عندما نتحدث عن الانسان هذا المخلوق الذي يجمع في داخله كل المتضادات والمتناقضات والذي قد يكون هذا الانسان بلا انسانية وبلا اخلاق وبلا امانة أو يكون العكس لأن انسان بداخله الخير والشر والحب والكراهية، والانسانية والعدوانية، والاخذ والعطاء والاحجام والاقدام والصراحة والمجاملة وغيرها من المتضادات عند هذا علينا ان نسأل انفسنا كيف نوازن بين هذه المتناقضات...؟
نكذب على انفسنا حين نردد في بعض الاحيان ان المال ليس كل شيء في هذه الحياة وان الاحساس هو اغلى سلعة في هذا الوجود وانه لا يشترى بكل اموال الدنيا وان من يطلب حقه او يمد يده او يسعى لتحسين ظروف حياته يسقط من عيون الناس ويفقد كل شيء في آن واحد.
نكذب على انفسنا عندما تحفى اقدامنا ونركض في كل اتجاه ونقف على كل باب ونحن نريد قواعد النجاح وذلك هو الطريق لكسب الناس فقط ونكذب على انفسنا عندما نقول للاخرين نحن نحبكم، نحن لكم وليس في حياتنا سواكم، ونحن مخلصون لكم ولا يمكن ان نفرط فيكم، حتى اذا غادرناهم لعنا اللحظة التي جمعتنا او وضعتنا في طريقهم.
نكذب على انفسنا ونحن نعطي الوعود لابنائنا واخوتنا واصدقاءنا بان نكون صادقين معهم وعلى ثقتهم بنا ومستعدين للتضحية بحياتنا من اجلهم، فاذا نحن تركناهم ووقعنا في شرك خيانتهم وغرسنا السكين في ظهورهم واطفأنا حرائقنا بعيدا عنهم.
نكذب على انفسنا ونحن نقسم على انفسنا بمعاقبة المقصرين والمهملين والفاسدين وبطرد جميع الفاسدين والسماسرة ونتجاهل ان كل ما حصلنا عليه ووصلنا اليه كان لغيرنا وان الكثير من الاساليب والطرق والوسائل غير الشريفة قد استخدمت وصولا الى ما نحن فيه وعليه.
نكذب على انفسنا عندما نتحدث عن القدوة وعن الاصلاح ونرتاد المساجد واماكن الفضيلة فاذا خلونا الى انفسنا فعلنا ما لا يفعله الشيطان ونكذب على انفسنا عندما نقطع على انفسنا العهد بان نكون صادقين مع الله وان نكون اوفياء مع من اخلصوا وان نكون على مستوى المسؤولية وان نحافظ على الامانة التي وضعت على عاتقنا، فاذا بنا نبيع ضمائرنا ونخون امتنا ونستغل مواقعنا والسلطة الممنوحة لنا ونتاجر بمكانتنا ونقدم أسوأ مثل على انتهازيتنا وضعف نفوسنا ووصوليتنا.
مشكلة الانسان انه قد يلجأ للكذب دون ان يكون محتاجا اليه يفعل هذا لكي يصدق نفسه ويبرئها من كل جرائمها وذنوبها.
نكذب على انفسنا عندما نقول اننا نحب الوطن بالوطنية والحماس والعواطف فقط لان الوطنية هي انفعال وعواطف وننسى المواطنة التي هي فعل وتطبيق فهل نفرق بين الوطنية التي هي انفعال والمواطنة هي الفعل وهل نفهم ان المسؤولية هي الالتزام بتنفيذ كل ما يطلب منا بأمانة واخلاص ونقول ان المسؤولية هي سلطة وتسلط على الاخرين فقط.
واخيرا اقول من لا خلق له فانه لا يتردد في ان يمارس ابشع الافعال وان يحاول ان يبدو امام الناس وامام نفسه انه ملاك....؟ واترك لكم ان تتحدثوا مع انفسكم لا عن انفسكم..
د. صالح لافي المعايطة
المفضلات