يكون حرصه على الاستمرار أهم من واجبه الوطني في هذه المرحلة؛ لهذا لا نتوقع منه إلا أن يكون عاملاً إيجابياً في إتمام مسيرة الإصلاح وبناء المرحلة السياسية المقبلة، أما ما يتوقعه البعض من إبطاء لإقرار التشريعات لمواجهة فكرة الانتخابات المبكرة فهو تحليلات لا يتحمل مسؤوليتها المجلس الذي سيكون عامل تسريع لعملية الإصلاح لأنه يدرك أن هذا هو الدور الوطني للمجلس.
المفضلات