حزب الله ودعم المقاومة الفلسطينية
حزب الله ودعم المقاومة الفلسطينية.. "كلمة حق" يراد بها ماذا؟
الحقيقة الدولية ـ كتب المحرر السياسي
الكل يؤكد في هذه الظروف أنه مع كل ما من شأنه أن يدعم المقاومة الفلسطينية بالسلاح والمال والكلمة، بل والمطالبة ليس فقط أن يتم فتح معبر رفح المصري أمام رجالات المقاومة بل بأن تفتح كافة حدود دول الطوق العربي لدعم المقاومة، أكانت حدود الجولان السورية أو الحدود الأردنية أو حدود الجنوب اللبناني، بل والأمل يحدو الجميع بأن تنطلق صواريخ إيران العابرة للقارات لتدك قلب تل أبيب وتمطر صواريخ حزب الله الأهداف الصهيونية أينما وجدت داخل فلسطين المغتصبة، من منطلق أن الجميع ضد أي تنازل عن أي شبر من فلسطين التاريخية من البحر إلى النهر والنظر بأمل إلى اليوم الذي تزول فيه دولة الصهاينة من على وجه العالم وتعود الحقوق إلى أصحابها الأصليين.
وهنا نرى ضرورة التوقف عند مقولة "حزب الله" اللبناني الشيعي المدعوم من إيران مذهبيا وماليا في أزمته مع مصر في قضية "الخلية" التي تم إلقاء القبض عليها مؤخرا وتأكيد أمينه العام على "أن دعم المقاومة في فلسطين شرف، وإذا كان هذا الفعل جريمة فإنه يعترف بها".
إنها فعلا كلمة حق، فدعم المقاومة فرض عين على كل مسلم وليس فرض كفاية، ولكن السؤال الكبير الذي يطرح نفسه، هل فعلا ما يقوم به حزب الله في مصر، وفي عدد من دول الطوق العربي لفلسطين المغتصبة هو دعم خالص للمقاومة الفلسطينية، بغية تحرير فلسطين التاريخية واستعادة المسجد الأقصى؟ أم أن وراء الأكمة ما وراءها؟
نعم نفتخر بأن حزب الله انتصر على الصهاينة في حرب تموز 2006 بل إنه أثلج صدورنا حينما مرغ أنف جيش الصهاينة في التراب وجعله "نمرا من ورق"، ولكننا صدمنا بل خاب أملنا حينما لم نر سوى "قنابل صوتية" أطلقتها إيران وحزب الله من ورائها في العدوان الصهيوني الأخير على قطاع غزة، فتساوى ما يسمى محور "الممانعة" مع محور "الاعتدال" العربي، فكلهم أصبحوا في "الهم شرقُ"، فلا يجوز لأحد أن يزايد على الآخر، بل إن ما جرى في قطاع غزة أثناء العدوان على القطاع هو دور مصر في إدارة معبر رفح، ودور الأردن في الدعم اللوجستي لأبناء قطاع غزة والدعم المالي الذي قدمته المملكة العربية السعودية، وهم من محور "الاعتدال" كما يحلو للبعض أن يسميه، فاق دور محور "الممانعة" بكثير، إذا استثنينا سوريا التي سيرت مئات الشاحنات الإغاثية من خلال الهيئة الخيرية الهاشمية.
شهود العيان دخلوا إلى قطاع غزة من معبر رفح أكثر من مرة خلال العدوان وكانوا متواجدين في العريش أغلبية أيام الحرب، ورأوا بأنفسهم العشرات من شاحنات المساعدات، ورأوا بأم أعينهم ألوف شاحنات الإغاثة الطبية وغيرها من شتى دول العالم ومئات سيارات الإسعاف التي نقلت مئات الجرحى تعبر معبر رفح.. نعم كانت هناك عقبات(!) ولكنها كانت تحل وفي نهاية المطاف تدخل المساعدات إلى القطاع.
أما المدهش في الأمر فهو حجم ما تم نقله عبر الأنفاق، فقد عملت مئات الأنفاق على الجانبين المصري والفلسطيني كخلية نحل، تنقل كل شيء تحتاجه المقاومة والمواطنون العاديون على حد سواء، وكل هذا كان يحصل تحت مرأى ومسمع السلطات المصرية التي غضت الطرف عنه، ولكن لا يمكن لمصر أن تعترف بذلك، لأنها ستقع بإشكاليات كبيرة، فمصر ليست تنظيما مسلحا أو حزبا، إنما هي دولة تملي عليها الظروف الدولية أن تتصرف بحنكة وحكمة.
في الأثناء كان الجميع ينتظر أن تزف إلينا بشرى تحريك جبهة الصهاينة الشمالية من قبل حزب الله.. سيقولون إن تلك ستكون مغامرة خطيرة ستجر لبنان إلى أتون حرب جديدة!! ونقول: إذن على حزب الله أن يتفهم أن هناك مقتضيات وحسابات سياسية لكل دولة، وأن لا يتخذ معبر رفح، بين الإغلاق والفتح، كذريعة لدعوة الجيش المصري للانقلاب على قيادته، كما فعل نصر الله في خطابه الشهير، وأن لا تقوم قناة الجزيرة بالتصيد في الماء العكر وإبراز السلبيات متغاضية عن كافة الإيجابيات!! للتشهير والتحريض ضد الدول العربية.
أما إيران، فحقها من الحديث يطول، ولكن خلاصة مشروعها الفارسي الصفوي في المنطقة العربية ومحاولتها التسلق على ظهر القضية الفلسطينية أمر لا يجهله إلا كل جاهل أو مغرض.
المشروع الفارسي الصفوي الإيراني أمامه ثلاث عقبات رئيسة في المنطقة لتمريره، وهي العراق ومصر والسعودية.. وكلها دول ذات أغلبية سنية.. أما العراق فسيطر عليها وحطمها وأعتلى على عرشها، النظام الإيراني، بدعم صهيو- أمريكي، سيكشف التاريخ تفاصيله، ومن ثم قامت إيران بإدارة بوصلة جبهتها إلى الهدف الثاني وهي مصر، وبدأت تعيث فيها الفساد، بحجة أن النظام المصري يخذل المقاومة الفلسطينية، ومتآمر مع الصهاينة والأمريكان على قضية المسلمين الأولى في فلسطين، وللأسف كان هناك سماعون لها، وقناة، بل قنوات فضائية ذات أبواق عالية الصوت والتأثير تنفخ في كيرها وتغذي أهدافها، وما قضية خلية حزب الله في مصر إلا جزء يسير من مخطط استهداف مصر السنية، مصر العروبة، مصر الحصن المنيع بشعبها الطيب وقدراتها المهولة.
أما الهدف الثالث، فهو السعودية، رمز أهل السنة والجماعة وقبلة المسلمين الأولى، ولهذا الموضوع تفاصيل وشجون.
إذن محاولات إيران من خلال حزب الله هي الهيمنة والسيطرة على الدول السنية الثلاث الكبرى، وبعدها تكون المهمة أكثر سهولة.. وما التصعيد الإعلامي من حزب الله والرئيس الإيراني نجاد وما تبعه من حرب كلامية مفتوحة مع مصر ومحاولات تحريض الشعب المصري على نظامه إلا جزء من هذا المخطط.
أما حزب الله، فوجد من خلال قضية خليته في مصر، فرصة ذهبية لإعادة ثقة الشعوب العربية به، بعد صمته أثناء العدوان على غزة، للتسلق مجددا في شعبيته على ظهر القضية الفلسطينية التي ما أضفت تدخلاته بها وانحيازه لطرف دون آخر، سوى مزيد من الانشقاق والفرقة الفلسطينية الداخلية، ورسخ ما يسعى الصهاينة إلى تحقيقه بإيجاد حكومتين وأرضين وشعبين في فلسطين، حتى تتمكن "إسرائيل" من تحقيق حلمها بإيجاد دويلة في سيناء للغزاويين وأخرى لأهل الضفة الغربية في الأردن، وتفريغ فلسطينيي 48 من الداخل الفلسطيني إلى تلك الدويلات.
في هذا الموضوع الهام، والذي لم يوف حده الأدنى من الحق، نرى أن حزب الله ودعم المقاومة الفلسطينية.. "كلمة حق" يراد بها المشروع الفارسي الصفوي الإيراني!! فهل نعي المخطط؟ ونحصن جبهتنا الداخلية؟
المصدر : الحقيقة الدولية ـ كتب المحرر السياسي 14.4.2009
رد مع اقتباس
المفضلات