صرخ بي: إنهض
قلت له: أعطني قدميّ
ولم يجب.
صرخ بي: سرّ
قلت له: أعطني قدميّ
ولم يجب.
صرخ بي انظر هنا نحو وجهي
قلت له: أعطني عينيّ
ولم يجب.
صرخ بي في عصبية: إمض الى بيتك
قلت له: الطرق مغلقة
ولا تراب تحت جسدي
ولم يجب..
* * * **
خمسون عاماً وأنا اركض اليك
وانت تركض عني
بسطت أمامك أوراقي وصوري والبوم صورنا
لكنك أغمضت عينيك
وطلبت مني أن أخفي عنك ماضيك
كم أنت قاس أيها الصديق
كم أنت بارد القلب وبارد العقل
وبارد المسافات
كأننا لم نتكون داخل رحمنا الواحد
وعندما غادرناه
قلت لي: من هنا الطريق الى المدينة
ومضيت في طريق آخر
أنت لم تصل وأنا في الصحراء
ونواصل الحوار بلسان ليس في فمي
وليس في رأسك اذنان
* * * **
ها أنت تمضي وحيداً
بلا كتب وبلا قصائد وبلا أقلام
وليس حولك انسان واحد,
وها أنا مزدحم بالناس والاطفال والنساء
ولي وطن طيب هو لكل من حولي,
دعوتك مرة بعد مرة بعد مرة
لكنك لم تجب.
وعندما ذهبت لزيارتك في قبرك
صرخت بي: لماذا لم تأت قبل رحيلي؟!
ابتسمت واكتفيت بقراءة الفاتحة
وكتبت على شاهدة القبر
(كم من الثواني عمّر هذا الفتى
بلا ناس وبلا أطفال وبلا نساء
مكتفياً بالجلوس الى نفسه على لوح ثلج
يزداد برودة لحظة بعد لحظة)
* * * **
الان ما الذي أقوله لفتى عاش
في عزلته, ومات في عزلته
لم يقل كلمة واحدة, ولم يكتب كلمة واحدة
وجف الحبر في اقلامه
دون أن تجف نقطة منه على صفحة
مكتفياً في حياته بموته البارد..
خالد محادين
المفضلات