* سامي الزبيدي

كيف تقرأ نتائج الانتخابات المصرية لموقع الرئاسة أردنياً وكيف تنعكس النتائج هناك بنجاح المرشح الاخواني الدكتور محمد مرسي في الوصول الى قصر العروبة في القاهرة على المشهد الأردني.
كثيراً ما تجري القراءات وفق عقلية رغائبية، فان كان الموقف مناوئا للاخوان جرى التقليل من اهمية الحدث وان كان القارئ مريداً للاخوان عامل الأردن كجزء من المشهد المصري لكن كلا النظرتين لا تنتميان الى الواقع بصلة ، ففي قراءة كهذه لا بد من اخذ التمايز بين الاخوان في الساحات العربية بنظر الاعتبار كما لا بد من اخذ خصوصية كل بلد كعامل اساسي في قراءة المشهد السياسي.
ان كان اخوان مصر بشعورهم انهم يشكلون حالة مركزية للتيار الاخواني العالمي وبالتالي يتعرضون لمسؤولية تتجاوز جغرافية مصر فان اخوان الساحات الاخرى في حل من هذه المشاعر وبالتالي قد يتبنون طروحات اكثر تشدداً في سباق السجال السياسي على المستوى القطري وهذا من شأنه ان يخفف جزئياً من تاثير القاهرة على المواقف السياسية للحراكات الاخوانية خارج مصر.
كذلك فان كان التأثير في القرار الميداني ضعيفاً فان ذلك لا يعني ان التاثير المعنوي ضعيف ايضاً اذ قد يكون نجاح المرشح الاخواني في معركة الرئاسة المصرية عنصر أمان وثقة للساحات الاخرى ومن بينها الأردن وهو امر قد يدفع باتجاه العقلنة لا الفرعنة التي قد تدفع نحو انجاز تسويات قطرية باعتبار ان الاخوان قد انتقلوا معنوياً من التفكير وفق عقلية المعارض الى التفكير وفق عقلية الشريك في السلطة وهو امر سيدفع حتماً نحو ترشيد الخطاب.
ثمة من يعتقد ان نجاح مرسي سينعكس استقواء في ساحات اخرى من لدن «الاخوان» لكن هذا صحيح فقط لدى الاجنحة المتشددة وهي في الاغلب اقليات داخل «الحالة الاخوانية» اضافة الى ان ضغوط الحالة الدولية والاقليمية على الرئيس «الاخواني» الجديد لمصر قد تدفعه الى اتخاذ قرارات يصعب الدفاع عنها في ساحات اخرى وهو عامل يضاف الى عوامل التأثير العقلاني للحالة المصرية على محيطها.
هناك قوة ناعمة مارستها ولا زالت تمارسها القاهرة على مجالها الحيوي – العربي بدءاً من ثورة يوليو إذ كانت القاهرة عاملاً حاسماً في كل قرار وطني في العواصم العربية فان حاربت مصر لبست الشام الدروع وان سالمت مصر خلعت الشام الدروع والان فان القاهرة قد اعطت للاسلام السياسي فرصة لقول كلمته فهذا من شأنه ان يدفع صناع القرار في «البر الشامي» الى اخذ هذا الامر بنظر الاعتبار وسيتحول الاسلاميون من كتلة كبيرة متجانسة باتجاه الاعتراض على الراهن الى شبكة أمان سياسي للسلطات القائمة.
في الأردن على وجه التحديد فان شعار المعارضة وبالقلب منها جماعة الاخوان هو «اصلاح النظام» سيكون شعاراً فضفاضاً قد يحمل في عباءته كل التسويات الممكنة مع الاطار الرسمي وصولاً الى حالة تشاركية على النقيض من بعض الساحات العربية الاخرى خصوصا وان طبيعة نظامنا السياسي وعلى مدى الستين عاما الماضية لم يتعامل مع الحركة الاسلامية إلا بوصفها شريكاً «اجتماعياً» في زمن الاستقرار وشريكاً سياسياً خلال مرحلة الضغط القومي (الناصري – البعثي) على المملكة وبالتالي هناك ما يكفي من الادبيات الرسمية – الاخوانية التي قد تسعف في ايجاد صيغة ما للتوافق على مستقبل الاصلاح في البلاد.
نجاح مرسي في القاهرة وإن ارسل رسالة ثقة للحركة الاسلامية إلا انه سيدفعها بعد مرحلة الى التفكير العقلاني وينقلها – كما نقل مرسي – من تفكير «القرايا» الى تفكير السرايا.