هاشم الخالدي يكتب : رسالة الى الوزراء السابقين "المشنشلين"بالذهب
هاشم الخالدي يكتب : رسالة الى الوزراء السابقين "المشنشلين"بالذهب
19-09-2013
بقلم : هاشم الخالدي
منذ اليوم لن أحزن على وضع أي وزير سابق؟ ...
منذ اليوم لن أترك قلبي المرهف يتحكم بعقلي 'التنح' ...
منذ اليوم سأضع نصب عيني المثل القائل :
على قدر أهل النصب تأتي المناصب و تأتي على قدر اللصوص المكاسب
و تنبت في قصر الوزير ثمارها و تكثر في بيت الفقير العناكب
، و هو بالمناسبه بيت شعر تم تحويره، و تبديل كلماته الأصلية التي نطق بها المتنبي قائلاً :
وعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم ...
قلت في بداية المقال أنني منذ اليوم لن أحزن على وضع أي وزير ؟
ربما يتسأل أحدكم عن سبب هذا القطع والجزم بأنني لن أحزن، سأقول لكم الحقيقة؟
فمنذ ثلاثة و عشرون عاماً – أي منذ أن التصق القلم بأصبعيّ السبابة والإبهام - و جعلني صحفياً مغموراً في شيحان، و البلاد، و العرب اليوم، و الإتجاه، و الحدث، و المحور، والسفيرة، و سرايا، ...، و غيرها ، كنت اعتقد – يالغبائي - أن الوزير السابق الذي يخرج من منصبه لا يمتلك – يا حرام - سوى راتبه التقاعدي الذي لا يتجاوز ألفي دينار.
لا أخفيكم – و أقسم على ذلك – أنني عندما كنت أزور مثل هؤلاء الوزراء السابقين في بيوتهم الفارهة أدخل في جدال مع نفسي، و أسئلة لها أول و ليس لها آخر، من مثل :
- الله يعين معاليه كيف الألفين دينار بده يدفع منهم فواتير الكهرباء؟!
- الله يعين معاليه كيف الألفين دينار بده يدفع منهم راتب الشغالة الفلبينية 'سمانثا'؟!
- الله يعين معاليه كيف الألفين دينار بده يدفع منهم راتب الحارس 'أبو فهمي'؟!
- الله يعين معاليه كيف الألفين دينار بده يدفع منهم راتب الجنايني – أو منسق الحديقة 'جمعة' . مصري الجنسية؟!.
- الله يعين معاليه كيف الألفين دينار بده يدفع منهم راتب سائقه الشخصي 'عوض'؟!
- الله يعين معاليه كيف الألفين دينار بده يدفع منهم ثمن الأكل والشرب و الخضار و الفواكه و الضيافة و ملابس العيد ..و..و..و..و...؟!.
كانت هذه الأسئلة تندفع في مخيلتي و أنا أواسي 'معاليه' على خروجه من المنصب، ثم ما ألبث أن أغادر و أنا أكاد أمسح دمعتي على ما آل إليه الوزير ؟!
أما اليوم ،فقد علمت من أين يصرف غالبية الوزراء السابقين على أنفسهم، و حتى على جيرانهم، ببذخ واضح دون أن يستطيع معاليه أن يعرف لمجرد تخمين – كم بلغ رصيده في البنك ؟
و يبدو واضحاً أن من يدخل الوزارة و يخرج منها يتعلم على الفور طريقة 'من أين تؤكل الكتف'، فلا غرابة إذاً أن نقرأ على 'سرايا' - بين الفينة والفينة - أن الوزير الفلاني أضطر لتقديم استقالته من عضوية مجلس إدارة الشركة الفلانية، أو رئاسة مجلس إدارة الشركة العلانية، كي يتفرغ لمنصبه الوزاري الجديد، ولا غرابة إذاً أن نقرأ هنا و هناك أن وزراء سابقين يقتحمون معظم الشركات الأردنية كتنفيعة في مجالس إدارتها، و قبض الآلاف شهرياً مقابل أن يؤمن ذلك الوزير لتلك الشركة الحماية السياسية، أو يمنحها 'البرستيج' أمام هيئتها العامة بأن مجلس إدارة شركتهم يحوي من أصحاب المعالي ما لذّ وطاب.
وأجزم أن بعض مجالس الإدارة ممن استقطبوا أصحاب النفوس المريضة من الوزراء السابقين أو رؤساء الوزارات السابقين، كانوا بذلك يرسلون تهديداً مبطناً لهيئة مكافحة الفساد لعدم نبش ملفات تلك الشركة، وكشف لصوصية مجالس إدارتها ونهبهم لأموال المساهمين والمودعين.
بالتأكيد، فأننا هنا لا نستطيع أن نجزم بأن كل وزير سابق أو حالي متورط بالفساد لمجرد ورود اسمه في عضوية مجالس أية شركة، لأن التعميم هنا لا يليق، وإنما هي ظاهرة ربما تمس أكثر من 90% من المسؤولين ' المشنشلين ' بالذهب نتيجة ما تدره لهم عضوية مجلس إدارة الشركة الفلانية، أو رئاسة مجلس إدارة الشركة العلانية!!.
أحد المسؤولين الحاليين اتضح بعد أن تولى منصبه الجديد أنه كان عضواً في مجالس إدارة عدة شركات، ورئيس مجلس إدارة إحدى الشركات، ولا نعلم بعد، كم هي الشركات التي انضم لها معاليه ولم تفصح عن استقالته منها بعد توليه منصبه الجديد، لكنها بالعموم ظاهرة تستحق الانتباه، وظاهرة خطيرة تستحق الدراسة.
ليس من الضروري أن يكون من قبل عضوية كل هذه الشركات ' لصاً ' أو فاسداً، وإنما يحق لنا أن نتساءل ؟! لماذا تهدر كل هذه الملايين كرواتب لأصحاب المعالي والدولة ولا يستفيد منها المساهم أو المودع الغلبان الذي أفنى عمره فقط من أجل شراء بضعة أسهم في الشركة الفلانية أو العلانية كي يؤمن قوت أولاده من الأرباح ؟.
لماذا تسيطر الحيتان وأسماك القرش على كل الضفاف وكل البحار دون أن تترك لسمك السلامون أو سمك التونا ... بعض الفتات؟!.
المفضلات