السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لا تخف إنك أنت الأعلى
سنتكلم عن الحلول الكفيلة بالتخلص من الشعور بالخوف إلا من الله تعالى فهو أسمى أنواع الخوف و لن يقبل إيمانك دونه في البداية علينا أن نعرف بأن الخوف شعور يصيب الجميع بلا استثناء
قال تعالى :
(وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ )
فكل إنسان لديه مخاوفه و الأمور التي يهابها و نحن في زمن الإرهاب الدولي في قانون الغاب و الاحتلال و الخداع و الظلم و القسوة حتى ضمن المجتمع الذي نعيش فيه لم يعد أحد يشعر بالأمان فالأخ يظلم أخاه و الصديق يغدر بصديقه و الناس خائفون
فهذا خائف من الفقر و آخر خائف من المستقبل و ثالث خائف على أولاده و أسرته و بناته و هذا خائف على أمواله و ذاك خائف على صحته أو مركزه أو وظيفته و هكذاخوف يسيطر على النفوس و قلق و هم و توتر
الخوف الإيجابي مفيد و مطلوب لكن الخوف بمعناه السلبي مرفوض و مضعف و يجعل صاحبه سلبيا ضعيف الشخصية و الإنسان الخائف غير منتج و غير فعال في مجتمعه و لن يفيد الأمة بأي شكل من الأشكال
أما الإنسان المؤمن المطمئن فهو عضو فعال و منتج و مهم في المجتمع و الأمة
إذاً كيف نتخلص من الخوف ؟
لكي تشعر بالأمان فإليك بعض الأدوية الفعالة و المفيدة من كتاب الله تعالى و سنة نبيه الكريم محمد صلى الله عليه و سلم
1- ذكر الله :
قال تعالى :
(( الذين آمنوا و تطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب ))
اذكروا الله تعالى و عندها ستشعرون بالسكينة و الطمأنينة و الأمان ، فذكر الله تعالى أسمى و أشرف عبادة على الإطلاق
قال تعالى :
(( فاذكروني أذكركم و اشكروا لي و لا تكفرون ))
وعند لقاء العدو فإن خير طريقة للتثبيت و البعد عن الخوف هي ذكر الله تعالى
قال تعالى :
(( يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا و اذكروا الله كثيراً لعلكم تفلحون ))
2- أن تكون على الحق :
فمن كان على الحق كان الله معه و من كان الله معه فمن عليه و من كان عليه فمن معه ؟
قال تعالى :
( أليس الله بكاف عبده و يخوفونك بالذين من دونه و من يضلل الله فما له من هاد )
فعندما ألقى السحرة حبالهم و عصيهم تخيل الجميع أنها تسعى فشعر سيدنا موسى ببعض الخوف
( فأوجس في نفسه خيفة موسى )
فكان التثبيت الإلهي بقوله تعالى :
( قلنا لا تخف إنك أنت الأعلى )
3- الإيمان الحقيقي و الراسخ بالله تعالى :
قال تعالى :
( و لا تهنوا و لا تحزنوا و أنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين )
و قال أيضا جل في علاه :
( إن الذين آمنوا و عملوا الصالحات و أقاموا الصلاة و آتوا الزكاة لهم أجرهم عند ربهم و لا خوف عليهم و لا هم يحزنون )
4- التوحيد و البعد عن كل أنواع و ألوان الشرك و العياذ بالله :
قال تعالى
( الذين آمنوا و لم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن و هم مهتدون )
و الظلم هنا و بقول جميع علماء التفسير هو الشرك
فالمشرك لا يمكن أن يشعر بالأمان فهو عبد لعدد من الآلهة و عبد لشهواته و أهوائه التي تتخطفه و ترميه في ظلمات الخوف و الضياع
5- العمل الصالح :
قال تعالى :
(وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ 55)
فالعمل الصالح يورث صاحبه الطمأنينة فعندما تساعد فقيرا أو محتاجا و عندما تكفل يتيما أو تغيث ملهوفاً أو تقدم خدمة لشخص ما ستشعر بالراحة و سيجزيك الله الخير و سيحميك و يدخلك في رحمته
6- الصلاة :
فالصلاة عماد الدين و قرة عين المؤمن و راحة باله و الصلة الوثيقة بين العبد و ربه وعندما تدخل في الصلاة تشعر بأنك في حماية الله و حفظه و ستره و ستزول كل مخاوفك و همومك فالصلوات الخمس كفارات لما بينهما و عندما تغسل ذنوبك فسترتاح
7- الزكاة و الصدقات و الإنفاق في سبيل الله تعالى :
قال تعالى :
(الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ 274)
فكل قرش تنفقه في سبيل الله ستجده يوم القيامة و قد نما و كبر و كلما تصدقت أكثر شعرت بالأمان أكثر
فكيف يخاف المنفق في سبيل الله من الفقر و قد قال رسول الله صلى عليه و سلم :
( ما نقص مال من صدقة )
فأنفق و تصدق بمالك و لو بشق تمرة و لو بمبلغ بسيط فالصدقة فوز و أمان و نجاة
8- التوكل على الله و الثقة به و بحكمته و تدبيره :
فعندما تتوكل على الله و تثق به و بحكمته و بأن كل حياتك تسير بأمره و تدبيره ستشعر بالأمن و الطمأنينة بالتأكيد
فرزقك مكفول و مقسوم
قال تعالى
( و في السماء رزقكم و ما توعدون )
قال تعالى لمن يخاف من الفقر فيذل نفسه
فأجلك مكتوب و صحتك و مرضك بيد الله تعالى و الأمر أمره و الملك ملكه و هو العزيز الحكيم
قال تعالى :
(إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ 34)
9- التوبة و الاستغفار :
فكيف يخاف من يستغفر و يتوب و كل الخير يأتي من خلال الاستغفار و التوبة ؟
قال تعالى :
(فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا ?10? يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا ?11? وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا ?12?)
و قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
( من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا و من كل ضيق مخرجا و رزقه من حيث لا يحتسب )
10- إياك و ظلم الناس :
فالظلم ظلمات يوم القيامة و الظالم لا يمكن أن يرتاح و المجرم خائف دائما و شبح ظلمه و جريمته يلاحقه حتى عندما ينام
و كيف يشعر الظالم بالأمان و قد قال الله تعالى
( و لا تحسبن الله غافلاً عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار
11- الصبر :
فالصبر مفتاح الفرج و الفوز و الفلاح و الله يحب الصابرين و أجر الصابرين عظيم
و الصابر شخص مطمئن يتقبل كل ما يصيبه من هموم و ابتلاءات بعزيمة و إيمان و احتساب و يقين
قال تعالى :
(وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ ?155?)
فيا بشراك يا عبد الله إذا صبرت و احتسبت و يكفيك بأن الله معك إذا صبرت فكيف تخاف
قال تعالى
( يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر و الصلاة إن الله مع الصابرين)
12- و أختم بأهم وسيلة للتخلص من الخوف ألا و هي الخوف من الله تعالى
فمن يخاف الله تعالى فلن يخاف من أي أمر أو أي إنسان لأن الله تعالى لا يجمع على عبده خوفين و لا أمنين فمن خاف الله و اليوم الآخر فسيكون قلبه مطمئنا ساكنا مرتاحا و ستكون نفسه آمنة مطمئنة
اللهم إنا نحتمي بحماك فاحمنا و لا تسلمنا و احفظنا من كل سوء و أدخلنا في رحمتك يا أرحم الراحمين
والحمد لله رب العالمين .
المفضلات